الإثباتات الحديثة لتأثير تغير المناخ

تتوفر الآن شواهد كثيرة على مقدار تأثر الأنظمة البيئية، وحساسيتها، وتكيفها مع التغير المناخي، منها:
2-1 ارتفاع درجة الحرارة
يؤثر ارتفاع  درجة الحرارة على النظم الطبيعية الفيزيائية والبيولوجية بطرق عدة منها:
- تقلص حجم القبعات الجليدية في القطبين.
- تشكل شروخ في الغطاء الجليدي، وتخلخله وحدوث التجلد بشكل متأخر، وتحطم الجليد الذي يغطي الأنهار والبحيرات.
- إطالة فصل الإنبات عند خطوط العرض المتوسطة والعليا.
- انزياح تدريجي لأصناف حيوانية ونباتية شمالاً باتجاه القطب الشمالي في نصف الكرة الشمالي، وعلواً بالنسبة للمرتفعات الجبلية.
- تناقص في عدد أصناف عدد من النباتات والحيوانات.
- الإزهار المبكر للأشجار.
- ظهور مبكر للحشرات.
- وضع البيض من قبل الطيور في مواعيد مبكرة.
وقد سجل الترابط بين ارتفاع درجات الحرارة الإقليمية وهذه التغيرات في النظم الفيزيائية والبيولوجية في العديد من البيئات المائية والأرضية والبحرية. وقد وضعت مجموعة العمل الثانية WGII الجدول (4) بناء على دراسة امتدت على مدى 20 عاماً، واستناداً لبحث مرجعي شمل النظم الفيزيائية والبيولوجية وتأثرها بارتفاع درجات الحرارة. وفي العديد من المناطق في العالم، فإن للتغيرات في الهطول تأثيرات هامة. ويوجد حالياً نقص في البيانات عن الارتباطات بين الهطول والنظم الفيزيائية والبيولوجية لمدة كافية من الزمن (عقدين أو أكثر). كما يسبب تغير استعمال الأراضي والتلوث ظواهر مشابهة لتلك الناجمة عن تغير الهطول.
2-2 الفيضانات والجفاف
يؤثر تكرر الفيضانات ودورات الجفاف وشدتهما على النظم الاقتصادية والاجتماعية. وتتأثر هذه النظم أيضاً بعوامل اجتماعية واقتصادية أخرى، مثل الانزياح الديموغرافي، والتغير في استخدام الأراضي. ومن الصعب تحديد تأثير كل عامل منها على حدة بشكل كمي.
2-3 أنظمة طبيعية مهددة بالتغير المناخي
هناك بعض النظم الطبيعية المهددة بالتغير المناخي بسبب عدم قدرتها على التكيف. ويمكن أن يتعرض بعض هذه النظم لأضرار كبيرة غير قابلة للإصلاح. وتشمل الأنظمة الطبيعية المهددة، القبعات الجليدية في القطبين، والحيد المرجاني، والمانغروف، والغابات الاستوائية، والنظم البيئية القطبية، والأراضي الرطبة، والبراري العشبية. وبينما يتكاثر بعض الأصناف النباتية والحيوانية هناك، إلا أن أصنافاً عديدة أخرى مهددة بالانقراض، وبالتالي يتناقص التنوع الحيوي فيها. ومن المؤكد أن الاتساع الجغرافي لهذا الضرر، وعدد النظم المتأثرة به، سيزداد مع زيادة شدة التغير المناخي وسرعته.
2-4 أنظمة بشرية حساسة ومهددة
تتضمن الأنظمة البشرية الحساسة للتغير المناخي مصادر المياه والزراعة (وعلى الأخص الأمن الغذائي) والغابات والمناطق الساحلية والأنظمة البحرية (مصائد الأسماك) والمستوطنات البشرية والطاقة والصناعة وخدمات التأمين والتمويل والصحة العامة. ويختلف التهديد لهذه النظم بحسب الموقع الجغرافي، وعامل الزمن، والظروف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
إن من أهم التأثيرات السلبية المتوقعة بحسب الدراسات والنماذج المناخية هي:
- انخفاض عام في مردود المحاصيل الزراعية في معظم المناطق الاستوائية والمدارية لمعظم درجات الحرارة المتنبأ بها.
