التغذية العكسية : Feed Back
إن أي نظام لإدارة الجودة الشاملة لا بد له من
توافر نظام فعال للتغذية العكسية حول رغبات وإنجازات العمال وردود فعلهم حول
الأداء في المنظمة , وتعتبر التغذية العكسية أمرا حيويا لتمكين المديرين من توجيه
العاملين لتحسين أدائهم في العمل , وتعتبر أيضا مؤشرا على مستوى التحسين مقارنة
بالتحسينات السابقة . والمعلومات الراجعة تمكن الإدارة العليا من التعرف على :
جوانب القوة في أداء الأفراد والجوانب التي
تحتاج للتحسين والتدريب وعلى طموحاتهم المستقبلية
وآرائهم حول أداء المنظمة .
تطور مفهوم إدارة الجودة الشاملة :
تعود جذور إدارة الجودة الشاملة TQM إلى أعمال علماء الإحصاء والكتاب الأوائل في
رقابة الجودة الإحصائية , في العشرينيات من هذا القرن , إذ تم استخدام خرائط
الرقابة الإحصائية لأول مرة كأسلوب لتحسين الإنتاج الصناعي الضخم . وتوسع استخدام
أساليب الرقابة الإحصائية على العمليات (SPC) Statistical Process Control في مصنع وستن اليكتريك في شيكاغو في
الثلاثينيات . وطبقت أيضا بنجاح في الإنتاج الضخم للأسلحة ومواد الحرب خلال الحرب
العالمية الثانية .
وفي أوائل الخمسينات تم استخدام مفهوم إدارة
الجودة الشاملة من قبل كل من إدوارد ديمنج
W.Edward Deming وجوزيف جوران Joseph M.Juran الذين تم استدعاؤهم لتعليم اليابانيين أساليب
الرقابة الإحصائية على العمليات لمساعدتهم في بناء صناعتهم التي دمرتها الحرب ,
وفي تلك الفترة التقى كل من ديمنج Deming وجوران Juran وكارو إشكاوا Kaoru Iskawa خبير اليابان الأول في رقابة الموارد الشاملة وأدخلوا تحسينات
مهمة على مبادئ الجودة في مجال الرقابة على العمليات الإحصائية , والتركيز على
العميل , والتحسين المستمر , وفرق العمل .
ومن الطريف أنه بينما تم التخلي عن إدارة الجودة
الشاملة في الولايات المتحدة الأمريكية تبني اليابانيين هذا المفهوم , وفي الوقت
الذي كانت فيه اليابان تتعلم إدارة الجودة الشاملة كان التركيز في أمريكا على
الإدارة الكمية , إذ أن العالم كله كان بحاجة للمنتجات الأمريكية وكان عليها توفير
هذه المنتجات , ولكن أمريكا لم تكن تعي أن مكانتها الرفيعة كانت محفوفة بالمخاطر .
فخلال عقدين من الزمن أعادت اليابان دولتها المحطمة , وواصلت السيطرة على عدد من
الأسواق العالمية خاصة في مجال صناعة السيارات والإلكترونيات , وعبارة "صنع
في اليابان" لم تعد دلالة على البضائع الرديئة بل تعني بضائع ذات جودة عالية
وبأسعار منافسة .
ومن الجدير بالذكر أن ديمنج Deming عاش في اليابان فترة طويلة بعد الحرب العالمية
الثانية حيث تبنت هذه الدولة نظرياته , وأنشأت جائزة دولية باسمه "The Deming Award" الذين يبدعون في مجال الجودة تقديرا لجهودهم .
ولقد تأثر ديمنج بالفكر الياباني الذي ينظر إلى مفاهيم الحياة نظرة شمولية Holistic في الوقت الذي ينظر فيه الفكر الأمريكي
للأشياء على اعتبار أنها أجزاء متميزة , وبتجميعها نحصل على هيكل متميز , وبهذا
الروح استطاعت اليابان أن تحقق مستويات إنتاجية مرتفعة وبجودة عالية تفوق الغرب .
أما في الثمانينيات , ونتيجة لمنافسة اليابان
للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية في الأسواق العالمية , أفاق القادة
السياسيون وأصحاب الأعمال لهذا التحدي , وتمنت الكثير من الشركات الأمريكية أمثال
: IBM , Ford , Corning , Hewelett Packard وشركة فلوريدا للكهرباء والإنارة . Florida Power Light CO مفهوم إدارة الجودة الشاملة لتبقى منافسة في
السوق العالمية , أو لاستعادة أسواقها المفقودة .
وفي عام 1987 أعلنت الحكومة الأمريكية عن جائزة
قومية للجودة تمنح للمؤسسات الأمريكية التي تحقق أفضل النتائج من تطبيق
استراتيجيات ناجحة لتحسين الجودة .
وخطت أوروبا أيضا خطى الولايات المتحدة في هذا المجال
, إذ تم في عام 1988 تأسيس المؤسسة الأوروبية لإدارة الجودة الشاملة لتحسين المركز
التنافسي للصناعة الأوروبية في الأسواق العالمية . فالمملكة المتحدة تنشر الآن
مجلة بعنوان TQM
Magazine وتتبنى
مجموعة من الشركات الأوروبية أمثال Canons, Xerox, ICI مفهوم إدارة الجودة الشاملة.
إرسال تعليق