نظريات تفسير الظغط النفسي
اولاً:الإطار النظري
من منطلق أن الضغوط النفسية مرحلة تسبق مرحلة الاحتراق
النفسي كما يرى بعض الباحثين وتمهد له فلابد إذن من الإلمام الجيد بموضوع الضغوط
النفسية حتى يتسنى فهم مصطلح الاحتراق النفسي بشكل أفضل.( عسكر,2000)
الضغوط النفسية
اول من بحث في موضوع الضغوط النفسية هو
الطبيب الكندي هانز سيلي((Seley والذي كان يسمى ابو الضغوط
النفسية, حيث قدم هذا المفهوم الى الحياة العملية في مؤتمر ميونخ وقد وصفه بانه نتيجة
للحضارة التي لا يستطيع الانسان الآن تحملها او التكيف معها. (الحسيني,2000)
بعض النظريات التي ساهمت في تفسير الضغوط النفسية
اختلفت
النظريات التي اهتمت بدراسة الضغوط طبقاً لاختلاف الأطر النظرية التي تبنتها
وانطلقت منها على اسس فسيولوجية او نفسية او اجتماعية او تفاعلية وستعرض الباحثة
فيما يلي بعض النظريات التي اهتمت بتفسير الضغوط النفسية:
أولا:- من ناحية فسيولوجية(نظرية هانز سيلي):
كان لطبيعة
تخصص سيلي تأثير كبير في صياغة نظريته في تفسير الضغوط النفسية فلقد تخصص في دراسة
الفسيولوجيا والأعصاب , وظهر هذا التاثر من خلال اهتمامه باستجابات الجسم
الفسيولوجية الناتجة عن الضاغط كما انه استخدم السم والصدمات الكهربائية على
الحيوانات كضواغط .
ويرى سيلي
إلى إن الاستجابة غير المحددة تكون مجموعة من الاعراض العامة لمحاولات التكيف مع
المتطلبات الملحة موضحا ان الشخص الذي يعجز عن حل مشكلة آنية او تفادي خطر وشيك
يلجأ الى استخدام ميكانيزمات الدفاع لديه وهي عبارة عن اجراء دفاعي على هيئة نشاط
ذهني يتم غالباً في العقل الباطن فيتيح امكانية التوصل الى حلول توفيقية للمشكلة
الشخصية وتبرز هذة الاعراض على ثلاث مراحل هي:
1- مرحلة رد الفعل الانتباهي
وهي مرحلة رد الفعل الانتباهي والمتمثل في الانذار او
الاحساس بوجود المشكلة يكون الجسم متيقظاً ومتحفزاً للحالة الوشيكة المفضية الى
الضغوط النفسية
2- مرحلة المقاومة
وهي مرحلة المقاومة او محاولة الاستجابة لدواعي التكيف
مع المتطلبات الملحة يحاول الجسم استعادة توازنه والرجوع الى وضعه الطبيعي.
3- مرحلة استنفاد الطاقة البدنية والذهنية والعاطفية
وهي
مرحلة الاجهاد التام والتعرض المستمر للضغوط النفسية فإنها تقترن بعدم القدرة على
التكيف وتكون أعراضها مشابهة تماماً لأعراض المرحلة الاولى وهكذاً فان الشخص سوف
يعاني من الضغوط النفسية بالقدر الذي يحول دون تمكنه من التكيف مع المتطلبات
الملحة. (الرشيدي,1999)
ثانياً :- من ناحية اجتماعية( نظرية موراي):
يعتبر
موراي ان مفهوم الحاجة ومفهوم الضغط مفهومان اساسيان على اعتبار ان مفهوم الحاجه
يمثل المحددات الجوهرية للسلوك ومفهوم الضغط يمثل المحددات المؤثرة والجوهرية
للسلوك في البيئة ويعرف الضغط بانه صفة لموضوع بيئي او لشخص تيسر او تعوق جهود
الفرد للوصول الى هدف معين ويميز موراي بين نوعين من الضغوط هما :
1- ضغط بيتا Beta Stress: ويشير الى دلالة الموضوعات البيئية
والاشخاص كما يدركها الفرد.
2- ضغط ألفا Alpha Stress: ويشير الى خصائص الموضوعات
ودلالتها كما هي.
