إدارة الازمات
       تبين ان هناك أختصاصاً أضيف الى مجموعة الاختصاصات التي جرى العرف على أنها مهام الادارة وهذا الاختصاص هو ( أدارة الازمات) وأنه يستوي مع بقية الاختصاصات مثل التخطيط والاشراف والرقابة والتجديد والتطوير وتمثيل المنظمة والعلاقات العامة وما الى ذلك .. وسبق وأن عرضنا مصطلحات متقاربة مع أدارة المخاطر وادارة الازمات.. وهنا يمكن القول ان (ادارة الازمات) هي مجموع الممارسات التي يمكن تطبيقها عندما ينشأ موقف أو وضع يمثل تغييراً جذرياً في أوضاع مستقرة تقليدية وان هذه الممارسات يتم صياغتها في هيئة خطة تعتمد في اعدادها على توافر عدد من الخبرات وتبدأ بتحليل وتشخيص أو تشريح الازمة وصولاً لمكوناتها وسماتها وما يتوقع من آثارها وان هذا التحليل لابد وان يتسم بالدقة حتى يكون كل ما بني عليه سليماً ودقيقاً ومنتجاً([1]) ، وهذا يتطلب توعية وثقافة على كل المستويات في كيفية ادارة الازمات والتغلب عليها بالادوات العلمية والادارية وتجنب سلبياتها والاستفادة من ايجابياتها([2]).

أسباب وأنواع الازمات:
       يذهب خبراء ادارة الازمات الى انه توجد اربعة نوعيات أو مجموعات رئيسية للأزمات اذا أمكن التعرف عليها أمكن الحيلولة دون وقوعها أو التخفيف من عواقبها أو الاستفادة منها وهي:
‌أ-  البشر عندما يخطئون.
‌ب-   الالات عندما يختل اداؤها. 
‌ج-    الاليكترونيات عندما تضطرب وظائفها.
‌د-       الطبيعة عندما تغضب علينا وعندما نعتدي عليها.

