أهمية الدور الذي تلعبه
وسائل الإعلام الاجتماعي
جاءت مواقع التواصل الاجتماعي
، أو ما أصطلح على تسميته بالإعلام الاجتماعي لتشكل طفرة تحررية ونوعية، أثارت
جدلاً واسعاً بين المهتمين وصنّاع القرار، حول هذا النوع من أدوات الاتصال
الجماهيري، وقدرتها على التأثير في المجتمعات العربية، كما أن هذه المواقع أصبحت
تمثل مجالاً عاماً يتيح حيزاً أعلى من التفاعلية، مما يجعلها وسيلة ملائمة لدراسة
التعبيرات السياسية والاجتماعية، لذلك فإن أهمية هذه الدراسة تكمن في ارتباطها
بالفعاليات الاجتماعية والسياسية التي شهدها المجتمع المصري في الآونة الأخيرة والتي
أفرزت تغيرات مهمة في بنية النظام السياسي
المصري وحركة القوى الاجتماعية والسياسية داخله ، وأساليب تفاعل القوى والشرائح الاجتماعية
مع هذه الفعاليات . وتزداد أهمية هذه الدراسة لكونها تعكس آراء شريحة اجتماعية مهمة
كان لها دوراً مهماً وفاعلاً في التأثير على ميكانزمات الحراك السياسي في مصر ،
ممثلة في المصريين بالخارج لا سيما أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الذين يأتون في
مقدمة الشرائح والاتجاهات والتيارات، التي تتصدى للقضايا الوطنية، لا سيما قضية التغير
السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
برزت أهمية الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام الاجتماعي
في التأثير في الحياة السياسية في الآونة الأخيرة ، في العديد من المجتمعات
ولاسيما المجتمعات العربية . حيث ساعدت هذه المنظومة الجديدة من الإعلام في بناء أفراد يمتلكون مستويات عالية من الوعي الاجتماعي
والسياسي . (عبد الرزاق والساموك، 2011، ص57)، هذا إلى جانب دورها على الصعيد الاجتماعي،
ومساهمتها في تطوير الوضع الاجتماعي، وتجاوز النماذج الجاهزة والقوالب الجامدة
بشكل تدريجي في العلاقات الاجتماعية، دون أن يؤدي ذلك إلى اهتزاز البنية الاجتماعية
وإحداث شروخ فيها (زكريا، 2009، ص 935).
وقد ساهمت التطورات
المتلاحقة في شبكة الإنترنت في إيجاد شكل جديد من الإعلام ، تعددت تصنيفاته ومسمياته لدى المهتمين
والمختصين الإعلاميين، الذين أطلقوا عليه الإعلام الاجتماعي أو الإعلام الجديد، أو الإعلام البديل، الذي يشمل الشبكات الاجتماعية
الافتراضية، والمدونات، والمنتديات الإلكترونية والمجموعات البريدية، وغيرها من
الأشكال والأنواع المتعددة.
لقد أحدثت مواقع
التواصل الاجتماعي تطوراً كبيراً ليس فقط في تاريخ الإعلام ، وإنما في حياة الأفراد على المستوى الشخصي والاجتماعي
والسياسي، وجاءت لتشكل عالماً افتراضياً يفتح المجال على مصراعيه للأفراد
والتجمعات والتنظيمات بمختلف أنواعها، لإبداء آرائهم ومواقفهم في القضايا
والموضوعات التي تهمهم بحرية غير مسبوقــة (حسن،2009، ص ص 478 – 479)، واستطاعت
هذه المواقع أن تمد المواطنين بقنوات جديدة للمشاركة في الأنشطة السياسية، الأمر
الذي يجعل من السياسة شأناً عاماً يمارسه معظم أفراد الشعب دون أن يكون مقتصراً
على فئات دون أخرى، وذلك لأن هذه المواقع تشجع الأفراد غير الناشطين أو الفاعلين
سياسياً على المشاركة في الفعاليات السياسية، بحيث يمكن القول أنها يمكن أن تكون
صوتاً سياسياً للمواطن العادي وغير العادي.
