حقوق الشعوب الأصلية  في القانون الدولي
16 -  في ما يتعلق بالقضايا الساخنة من بيئة وتنمية مستدامة وتنوع بيولوجي وتغير مناخ، وما إلى ذلك، تستفيد الشعوب الأصلية من عدد لا بأس به من الحقوق بموجب إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، بدءا بحقها الأساسي في تقرير المصير. والواقع أن الشعوب الأصلية ستستفيد أيضا([1]) بموجب الحق في تقرير المصير السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي من جميع التغيرات في السياسات والممارسات التي يتطلبها تنفيذ الإعلان من قبل جميع هيئات الأمم المتحدة والدول الأعضاء وكذلك، أخيرا وليس آخرا، من طرف هذه الشعوب بطبيعة الحال. ولا بد الآن وقبل كل شيء من تمكين الشعوب الأصلية من المشاركة والحصول على موافقتها([2]).
17 -  وينص الإعلان على حق الشعوب الأصلية في امتلاك مواردها المادية وغير المادية، واستخدامها وفقا لتطلعاتها واحتياجاتها، بناء على أولوياتها واستراتيجياتها لتحقيق التنمية المستدامة وعلى ثقافتها. ويتعين على المؤتمرات واجتماعات القمة المتعلقة بالتنوع البيولوجي وتغير المناخ أن تغير إجراءاتها لتمثيل الشعوب الأصلية فيها بما يتيح لها قناة دولية ليس للدفاع عن حقوقها ومصالحها فحسب، وإنما أيضا للمساهمة في تحقيق رفاه ورخاء البشرية وفق نهجها الخاصة، مثل حقوق أمنا الأرض، أو ”باتشاماما“ كما يسميها شعب الأيمارا في بوليفيا، أو الحق في طيب العيش أو ما يسمى، في نفس المنطقة من جبال الأنديز، ”سوماك كامانيا“ أو ”سوماك كاوساي“([3]).
18 -  وتحرص الشعوب الأصلية التي تؤمن بمفهوم الطبيعة بوصفها أمنا الأرض التي لها حقوق على احترام هذه الحقوق في كل ما يتعلق بإدارة شؤونها الداخلية. وتسعى هذه الشعوب أيضا إلى الدعوة إلى إعمال هذه الحقوق في المحافل الحكومية والدولية ذات الصلة من أجل الترويج لها كشكل من أشكال العلاقة بين الإنسان والطبيعة. وهذه نقطة يجب التأكيد عليها لأن هناك أحكاما مسبقة ما زالت سائدة حتى الآن، مما يحول دون التمتع بهذه الحقوق الواجبة للشعوب الأصلية سواء تعلق الأمر بتطبيقها داخليا أو الدعوة إليها خارجيا. وأكثر هذه الأفكار شيوعا هو رفض مفهوم الطبيعة بصفتها أمنا الأرض التي لها حقوق خاصة كمفهوم قد يدخل في باب التبشير الديني، مما من شأنه أن يقوض حريات مثل حرية العقيدة. وحتى لو كان تخويل أمنا الأرض حقوقا خاصة من أشكال التعبير الديني، فإن للشعوب الأصلية الحق في أن تحتفظ بهذه المعتقدات بوصفها ثقافة خاصة وأن تدعو إليها ليس من باب التبشير بل من أجل تحويلها إلى قانون عام إما على مستوى الدولة أو على المستوى الخارجي.

مفهوم أمنا الأرض في منطقة الأنديز بالعمق التاريخي الذي يتيحه الاطلاع على الأحداث كما سجلها المستعمرون. إن الأرض مقدسة. والعلاقة بين ”أيلو“، أي المجتمع السياسي، والأرض علاقة انتماء حميمة. فالأرض معطاء، وهي مصدر الحياة والغذاء والمأوى. وتسمى بلغة الأيمارا ”لومباكا ماما“، على الرغم من أن الكلمة الأكثر شيوعا هي ”باتشاماما“ بلغة الكيشوا، المستخدمة أيضا لدى الأيمارا، بل حتى في الإسبانية. وقد استعمل ”أنيو دي أوليفا“ هذه الكلمة بنفس المعنى:
”كانوا يعبدون أيضا الأراضي الخصبة، ويسمونها ”باتشاماما“، أي أمنا الأرض الخصبة المثمرة([4]).
20 -  وتعبير ”الأم الخصبة“ يعتبر الأرض مكانا للعيش أو بستانا يزرعه الناس ليحصلوا على قوتهم وما توفره لهم الطبيعة من ماء وهواء وخيرات أخرى. وفي هذا السياق، يعتبر مفهوم الخلق والخليقة ذا أهمية بالغة، حيث إن البشر، مثلهم مثل غيرهم من المخلوقات التي تعيش على الأرض، أعضاء في مجتمع الكائنات الحية. وصفة الخصوبة تعكس هذه القدرة الفريدة على احتضان الكائنات الحية جميعها، التي تتميز بخصوبة مستمرة ومتجددة. وبلغة الأيمارا تطلق كلمة ”أويا“ على الخليقة وكلمة ”أويري“ على الخالق/أمنا الأرض.
21-   وتحدث بولو دي أونديغرادو عن عبادة الشعوب الأصلية للشمس والنجوم والرعد والأرض، التي كانوا يدعونها ”باتشاماما“. ولم يكن مفهوم أمنا الأرض هذا الذي كان يؤمن به سكان بيرو القديمة أكثر من معتقد وثني بالنسبة للمستعمرين الإسبان كان لا بد لهم من القضاء عليه عن طريق أحد أشكال الاستعمار المتمثلة في التبشير. ويستشف من ملاحظات ”بولو“ عن هذا الموضوع ما كان يكنه سكان الأنديز من احترام وتقدير لأشكال العبادة المذكورة([5]):
”يعبد هنود السهول البحر كي يجود عليهم بالسمك ويصفو لهم، فيرمون فيه دقيق الذرة البيضاء والمغرة الحمراء إلى جانب أشياء أخرى. ويعبد سكان الجبال أيضا البحيرات والبحر رغم أنهم لم يروه قط، ويسمونه ”ماماكوتشا“ و ”ماما كوتا“ بلغة الأيمارا. ويعبد سكان الجبال الذين ينزلون إلى السهول لقضاء حاجاتهم البحر ويقيمون له احتفالات خاصة. ويعبدون أيضا الجبال“.
