ما هي دوافع اسباب الاتجار بالبشر؟

 

هناك عدة أسباب للاتجار بالبشر. وهذه الأسباب في مجملها معقدة وأحياناً تعزز بعضها البعض. وبالنظر إلى الاتجار بالبشر باعتباره سوقاً عالمياً، فان الضحايا يمثلون العرض، بينما يمثل أرباب العمل السيئون ومستغلو الجنس، الطلب. 

تشجع عدة عناصر على الطلب على الضحايا بما في ذلك الفقر، وجاذبية الحصول على مستوى معيشي افضل في مكان أخر، البنية الاقتصادية والاجتماعية الضعيفة، قلة فرص العمل، الجريمة المنظمة، العنف ضد الأطفال والنساء، التمييز ضد النساء، الفساد الحكومي، عدم الاستقرار السياسي، النزاعات المسلحة، والتقاليد والعادات الثقافية مثل تقاليد العبودية. وفي بعض المجتمعات فان عادة الرعاية، تسمح للطفل الثالث أو الرابع أن يُرسل إلى العمل والعيش في مركز حضاري مع أحد أفراد عائلته الممتدة (وعادة ما يكون "العم") في مقابل الوعد بالتعليم والتعريف بأسس التجارة. يستغل المتاجرون بالبشر هذه العادة، ويعرضون أنفسهم بأنهم وكلاء توظيف، ويحثون الأهل على فراق الطفل، ومن ثم يتاجرون به ليعمل في البغاء والخدمة المنزلية أو في مشاريع تجارية.  وفي النهاية إذا استلم الأهل شيئاً من اجر ابنهم فانه يكون قليلاً، بينما يبقى الطفل محروماً من التعليم ومن التدريب وبعيداً عن عائلته ولا تتحقق آماله الخاصة بالفرص الاقتصادية الأفضل مطلقااً.

 

في المقابل، تتضمن العوامل التي تؤدي إلى زيادة الطلب على الاتجار بالبشر،  تجارة الجنس وازدياد الطلب على العمالة القابلة للاستغلال. لقد أصبحت سياحة الأطفال الجنسية وأدب الأطفال الإباحي، تجارة عالمية تسهلها وسائل تكنولوجية بما في ذلك الإنترنت التي توسع الخيارات المتاحة للمستهلكين، وتسمح بعقد صفقات مباشرة، بطريقة تكاد تكون غير قابلة للكشف. كما يشجع الطلب العالمي على العمالة غير القانونية والرخيصة والمستضعفة، الاتجار بالبشر كذلك. فعلى سبيل المثال إن الطلب على الخدم في المنازل في دول شرق آسيا المزدهرة، يُعتبر الأكبر وغالباً ما يتم استغلال الضحايا أو استعبادهم بالأشغال الشاقة. 

 

 

 

إن المصدر الجديد من الطلب على النساء الشابات كزوجات وكمحظيات، جاء نتيجة للفجوة الكبيرة بين الجنسين في بلاد مكتظة بالسكان  كالهند والصين. ففي الهند تولد هناك الان 933 أنثى فقط في مقابل كل 1000 ذكر ويعود ذلك إلى مفهوم اعتبار الفتاة مسؤولية اقتصادية في مجتمع تلك الدولة ذات النظام الأبوي. ويستخدم أزواج كثيرون عملية تصوير الأجنة المتوفرة بثمن زهيد، لتحديد جنس الجنين، فإذا كان بنتاً يتم إجهاضُها. تظهر المعلومات المستقاة من التعداد السكاني في الهند لعام 2001 التي تم تحليلها عام 2003 أن الفجوة اكبر في الولايات الأكثر رخاءً  شمال غرب هاريانا والبنجاب، حيث وصلت الفجوة بين الجنسين الى أقل من 825 فتاة لكل 1000 من الذكور حديثي الولادة.

 

ظهرت فجوة مماثلة في أجزاء من الصين، نتيجة لسياسة الحكومة الخاصة بتحديد طفل واحد لكل أسرة، الأمر الذي دفع عدة اسر للتخلص من حالات حمل بعد معرفة جنس الجنين بأنه فتاة. ويتم في الغالب الاتجار بنساء من كوريا الشمالية وفيتنام، ونقلهن إلى جنوبي الصين حيث يجبرن على الزواج وعلى العمل في البغاء. لقد وجدت هذه الفجوة بين المواليد من الذكور والإناث لعدة عقود، مما أدى إلى نقص في عدد العرائس في كل من الهند والصين.


إنقاذ الضحايا


يظهرهذا التقرير أن عدد ضحايا عملية الاتجار بالبشر عالمياً هائل. ويتم التعرف على العديد من الضحايا من خلال العمل الجيد الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية والوكالات الحكومية، التي تحقق في مواقع الاتجار بالبشر مثل المواخير، ومحلات العمل الشاق، ومخيمات تجنيد الأطفال.