وتكمن إيجابيات الإعلام
الاجتماعي في سرعة الاتصال، والقيمة المعلوماتية، وضمان وصولها، وتحقيق التفاعل
معها، وليس كونه إعلاماً مرسلاً من جانب واحد، مما خلق مساواة داخل المجتمع في الاتصال
(عبد القوي، 2009، ص 1552).
وقد ساهم الإعلام الاجتماعي
في الآونة الأخيرة في جذب الأنظار بعد تفجيره العديد من القضايا التي أثارت الرأي
العام، فتداول الأخبار والصور ذات التوجه السياسي عبر وسائل الإعلام الجديدة، أرغم
بعض الحكومات على اتخاذ قرارات، أو التراجع عن قرارات، بسبب الاحتجاج الجماهيري
الواسع.
ومن جانب آخر، فقد دخلت
الأقطار العربية مرحلة جديدة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، مع ارتفاع الأصوات
المطالبة بالتغيير في مناطق عدة من أرجاء الوطن العربي، واستخدام الشباب المطالبين
بالتغيير لوسائل حديثة للتواصل والتنسيق فيما بينهم، وفي مقدمتها شبكات التواصل الاجتماعي
كالفيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها.
وارتبطت موجة الاحتجاجات والثورات التي اجتاحت
المنطقة العربية مطالبة بالتغيير، من قبل شريحة الشباب، بصعود نجم شبكات التواصل الاجتماعي،
وغيرها من شبكات التواصل الافتراضية، والتي وجد فيها الشـباب العربي منفذاً
للتعبير عن آمالهم وطموحاتهم ورغباتهم في التغيير، حتى غدت بمثابة محرك فاعل ومؤثر
في الثورات والمظاهرات والأحداث التي شهدتها المنطقة العربية .
ويشير البعض إلى أن هذه
المواقع لعبت دوراً في المظاهرات الاحتجاجية التي وقعت في المنطقة العربية، بحيث
أصبح البعض منها كموقع (الفيسبوك) مركزاً للمعارضة، يتم من خلاله التواصل بين
منتسبي الأحزاب السياسية والناشطين سياسياً، للتنسيق فيما بينهم سياسياً، وتنظيم
الفعاليات السياسية المعبرة عن توجهاتهم . (القرني، 2011، ص87)
وفي إطار ذلك أثار الإعلام
الاجتماعي تساؤلات كثيرة عن الدور الذي لعبته وسائل الإعلام الاجتماعي
والشبكات الافتراضية في ثورات (الربيع
العربي) التي شهدتها عدد من الدول العربية، وأصبحت تشكل هاجساً لإثارة مزيد من الاحتجاجات
والثورات في دول أخرى، نظراً لاستخدامها في الدعوة إلى الاحتجاجات والاعتصامات
ونقل معلومات المظاهرات.
وعلى صعيد المجتمع المصري
تنامت قوة تأثير منظومة الإعلام الاجتماعي
إبان ثورة 25 يناير وما تلاها من أحداث اجتماعية وسياسية شهدها المجتمع المصري
وأثرت بطريقة مباشرة وغير مباشرة على حالة الوعي الاجتماعي والسياسي للعديد من
الشرائح الاجتماعية والطبقية في المجتمع .
وفى الواقع إذا كان
تفاعل القوى والشرائح الاجتماعية داخل المجتمع المصري مع فعاليات الثورة والأحداث السياسية المهمة التي
تلتها واضحا وملموساً ، فأن تفاعل المصريين بالخارج مع هذه الأحداث والفعاليات لم
يقل في تأثيره وأهميته عن تفاعل القوى الاجتماعية داخل المجتمع ، ولعل الفضل في
ذلك يعود إلى الدور المهم والفعال الذي لعبته وسائل الإعلام الاجتماعي
في إتاحة الفرصة للمصريين بالخارج للتواصل والتفاعل المؤثر مع قضايا الوطن
وتحدياته لاسيما في مرحلة من أهم مراحل التحول الاجتماعي والسياسي التي شهدها
المجتمع المصري في تاريخه الحديث والمعاصر .
إرسال تعليق