تحقيق العبودية لله تعالى:
ومن خصائص الأخلاق في الإسلام ابتغاء وجه الله تعالى والفوز برضوانه، وهي سبب موصل إلى أعالي الجنان يوم القيامة، وليست أخلاقاً نفعية كما هو الحال في الحضارات الأخرى، لا يقصد بها إلا تحقيق مصالح دنيوية،فغاية الأخلاق في الإسلام تحقيق العبودية لله تعالى واكتساب مرضاة الله تعالى، وتحقيق السعادة في الدارين والنجاة من الشقاء والتعاسة والهلاك في الدنيا والآخرة.
الوسطية والاعتدال:
فالأخلاق الإسلامية أساسها التوازن والاعتدال بين حظوظ الدنيا والآخرة فجاء الإسلام وسطاً بين اليهود الذين أسرفوا في عبادة المال والسعي لتحصيله بأي وسيلة مشروعة وغير مشروعة، وبين رهبان النصارى الذين سلكوا رهبانية ابتدعوها وعزفوا عزوفاً تاماً عن الحياة الدنيا – كما زعموا – مع أن أصل حالهم خلاف ذلك.
إن وسطية الأخلاق الإسلامية لم تلغ الطبيعة البشرية بل عملت وتعمل على توجيهها باعتبارها مفاهيم ضابطة، تعمل على توجيه هذه الطبيعة، فهي لا تضاد الفطرة ولا تلغيها ولا تكبتها ولا تقف في سبيلها ([325]).
- الثبات:
فالأخلاق والمعايير الأخلاقية في الإسلام لا تتغير ولا تتبدل مع الزمان أو المكان، كالنسبية لأنها تعتمد على منهج ثابت لا يتغير بتغير الزمان والمكان، فالفضيلة ثابتة لها معالمها وخصائصها، والرذيلة كذلك معلومة في الإسلام لها معالمها وحدودها ولا يمكن أن تكون الفضيلة رذيلة أو العكس مع تغير الزمان أو المكان كالحال في الأخلاق المادية والتي يكون فيها الحسن اليوم قبيحاً غداً، وما يكون خلقاً حسناً في مجتمع لا يلزم أن يكون ذلك خلقاً حسناً في مجتمع آخر، فتتغير وتتبدل مع تبدل الزمان والمكان، وهذا ما لا نجده في صفات الأخلاق في الإسلام، فالصدق صفة مدح منذ أن امتدح الله الصادقين في كتابه إلى يوم القيامة، وغيرها من الصفات والأخلاق الفاضلة، وكذلك مساوئ الأخلاق والرذائل التي حذر منها الإسلام لا تصبح يوماً من الأيام خلقاً حسناً.

Post a Comment

أحدث أقدم