- انخفاض عام (مع بعض الاختلافات) في مردود المحاصيل، في معظم المناطق عند خطوط العرض الوسطى والعليا، بسبب زيادة درجة الحرارة لأكثر من عدة درجات مئوية.
- نقص توفر المياه للسكان في عدد من المناطق الشحيحة بالمياه، وعلى الأخص في المناطق المدارية.
- زيادة عدد البشر المعرضين لأمراض محمولة بالحشرات  مثل (الملاريا) وتلك المحمولة بالماء مثل (الكوليرا) وزيادة الوفيات الناجمة عن موجات الحر.
- زيادة خطر الفيضانات على العديد من المستوطنات البشرية (عشرات الملايين في المناطق المدروسة) من جراء زيادة هطول الأمطار، وارتفاع مستوى سطح البحر.
- زيادة الطلب على الطاقة للتكييف صيفاً بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
أما التأثيرات الإيجابية المتوقعة للتغير المناخي فهي:
- زيادة مردود المحاصيل في بعض المناطق عند خطوط العرض الوسطى بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
- زيادة المردود من خشب الغابات في بعض الغابات التي تدار بشكل جيد بسبب ارتفاع درجات الحرارة وزيادة تركيز ثنائي أكسيد الكربون.
- زيادة توفر المياه للسكان في بعض المناطق التي يتوقع زيادة الهطول فيها مثل جنوب شرق آسيا.
- تناقص عدد الوفيات في المناطق عند خطوط العرض الوسطى والعليا بسبب ارتفاع درجات الحرارة شتاءً.
- تناقص الطلب على الطاقة للتكييف شتاءً بسبب ارتفاع درجات الحرارة في المناطق عند خطوط العرض الوسطى والعليا.
2-5 تغيرات في حوادث الطقس العنيفة
يؤدي تعرض المجتمعات البشرية والأنظمة البيئية لحوادث الطقس العنيفة، إلى الأضرار والمعاناة والموت الناجم عن الجفاف والفيضانات وموجات الحر والانهيارات والأعاصير وغيرها. وبالرغم من حالة عدم التأكد إلا أن هناك شواهد عدة على أن هذه الحوادث ستزداد تكراراً وشدة في القرن الحادي والعشرين، نتيجة التغيرات المناخية. وعلى العكس من ذلك،  فإن تكرار الطقس البارد سيقل في المستقبل، بما في ذلك من آثار إيجابية أو سلبية. وستقع تبعات هذه التغيرات على المجتمعات والأفراد الأشد فقراً في العالم.
لقد ذكرت مجموعة «ميونيخ ري» لإعادة التأمين أن العالم لم يشهد عددا من الكوارث الطبيعية كما شهد هذا العام، لا سيما بسبب التغير المناخي، موضحة أن الأمور لن تسير نحو الأفضل على ما يبدو. وقد بلغ عدد هذه الكوارث حوالي الألف عام 2007، وهو ما لم تسجله يوماً تقارير المجموعة الألمانية التي تعد هذه الأحداث بانتظام منذ العام 1974. غير أن أياً منها لم يصل إلى حجم الأعاصير التي ضربت الولايات المتحدة وخليج المكسيك في 2005، أو كارثة المد البحري (تسونامي) في المحيط الهندي عام 2004.
2-6 تأثيرات قوية وغير عكوسة
قد تؤدي تغيرات المناخ في القرن الحادي والعشرين إلى إحداث تغيرات كبيرة غير عكوسة  في نظام الأرض. وكمثال على ذلك حدوث تباطؤ في دوران مياه المحيطات التي تنقل الماء الدافئ إلى شمال الأطلسي، ونقص كبير في الغطاء الجليدي في غرينلاند وغرب القطب الجنوبي،  وزيادة في درجة حرارة الأرض نتيجة تغذية من دورة الكربون وإصدار الميثان من الهايدرات والرسوبيات الشاطئية. إن احتمال حدوث هذه التغيرات منخفض، وهي غير معروفة تماماً، لكن احتمال حدوثها سيزداد مع التغير المناخي. وإذا ما حدثت فإن تأثيراتها ستكون شاملة وقوية. وسيؤثر تباطؤ دوران المحيطات على تركيز الأكسجين، وعلى استيعاب المحيطات والنظم البيئية البحرية للكربون، وسيخفض الدفء في مناطق من أوروبا. وسيرفع تفكك الجليد في غرب القطب الجنوبي، وذوبانه في غرينلاند من مستوى البحر بمقدار 3م على مدى 1000 عام، بحيث يغمر أجزاء واسعة من الجزر والمناطق الساحلية. إن معدل فقدان الجليد، وارتفاع مستوى سطح البحر، سيتجاوزان قدرة الإنسان  والنظم البيئية على التكيف معهما. إن إصدار الكربون من مناطق متجمدة، والميثان من هايدرات الترسبات الشاطئية، سيزيدان من تركيز غازات الدفيئة، وبالتالي من الاحتباس الحراري.
