إن المتأمل للدولة
الإسلامية اليوم ولديه الوعي التاريخي الكافي يدرك ضخامة العمل الذي به بنيت
الدولة الإسلامية ويعجب كيف تهيئ لرجل واحد هو الرسول صلى الله عليه وسلم أن يضع
البناء الأول بمجهوده الفردي_من الناحية البشرية_ثم بمساعدة العدد الذين لم
يتجاوزوا العشرة حتى تصاعد البناء الأول وتكامل ليكون دولة الدين الأولى .
وهو الدين الصحيح بجميع المقاييس _وإن طعن
فيه الطاعنون_والصالح لكل المتغيرات على مر العصور وبالتالي كانت هذه الدولة وكان هذا الدين بكل ما امتاز به من خصائص
متوافق مع الفطرة الإنسانية في جميع النواحي .
وإذا تأملنا الدعوة
الإسلامية الأولى التي أحالت اقفرار القلوب في تلك الحقبة الزمنية الجاهلية
المظلمة إلى واحة إيمانية خضراء منارة
بأنوار الثراء النفسي والروحي والثقافي والمعماري للفرد ثم للجماعة والدولة ..وحاولنا استخلاص الوسائل والأساليب التي مكنتها من إيصال دعوتها
إلى قطبي الأرض وعنان السماء ،ومكنها من إيجاد الشخصية الكاملة في حدود الكمال
البشري لوجدنا أن الرافد الأول هو القرآن
الكريم وهو رافد لا ينضب ولا يجف بل هو باقي إلى أن يشاء الله قال تعالى (قُلْ
لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ
تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا)1
يقول الأستاذ مصطفى صادق الرافعي"وأنت
إذا تدبرت هذه القوة الروحية في آداب
القرآن الكريم ،واعتبرتها بما آتاها في الطباع ومصاغها إلى النفوس واشتمالها على
سنن الفطرة الإنسانية
فإنك تتبين من جملتها تفاصيل تلك المعجزة الاجتماعية التي نهض بها أولائك
الجفاة من العرب فنفضوا رمال الصحراء على أشعة الشمس في هذا الشروق كله ،فحيثما
استقرت منها ذرة وقع ورائها عربي بل نفضوا أقدامهم على عرش الممالك وهم كانوا بين
داع للصنم وراع للغنم .."2
فيالله كيف تمكن هذا الكتاب العظيم من تحويل
القلوب وقلبها عكس ما كانت تعتنق وتؤمن ،وكيف تمكن من أنبات الحضارة في قلب
الصحراء ،وإنشاء الإنسان المتمدن المتدين في تلك الظروف القاسية .
ولا مجال للسؤال لأن
الجواب واضح أمام من يبحث عن الحق ،فهذا الدين وحي من عند الله وهذا القرآن هو
المعجزة من عند الله أيد الله به نبيه صلى الله عليه وسلم وأودع فيه كل ما يحتاجه
الإنسان لسعادته ولإنارة طريقه ولحضارته .
ولذلك نجد أن القرآن
الكريم شد كثير من الباحثين للغوص في نواح كثيرة من اعجازاته ومحاولة استخلاص
أسالبيه ومناهجه في مجالات شته
"ولا شك أن
الأسلوب القرآني قد شد كثيرا من الباحثين حتى كرسوا جهدهم في الغوص على معانيه
والوصول إلى ما حوله من حكم وعبر حتى زخرت المكتبات بطرائف عدة حول الأسلوب الذي
لا يساما"3
______________________________________________________
1_سورة الكهف،آية 109
2_تاريخ أدب العرب مصطفى
صادق الرافعي-ط(2)1394هـبيروت-ج2،ص97
3-المصدر السابق،ص99
وكان لموضوع للتربية
في القرآن دور لا يمكن إغفاله في هذه البحوث وإن قلت ،وكيف يمكن اغفال مثل
هذا الموضوع هو متعلق باللبنة الأولى في البناء هو الفرد ثم بالمجتمع ثم بالدولة
والقرآن الكريم نوع في استخدامه لأساليب مختلفة في التربية يستفيد منها من أراد القتداء [AAMB1] بالقرآن
الكريم.
[AAMB1]الاقتداء
Post a Comment