الجمع العام لنادي الرجاء ... بدأ عاديا وانتهى استثنائيا
عادل بامعروف ينسحب .. وسعيد حسبان ينتخب
        لم تكن قاعة الاجتماع بأحد فنادق العاصمة الاقتصادية كافية لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الحاضرين ، رغم أن الدخول إليها كان صعبا ، في ظل الإجراءات التنظيمية الدقيقة لمنع أي جسم غريب من شأنه أن يبعثر حسابات المسؤولين ، حيث لم يسمح لولوجها إلا لحاملي الاعتمادات من منخرطين وصحافيين الذين عانوا الأمرين بفضاء القاعة الذي كان عبارة عن حمام تقليدي ، وبذلك يقص فريق الرجاء البيضاوي لكرة القدم شريط إنطلاقة الجموع العامة لأندية الصفوة ، مؤشرا على صيف ساخن ، وهي الخاصية التي آلت بالحضور إلى قراءة الفاتحة على أرواح الرجاويين الذين رحلوا إلى دار البقاء ، وانتهى بلحظة حبور وعناق بين المكونات الرجاوية .
      لقد أمسى الجمع العام لنادي الرجاء البيضاوي لكرة القدم عاديا بالمعنى الإصطلاحي للكلمة واستثنائيا بعد خروجه عن المألوف، حيث دامت أشغاله أربع ساعات كاملة ، تخللها نقاش ساخن أسفر في نهاية المطاف عن انتخاب سعيد حسبان رئيسا بالإجماع وبدون منافس ، بعد انسحاب عادل بامعروف الذي نزع من الجمع فتيل الصراع بإعفاء المنخرطين والصحفيين من اللجوء إلى الأشواط الإضافية ، وذلك خلفا للرئيس السابق محمد بودريقة ، الذي فضل عدم تجديد ترشيحه لولاية جديدة بسله الشعرة من العجين ، بعد قضاء 4 سنوات بالقلعة الخضراء ، ليبين للجميع أن رياح التغيير ستعيد ترتيب بيت الرجاء بشكل جديد دون التفريط في مبدأ التناوب .
    حضر بفضاء هذا الجمع 92 منخرطا من أصل 116 ، الذي أضحى متأرجحا بين الهدوء والسخط ، بعدما كاد في أكثر من منعطف أن يفقد فرامله في بعض المنزلقات ، لولا أن السيد نور الدين البيضي ممثل الجامعة الملكية لكرة القدم تحول في أكثر من مناسبة إلى ضابط إيقاع أو إطفائي أثناء لحظات التوثر ، حفاظا على سلامة نادي مرجعي يقف في منعرج التغيير العادي ، ذلك أن العواطف المتناقضة والمشاعر المتباينة كانت مساحتها كبيرة بين الخشوع الرمضاني والانشراح الانتخابي ، بالصراع والمهادنة ، بالإدانة والتبرئة ، بالغضب والارتياح ، وبالحب والضغينة ، لكن إسم الرجاء ظل على امتداد أربع ساعات بعيدا عن الخدش، رغم المنعرجات والتضاريس التي مر بها .
     قبل بدأ الجمع العام كانت كل المؤشرات تسير في صراع ثنائي بين رجل الاقتصاد عادل بامعروف و رجل السياسة سعيد حسبان ، الذي منحته القاعة مسؤولية انتقاء أعضاء مكتب مديري جديد يحفظ للرجاء المكتسبات والوفاء ، ذلك أن فضائها كان يغلي بالتعاليق والتشخيصات ، بينما تحصن الرئيس الأسبق محمد بودريقة ومن معه في الكواليس،  يحضرون لنفسهم لمواجهة عاصفة المنخرطين في ليلة رمضانية مشتعلة حتى مطلع الفجر ، وذلك لحل إشكالية الرئاسة بالنقض الذاتي والتطلع للاتي .
