خصائص الأخلاق في الإسلام:
بعد أن بينا منطلقات وأصول الأخلاق المادية الغربية يحسُن بنا أن نبين عدداً من خصائص ومزايا الأخلاق في الإسلام في النقاط التالية:
1 - ربانية المصدر:
وهذه من أحسن محاسن الأخلاق في الإسلام أن تستمد مشروعيتها ومصدريتها من كتاب الله وسنة رسوله ^، فليست إنسانية المصدر كما هو حادث في أصول الأخلاق الغربية المادية كما بينا ذلك، مع أن أصلها فطري جاء الإسلام ليؤكدها ويحث عليها وينميها، كما أخبر النبي ^: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»([309]).
2 الشمول:
فالأخلاق تدخل في كل مجالات النفس الإنسانية الظاهرة منها والباطنة فتشمل جانب الاعتقاد، والقلب، والنفس، والسلوك وتشمل شؤون الحياة كلها، فهي ذات صلة بالعقيدة والعبادة والمعاملات ومختلف العلاقات.
والأخلاق في الإسلام تشمل علاقة الإنسان بخالقه، وبنفسه وبني جنسه، بل ويمتد ليشمل علاقة الإنسان ببقية المخلوقات الأخرى.
ففي مجال علاقة الإنسان بخالقه يرد خلق الإخلاص والصدق بعيداً عن الرياء والنفاق، وفي العبادة أشرنا إلى أمثلة من ذلك يأتي في مقدمتها إخلاص العبادة لله تعالى، ومن فضائل أخلاق القلب حب الحق وحب الخير، ومن فضائل أخلاق النفس الصبر والعفة والبعد عن الحسد، وفي مجال المعاملات والسلوك يأتي خلق الحياء والصدق والإحسان إلى الآخرين وتشمل السلوك الفردي والاجتماعي، وفي كل مجال من مجالات الحياة: السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وهذا بخلاف الأخلاق الوضعية التي تبرر للأقوياء من الحكام والحكومات والمسؤولين وغيرهم ظلم الأفراد والشعوب واستغلال ثروات الشعوب ونهبها، والأخلاق الوضعية تفصل بين الأخلاق والاقتصاد فنشأت الأنظمة الإقطاعية والرأسمالية والأنظمة الربوية وغيرها من مفاسد ومهالك لا تلتزم بأصول أخلاقية سوية، وإنما تقوم على الأنانية ويحكمها منطق المنفعة المحضة وفيها يأكل القوي الضعيف، وتُسن القوانين لتـخدم الأقوياء على حساب الضعفاء، وتفتقر إلى الشمول الذي تتميز به الأخلاق في الإسلام.
ومن مظاهر شمول الأخلاق الإسلامية شمولها لكافة مناشط الإنسان وتوجهاته تستوعب حياته كلها من جميع جوانبها، ثم هي في هذا لا تقف عند حد الحياة الدنيا([324]).

Post a Comment

Previous Post Next Post