إن ضرورة إنقاذ الضحايا بسرعة أمر ضروري، إلا أن إنقاذهم لا يعني بالضرورة إنهاء معاناتهم. وتفتقر بعض الدول إلى منشآت حماية مناسبة، ويتم وضع الضحايا بما فيهم الأطفال في السجون مما يؤدي إلى زيادة معاناتهم. وفي بلدان أخرى يتم ترحيل الضحايا الأجانب الذين لا يملكون وثائق سفر على وجه السرعة، دون الالتفات إلى صحتهم أو سلامتهم. وفي مثل هذه الحالات يتم إعادة الاتجار بهم ما يؤدي إلى زيادة معاناتهم نتيجة تفاقم الديون وزيادة الأذى.

تمثل معاناة الضحايا النفسية والجسدية الناجمة عن الاستغلال الجنسي، واستعباد الأشغال الشاقة، وتجنيد الأطفال الإجباري، تحديات طويلة الأمد أمام السلطات الحكومية. ويتطلب إعادة تأهيل الضحايا ودمجهم بشكل ناجح في مجتمعاتهم الأصلية، توفير النصح والمأوى والرعاية الصحية والتدريب المهني.

ويعتبر تقديم الرعاية وإعادة تأهيل الضحايا لأمد طويل تحديا، كما هو حال إنقاذهم، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تخطيط وتوفير مصادر وفيرة.  هناك حاجة لتوفير خدمات شاملة لضمان معاملة الضحايا باحترام، وتوفير فرص حيوية لبناء حياة جديدة. وينبغي ألا يُنظر إلى قلة وجود منشآت متطورة لحماية  الضحايا، ذريعة لعدم إنقاذهم من عبوديتهم.   


   





العبودية القسرية


إن أحد أشكال الاتجار بالبشر الحادة الذي تصعب معرفته، هو العبودية القسرية (انظر إلى الصندوق لقراءة التعريف القانوني). إن العديد من المهاجرين لأسباب اقتصادية ممن يتركون بيوتهم في مجتمعات نامية ويسافرون مسافات بعيدة أو قريبة إلى المراكز الحضرية من اجل العمل، يصبحون عرضة لأوضاع العبودية القسرية.  إن معظم المهاجرين لأسباب اقتصادية ممن يمتلكون مهارات ضئيلة، ويعملون في أعمال البناء والخدمة المنزلية، يجدون أوضاع عمل لا استغلال فيها، تعود بالنفع عليهم وعلى عائلاتهم.

 غير أن بعض المهاجرين لأسباب اقتصادية، يعانون أذى من أرباب أعمالهم. ومن الممكن أن يكون الأذى لفظياً أو جسدياً من قبل رب العمل، ما يؤدي أحيانا إلى خرق عقد العمل الذي يحكم العلاقة بين الاثنين والذي قد يتخذ شكل تأخير الأجور أو عدم منح عطلة للراحة من العمل. وتجد مجموعة صغيرة نفسها أحيانا انه يتم استغلالها لدرجة اعتبار أنفسهم محتجزون.

إذا متى يتحول العمل الذي يمارس فيه الاستغلال والأذى إلى عبودية قسرية؟  إن الإجابة على هذا السؤال موجودة في القانون، قانون حماية ضحايا الاتجار بالبشر.  عندما يضطر رب العمل إلى استخدام أذى لفظي أو جسدي أو التهديد أو غير ذلك من أشكال الإساءة لإبقاء العامل في خدمته، فان ذلك يعتبر عبودية قسرية. ،إذا كان رب العمل سببا في اعتقاد العامل أنه/أنها لا يمكنه الخلاص من ذلك الوضع العملي دون التعرض للإساءة والاحتجاز، فإن ذلك يعتبر عبودية قسرية. احتجاز العامل في مكان عمله، ليس ضروريا لاعتبار أنه يقاسي من عبودية أجبارية، طاما أن أعمال رب العمل وتهديداته تتسبب في ذلك.  يُعتبر احتجاز رب العمل لجواز سفر العامل أو تصريح عمله أو هويته الشخصية شكلاً من التقييد الجسدي، يدعم وجود نوع من العبودية القسرية. ولهذا السبب جرمت العديد من الحكومات مسالة احتجاز جواز سفر العمال الأجانب باعتباره الأداة الرئيسية التي تضمن حرية حركتهم.

يقع على عاتق رب العمل والسلطات الحكومية، التأكد من أن العمال يتمتعون بحرية التوقف عن الذهاب إلى بيئة تمارس فيها أشكال الأذى، ومنحهم الحق في محاكمة عادلة نتيجة أي أذى محتمل أو حقيقي لحق بهم ناتج عن أوضاع العمل.    


Post a Comment

أحدث أقدم