22 -  وأمنا الأرض مفهوم واسع النطاق يشمل عدة مفاهيم أخرى مثل ”ماماكوتشا“ أو ”كويا“ (زوجة أو ملكة لدى الإنكا) وهو الاسم الذي يطلق على المناجم. فكلمة ”كويا“ تعني أحشاء الأرض. وقد تحدث ”بولو“ عن ذلك فقال:
”والشيء نفسه ينطبق على المناجم، المسماة ”كويا“ لديهم، وهم يعبدونها ويعبدون أيضا المعادن، التي يسمونها ”ماما“، والأحجار، التي يسمونها ”كوربا“، ويقبلونها ويقيمون لها احتفالات خاصة“.
23 -  لذلك فإن اعتبار الأرض مقدسة يحميها من الدمار أو سوء الإدارة. وهو مفهوم شمولي، حيث تقام، تبجيلا لها، الأضرحة وأماكن للقاء والتعلم، أو معابد على طول الطرق الموصلة إلى مركز كوتسكو، أي المعبد الذهبي:
كان لهم نوعان من المعابد: معابد طبيعية وأخرى اصطناعية. فأما المعابد الطبيعية فكانت هي السماء وقوى الطبيعة والبحر والأرض والتلال والوديان والأنهار والينابيع والجداول والبحيرات والكهوف والصخور وسلاسل الجبال ... ([6]).
24 -  والمعابد الطبيعية علامات على الطريق في حياة الكائن البشري. وفي سلك هذا الطريق امتثال لقانون المجتمع وقواعده. وهذا الطريق مفتوح للعبور من أجل الأجيال المقبلة، وهو يهيئ الإنسان لطيب العيش طبقا لمفهوم ”سوماك كاوساي“. وينبغي للسلطات أن تسعى جاهدة للعناية به عن طريق إيجاد أمثلة للسلوك يحتذى بها من خلال احترام القانون. فبعد أن ينتهي أحد أفراد الكوراكا (المالكو بلغة الأيمارا) من أداء مسؤوليته في جهاز السلطة، يصبح ما يسمى بــ”كاتشا رونا“، أي الإنسان الجميل، الذي يكون أسوة للمجتمع بأسره، ولا سيما الشباب([7]). ويقدر المجتمع الامتثال للقانون لما له من آثار على إتاحة الموارد وضمان اقتصاد الأسر والمجتمع، وهو بدوره نتيجة لعلاقة متوازنة مع الطبيعة. و يتعين علينا أن نتناول مفهوم الأرض الأم وحقوقها علينا انطلاقا من هذا الإطار المفاهيمي الذي يعتبر القانون طريقا ينبغي سلكه في الحياة والاستفادة منه.
25 -  وقد اطّلع ”بلاس فاليرا“ على تقاليد شعوب الأنديز والاحترام العميق الذي كانت تكنه للأرض، وتفهم تصورها لها بأنها معابد طبيعية. وهناك شهادات عدة من الماضي على وجود هذه الأماكن التي نذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، تاتا ساجاما، وماما تونغوراهوا، وكابيا (كوبا كابانا) قرب تيتيكاكا، وكلها أماكن مقدسة تتركز فيها الطاقات والقوى والمعارف. ويستطيع الأشخاص العارفون التواصل مع قمم الجبال. وأقيمت أيضا في العديد من الأماكن معابد في شكل مباني فخمة مثل بقايا ما كان يعرف باسم ”باتشاكاماك“ على ساحل المحيط الهادئ.
26 -  ولم يكن المستعمرون الأجانب ليطيقوا ثقافة الشعوب الأصلية هذه القائمة على احترام الأرض وتبجيلها، بل اعتبروها عبادة أوثان وبذلوا ما في وسعهم للقضاء عليها. ورأى خوسيه دي أكوستا أنه ”يصعب تصور الدمار والخراب اللذين وقعا“ في إشارة إلى عبادة الشعوب الأصلية للأنهار والينابيع والجداول والصخور والجبال، إلخ ([8]).
27 -  ولم يستطع المستعمرون أن يتصوروا أنه كان لدى الشعوب الأصلية رؤية مختلفة عن معتقداتهم الدينية المسيحية، أي رؤية محورها آلهة أرضية كلية الوجود. ومع ذلك فإن المؤرخين القدماء تعاملوا بشيء من التفهم المثير للاهتمام مع ثقافات الشعوب الأصلية. ومن الأمثلة على ذلك ”بلاس فاليرا“ الذي رأى أن تلك الشعوب لا تعتقد بألوهية تلك الأماكن، وإنما تقدسها لما لها من أهمية لديها. ولا تحتاج المعابد الطبيعية إلى علامات تحديد، فهي مجرد تجويف في الأرض لحراسة المقدسات والتواصل مع الأرض.
