بعد مسيرٍ طويلٍ،و مسالكَ وعرةٍ\، وصلنا إلى دوار وادكر\، وبعد محاولات كثيرة
أقنعنا بعض نسائه المحافظات جدا بالحديث معنا.\
قَدْ يَبْدِينَ نِساءً عَاِديَّاتْ، يَغْسِلْنَ ثِيَابَهُنَّ وَعُيُونُهُنَّ
لاَ تَغْفَلُ عَنْ أَطْفَالِهِنّْ، لَكِنْ يَكْفِي أًن ترافق إِحداهُنَّ ليومٍ
واحدٍ فقط\ لتكتشف أنهن محارباتٌ أمازيغيات\.
محدثتنا خديجة البالغة من العمرِ واحدا و أربعين سنةً\ و الأم لطفلِ واحدٍ\
طرقنا بابها فحدتثنا عن يومهما الحافلِ بالمهامِّ \.
وللخبزِ المطهيِ فوق الكانونِ الطِّينيِ طَعمٌ خَاصْ، تَشْتَرِكُ جُّلُّ
نساءِ الأمازيغِ في إتقانهْ\.
يُقدم ساخناً كلَّ صَباحٍ لِأُسَرِهِنَّ مَرْفُوقًا بِإِبرِيقٍ مِنَ اَلْقَهْوَةِ
و زَيتِ الزيتون.\
بعد اِنتهاءِها من أشغالِ البيتْ \لِخَدِيجَةَ أَعْمَالٌأُخْرَى خَارِجَهُ\وَهَا
هِيَ ذي تفكُّ عِقَالَ دَابَّتهَا وَتَقُودُهًا نحوَ الخارج \.
طريقٌ وعرةٌ اعتادتْ سَلكَهاَ كلَّ يومٍ\ بِخِفَّةٍ و نشاطْ دون كَلَلٍ أو
مللْ\ غير مُباليةٍ بالأشواك التي تَعْتَرضُ سَبِيلَهَا\
حتىَّ تَصِلَ إِلَى أَرْضِهَا كَيْ تَجْمَعَ منها مَا يَصْلُحُ طَعَامًا
لِأُسُرْتِهَا ولِمَاشِيتهَا، على السَّواءْ،\
بعد الانتهاء من جمع الكلإ\ تعود المناضلة الأمازيغية رفقة دابتها المثقلة
بالحمل \ (صمت)
لتجد في انتظارها دجاجاتها اللواتي اعتدن استقبالها عند الباب،\ (صمت)
ليست المناظر الساحرة و الجبال العالية وحدها مايميز هذه
القرية \ بل حتى نساؤها اللائي تتحدى سواعدهن الطبيعة\
زهرة تبلغ من العمر خمساً وخمسون سنة\ أم لأربعة أولاد\
بعد الظهر تقوم بحلب بقراتها\
بعد عملية الحلب، تأتي مرحلة أخرى تقوم فيها زهرة بتنظيف
المكان\ و إطعام المواشي\ (صمت)
بعدها تتوجه ألى غرفة خاصة\ لتضع الحليب بالخضاضة
الطينية، أو مايعرف بالشكوةْ و تشدو بأغانٍ أطلسيةٍ عذبةْ\
لا تعتبر زهرة عملية خض الحليب مهمة متعبة، بل هي الفترة
الوحيدة التي تستريح فيها من كدها المتواصل\
مهمة أخرى تنتظر زهرة،\ فصل حبوب الحمص وخزنها لأيام
الشدة\.
بعد الزوال\ تأخذ زهرة بقرتها وماشيتها للأراضي المجاورة
لترعى فيها وتقتات من عشبها\.
البقرة مورد أساسي لأسرة زهرة\ولذلك وجبت رعايتها و
الاهمام بمأكلها و مشربها\شأنها شأنَ قطيعٍ صغير من الغنم\\
لا ينحصر دور
الأمازيغيات في البيت و أشغاله فقط،\بل يجاوزه إلى فضاءات أوسع\ كما هو حال السيدة
فاظمة ذات الثمانية و الثلاثين سنة و التي تتكلف بتربية النحل إلى جانب أشغالها
اليومية\
ما إن يقترب المساء حتى يبدأَ شوط جديد من العمل\ تحمل
أدواتها وتجه صوب الغابة لجمع حطب الموقد\.
عملية شاقة ويومية\تزداد صعوبة في فصل الشتاء\.
تتحمل فاظمة قساوة العيش بصدر رحب وقلب مطمئنْ\
كدُّ المرأة الأمازيغية في منطقة أمزميز شريط لا
يتوقف\ما إن تنتهي من عمل حتى \تبدأ آخر قبل الغروب\جمع الحطب\ \ (صمت)
وبعده مباشرة\الشروع في إعداد وجبة العشاء
SONORE
طويل هو يوم السيدة فاظمة وباقي نساء دوار واد اكر
بمنطقة أمزميز\ لكن شدَّة التعب وقساوةَ الأشغالِ قَدْ يُخَفِّفُ مِنْهمَا طاجينٌ
مميزْ وخبزٌ شهيٌّ يعبقُ المكانُ برائحتهما\
Post a Comment