     واستعرض الكاتب العام الأستاذ محمد الناصيري في التقرير الأدبي مسيرة القلعة الخضراء للموسم الكروي 2015/2016 مشيرا لعدة نقط أساسية ، بداية بفترة الإعداد التي تم التعاقد فيها مع المدرب الهولندي روود كرول الذي فشل في قيادة النسور على مستوى الاختيارات البشرية ، ليتم تعويضه بالثنائي الوطني رشيد الطوسي وعزيز الخياطي ، اللذان أعادا سكة النادي إلى الطريق المستقيم ، لكن فاجعة قرار إغلاق مركب محمد الخامس واللعب خارج قواعد الدار البيضاء وبدون جمهور ، في ظل تفشي ظاهرة العنف والشغب لدى المحسوبين على الرجاء ، والتي كان من نتائجها ضياع المصارعة على منافستي البطولة الوطنية ، كأس العرش ، كأس عصبة الأبطال الإفريقية ، وكاس الكونفدرالية القارية ، لكن الجانب الطبي والعلاج الطبيعي بقيادة البروفيسور محمد العرصي كانا النقطة الحسنة داخل منظومة النسور الخضر ، كما أن التقرير تطرق للمحطات البارزة في هذا الموسم ، على غرار الجمع العام العادي لفاتح يوليوز 2015 ، والجمع العام الإستثنائي لملائمة النظام الأساسي للنادي بعد صدور قانون التربية البدنية رقم 09/30 ، بتاريخ 23 أكتوبر 2015 و الجمع العام الإستثنائي لتقديم استقالة الرئيس يوم 6 يناير 2016 ، والاجتماع التواصلي مع المنخرطين في 8 فبراير 2016 ، والظروف التي آلت بالرئيس بودريقة إلى تجميد مهامه من عضوية المكتب المديري الجامعي ، مباشرة بعد انتهاء مقابلة النهضة البركانية والرجاء البيضاوي 1-1 التي جرت في فاتح ماي 2016 ، دون نسيان الطامة الكبرى المتمثلة في الأخطاء التحكيمية القاتلة راح ضحيتها نسور الرجاء العالمي،  الذي سيحظى ببناء الأكاديمية الخضراء التي انطلقت أشغالها يوم 2 يونيو الجاري ، حيث صرح بموجبها الرئيس محمد بودريقة ،على أنها ستكون معلمة رجاوية خالصة لنادي شرف الوجه المغربي في الأفق العالمي ، لمشاركته الايجابية في الدورة العاشرة لكاس العالم للأندية ، حل وصيفا لبطلها الألماني باييرن ميونيخ.
    أما الورقة المالية التي تلى أرقامها الأمين يوسف الأمير ، فقد حملت بدورها معطيات مفصلة بعد التركيز على المداخيل والمصاريف ومصادر الدخل ومتطلبات الصرف وتحديد الحصيلة من كل عملية ، حيث خلص التقرير المالي إلى وجود عجز مادي قيمته : 19.839.014,23 درهم إلى حدود 08/06/2016 ، وذلك بعد أن آل رقم المداخيل إلى : 100.204.705,14 درهم ، فيما ارتفع زئبق المصاريف إلى : 120.043.719,37 درهم ، ذلك أن الفاجعة السلبية لهذا التقرير المالي  تعود بالذات إلى الخسارة المادية الكبيرة التي ضاع بموجبها النادي المخضرم لحرمانه من استغلال مركب محمد الخامس وتكبده خسارة كبرى بلغت 800 مليون سنتيم ، وإجراء مباريات الويكلو خارج قواعد الدار البيضاء والتي كان تأثيرها بالغا على الخزينة المالية للقلعة الخضراء.
    التقريران الأدبي والمالي اللذان قدمت في شأنهما عدة نقط نظام من طرف المنخرطين الذين هيؤا أنفسهم بعد حصر لائحة التدخلات ، صبت لمصلحة الرجاء ، بعد طرح عدة انتقادات تخوفا من المستقبل على ناديهم الأصيل ، حيث كانت ردود أجوبة الرئيس المستقيل محمد بودريقة واضحة ، و بعد إجابته على كل تساؤلات المنخرطين إنتقل الجمع إلى التصويت على التقريرين الأدبي والمالي اللذان صودق عليهما بالإجماع .
     بعد تحويل الجمع العام من عادي إلى استثنائي ، تمكن العضو الجامعي النشيط نور الدين البيضي من الوصول بأشغال هذا الجمع إلى بر الأمان ، بعدما عدل عادل بامعروف عن الرئاسة بإنسحابه ، ليوافق المنخرطون بالإجماع على تسليم مقود الرجاء للربان الوحيد المرشح سعيد حسبان ، الذي قدم الخطوط العريضة لبرنامجه المستقبلي ، حيث منحه المنخرطون الضوء الأخضر لاختيار الأعضاء الذين سيرافقونه في مسيرة ولايته التسييرية لأربعة مواسم ، وهو الأمر الذي سيعطي دما جديدا للمكتب المسير الجديد الذي أصبحت تنتظره مهام كبيرة ، في ظل تحليق نسور الرجاء وطنيا عربيا قاريا وعالميا .


Post a Comment

Previous Post Next Post