28 -  وخلُص فرناندو دي سانتيان كذلك إلى أن ’’الهنود‘‘ كانوا يتخذون الشمس والقمر والأرض آلهة يعبدونها: ”وكانوا يعبدون الأرض كذلك ويعتبرونها أما لهم‘‘. ويخبرنا خوسيه دي أكوستا بنفس الشيء قائلا: ”كانوا يعبدون الأرض أيضا ويسمونها باتشاماما (Pachamama)‘‘. وبالمثل كانوا يقدسون البحر الذي كانوا يسمونه ماماكوتشا (Mamacocha). ومع ذلك، فقد اكتشف هذا الكاهن المتضلع بأنهم كانوا يمارسون عباداتهم على منوال قدامى الأوروبيين الذين كانوا يعبدون الإلهة تلوس. وأجمع المؤرخون الأوروبيون على وجود علاقة خاصة كانت تربط بين الشعوب الأصلية والأرض. ووصف معظمهم الممارسات التي ظهرت لاحقا بالوثنية وأخذوا على عاتقهم مهمة استئصالها. وقد أدلى لودوفيكو بيرتونيو أيضا بدلوه في هذا الصدد:
باتشاماما، سويروماما (Pachamama, Suyrumama): أرض الحبوب، وكانت بالنسبة للقدماء اسما مقدسا اعترافا منهم بالأرض كمصدر للقوت، فتراهم يقولون، باتشاماما هواهواماها (Pachamama huahuamaha)، بمعنى يا أيتها الأرض، سأكون إبنا لك([9]).
29 -  وسويروماما، وكذلك كهويا (Qhuya)، وهي المناجم، هو الاسم الذي يطلق على باطن الأرض. أما كهويا، أو كويا (Coya)، فهو مفهوم يقترن بالمرأة: ”كانوا يعتبرون الأرض مدافعا خاصا عن النساء المقبلات على الولادة، وعند حلول موعد الولادة، كنّ يقدمن لها القرابين“([10]). فتوفير المياه يجعلها خصبة ومنتجة بشكل خاص. وهو ما يفسر ترجمة هذه الممارسة بعبارة ’’أرض الحبوب‘‘. والتضرع بالقول ’’باتشاماما هواهواماها‘‘ ومعناه ’’باتشاماما، سأكون ابنا لك‘‘ موجه إلى سويروماما في المقام الأول. ومع ذلك، فهم بتضرّعهم إلى باتشاماما، إنما يتضرعون إلى الكون. وسويروماما، وهي المزرعة (أو البستان)،كتعبير عن الأرض الأم الخصبة والمثمرة، هو مكان مقدس علامة قدسيته (chimpu) حجر مرتفع، يسمى بوكارا pukara)) (القلعة). ويقول بولو دي أونديغاردو في هذا الصدد:
        ”كذلك تراهم في بعض المناطق يضعون وسط المزارع حجرا مرتفعا يستحضرون به فضائل الأرض ولكي يحرس المزرعة“.
30 -  وبوكارا وتاكاغوا (Tacagua) اسمان يطلقان على ’’الحجر المرتفع‘‘. فحتى اليوم، تجري العادة في المزارع، وبخاصة الجماعية منها، على تشييد برج صغير. ويتيح لنا مفهوم سويروماما، المزرعة، إدراك الأهمية الكبرى التي تحظى بها الحياة المجسدة في الإثمار. فموسم الحصاد يُحتفل به كعيد من الأعياد، كما لاحظ الكثير من المؤرخين؛ حيث كانت شعوب الأيلو تشارك في الاحتفالات بارتداء أفضل الأزياء والغناء والرقص. وكان يجري انتقاء وعزل أفضل الثمار من أجل الاحتفاء بالبذور التي كانت ذات قيمة رمزية (illa). وكانت الذرة الأم (Zara Mama) تُقدَّم في زي امرأة ترتدي التنورة التقليدية القصيرة وشالا صوفيا ودبابيس. وكان يُحتفى بالذرة المقدسة بعد انتهاء موسم الحصاد([11])، عند اصفرار الحبوب، وكذلك في مطلع موسم زرع البذور. وكانت الاحتفالات تقام في مستودعات الحبوب (colca)، وهو المكان الذي تودع فيه محاصيل الأسر المعيشية الخاصة بشعوب الأيلو والدولة. وفي أعقاب فرض الديانة المسيحية، أُدمجت هذه الاحتفالات مع أعياد القرابين المسيحية. ولا تزال هذه الاحتفالات تقام في منطقة الأنديز. وقد كانت عملية تكديس المواد الغذائية والألبسة وغيرها من الأشياء الأخرى التي يستخدمها المجتمع تكتسي قدرا كبيرا من الأهمية حيث أكد بلاس فاليرا بأن الإسم الذي أطلقه الإسبان على تاوانتينسويو (Tawantinsuyu)، وهي بيرو، كان في الواقع بيروا (Pirwa)، الذي يرادف كلمة المستودع (colca)، وهو اسم كان يطلق على مخازن المحاصيل في جنوب جبال الأنديز.
        ”كانوا يأتمنون هذا الإله على غلتهم وكنوزهم ومخزوناتهم، ولذلك فقد كانوا يطلقون على أبرز العرانيس أو البواكير الأولى والمستودعات التي توجد داخل منازلهم لحفظ كنوزهم وملابسهم وأوانيهم وأسلحتهم اسم بيروا (Pirua)“.
31 -  وما يثير الاهتمام في كل ذلك هو تسلسل المفاهيم والوحدة المنهجية التي تتجلى في تأمل الطبيعة والكون. ومن شأن هذا المقطع المقتبس عن المبشّر الإيطالي أنييو دي أوليفا أن يفسح لنا المجال الأوسع المتمثل في مفهوم باتشاكاما، الذي اتخذ، على غرار مفهوم الأرض الأم، أسماء مختلفة على مر التاريخ:
        ”لقد اتخذ هنود الساحل من البحر إلها لهم يقدمون له القرابين، كتلك التي تقدم إلى الجبال والشمس. وقد نشأت كل هذه الخرافات والطقوس بأمر من الشيطان لصرفهم عن عبادة باتشاكاماك (Pachacamac)، وهو ما فعلوه إلى درجة أنهم هجروا معبده الباذخ والعظيم، وظلوا على هجرانهم له سنوات عديدة“.
