خصائص الاشخاص الذين يظهرون اضطرابات في السلوك

الذكاء:
       خلافاً للاعتقاد الخاطئ السائد من أن الاطفال الذين يظهرون اضطرابات في السلوك أذكياء ، إن معظمهم يحصلون على معاملات ذكاء أقل من المتوسط مقارنة بأقرانهم غير المضطربين، فمتوسط ذكائهم لا يزيد عن 90 وإن الكثير منهم يقع ذكائهم في حدود بطء التعلم أو التخلف العقلي البسيط.  كما أن الكثير من المضطربين بدرجة شديدة من الصعب حتى تطبيق اختبارات الذكاء عليهم ومتوسط من يمكن تطبيق الاختبار عليه لا تزيد عن 50 درجة، وهناك حالات نادرة من هؤلاء ممن يحصلون معاملات ذكاء عالية،   وربما يعود ذلك إلى أن الاضطراب يؤثر على توفير الفرص المناسبة لهم لتعلم المهمات التي تتضمنها اختبارات الذكاء.  من هنا فإن اختبارات قد لا تعتبر مناسبة لقياس ذكائهم وذلك باعتبارها متحيزة ضدهم ولا تعطي مؤشرات دقيقة عن ذكائهم الحقيقي الذي يتأثر حتماً بالاضطراب.

التحصيل:
       إن معظم الاشخاص المضطربين تحصيلهم الاكاديمي في المدرسة منخفضاً مقاساً باختبارات التحصيل المدرسية الرسمية وغير الرسمية.
       إن الكثير من الأطفال الذين يعانون من الاضطرابات الشديدة يفتقرون حتى للمهارات الاكاديمية الاساسية التي تشمل القراءة والكتابة والحساب، والقليل منهم من الذين يملكون مثل هذه المهارات لا يستطيعون تطبيقها والتعامل معها في الحياة اليومية.

السلوك العدواني:
       يعتبر السلوك العدواني من الخصائص السلوكية الشائعة لدى الاطفال المضطربين، يصنف هذا السلوك ضمن السلوكات الموجهة نحو الخارج  Externalizing وضمن اضطرابات التصرف  Conduct Disorders .
       يظهر السلوك العدواني على شكل اعتداء على الاخرين بأشكال مختلفة كالاعتداء الجسدي وإلحاق الاذى المادي بالآخرين، أو بالاعتداء اللفظي كالسباب والشتائم، أو حتى بالعدوان الرمزي بإظهار التذمر والمخاصمة.
       يوجه الاعتداء عادة على الاشخاص المحيطين بالطفل من غير استفزاز حيث يهدف الطفل المضطرب من خلال العدوان إلى السيطرة على أقرانه أو إزعاجهم أو إغاظتهم أو التسلط عليهم.  وفي حالات الاطفال الأكبر سناً، فإن العدوان يمكن أن يوجه إلى المعلم أو إلى المدرسة، وفي مراحل عمرية لاحقة يمكن أن يتطور هذا العدوان ليوجه إلى المجتمع ويتمثل في سلوك مناهض للقوانين والقواعد الاجتماعية، ويجعل الشخص خارجاً عن القانون والنظام وهو ما يعرف بالسلوك المضاد للمجتمع أو السوسيوبائية  Sociopahty.  في هذا النمط من السلوك يرتكب الشخص المضطرب جرائم القتل وهتك العرض والاغتصاب والسرقة وأعمال السطو والنهب.  يساهم في تفاقم هذه المشكلة التسرب من المدرسة نتيجة الفشل المتكرر والافتقار إلى بيئة أسرية مناسبة.
       تشير الدراسات إلى أن العدوان أو السلوك الموجه نحو الخارج يظهر لدى الذكور أكثر منه لدى الاناث.

