ثالثاً : الحياة الأدبية :
يُعْتَبَرُ
ذلك العصر هو بداية تاريخ الأدب العربي، وتتألف الحياة الأدبية من عنصرين هما : أ/ الشعر .
ب/ النثر.
أ/ الشعر : لم تصل إلينا بدايات الشعرالعربي ، ولكن ماوصل
إلينا من شعر :
1/ مستقيم الموسيقي. 2/ جميل الأخيلة.
3/ رشيق الألفاظ. 4/ رفيع الأفكار .
يدل علي أنَّ الشعرَ قد مرَّ بأطوار مختلفة ،
وقد تناول الشعراء الجاهليون سبعة مواضيع (أغراض)
دارحولهامعظم شعرهم وهي :
(1) الحماسة : وهي تعني الشجاعة والتغني بالبطولة. وهي
ترتبط بالفخر ويُتمدَحُ بها ، وفي قصائد المفضَّل النكري وعبد الشارق والسموأل
نماذج لها .
(2) الغزل : وهو
وصف محاسن المرأة. وكانوا يجعلونه في بداية قصائدهم؛ لحبهم له ولما فيه من رقة.وهناك
نوعان من الغزل هما :
أ/ الغزل
العفيف : وفيه يذكر الشاعر عواطفه النبيلة تجاه المرأة ، ويتعفف عن ذكر مفاتنها
الجسدية ؛ فيصوِّر أخلاقها، وعفتها ، وشرفها. ويمثل ذلك قول الشَّنْفَرَى :
لِقَدْ أَعْجَبَتْنِي لا سُقُوطاً قِناعُها إذا ما مَشَتْ
ولا بِذاتِ تَلَفُتِ
تبِيتُ بُعَيْدَ النَّومِ تُهْدي
غُبُوقَها لجاراتهِـا
إذا الهَديّـة قلّتِ
كأنَّ لها في الأرضِ نَسْياَ تَقُصَّهُ على أمِّهـا وإنْ تُكلِّمكَ تبْلُتِ
أُميمَةُ لا
يُخْزي نثاها حَليْلَها إذا ذُكر النِّسوانُ عفََّّتْْ
وجَلَّتِ
فدّقَّت وجَلَّت
واسبكرَّت وأُكْمِلت
فلَوْ
جُنَّ إنْسانٌ من الحُسْنِ جنَّت
والشاعر يصف تلك المرأة التي أعجبته بالحشمة؛ لا
يسقط غطاء شعرها، والرزانة ؛ لا
تتلفت في الطريق، وكريمة؛ تهدي لجاراتها أفضل أنواع الشراب من لبن وغيره في وقت
الجدب ،ومن حيائها؛ أنهاـ وهي سائره ـ تنظر إلي الأرض وكأنها تبحث عن شيء ضاع منها
، كذلك لا تطيل في الكلام ، وإنْ خاطبتك تقطَّع الكلام في فمها؛ من الحياء ، ليس
فيها ما يُخْجِل زوجَها؛ لعفتها وشرفها. وهي جميلة رقيقة الجسم، ممشوقة القوام،
عظيمة القدر؛ فلو أنَّ الحسن يجعل الانسان مجنوناً؛ لكانت مجنونة من شدة حسنها .
ب/الغزل الفاحش: وهوالذي يصف المفاتن الجسدية. ويمثله
أمرؤ القيس والأعشى .
(3) الرثاء: وهو إبداء المشاعر
الحزينة تجاه من توفوا من
الأهل والأصحاب
والسادة وذكر محاسنهم. ويمثله دُرَيْد بن الصِّمَة، وبَرَّة بنت الحارث .
(4) الحكمة : وهي عبارات تمثل خلاصة
تجربة الحياة. ولم تُخَصص لها قصائد، وإنما كانت مبثوثة في أثناء الشعر؛لعفويتها.وأشهر
شعراء الحكمة زهير ابن أبي سلمى وقد سُمّي ( حكيم الشعراء ) لكثرة الحكمة في شعره.
(5) الوصف : لقد وصف الشاعر
الجاهلي كل ما أرتبط بحياته. وأشهر موصوفات العرب هي الإبل والخيل. ولا تخلو قصيدة
من الوصف كما لم تخصص قصيدة للوصف؛ لذا نجده عند كل الشعراء .
(6) المدح : وهو ذكر محاسن الغير
ونسبة الصفات إليهم. وهو نوعان هما:
أ/ مدح بدافع الإعجاب . ويمثله مدح
زهير لهرم بن سنان .
ب/ مدح لأجل الكسب المادي . ويمثله
الأعشى .