32 -  وبصرف النظر عن التحيز الديني، يتبين لنا أن باتشاكاما (Pachaqama) هو روح الكون، ذلك أن كاماك (qamaq) هو النفَس والنار الخالقة. وبالتالي، كان المؤرخون القدامى يقدمونه على أنه آلهة. وكان معبد باتشاكاما (Pachaqama)، ويسمى حاليا باتشاكاماك (Pachacamac) ويوجد في ساحل المحيط الهادئ، يكتسي أهمية كبرى باعتباره منزل الكون. وفي ما يلي شهادة فرناندو دي سانتيان:
        ”... وقامت شعوب الإنغا بتشييد ذلك المبنى الشامخ والفخم الذي يسمونه المقبرة الكبرى لباتشاكاما، في قمة جبل كبير يهيمن على كل شي؛ وهناك قالت المقبرة لشعب الإنغا بأن اسمه باتشاكاماك، ومعناه واهب الحياة للأرض“.
33 -  ولا شك أن فكرة أمنا الأرض تتجاوز مفهوم ’’سويروماما الخصبة والمثمرة‘‘ وتشمل حتى منشأ هذه الشعوب. ومن ثم كانت الأهمية التي تختزنها بعض المواقع المقدسة المعروفة بأماكن الخلق (paqariña) وأشهرها تامبو توكو (Tambo Toco). وتعتبر أماكن الخلق المقدسة شاهدا على العلاقة الفريدة التي تربط بين الشعوب الأصلية والأرض، بحيث يعود منشؤها إلى أحشاء الأرض التي تسمى تشينكاناس (Chinkanas) وكهويا (Qhuya).
34 -  ويستمد مفهوم الأرض الأم كل أهميته من القيمة التي كانت تعطى لهذا التعبير، إذ لم يكن هناك ما هو مقدس أكثر منها. وفي المعاملات، ولا سيما العلاقات السياسية، كانت الأرض تُتخذ شاهدا. وفي المواثيق وغيرها من الصكوك، كان اليمين الذي يُؤدى إثباتا لكلمة الشرف يتمثل في القَسَم بالأرض من خلال تقبيلها أو بحفنة من تراب الأرض إذا كانت الأطراف في أماكن متباعدة([12]).
35 -  وفي هضبة الأنديز العليا، في باكاخاكي (pakajaki)، أو محافظة باكاخيس حاليا، يشار إلى الأرض الأم بعبارة يومباكا ماما (Llumpaka Mama). وقد سقط استعمال كلمة يومباكا ويقتصر استخدامها اليوم على المناسبات الاحتفالية. وبالعودة إلى مراجع القرن السابع عشر، نجد أن بيرتونيو هو من يسعفنا من جديد:
يومباكا، كوما (Llumpaka, Koma). نظيف وأملس ومضيئ.
يومباكاتشاثا، كوماتشاثا (Llumpacachatha, Komachatha): ينظف، يصقل.
يومباكاكي سارناكاثا (Llumpacaqui Sarnacatha). العيش بتقشف أو دون لفت الانتباه كإنسان عادل.
36 -  ويعبّر مفهوم يومباكا عن أهمية الأرض في ما يتعلق خاصة بالنظافة، والمقصود بها في هذه الحالة النظافة والسلامة في مجال الصحة. ولا شك أن يومباكا يمثل مفهوما شاملا في ما يتعلق بالحالة التي ينبغي أن تكون عليها الأرض الأم. وكل ما يخالف ذلك يشكل خروجا عن القاعدة، وانتهاكا للقانون، وزيغا عن الطريق الذي يبغي أن يسلكه الأشخاص والأسر والمجتمع كافة.
37 -  ويدل مفهوم كاميري (Qamiri) على الامتثال للقانون، وتُرجم بعبارة طيب العيش (suma qamaña) توخيا لزيادة فهمه وتقديره في أوساط المجتمعات غير الأصلية. ومعنى كاميري هو المسافر الذي يعرف الطريق وأحوال الحياة معرفة كاملة. أما نقيضه فهو:
باتشا كويا هاكي (Pacha ccuya haquee): إنسان بائس لا حيلة له.
38 -  ومعنى كلمة كويا (Ccuya)، وتهجئتها في لغة الأيمارا الحالية (q’uya)، هو البائس. ومع ذلك، فإن استخدامها مسبوقة بالبادئة باتشا (Pacha)، يعطيها معنى الشخص البائس إزاء الأرض والعالم والزمن. فالأمر يتعلق بفقر معنوي، بمعنى ’’الشخص الذي لا يعرف كيف يعيش‘‘ وهو ما يؤكده برتونيو في قوله:
باتشاكويا ماينينا أوسوهوانيا سارناكاتا (Pachaccuya maynina ysuhuaaña sarnaqata): العيش محروما ومهانا من الجميع.
39 -  ولدينا هنا صورة الجانح أمام المجتمع، حيث إنه لم يعد يشكل بسبب هذا الانتهاك جزءا من هذا الكل الجماعي. ومضى برتونيو في قاموسه يفيدنا في فك رموز فكر الكويا (qulla):
        ”تعني كلمة باتشا (Pacha)، عند استخدامها كلاحقة، الكل أو الجميع. وتعني كلمة ماركاباتشا (Marcapacha) الشعب بأسره. وعبارة تاكويباتشا هاك (Taqquepacha haq) تعني جميع البشر أو الأشخاص“.
40 -  وهكذا يعمل جميع أفراد المجتمع (markapacha) وجميع الأشخاص (taqijaqipacha) على احترام القانون. أما الجانح فهو بائس ومهان من قبل أولئك الذين يعرفون قيمة الحياة (qamri). ومخالفة القانون تصرف يثير غضب الأرض الأم. ويوضح لنا فرناندو دي سانتيان مرة أخرى قائلا:
        عندما تتدهور أحوالهم، كانوا يقولون في تلك البقعة أن الأرض غاضبة، فيسكبون النبيذ ويحرقون الثياب لاسترضائها.
41 -  والأرض الأم (باتشاماما) الخصبة والمثمرة لها قوانينها وحقوقها. والامتثال يجعل الشخص مدركا لقيمة الحياة (qamiri). وكلمة كاميري مشتقة من فعل كاما (qama)، الذي يمثل بدوره مفهوما يفيد البيت. وكلمة كاميري صفة فردية وجماعية تكتسب بالامتثال للقانون، مما يدل على حياة كاملة من حيث العلاقة مع الطبيعة ومع مختلف جوانب الأرض الأم.