السلوك الانسحابي:
       ويصنف ضمن ما يعرف بالسلوك الموجه نحو الداخل أو الذات  Internalizing ويتضمن البعد من الناحية الجسمية والانفعالية عند الاشخاص والمواقف الاجتماعية.
       يظهر الكثير من الاشخاص المضطربين انسحاباً من المواقف الاجتماعية، وبالعزلة والاستغراق في أحلام اليقظة والكسل والخمول.  إن مثل هؤلاء الاشخاص لا يستجيبون لمبادرات الاخرين ولا ينظرون إلى الاشخاص الذين يتكلمون معهم ولا يكونون صداقات بسبب افتقارهم للمهارات الاجتماعية المناسبة لفعل ذلك.  وهم لا يمثلون أي تهديد لغيرهم من الاشخاص.
       إن السلوك الانسحابي هو سلوك مناقض للسلوك العدواني، وأشد أنواع هذا النوع من السلوك هو ما يظهره الاشخاص شديدو الاضطراب والذي يدعى بذهان الطفولة.  وهذا النوع من السلوك يكثر بين الاناث مقارنة بالذكور.


التعرف على الاشخاص الذين يظهرون اضطرابات في السلوك:

       إن التعرف والفحص والتشخيص هي طرائق تستخدم من قبل المهنيين للإجابة عن التساؤل فيما إذا كان الطفل أو مجموعة الاطفال يعانون من مشكلات في السلوك، وتحديد هذه المشكلات من أجل وضع خطة علاجية وتربوية لمساعدة هؤلاء الاطفال.
       إن اجراءات التعرف والفحص والتشخيص لاضطرابات السلوك معقدة ، وذلك بسبب عدم الاتفاق التام على تعريفات اضطرابات السلوك أو حتى بسبب تفسير التعريف بشكل مختلف.  وهذه الاجراءات تحاول الاجابة عن الأسئلة التالية:
·       كيف نتعرف على الطفل المضطرب انفعاليا أو سلوكياً؟
·       هل هذه المشكلة شديدة بدرجة كافية بحيث تتطلب تدخلاً؟
·       ما هي طبيعة التدخل الذي يجب أن يكون؟

إجراءات الكشف والتعرف:
       ويتضمن مسح مجموعة كبيرة من الاطفال من أجل تحديد عدد الاطفال الذين هم بحاجة إلى خدمات إضافية أو متخصصة.  وفي حالة الاطفال في سن المدرسة، فإن المعلم هو المعني في عملية الكشف.  ويشير مصطلح الكشف إلى قياس سريع وصادق للنشاطات التي تطبق بتنظيم لمجموعة من الاطفال بغية التعرف على الاطفال الذين يعانون من صعوبات من أجل إحالتهم لعملية الفحص والتقييم.
       خلال العقدين السابقين وأكثر، أصبح التركيز على عملية الكشف وإجراءاته بطريقة فعالة، وهذا الاهتمام جاء من مصدرين، الاول هو الاعتقاد الذي ترسخ من الابحاث في ان الكشف والتدخل المبكر يساعد في تخفيف انتشار اضطرابات السلوك، والثاني هو من الضغوط نتيجة لوجود قوانين ملزمة، وتشكيل مجموعات الآباء والمهنيين.
       إن برامج رياض الاطفال وبرامج المدارس تعتبر من أنواع الكشف المعروفة، حيث يدخل جميع الاطفال الذين سيلتحقون بالمدارس العادية هذه البرامج، ويتم التعرف عليهم من النواحي الجسمية والمعرفية والإدراكية والانفعالية.
       وحتى تتم عملية الكشف بفاعلية، يجب أن يتعاون الآباء والمعلمين في ملاحظة سلوك الطفل في كل من المدرسة والبيت.  هذا، ويمكن الاعتماد على أكثر من طريقة للكشف عن اضطرابات السلوك، ومن أهم تلك الطرق ما يلي:

تقديرات المعلمين:
       يعتبر المعلم أكثر الاشخاص أهمية في عملية الكشف عن الاطفال المضطربين في سن المدرسة، وقد اشارت دراسات عديدة على أن تقدير المعلم هو من أصدق التقديرات وأكثرها موضوعية.  ومع أن المعلمين يعتبرون من أصدق المقدرين، إلا ان الدراسات أشارت إيضا إلى أن المعلمين كمجموعة، يمكن أن يكونوا متحيزيين،  فمثلا يميل المعلم إلى عدم تحويل حالات الانسحاب الاجتماعي والخجل، لأن مثل هذه الحالات لا تسبب إزعاجاً لهم ولا تؤثر بشكل سافر على سير العملية التعليمية، بينما يميل المعلم إلى تحويل حالات السلوك الموجهة نحو الخارج كالازعاج والفوضى واضطرابات التصرف والحركة الزائدة، لأن ذلك يسبب إزعاجاً للمعلم وتأثيراً مباشراً على سير العملية التربوية داخل الصف.  من هنا يجب أن يعطى المعلم تحديداً للمشكلات التي يجب أن يلاحظها في الصف بشكل دقيق دون تركه يتوقع ما نريد.
       إن استخدام قوائم الشطب هي من الاجراءات العامة المألوفة، وهي تتضمن سلوكات محددة، يطلب من المعلم أن يقدر الطالب على هذه السلوكات.

تقديرات الوالدين:
       إن الوالدين أيضا مصدر مهم للمعلومات عن اضطراب الطفل.  المعلومات من الوالدين يمكن أن تجمع إما من خلال المقابلات أو من خلال قوائم الشطب والاستبانات.  ومع أن الوالدين مصدر هام للمعلومات، لكن دقة ملاحظة الوالدين للطفل عليها تساؤلات.
       إن إحدى المشكلات الواضحة في استخدام الملاحظات المباشرة كمحك لتصديق تقديرات الوالدين هي محدودية ملاحظة السلوك.  إن الملاحظين يمكن أن ينسوا أو أن لا تكون لديهم متابعة للسلوك لفترة مستمرة، كما أن وجود الملاحظ يمكن أن يؤثر على السلوك.
       وبالرغم من التساؤل عن ثبات تقديرات الوالدين، فإن لهم دور مهم في عملية التحويل.  

تقديرات الاقران أو الزملاء:
       إن تقديرات الأقران تعتبر إحدى الطرائق المستخدمة للكشف عن المشكلات الاجتماعية والانفعالية. 
       إن نتائج بعض الدراسات أشارت إلى أن الاطفال في المدرسة من كل الاعمار قادرين على التعرف إلى المشكلات السلوكية، ولكن الاطفال في الاعمار الصغيرة، كان من الصعب عليهم معرفة أو تحديد السلوك الطبيعي أو المقبول، ولكن يختلف الامر في حالة الاطفال الاكبر سناً حيث يصبحون أقل تمركزاً حول ذواتهم، وبذلك يستطيعون ملاحظة دلالات أو إشارات السلوك غير العادي.
       إن المقاييس السوسيومترية والتي تركز على العلاقات الشخصية والاجتماعية في المجموعة تستخدم لقياس إدراك الطفل وهي مفيدة في طرق الكشف، وإذا ما فسرت بحذر، فإنها يمكن أن تكون ذات فائدة للمعلم في تخطيط طرق التدخل.

تقديرات الذات:
       تعتبر تقديرات الذات مصدراً آخر للحكم على تكيف الطفل، فمن خلال تقدير الطفل لذاته يمكن أن يساعد ذلك في التعرف إلى المشكلات التي يعاني منها. وقد أشارت الدراسات بأن تقديرات المعلمين للأطفال المضطربين أفضل عندما يكون السلوك المضطرب موجه نحو الخارج كالعدوان والتخريب والحركة الزائدة، ولكن التقدير الذاتي يكون افضل في حالة الاضطراب الموجه نحو الداخل الذي يتطلب وصف الذات من خلال المشاعر والاتجاهات والامور الداخلية.  وهذه التقديرات مفيدة للأطفال غير المقتنعين بأنفسهم أو الدفاعيين.      
      
إن المرحلة التي تأتي بعد الكشف والتعرف الأولي هي مرحلة التشخيص النفسي والتربوي الذي يقوم به عادة الفريق متعدد الاختصاصات إذ يتم دراسة حالة الطفل من قبل الاخصائي النفسي والطبيب النفسي والباحث الاجتماعي، بالاضافة إلى إجراء تقييم شامل في الجانب التربوي من قبل المعلم العادي ومعلم التربية الخاصة، وذلك من أجل تحديد إجراءات التدخل المناسبة في الجانبين النفسي والتربوي.

Post a Comment

Previous Post Next Post