الزمن كعامل تكوين أرضى
الأرض
تعتبر نظاما ديناميكيا أى فى تغير مستمر مع الزمن. وفى عملية تكوين الأراضى أى
تحولها من مادة الأصل الصخرية الى الأرض فانها تمر بمراحل وسطية
intermediate
Stages حتى
تصل الى حالة شبه اتزان مع الظروف البيئية, أى مع عوامل تكوين الأراضى. هذه
العملية التى تنطوى أو تنتج من عديد من التفاعلات الكيميائية والبيولوجية ثم
عمليات نقل وترسيب تنعكس فيما يعرف بعمليات تكوين الأراضى, كل هذه العمليات فى
تداخلها وتفاعلها وتسلسلها تحتاج بالضرورة أو تبدى أهمية الزمن كعامل هام من عوامل
تكوين الأراضى, والمقصود بالزمن هنا هو زمن التفاعل أو زمن تأثير العوامل المحددة
لعملية تكوين الأراضى. وليس المقصود به ذلك الزمن المطلق Absolute ولذلك يميل كثير من
العلماء وعلى رأسهم Dokuchaev وهو
أول من وضع فكرة عوامل تكوين الأراضى الى التعبير عن عامل الزمن بأنه عمر الأرض Soil Age أى الزمن الذى اسغرقته من لحظة
نشأتها أو تكوينها من مادة الصخر الأمية, أى المراحل الزمنية التى مرت بها منذ ذلك
الزمن الذى عبرنا عنه بأنه الزمن=صفر حتى لحظة وجودها بخصائصها المعينة أيا كانت
أولية أو وسيطة أو عند حالة شبه الاتزان مع الظروف البيئية التى يعبر عنها بحالة
النضوج Maturity
state.
ويختلف
العلماء فى تعريف حالة النضوج, فهناك علماء مثل Marbut الذى يعتبر الأرض الناضجة هى
تلك الأرض التى تميزت فبها الآفاق وبالذات الأفق B حيث يعتبر دليلا على نشاط
عمليات تكوين الأراضى وما اعتراها من تغيرات كعمليات النقل والترسيب, ويستند على
أن تكون أفق B وتمييزه يوضح دليلا على
نشاط عوامل تكوين الأراضى وتكاتفها فى تكوين أرض ذات قطاع متميز وواضح, وهناك فريق
آخر ومنهم Jenny ونجيب حسن يعتبران النضوج
بأنه وصول الأرض الى حالة اتزان مع عوامل تكوين الأراضى. وهذا يعنى أن الأراضى
الصحراوية والتى لا تبدى قطاعاتها تمييزا واضحا فى آفاقها وبالذات فى تكون أفق
يمكن اعتبارها أرضا ناضجة على اعتبار أنها توازنت مع الظروف البيئية التى حددها
عامل المناخ الجاف, وهذا الرأى الآخر يبدو منطقيا وأقرب الى التصور حيث ان هذه
الأرض ستظل على حالة عدم تمييز آفاقها مهما طال الزمن, ما دام المناخ ظل جافا,
وعليه فلن تتغير أو تتطور أو تتميز آفاقها أكثر مما هى عليه. واذا لم تعتبر هذه
الأرض فى حالة نضوج فمتى يمكن اعتبارها ناضجة؟ وهل تعتبر هذه الأرض فى حالة وسطية؟
واذا كانت فى حالة وسطية؟ واذا كانت فى حالة وسطية فمعنى هذا أنه بعد زمن معين
يتوقف على نشاط عمليات تكوين الأراضى ستصبح ناضجة, واذا كانت الدراسات والأبحاث فى
مختلف بلاد العالم والخاصة بالأراضى الصحراوية والتى يختلف عمرها الزمنى أثبتت أو
أعطت نموذجا لقطاع الأراضى الصحراوية بأنه قطاع يفتقر الى أفق, وكذلك الى حالات
تمييز الآفاق الواضحة. لذلك فان الأرض لا تعتبر فى حالاتها الوسيطه كما يصفها
الفريق الأول, وانما يقرر المنطق اعتبار قطاع الأراضى الصحراوية هو طاع ناضج حيث
توازن مع الظروف المناخية الجافة التى من خصائصها أعطاه قطاع هذه مواصفاته, والتى
ستستمر حتى يحدث تغير فى عامل المناخ, وفى هذه الحالة تنشط عوامل تكوين الأراضى من
جديد وبصورة مختلفة, هنا يمكن اعتبار هذه الأرض تمثل حالة ابتدائية أو مادة أصل
جديدة لظروف بيئية جديدة لاعطاء أرض ذات مواصفات جديدة ليست كمواصفات الأراضى
الصحراوية. وتستمر الأرض فى تغيرها وتطورها مبدية حالات وسطية حتى تصل الى حالة
اتزان مع العوامل الجديدة, وهنا تنضج الأرض مرة ثانية. ويعبر عن ذلك بأنه حدث
للأرض دورة تكوينية ثانية Second Cycle of Soil Formation وربما تتعرض لدورة ثالثة
وهكذا, وفى كثير من الأارضى نجد أنها تبدى فى توزيع خصائصها أنها تعرضت لأكثر من
دورة تكوينية.
واقترح
Jenny مقياسا للزمن وهو استعمال
وحدات الزمن النسبى relative time units وهى
تعبير عن أجزاء من عمر النضج Frarctions of maturity ages وهى غير ناضجة Immature أو ناضجة أو درجات من النضج
كأن يقال نصف ناضجة half mature وهكذا
ويمكن توضيح ذلك بيانيا من شكل (19) الذى يوضح حالات النضج المختلفة, وذلك بأخذ أى
خاصية من خواص الأرض ودراسة تغيرها مع الزمن.
إرسال تعليق