42 -  وكاميري الشخص هو من لديه ما يكفي من الموارد المادية والروحية. ويتابع ’’دوران الشمس والنجوم‘‘([13])؛ ويتحدث مع الجبال. وكل هذه العناصر تنطوي على معرفة عميقة يطبقها الحاكم. إذ ينبغي مراقبة الشمس والنجوم والقيام في الوقت نفسه بدراسة الطبيعة وسلوك الحيوانات على نحو يسمح بالتنبؤ بالظواهر الطبيعية من قبيل الجفاف أو الصقيع أو العواصف الممطرة. وفي نهاية طريق المعرفة هذا، يصبح الكاميري شخصا محترما يعرف كل شيء عن الحياة (alli yachachic macho yaya)، ويقضي ما تبقى من أيام عمره في تلقين المعرفة للشباب. وقد كان الاعتقاد السائد أن هؤلاء الأشخاص ’’yaya‘‘ يتجسدون في الجبال. وذلك ما يفيدنا به فرناندو دي سانتيان:
        ”كان الجميع يعتقد ويؤمن بأن الأشخاص الطيبين سيعودون بعد موتهم إلى المكان الذي أتوا منه، أي باطن الأرض، وأنهم يعيشون هناك وينعمون بالراحة الأبدية“.
43 -  لقد تبلور مفهوم الأرض الأم في منطقة الأنديز من أجل إتاحة إطار مرجعي يسمح بتوحيد وتطوير رؤية عالمية تتشاطرها مختلف الثقافات، وبخاصة ثقافة الشعوب الأصلية. وشعب المابوتشي (Mapuche) الذي يوجد إقليمه الأصلي في المناطق الجنوبية من الأرجنتين وشيلي، يعتبر نفسه ’’أهل الأرض‘‘(mapu-che)؛ ولذلك فإن لغته المابودنوغون (mapudungun) هي ’’لغة الأرض‘‘. فالجزء مابو (Mapu) يعني الأرض في حين أن الجزء تشي (che) يعني أهل([14]). ومن هذا المنطلق، فإن الأرض هي نيوكي مابو (Ñuke Mapu) بمعنى الأرض الأم التي تتحول في الفكر السياسي إلى مفهوم وال مابو (Wall Mapu)، ومعناه الإقليم. ويعتبر شعب المابوتشي نفسه عموما أبناء الأرض وبناتها. ويكرس جميع جهوده لاستعادة الأراضي المصادرة من قبل شيلي. وهو يعتبر أن سلسة الإنسان - الأرض - الطبيعة إنما هي كلّ واحد، ومن ثم كان اقتناع المابوتشي بأنهم براعم الأرض: ’’تنطوي كلمة مابوتشي على معنى أعمق بكثير من مجرد أهل الأرض، وتفيد بالأحرى برعما من براعم الأرض، يُخلقون منها، أي أناس يولدون في الأرض ويعيشون فيها ويعبرونها ليعودوا عند مماتهم إليها([15]). وفي هذا الصدد، يكتسي مفهوم أدمابو (Admapu) أهمية من حيث أنه ينظم جميع دورات حياة الفرد المنتمي لشعب المابوتشي، ويشمل مجموعة من الأنظمة التي يحرص أفراد الجماعة (lof) على الامتثال لها وتلقينها، بحيث أن انتهاكها يؤدي إلى نشوب النزاعات. ولا تعزى المسؤولية المترتبة على الانتهاك إلى الفرد فحسب وإنما إلى الجماعة ككل (lof).
44 -  وفــي الفكــر الغوارانــي، يشكـــل السفــــر نحــو أرض خاليــــة مــن الشـــر (Yaguata ivi maraevae koti) إطارا للوجود والاستمرارية الثقافية، ومن ثم أهمية الامتثال للقانون؛ وإلا واجهت الجماعة حالات من الاختلال البيئي والاجتماعي والاقتصادي. وإذا كان هذا الاختلال عميقا، فإن آثاره يمكن أن تصل إلى حد اندثار الجماعة مما يقتضي إعادة تكوينها. والسفر باتجاه الأرض يتطلب السفر باتجاه الأرض الخالية من الشر (ñomboete, yoparareko, mboyopoepi) وهو ما ساعد الشعب الغواراني على صون هويته. وينبثق التصور من نموذج نياندي ريكو (Ñande Reko) التي يمكن ترجمتها بأسلوبنا في الحياة، الذي يختلف عن أسلوب غيرنا من الإسبان والمنحدرين منهم. ويترجم أسلوب الحياة الغواراني هذا بكلمة ’’تيكوا‘‘ (tekoa) وأصلها تيكو كاتو (Teko Katu) أي ’’الحياة الطيبة الحرة‘‘. فكلمة ’’تيكو‘‘ تعني ’’الوجود، العيش، الحالة، الكيان، العرف، القانون، العادة‘‘. وفي رؤية الأرض الخالية من الشر، تشير كلمة ’’تيكو‘‘ أيضا إلى طابع المسافر([16]).
45 -  وللطريق أيضا وجود روحاني. فالتحادث وتقديم بعض أوراق الكوكا واحتساء مشروب تعبير عن الاحترام. والصحة في حد ذاتها، سواء كانت جسدية أو روحية، تتوقف أيضا على سلامة علاقاتنا مع الأرض الأم التي تقدم لنا جميع أنواع الأدوية.والأطباء ملزمون بمراجعتها من أجل انتقاء العناصر الضرورية. كل هذا لا يندرج في الإطار الديني، وإنما فقط في إطار احترام الطبيعة، وباقي الكائنات الطبيعية. فالأمر يتعلق بمعرفة كيفية تقاسم الثروات معها. والطبيعة التي تشكل الإنسانية جزءا منها تسمى باتشاماما. وحقوق باتشاماما يمكن أن تشمل، كجزء لا يتجزأ منها، حقوق الإنسانية، ومن ثم حقوق الإنسان.

