حكم
الحضان
أولاً:
حكم الحضانة:
الحضانة
نفسها واجبة شرعاً، لأن المحضون يهلك بتركها، أو يتضرر بترك الحفظ.
يقول
ابن قدامة:( كفالة الطفل و حضانته واجبة، لأنه يهلك بتركه، فيجب حفظه من الهلاك، و
يتعلق بها حق القرابة، لأن فيها ولاية على الطفل و استصحاباً، فتعلق بها الحق
ككفالة اللقيط)[1]
و
هي تكون واجبة وجوباً عينياً إذا لم يوجد للطفل إلا حاضن واحد، ولو كان أجنبياً عن
المحضون.
و
قد تكون واجبة وجوباً كفائياً عند تعدد الحواضن ، فلا يحل للجماعة المسلمة أن
يتركوا نفساً - مسلمة أو غير مسلم- للهلاك، و إن تركوها فهم آثمون جميعاً.[2]
ثانياً:
أدلة مشروعية الحضانة:
أ-
من الكتاب:هناك آيات كثيرة دلت على مشروعية الحضانة نذكر واحداً منها:
قول الله تعالى:( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ
أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ)[3],
و وجه الدلالة أن الله سبحانه و عالى طالب الأمهات بإرضاع أولادهن، و الحضانة من
لوازم الرضاع ، فدلت الآية على مشروعية الحضانة.
ب-
من السنة: عن عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْنِي
هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً،
وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي، وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَهُ عَنِّي. قَالَ لَهَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» [4]
ج-
من الإجماع: لقد انعقد الإجماع على مشروعية الحضانة لمصلحة الولد، و لذلك وجبت
إنجاء للطفل من الهلكة.[5]
د-
و من المعقول:الله خلق الإنسان ضعيفاً، و أمر الأبوين بوجوب رعايته و العناية به
في كل شؤونه حتى يكبر و يتحمل مسؤولية نفسه، و هذا لا يتحقق إلا بالحضانة، فدل ذلك
على وجوب الحضانة.
ثالثاً:
حكمة مشروعية الحضانة:
أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ
رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ
فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي
بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ
سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» [6]
أمر الشرع
الوالدين بحسن تربية الأبناء و تنشئتهم التنشئة الحسنة، و هم محاسبون على ذلك أمر
الله تعالى، بالأبناء أمانة عند الوالدين و يجب تأدية هذه الأمانة و المحافظة
عليها على أفضل وجه.
و كذلك الحاضن
مأمور شرعا عن تنشئة و رعاية المحضون حق الرعاية، و الاهتمام به و تعليمه تعاليم
الدين و ما ينفعه من أمور الدنيا.
رابعاً:
مشروعية الحضانة وفقاً لقانون الأحوال الشخصية الإماراتي:
لقد نظم قانون
الأحوال الشخصية الإماراتيرقم 28 لسنة 2005 أحكام الحضانة، و فصّل أحكامها في
الفصل الثلني من الباب الرابع من الكتاب الثاني في المواد 142 إلى 158.
وقد استمد
القانون الإماراتي أحكامه من الشريعة الإسلامية على اختلاف مذاهبها.
و ما جاء في
المذكرة الإيضاحية لقانون الأحوال الشخصية الإماراتي حول تبرير ثبوت حق الحضانة
للطفل بأن الإنسان في طفولته في حاجة ماسة إلى من يعتني به، و يقوم بأمره حفظاً و
تربية، وبكل ما يلزمه في حياته و معاشه و رعاية مصالحه، و الأبوان هما أقرب الناس
إليه، و أكثرهم شفقة عليه، و أحسنهم رعاية لمصالحه، و هما مسؤولان عنه أمام الخالق
جل و علا، ثم أمام المجتمع الذي تعتبر الإنسان أجل و أهم شيء فيه[7].
إرسال تعليق