ويوضح موراي ان سلوك الفرد يرتبط بالنوع
الاول ويؤكد على ان الفرد بخبرته يصل الى ربط موضوعات معينة بحاجة بعينها ويطلق
على هذا مفهوم تكامل الحاجة اما عندما يحدث التفاعل بين الموقف الحافز والضغط
والحاجة الناشطة فهذا ما يعبر عنه بمفهوم الفا. (في:الديري,2005)
ثالثاً:- من ناحية ادراكية(نظرية الجشطلت):
تمثل
نظرية الجشطلت اهمية كبيرة في عملية ادراك المثيرات الامر الذي يجعلنا نستفيد من
هذه النظرية وتوظيفها في ادراك الضغوط النفسية , ويرى اصحاب هذه النظرية ان
الادراك العام سابق على التحليل والتعرف على الاجزاء. ومن الاسئلة التي يحاول
الاجابة عليها انصار نظرية الجشطلت هو التساؤل التالي:
كيف يدرك الفرد الموقف الموجود فيه؟ وكيف يستجيب له في
اطار معرفي؟
ويرى علماء نفس الجشطلت ان ادراك الفرد
للعناصر الموجودة في المجال الذي يوجد فيه وكذلك ادراكه للعلاقات التي تربط بين
عناصر واجزاء المجال من شانه ان يؤدي بالكائن الحي الى اعادة تنظيم المجال في كل
او في صورة جديدة وهذا الكل او هذه الصورة هي ما يفسره اصحاب النظرية بالتعلم الذي
ينشا عملية الاستبصار والذي يتضمن عمليتين من اهم العمليات العقلية التي يمارسها
الفرد في موقف التعلم وادراك العلاقات .(الشرقاوي,1988)
والاستبصار
عملية تتوقف على قدرة الفرد العقلية وعلى درجة نضوجه كما تحتاج الى قدر من الخبرة
السابقة والتي تساعد على فهم الموقف وادراك عناصره كما ان اهم ما يميز عملية
الاستبصار هو امكانية استخدام الحلول التي تعلمها الفرد عن طريق الاستبصار في
مواجهة المواقف الجديدة .(العنزي,2004)
ويمكن توظيف عملية الاستبصار في ادراك
الضغوط النفسية وتحقيق ما يسمى الاستبصار بسمات الحدث الضاغط عن طريق محاولة
الادراك الكلي للحدث الضاغط وما يتضمنه من عناصر او مكونات كادراك مسبباته وظروف
وقوعه وادراك اهميته ودلالته ومعناه بالنسبه للفرد وما يتضمنه من تاثيرات ايجابية
او سلبية وادراك الحلول الملائمة للتعامل معه, ويؤدي الادراك دوراً حيوياً في عملية
ادراك الضغوط وحل المشكلات حيث تمثل وظيفة الادراك المدخل الاساسي والاطار الثابت
الذي يؤدي الى حل المشكله او يؤخر حلها فالمفاهيم والمبادى ما هي الا صيغ وجشطلتات
معرفية تعلن عن الوصول الى الحل الصحيح والطريق السليم لحل مشكله ما هو تحديد كيف
يمكن ادراك هذه المشكلة وفهم متطلباتها وعندئذ سوف نجد الحل سريعا.(في المرجع
السابق)
ولذلك فالمشكلات من وجهة نظر علماء الجشطلت
هي في الاساس مشكلات ادراكية تظهر الى الوجود عندما يحدث للفرد توتر او اجهاد
نتيجة للتفاعل بين الادراك وعوامل التذكر عند التفكير بهدف حل مشكلة او بهدف فحصها
من زوايا مختلفة وعند تقليب الامور ازائها يبرز على السطح وفي لحظة ما اقرب للحظة
الفجائية الحل الصحيح وفقا لمبدأ الاستبصار.(في المرجع السابق)
رابعاً:- التمييز بين حالة القلق وسمة القلق (نظرية
سبيلبيرجر):
اثبت
سبيلبيرجر من خلال دراساته التي قام بها أن الضغوط تلعب دوراً هاماً في اثارة
الاختلافات على مستوى الدافع كل حسب ادراكه للضغط للأشخاص الذين يختلفون في ميلهم
للقلق.
وقد صاغ نظريته على الضغط ,القلق والتعلم
وهو يرى ان النظرية الشاملة يجب ان تاخذ في اعتبارها العوامل والمتغيرات الاتية:
1- طبيعة وأهمية الضغوط في
المواقف المختلفة.
2- قياس مستوى شدة القلق
الناجمة عن الضغوط في المواقف المختلفة .
3- قياس الاختلافات
الفردية في الميل للقلق.
4- توفر السلوك المناسب
للتغلب على حالات القلق الناتجة عن الضغوط في مختلف المواقف.
5- توضيح تاثير الدفاعات
السيكولوجية التي يستخدمها الافراد الذين تجرى عليهم تجارب التعلم للتخفيف من حالة
القلق.
6- تحديد القوة النسبية
للاستجابات الصحيحة والميول نحو الاخطاء التي تنتج عن التعليم.
7- قياس ذكاء الاشخاص
الذين تجرى عليهم تجارب التعلم ومعرفة قدراتهم على التعلم.
لذلك نجد ان هذه النظرية تركز على المتغيرات
المتعلقة بالمواقف الضاغطة وادراك الفرد لها.(الرشيدي ,1999)
خامساً: من ناحية تفاعلية(نظرية لا زاروس):
قدم
هذه النظرية لازاروس Lazarus(1970). وقد نشات هذه النظرية نتيجة للاهتمام الكبير بعملية
الادراك والعلاج الحسي الادراكي ويعتمد تقييم الفرد للموقف على عدة عوامل
منها:العوامل الشخصية والعوامل الخارجية الخاصة بالبيئة الاجتماعية والعوامل
المتصله بالموقف نفسه وتعرف هذه النظريه الضغوط بانها"تنشا عندما يوجد تناقض
بين متطلبات الشخصية للفرد ويؤدي ذلك الى تقييم التهديد وادراكه في مرحلتين هما:
المرحلة الاولى:
وهي الخاصة بتحديد ومعرفة ان بعض الاحداث هي في حد ذاتها
شيء يسبب الضغوط.
المرحلة الثانية:
وهي التي يحدد فيها الطرق التي تصلح للتغلب على المشكلات
التي تظهر في الموقف.
(في :الديري,2005)
إرسال تعليق