         
46 -   يلاحظ في السنوات الأخيرة حدوث نقلة نوعية في ما يتعلق بالحقوق. فكثير من الأشخاص الذين لم تكن لهم في السابق حقوق معترف بها ومكفولة أصبحوا الآن يتمتعون فعليا بتلك الحقوق. وبنفس الطريقة اكتسبت بعض الكائنات غير الحية حقوقا يُهدف من ورائها إلى التنويه بأهمية حماية تلك الكائنات بقدر ما تنطوي عليه من قيمة للإنسان نفسه. وقد يكون تاريخ حقوق الإنسان([17]) نفسه بلغ مرحلة تغيرت فيها المفاهيم. وتمر بعض المفاهيم الآن بمرحلة من التحولات نتيجة لظهور أدلة، منها أدلة علمية، ترسخ المقولة الثابتة بأن العلاقة بين الطبيعة والإنسان هي علاقة وثيقة من الترابط والاعتماد المتبادل.
47 -   وقد لوحظت هذه الظاهرة منذ وقت ليس بالقصير. ففي عام 1949، في الوقت الذي بدأت فيه مسيرة القانون الدولي لحقوق الإنسان، اقترح ألدو ليوبولد مفهوم ”أخلاقيات الأرض“ بحجة أن الفرد جزء من مجتمع وأن ذلك المجتمع غير قابل للتجزئة. وكان اقتراحه محاولة لصرف الإنسان عن غزو الأرض وتحويله إلى مواطن من مواطنيها، مما يعني احترام الكائنات الأخرى التي هي جزء من هذا المجتمع الطبيعي([18]). وفي عام 1969 طرح جيمس لوفلوك ”فرضية غايا“ معتبرا كوكب الأرض كائنا واحدا تترابط جميع أجزائه، بما فيها الإنسان، لدرجة تكاد تجعلها معتمدة على بعضها مثل خلايا الجسم البشري([19]). وعلى نفس المنوال تؤكد ”الحركة الإيكولوجية المتعمقة“، التي يروج لها أرني نايس منذ عام 1973، أن جميع البشر عناصر في نظام طبيعي متكامل، وهم في نفس الوقت في حالة اعتماد متبادل مع العناصر الأخرى لذلك النظام. ولذلك فلجميع الأشياء الطبيعية الحق في الوجود بغض النظر عن قدرتها على تقرير مصيرها([20]). وتطرح ”الإيكولوجية المتعمقة“ رؤية تكاملية للكون باعتباره شبكة من العلاقات([21]). وكذلك فإن الحركة المسماة ”الإيكولوجيا الروحية“ تنتهج نهجا قائما على علاقات أوثق بين الطبيعة والكائن البشري([22]).
48 -   ويمكن اعتبار الرأي المخالف، وهو أن الطبيعة ملك للإنسان، بمثابة اختلال واضح في التفكير وفي قوانين الشعوب غير الأصلية، وإن كان ذلك الرأي هو السائد اليوم. وقد مر زمن اعتقد فيه الرجل أن بوسعه أن يملك المرأة، ومما لا شك فيه أن العلاقة بين الجنسين اليوم لا تُعتبر علاقة ملكية. وينطبق نفس الشيء على الرق الذي أُخضع له الأشخاص دون تمييز على أساس الجنس أو السن، وإنما على أساس اعتبارات عرقية مصطنعة. وهي نفس فكرة السيطرة التي لا تزال قائمة في العلاقة مع الكائنات الطبيعية من غير البشر. ويمكن التصدي لهذا الموقف انطلاقا من ثقافات مثل ثقافة الهندوس([23]). ونشهد حاليا تطورا في الثقافات البشرية كافة، بما فيها ثقافات الشعوب غير الأصلية، نظرا للضرورة الأكيدة للتوصل إلى رؤية مختلفة للعلاقة مع الطبيعة.
49 -   والنظام الحالي لتنظيم البيئة لا يحول دون تدهور المجتمعات الطبيعية والنظم الإيكولوجية أو تدميرها. وتفشل تدابير الحماية والحفظ لأنها تتصدى للآثار المضرة بالبيئة دون معالجة الأسباب. وتعامَل المجتمعات الطبيعية والنظم الإيكولوجية كأملاك خاصة أو عامة. ولا تُعتبر هذه المجتمعات أمانة عُهد بها إلى البشرية أو مُنحت وصاية عليها. ويعتبر القانون جميع العناصر غير البشرية للأرض تقريبا ”موارد طبيعية“ تستغلها البشرية، أو بالأحرى تستغلها شركات مضطرة إلى إعطاء الأولوية لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح لحملة أسهمها، ويحتل السلوك الاجتماعي المسؤول تجاه الطبيعة وتجاه البشرية نفسها مرتبة ثانوية لديها.
50 -   ونتيجة لذلك فإن الآثار البَيِّنة لتدهور الطبيعة مثل تغير المناخ لا يُنظر إليها كتجليات لنظام فاشل ويتم التصدي لها على هذا الأساس، بل كظواهر يتعين تحديدها ومعالجتها كل على حدة. إن تدهور البيئة والطبيعة هما عرضان من أعراض مشاكل شاملة لا يمكن معالجتها بنجاح دون إحداث تغييرات عميقة ليس فقط في المؤسسات بل وكذلك في الثقافات التي تستمد منها المؤسسات قدراتها وخصائصها. ويجب الالتفات بصفة خاصة إلى المسؤوليات الثقافية للدول التي ترى نفسها ملزمة بتحقيق التنمية دون هوادة عن طريق استغلال الطبيعة التي لا تعدو في نظرها مجرد مجموعة من الموارد المتاحة. وذلك ما يبرر من الناحية العملية الاعتراف بحقوق الطبيعة أو منح الطبيعة حقوقا عن طريق سن تشريعات لا تصدر عن الدولة فحسب بل وكذلك من صميم ثقافة المجتمع.