2-7 التكيف إستراتيجية ضرورية على كل المستويات
يؤدي التكيف الجيد إلى التقليل من تأثير التغيرات السلبية، والاستفادة من التغيرات الايجابية، ولكنه مكلف ولن يقي من كل الأضرار. وتؤثر الحالات العنيفة والتباينات وسرعة التغير في التعرض للتغير المناخي والتكيف معه، وليس مجرد التغير في متوسط الظروف المناخية. وتتكيف الأنظمة البشرية والطبيعية ذاتياً إلى حد ما مع التغير المناخي. ويمكن للتكيف المخطط أن يكمل التكيف الذاتي، على الرغم من أن الخيارات والحوافز لتكيف الأنظمة البشرية أكبر من التكيف لحماية الأنظمة الطبيعية. إن هذا التكيف ضروري بكل المقاييس من أجل تضافر الجهود مع التخفيف من التغير المناخي. وغالباً ما يعطي التكيف مع تغيرات المناخ الحالية فوائد، ويشكل أساساً للتعاطي مع تغير المناخ في المستقبل. ومع ذلك فقد دلت التجارب على وجود عقبات في تنفيذ كافة إجراءات التكيف المتاحة. وإضافة لذلك فقد يكون هناك تكيف سيء، كالتنمية في مناطق معرضة للمخاطر، بسبب قرارات مبنية على اعتبارات قصيرة النظر، وإهمال تغير المناخ والرؤية الناقصة وعدم توفر المعلومات والاعتماد الزائد على الضمان والتأمين.
2-8 الأفقر هم الأكثر عرضة للتغير المناخي
تعتمد قدرة الأنظمة البشرية على التكيف على عوامل عديدة، مثل الثراء ومستوى التقانة والتعليم وتوفر المعلومات والمهارات والبنى التحتية والوصول إلى الموارد والقدرات الإدارية. وهناك إمكانية أمام الدول المتقدمة والنامية لبناء قدراتها على التكيف أو تطويرها. وتختلف الدول في هذه القدرات، لكن الدول الأشد فقراً هي التي تفتقر إليها، ولذا فهي الأكثر عرضة للتغير المناخي، والأشد تأثراً به، والأقل قدرة على التكيف معه. وعلى النقيض من ذلك، فإن ارتفاعاً بعدة درجات في درجة الحرارة قد ينجم عنه مزيج من الفوائد الإيجابية والأضرار في الدول المتقدمة، بينما ينقلب إلى خسارة إذا تجاوز هذا المقدار. وسيؤدي هذا إلى زيادة التفاوت في المعيشة بين الدول الفقيرة والغنية. ويعني هذا أن معظم الناس في العالم سيعانون من ارتفاع عدة درجات مئوية في درجة الحرارة. وسيكون التأثير على فقد الحياة، ونقص الاستثمار المالي، على أشده في الدول النامية.
2-9 الاعتماد المتبادل بين التكيف والتنمية المستدامة والعدالة
يعاني معظم المناطق المعرضة للتغير المناخي أيضاً من النمو السكاني، ونقص الموارد والفقر. ولذا يمكن للسياسات التي تخفض الضغط على الموارد، وتحسن من إدارة الكوارث، وترفع مستوى معيشة الطبقة الأفقر من السكان، أن تدعم في الوقت نفسه التنمية المستدامة والعدالة وتحسن القدرة على التكيف، وتخفض من التعرض للتغير المناخي والضغوط الأخرى. إن إدخال المخاطر المناخية في تصميم مشاريع التنمية الوطنية والدولية وتنفيذها، يمكن أن يطور العدالة والتنمية المستدامتين، اللتين تخفضان بالتالي من تأثير التغير المناخي.