(7) الهجاء : وهو ذمُّ المرء
وتعداد معايبه . وأبرز العيوب عندهم هي : البخل ، الغدر ، الجبن ، ووضاعة الأصل .
وقد كان قليلاً عندهم . ونموذج لذلك هجاء بشر بن خازم لرجل يدعى أوس بن حارثة ابن
لأم فقال :ألا أبْلِِغْْ بَنِّيْ لأْمٍٍ رَسُوْلاًً فَبِئْسَ مَحَلُُّّ رَاحِلةِ الْغَرِيْبِ
إذا عَقَدُوْا لِجارٍ أخْْفَرُوهُ كَمَا غرَّ الرِشَّاءُ مِنْ الذَّنُوبِ
وما أوْسٌ ولَوْ سوَّدْتُمُوْهَ بِمَخْْشيّ العُرامِ
ولا أريْبِ
بلغوا – أيها الرواة - هذه الرسالة لبني لأم وهي
: أنَّكم أسوأ القوم، وأسوأ مكان يمكن أنْ يلجا إليه الغريب؛ لأنكم إذا عاهدتم
جيرانكم لا توفون لهم ، وجعل عدم الوفاء بالعقود مثل ترك الدلو مقطوع الحبل فيتدلى
إلي قرار البئر . وأنَّ أوساً - ولو جعلتموه سيدا - ًلا يصلح لشيء ؛ لانه ليست فيه
قوة الرجال ولا شراستهم، كما أنه غبي .
الخصائص
المعنوية للشعر الجاهلي :
(1)
البساطة
: وتعني البعد عن النظرات الفلسفية العميقة .
(2)
عدم
الإغراق في الأخيلة: أي أنّ خيالهم كان مرتبطاً بواقعهم لا يتعدونه كثيراً .
(3)
الصدق
: لا يزيفون مشاعرهم، فهم يُعَبِّرُوْنَ عمّا يُحِسُّوْنَ به بصدق .
(4)
التقريرية
: لايلجأون إلى الغموض، بل يُعَبِّرُوْنَ عن أفكارهم مباشرة .
(5)
البعد عن المبالغة.
الخصائص
اللفظية للشعر الجاهلي :
(1)
الإيجاز
: وهو التقليل من اللفظ مع زيادة المعني . وضده الإطناب .
(2)
التصوير
: كانوا يستمدُّون تشبيهاتِهم وصورَهم من البيئة .
(3)
عدم
تكلف البديع : كان يأتي عفو الخاطر غير مُتَكَلَف
.
(4) الصعوبة والغرابة : وهي صعوبة وغرابة علينا نحن
أما عندهم فكانت سهلة في متناول عقولهم .
ب/ النثر : ورغم
أنه قد قلَّ عن الشعر إلا أنّه كان مُؤثراً في الأدب الجاهلي. وللنثر الجاهلي
نوعان :
(1) الخطب والوصايا : أما الخطب فهي أنواع منها ،
خطب الزواج ، الصلح ، الحرب ،النصح والإرشاد مثل خطبة هاشم بن عبدمناف . أما
الوصية فهي خلاصة يقدمها الأب لأبنائه مثل وصية عمروابن كلثوم لأبنائه.
(2) الأمثال : وهي جملة قيلت في مناسبة خاصة ، ثم
صارت- لما فيها من حكمة- تذكر في كل مناسبة مشابهة . ولكي تصير الجملة مثلاً فلابد
من اشتمالها علي:أ/الإيجازب/حسن التشبيه.ج/ إصابة المعني د/ حسن الكناية .ومن نماذج الأمثال
:
(1) ( قَبْلَ الرِّمَاءِ تُملأُ الكَنائِنُ)
معناه: قبل أن تخرج للصيد فعليك أن تملأ حافظات السهام بالسهام ( الكنائن جمع
كنانة) ويُقال : للانسان يودُّ القيام بأمر لم يستَعِدَّ له، كالطالب يودُّ النجاح
دون مذاكرة .
(2) ( يَدَاكَ أوْكَتا وَفُوْكَ نَفَخَ ) معناه
: بيديك ربطت وبفمك نفخت. مواضع قوله : لمن لا يُتْقِنُ أموره ويُحْكِمُهَا فتنهار
فيطلب المعونة.
قصته : رجل أراد أن يعبر النهر ، ولم يجد مركباً
فجاء بقربةٍ ونفخها ، ولكنه لم يُحْكِمْ
ربْطها ، ولمَّا توسط النهر إنْحَلَّّ الْوِكاءُ
(السير الذي تربط به القربة) فخرج
الهواء من القربة فصاح يطلب النجدة . وكان هناك رجل يقف علي الشاطئ فقال له : (
يداك أوكتا وفوك نفخ ) فصارت مثلاً .
إرسال تعليق