51 -  وقد برز بالفعل اتجاه جديد في ميدان الحقوق. فعلى سبيل المثال يُظهِر تطور السوابق القانونية في الولايات المتحدة ميلا كبيرا إلى قبول إجراءات إدارية أو قضائية لصالح كيانات طبيعية، أو حتى انتصاف تلك الكيانات لدى القضاء عن طريق الاستعانة بمؤسسات مسؤولة عنها([24])، وهو أمر يتسم بالأهمية في مواجهة الحجة المعتادة التي مفادها أنه لا ينبغي الاعتراف بحقوق لكيانات لا تستطيع تقرير مصيرها بذاتها أو اتخاذ إجراء باسمها للدفاع عن نفسها. وسيكون بوسع الكائنات غير الحية، وليس فقط الحيوانات، الاعتماد على مؤسسات مكلفة بالدفاع عن حقوقها([25]).
52 -   وسُتتاح للأمم المتحدة الفرصة لتحقيق تغيير في النماذج انطلاقا من الميثاق العالمي للطبيعة لعام 1982. غير أن الأمر لم يتبلور حتى الآن بالشكل المناسب. وتعترف الأمم المتحدة منذئذ بأن الإنسان نوع من الأنواع التي تتكون منها الطبيعة، وأن بقاء البشر أنفسهم يتوقف على تكافلهم مع الطبيعة، وأن لجميع أشكال الحياة قيمة أصيلة وأنها تستحق لذلك، ”مهما تكن فائدتها“، أن تعاملها البشرية بما يليق بها من احترام . وليس كون القرار الأخير بشأن الانسجام مع الطبيعة يخص بالذكر في المقام الأول الميثاق العالمي للطبيعة، وكونه منسجما مع الميثاق مباشرة، وليد الصدفة. غير أن المنهج النفعي يندس بالفعل في قرار الأمم المتحدة ذلك، الذي يشير إلى ”الفوائد المستدامة التي يمكن جنيها من الطبيعة“ بمعنى انفرادي يحقق مصالح البشرية دون تكافل وبصورة منفصلة عن الطبيعة. ولذلك فإن المتوخى من ميثاق عام 1982 كان تفادي التجاوزات ”عندما يمارس الإنسان عملية استغلال مفرطة“، لا على سلوك يستند إلى ثوابت التكافل مع الطبيعة والقيمة الأصيلة لعناصرها وأنواعها.
53 -   إن صدور إعلان بشأن حقوق أمنا الأرض من شأنه السماح بتحقيق النتائج التي فُوِّتت في عام 1982. وقد طُرح الاقتراح من وجهة نظر الشعوب الأصلية، ولا سيما شعوب الأنديز، غير أنه ثبت أن هذا المفهوم ليس غريبا عن الفئات غير الأصلية الأكثر تقبلا له، وأنه يتسق مع التطورات الحاصلة خلال السنوات الأخيرة على الصعيد الدولي وعلى صعيد الدول.

            المرفق: عناصر إعلان عالمي بشأن حقوق أمنا الأرض

        اقتراح قدمه إيفو مورالس أيما، رئيس دولة بوليفيا المتعددة القوميات، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22 نيسان/أبريل 2009، وهو اليوم الدولي الأول لأمنا الأرض.

       1 -   الحق في الحياة
        معناه الحق في الوجود، وحق كل نظام إيكولوجي، وكل نوع من أنواع الحيوان أو النبات، وكل كتلة جليدية، وكل نهر أو بحيرة، في ألا يُدمر أو يُقضى عليه نتيجة للمواقف غير المسؤولة التي يتخذها البشر. وعلينا نحن البشر أن نعترف بأن أمنا الأرض والكائنات الحية الأخرى تملك أيضا الحق في الوجود، وأن حقوقنا تنتهي حيث يبدأ التسبب في انقراض الطبيعة أو القضاء عليها.

       2 -   حق الأرض في تجديد قدراتها الإحيائية
        يجب أن تتمكن أمنا الأرض من تجديد تنوعها البيولوجي؛ ولا يجوز ممارسة أنشطة غير محدودة النطاق تمس كوكب الأرض وموارده. ولا يمكن أن تكون التنمية لانهائية، بل يحدها مدى ما للأنواع الحيوانية والنباتية والغابات ومنابع المياه والغلاف الجوي نفسه من قدرة على التجدد؛ وإذا استهلكنا نحن البشر، بل والأسوأ من ذلك، إذا أهدرنا أكثر مما تستطيع أمنا الأرض تعويضه أو تجديده، فإننا بذلك ندمر بيتنا ببطء ونخنق شيئا فشيئا كوكبنا والكائنات الحية الأخرى وأنفسنا.

       3 -   الحق في حياة نظيفة
        معناه حق أمنا الأرض في أن تحيا دون تلوث، لأن الحق في الحياة الكريمة لا يقتصر على البشر، بل يحق للأنهار والأسماك والحيوانات والأشجار والأرض نفسها في أن تعيش في بيئة صحية وخالية من السموم.

       4 -   الحق في الوئام والتوازن مع الجميع وبين الجميع
        هو حق أمنا الأرض في أن يُعترف بها كجزء من نظام نعيش فيه جميعا في حالة من الاعتماد المتبادل. وهو الحق في التعايش مع البشر بصورة متوازنة. إن الأرض مأهولة بملايين الأنواع الحية، غير أننا نحن البشر فقط الذين نملك الوعي والقدرة على التحكم في تطورنا بما يكفل الوئام مع الطبيعة.


 


    ([1]) انظر الوصلة التالية: http://www.un.org/esa/socdev/unpfii/es.
    ([2]) انظر المرفق، المادة 42 من إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية: http://www.un.org/esa/socdev/unpfii/documents/E_C_19_2009_14_es.pdf.
