نشأة الدولة العثمانية
تأسيس الدولة العثمانية
لم يبرز للعثمانيين
وجود تاريخي قبل القرن السابع الهجري/12م؛ ولذلك نسجت حول أصلهم وأوائلهم الكثير من
الأساطير حسب الأهواء والظنون.
تسبب الغزو المغولي
في هجرة كثير من القبائل التركية من وسط آسيا إلى الأناضول، وتعاظمت هجراتهم بعد انتصار
السلاجقة على البيزنطيين في معركة (ملاذكرت) عام 1071م
.
وتُنسب الدولة العثمانية
إلى مؤسسها عثمان بن أرطغرل، الذي ولد عام 656هـ (1258م)، وتوفي عام 726هـ (1326م).
و هو إلى عشيرة قايي، من قبيلة الغز (الأغوز) التركية. هاجر جده سليمان شاه، أمير عشيرة
قايي، مع عشيرته من موطنه الأصلي، في آسيا الوسطى، ليستقر في الأناضول، في كنف دولة
سلاجقة الروم، حوالي عام 618 هـ (1123م)، وظل يتنقل بهم من منطقة أخلاط، ومنها إلى
أرضروم، ثم إلى أماسية في الأناضول. ثم انحدر بهم إلي حوض الفرات، حتى شرقي حلب. ولكنه
غرق أثناء عبور النهر، ودُفن في قلعة جعبر، داخل الحدود السورية، ولا يزال قبره هناك
إلى اليوم.
تولى زعامة العشيرة
بعده ابنه أرطغرلبن سبيمان؛ فتحرك بها، شمالاً مرة أخرى إلى الأناضول. وشارك السلطان
السلجوقي، علاء الدين كيقباد الأول، في حروبه ضد المغول وأبلى هو رجاله بلاءً حسناً؛
فأقطعه السلطان علاء الدين السلجوقي منطقة قراجة طاغ القريبة من أنقرة عام 628هـ
(1133م). ويقال أنه أقطعه كذلك بلدتي سوغود ودومانيج، على الحدود مع البيزنطيين، في
غربي الأناضول. ومنحه لقب (حارس الحدود).
توفي أرطغرل في بلدة
سوغود، عام680هـ (1281م)، فتولى بعده ولده عثمان، سيداً على عشيرته وحاكماً للمقاطعة.
وأخذ يشن الغارات والحملات الهجومية على البيزنطيين، ويكسب منهم قلاعاً وقرى ويضمها،
لحساب الدولة السلجوقية. ومنحه السلطان السلجوقي علاء الدين كيقباد الثالث جهات إسكي
شهر وإينونو، عام 1289م.
حاصر عثمان مدينة
بورصة، المعروفة في غرب الأناضول، في عام 1314م، ولكنه لم يتمكن من فتحها
.
وتوسعت منطقة نفوذ
عثمان أو إمارته، فشملت مناطق سوغود، ودومانيج، وإينه كول، ويني شهر، وإن حصار، وقويون
حصار، وكوبري حصار، ويوند حصار. وجعل في عام 1300م، يني شهر مركزاً لتلك الإمارة.
وفد على عثمان بن
أرطغرل كثير من علماء الدولة السلجوقية، التي كانت في طريقها إلى الاضمحلال، وأقبل
عليه أمراؤها وأعيانها، فدخلوا تحت حمايته.
يُرجع كثيرٌ من الباحثين
نشأة الدولة العثمانية إلى عام 699هـ (1299م)، عندما استقل الأمير عثمان بإمارته الصغيرة
عن الدولة السلجوقية.
بينما يرجعها البعض
الآخر إلى عام 708هـ (1308م)، عندما توفي آخر سلاطين سلاجقة الروم السلطان غياث الدين
مسعود الثالث، حيث كانت الإمارة العثمانية تابعة للدولة السلجوقية قبل ذلك.
ومع أنّ عثمان بن
أرطغرل لم يلقّب بالسلطان أو الخان إلاّ بعد وفاته، إلا أنه يعد المؤسس الأول للأسرة.
وقد حكم 45 عاماً، واستطاع توسيع مملكته من 4800 كم2، عند توليه الإمارة بعد والده
أرطغرل، عام 681هـ (1281م)، إلى 16 ألف كم2، حين سلمها لولده أورخان، عام 726هـ
(1326م) .
اتخذ أورخان بن عثمان
(الذي ولد عام 1281م)، مدينة بورصة، الواقعة في أقصى غرب الأناضول، عاصمة لملكه، وقاعدة
لتحركاته، بعد أن تيسر له فتحها قبيل وفاة والده، عام 726هـ (1326م). ثم فتح إزمير
عام 1327م، وطاوشانلي في عام 1330م. واستطاع بذلك أن يفرض على الإمارات السلجوقية المجاورة،
الاعتراف الفعلي بحكمه، وبأنه وريث العرش السلجوقي.
ومما زاد من شهرته،
تمكنه من هزيمة الامبراطور البيزنطي، الذي حاول استعادة مدينة إزنيق من العثمانيين،
عام 732هـ (1331م). وقد بدأ السلطان أورخان، بعد ذلك، باتباع سياسة متسمة بالحكمة،
في التعامل مع البيزنطيين، وتحرص على عدم البدء بالاعتداء، مع محاولة الوصول إلى البحار
المفتوحة والمضايق.
وقد توالت الفتوحات،
طيلة حكم السلطان أورخان، الذي يعد أول أمير عثماني تسمى بلقب السلطان. وفي عام
736هـ (1335م)، كوّن جيشاً منظماً، ومدرباً أحسن تدريب. وانضمت بعض الإمارات السلجوقية
إلى الدولة العثمانية، التي وصلت حدودها إلى البحر، بعد أن استولت على أسكودار، وهي
الضفة الآسيوية من مدينة إستانبول. وفي الوقت نفسه، توسعت الدولة في الجانب الشرقي
من البلاد، ففتحت مدينة أنقرة، عام 756هـ (1354م).
سنّت الدولة، في
فترة حكم السلطان أورخان، وبإشارة من الوزير قره خليل جاندارلي، قانوناً يقضي بتشكيل
جيش سمي "الإنكشارية"، وبمقتضى هذا القانون يؤخذ بعض أولاد النصارى، ويُعنى
بتربيتهم، وتهذيبهم تهذيباً إسلامياً، حتى إذا بلغوا سن التجنيد، أُرسلوا إلى الثكنات
العسكرية في العاصمة؛ ليتولوا الدفاع عن أراضي الدولة دفاعاً مستميتاً.
كما وضعت تنظيمات
إدارية ومالية، في عهد السلطان أورخان، أصبحت قاعدة، تركن إليها الدولة في السنوات
التالية، مثل النظام الخاص بإقطاع الأراضي الأميرية، وكيفية تقسيمها على المشاركين
في الحرب، وتشكيل الوزارة، وغيرها من الأنظمة، التي استقرت قواعد الدولة عليها.
Post a Comment