 

الجدول (4)  التكيف مع تغيرات المناخ المختلفة

تغيرات متوقعة خلال القرن 21     التأثيرات المتوقعة

 

حرارة أعلى وموجات حر على كل المناطق البرية (محتمل جدا) - زيادة الوفيات والأمراض للمرضى وكبار السن

- زيادة الإزعاج الحراري للحيوانات الأليفة والبرية

- تغير في وجهة السياح

- ازدياد خطر الأضرار لعدد من المحاصيل

- زيادة الطلب على الطاقة للتبريد وانخفاض وثوقية التزود بالطاقة

 

ارتفاع درجة الحرارة الدنيا، أيام باردة أقل، موجات برد أقل (محتمل جداً)       - انخفاض الوفيات والأمراض الناجمة عن البرد

- انخفاض خطر إصابة بعض المحاصيل وزيادة الخطر لأخرى

- زيادة نشاط بعض الحشرات وناقلات المرض والمجال الذي تعمل فيه

- نقص الطلب على الطاقة للتدفئة

تغيرات متوقعة خلال القرن 21     التأثيرات المتوقعة

 

 

تكرار حوادث المطر الشديد على معظم المناطق (محتمل جداً)    - زيادة خطر الفيضانات والانهيارات وانجراف التربة وانزياح الطين

- زيادة حت التربة

- قد تزيد زيادة الدفق السطحي من مستوى الخزانات الجوفية

- زيادة الضغط على الحكومات وشركات التأمين ولجان الطوارئ

حالات عنيفة ومعقدة

زيادة الجفاف في الصيف عند خطوط العرض الوسطى والعليا ووسط القارات (محتمل)         - نقص المحاصيل

- تضرر أساسات الأبنية الناجم عن انكماش الأرض

- تناقص في كميات مياه الشرب وتدهور نوعيتها

- زيادة مخاطر حرائق الغابات

 

زيادة في رياح العواصف الاستوائية وفي متوسط الهطول وذروته (محتمل في بعض المناطق)         - زيادة الخطر على حياة الإنسان وخطر الأوبئة ومخاطر أخرى

- زيادة حت الشواطئ وتضرر المباني والمرافق على الشاطئ

- زيادة الضرر للنظم البيئية الساحلية كالحيد المرجاني والمانغروف

زيادة شدة الجفاف أو الفيضانات المرافقة لظاهرة النينو في مناطق مختلفة (محتمل)  - نقص المحاصيل الزراعية والمراعي في مناطق الجفاف والفيضان

- نقص في الطاقة المائية للمناطق المعرضة للجفاف

زيادة اختلاف أمطار المونسون الصيفية الآسيوية (محتمل)       - زيادة الفيضانات والجفاف في الشدة والضرر للمناطق المعتدلة والاستوائية في آسيا

زيادة شدة العواصف في خطوط العرض الوسطى (لا يزال هناك اختلاف في النماذج)   - زيادة الخطر على حياة البشر وصحتهم

- زيادة خطر فقد الممتلكات والبنى التحتية

- زيادة الضرر على النظم البيئية الساحلية

3

Post a Comment

Previous Post Next Post