    ([3]) انظر دستور جمهورية إكوادور، الجزء الثاني، الفصلان الثاني والسابع، والجزء السابع. دستور دولة بوليفيا المتعددة القوميات، المادة 8-1: ”تؤمن الدولة بالمبادئ الأخلاقية التالية للمجتمع التعددي وتشجع على اتباعها: اجتناب الكسل والكذب والسرقة، وطيب العيش، والحياة المتناغمة، والأرض الخالية من الشر“.
    ([4]) انظرGiovanni Anello de Oliva, Historia del Reino y Provincias del Perú, Lima, Pontificia Universidad Católica del Perú, 1998, p. 165. Referencias ulteriores: p. 151..

    ([5]) انظرPolo de Ondegardo, Informaciones acerca de la Religión y Gobierno de los incas, Lima, Imprenta y Librería Sanmarti y Ca, p. 3. Referencias ulteriores: p. 191.
    ([6]) انظر(Blas Varela), Relación de las costumbres antiguas de los naturales del Perú, en Ministerio de Fomento de España, Tres Relaciones de Antigüedades Peruanas, Madrid, 1879, p. 146.
    ([7]) انظرRoger Rasnake, Autoridad y poder en Los Andes. Los Kuraqkuna de Yura. La Paz, Hisbol, 1989; Tom Zuidema, Reyes y Guerreros. Ensayos de cultura andina, Lima, Fomciencias, 1989; Nathan Wachtel, El regreso de los antepasados. Los indios urus de Bolivia, del siglo XX al XVI, México, Fondo de Cultura Económica, 2001.
    ([8]) انظر José de Acosta, Historia Natural y Moral de las Indias, Dastin, Madrid, 2002, p. 308. Referencias ulteriores: p. 304.
    ([9]) انظر (Ludovico Bertonio, Vocabulario de la lengva Aymara (1612), (La Paz, Musef, 1984), p. 242. Referencias ulteriores: pp. 208 y 242).
   ([10]) انظر (Fernando de Santillán, Relación del origen, descendencia, política y gobierno de los incas, en Ministerio de Fomento, España, Tres Relaciones de Antigüedades Peruanas (Madrid, 1879), p. 31. Referencias ulteriores: pp. 30-35.).
   ([11]) انظر (Denuncia que hace don Juan Tocas principal y fiscal mayor de la doctrina de San Pedro de Ticllos contra Alonso Ricari principal y camachico del Pueblos de Otuco anexo de la doctrina de San Pedro de Hacas, en Peirre Duviols, Procesos y visitas de idolatrías. Cajatambo (siglo XVII) (Lima, PUCE, 2003)).
   ([12]) في الدعوى المرفوعة على زعماء القبائل وقادة شعب سان فرانسيسكو دي أوتوكو في القرن السابع عشر في كتاب (Procesos y visitas de idolatrías)، المرجع أعلاه.
   ([13]) انظر (: Felipe Guaman Poma de Ayala, Nueva Corónica y Buenhttp://www.kb.dk/permalink/2006/poma/info/es/frontpage.htmGobierno (1615) ).
   ([14]) انظر (http://siteresources.worldbank.org/intlacinspanish/Resources/5_2_conflictos_Radovich_ppt_es.pdf Juan Carlos Radovich et al. La Etnicidad Mapuche en un contextos de relocalización: el caso de Pilquiniyeu del Limay.).
    ([15]) انظر (:Centro de Mediación, http://www.cejamericas.org/doc/documentos/4_med_polsocial_4_pkrause_rparada.pdf Temuco, Mediación entre Machis: Experiencia para validar una propuesta de diseño en mediación mapuche.).
   ([16]) انظر  (La Paz, CIPCA 1988)) Ñande reko, nuestro modo de ser y bibliografía general comentada Bartomeu Meliá,).
       * يعرب معدَّا هذا التقرير عن امتنانهما لغابرييلا رييس على ما قدمته من مساعدة في إعداد هذا الجزء من التقرير.
   ([17]) انظر Christopher D. Stone, Should Trees Have Standing? Law, Morality and the Environment (New York, Oxford University Press, 2010).
   ([18]) انظر http://132.248.62.51/sv/sv/2007/agosto/aldoleopold.pdf Víctor Manuel Casas Pérez, Aldo Leopold: La Ética de la Tierra. Aldo Leopold Nature Center: http://www.naturenet.com/alnc/aldo.html.
   ([19]) انظرJames Lovelock, The Revenge of Gaia: Earth’s Climate Crisis and the Fate of Humanity (New York, Basic Books, 2006).
   ([20]) انظر The Selected Works of Arne Naess (New York, Springer, 2005).
   ([21]) انظرFritjof Capra, La trama de la vida. Una nueva perspectiva de los sistemas vivos (Barcelona, Anagrama, 1998).
   ([22]) انظرThomas Berry, The Sacred Universe: Earth, Spirituality and Religion in the Twenty-First Century (New York, Columbia University Press, 2009).
   ([23]) انظر Satish Kumar, Spiritual Compass: The Three Qualities of Life (Totnes, Green Books, 2007).
   ([24]) انظرhttp://supreme.justia.com/us/405/727/case.html: Sierra Club v. Morton, 1972, voto particular de William O. Douglas; http://www.supremecourtus.gov/opinions/06pdf/05-1120.pdf: Massachusetts et al. v. Environment Protection Agency et al.
   ([25]) انظر الموقع http://www.animallaw.info/cases/topiccases/catoesa.htm وهو الموقع الشبكي لمركز الشؤون القانونية والتاريخية للحيوانات (Animal Legal and Historical Center) في كلية الحقوق بجامعة ولاية ميتشغن، ويتضمن الموقع حالات أخرى معبرة عن هذا الواقع.

 [Start1]<<ODS JOB NO>>N1021124A<<ODS JOB NO>>
<<ODS DOC SYMBOL1>>E/C.19/2010/4<<ODS DOC SYMBOL1>>
<<ODS DOC SYMBOL2>><<ODS DOC SYMBOL2>>

Post a Comment

Previous Post Next Post