والحديث عن أخطاء البشر يتركز اساساً في عدد من السمات والممارسات الانسانية التي نقع فيها جميعاً في وقت من الاوقات سواء بسبب:-
سوء التقدير أو عدم القدرة على التوقع وعدم السيطرة على النفس والطمع واليأس والعند والمكابرة أو بسبب نقاط الضعف البشري مثل الحب والكراهية أو حب السيطرة أو حب الثأر ... الخ ولهذا يرى خبراء الازمات أن الحروب والازمات السياسية وبعض جوانب من الازمات الاقتصادية تقع في نطاق هذه المجموعة من الاسباب حتى احداث العنف والتطرف والارهاب انما هي حقيقة ناتج اخطاء البشرية لعل ابرزها هو خطأ التصور لموقف وما يترتب عليه خطأ في التصرف بالأضافة الى الاستهانة بأرواح الآخرين وخاصة مما ليسوا طرفاً في النزاع مثل نوعاً من الخلل في التفكير غير مبرر، وقد شهد العالم موجات من صور العنف ابتداءاً من اختطاف الطائرات واستخدام ركابها وأطقمها كرهائن واختلطت السياسة وبالاقتصاد بالجريمة العادية.
أما الالات عندما يختل اداؤها بسبب أزمة حقيقية تؤدي الى خسائر بشرية كبيرة كما التسرب الاشعاعي من مفاعل تشر نوبيل، في الاتحاد السوفياتي السابق والذي بلغت الخسائر البشرية وحدها عدة آلاف ولا زالت مضاعفات التعرض للأشعاع من جانب الضحايا مستمرة لحد الآن... وكذلك تسرب غاز سام خانق من احد مصانع شركة (يونيون كاربايد) بالهند حيث كانت ضحايا الساعات الاولى (1200) قتيل بخلاف الاثار البيئية التي ترتبت على هاتين الكارثتين.
اضافة ما سببه التزايد والتوسع في استخدام الكمبيوتر من أخطار ليس على مستوى الاجهزة والمنشآت وأنما على مستوى الافراد واحياناً تصل الى أمن الدولة.
وما يتعلق بالطبيعة عندما تغضب في هيئة زلازل وبراكين وأعاصير وفيضانات وسيول أو الوجه الآخر يتمثل في الجفاف والتصحر وموجات الصقيع والحر والرطوبة الشديدة كلها تهدد الحياة على الارض وعلى مستوى البشر والحيوان والنبات، وبالرغم من التقدم المذهل بالقدرة على التبؤات المناخية والفلكية الا ان العالم يظل عاجزاً امام هذا النوع الازمات الذي يصعب ان لم يكن مستحيلاً السيطرة على أسبابها.
وأنما تتجه الجهود كلها الى ما يترتب عليها من أزمات والنجاح في أدارة هذا النوع من الازمات في محاولة ان تكون الخسائر عند الحد الادنى وكلنا نعرف الدمار الهائل الذي سببه اعصار كاترينا وأصار تسونامي في نهاية 2005، وأما الجانب الآخر يتعلق بلطبيعة عندما يعتدي عليها البشر فتلك قضية البيئة التي تشغل مساحة متزايدة من الاهتمام العالمي وما ينشأ عنها من ازمات تهدد مستقبل وجود البشرية على كوكب الارض الذي تسبب في خرابه فثقب الاوزون وانقراض مئات الانواع من الحيوانات والنباتات والنتائج المدمرة للبيئة بسبب عوادم المحركات بأختلاف أنواعها وأستخدام المواد الكيمياوية في كثير من المنتجات الصناعية والتعامل الخاطيء والمدمر مع النفايات والفضلات المختلفة كل هذه الانجازات اعتداء على الطبيعة بسبب الاستهلاك المفرط وسوء الاستخدام لعناصر البيئة وبدل ان نحافظ عليها كأمانه من أجل (الاجيال القادمة) نهددها ونبددها بسبب الاهمال وسوء التعامل مع البيئة وكل ذلك يترتب عنه اختلال في التوازن البيئي والنتيجة ازمات تهدد الحياة كلها بما فيها حياة البشر.

يرى بعض خبراء الازمات ان اخطاء البشر هي القاسم المشترك ان لم يكن في اسباب الازمات فهي دائماً موجودة في النتائج. ويمكن ان نذكر هنا أهم نتائج الازمات بأختلاف أسبابها التي تتعرض لها دول العالم والذي يترتب عن اسلوب الادارة غير السليم لمواجهة ازمة من الازمات([3]):-
1-  حدوث العزلة أو النقد أو اللوم أو التعرض لعقوبات دولية كما حدث في العراق.
2-  اهتزاز الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والذي يتباين من دولة الى اخرى.
3-  خطر الموت الذي يهدد حياة البشر.
4-  تشوهات الصورة العامة  للدوله او المنظمة وحتى الفرد (مثل تلوث البيئة أو اعمال العنف وعدم الاستقرار وتشويه صورة الغير لصالح الخصوم أو المنافسين).
5-  فقدان الولاء لمنتج معين أو الانصراف عنه كلياً وآثاره الاقتصادية الضارة كما في أزمة أنتشار مرض جنون البقر والخسائر الفادحة التي أصابت اقتصاديات دول اوروبية مثل بريطانيا وما كان لأسلوب ادارتها من آثار بيئية على علاقات بريطانيا بشركائها في المجموعة الاوروبية وكذلك أزمة مرض أنفلونزا الطيور.

 


[1] - سيد موسى، مصدر سابق، ص81.
[2] - د. حسين الرفاعي، ادارة الازمات، صحيفة التقوى، العدد129، 2003 ، عبر موقع الانترنيت www.attakwa.net
[3] - أ. سيد موسى، مصدر سابق، ص95.

Post a Comment

Previous Post Next Post