الأنسجة الرخوة
من النادر للغاية الاحتفاظ بالأنسجة الرخوة للكائنات المتحجرة، ولا يحدث هذا إلا في
ظلِّ ظروف حفظٍ استثنائية؛ لذا طوَّرَ علماء الحفريات أساليبَ لفكِّ شفرة الأدلة المتعلقة
بهذا النوع من التكوين الحيوي للديناصورات، بطريقة مباشِرة وغير مباشِرة على حدٍّ
سواء.
أعلن لويس دولو عن وجود قِطَع صغيرة من آثار الجلد على أجزاء من الهياكل
وضعية » العظمية للإجواندون، وقد عُرِض عددٌ من الهياكل المُكتشَفة في برنيسارت
في
وهو الانحناء ؛« التيبُّس الموتي » مع انقباض عضلات الرقبة القوية، في أثناء « الوفاة
الشديد للرقبة واتجاه الرأس إلى الأعلى وإلى الخلف. ويشير الاحتفاظ بهذه الوضعية
طوال الفترة بين الوفاة وعملية الدفن النهائية إلى تصلُّب جثة الحيوان وجفافها. وفي ظل
هذه الظروف، فإن جلد هذه الحيوانات القاسي الملمس، الرقيق السُّمْك، قد كوَّنَ سطحًا
صلبًا شكَّلت عليه حبيباتُ الطمي الناعمة قالبًا في أثناء عملية الدفن، وإذا ضُغِطت
رواسبُ الدفن بما يكفي لتحتفظ بشكلها، قبلَ التعفُّن الحتمي لأنسجة الديناصور
العضوية واختفائها، فإن آثار ملمس سطح الجلد ستظلُّ باقيةً في الرواسب (تمامًا كما
يحدث في قوالب الطمي البسيطة).
تأكَّدت تلك التوقُّعات في حالة الإجواندون من خلال ملمس آثار الجلد المحفوظة؛
فقد أظهرت غطاءً مَرِنًا من الحراشف الصغيرة، التي تشبه تمامًا في شكلها الحراشفَ
ومن الواضح أن اختفاء - الموجودة على جلد السحالي في العصر الحديث (
النسيج الأصلي يعني اختفاءَ أي آثار لصبغات الجلد منذ وقت طويل.
سنتيمترات !
6: بالإضافة إلى الخطوات المفصَّلة التي لا بد من إجرائها لوصف عظام الهيكل
العظمي للديناصور فحسب، من المحتمَل أيضًا التركيز على أجزاء معينة من الجسم،
خاصةً الوركين والكتفين والرأس، من أجل العثور على أدلة تتعلَّق بترتيب عضلاته؛
والسبب في هذا أنه في أماكنِ التصاقِ العضلات والأوتار بسطح العظام، تتكوَّن عادةً
علاماتٌ دالة على السطح، مثل حوافَّ عظمية مرتفعة أو ندبات عضلية مجوَّفة. من
المذهل أن عظام الهيكل مادة لدنة؛ فلا بد أن يتغيَّر شكلُ العظام مع نمو الجسم، أو إذا
كان لا بد من إصلاح العظام لنفسها عقب إصابتها بأذًى، كالتعرُّض لكسر مثلًا. وقد
يكون الأمر الأقل وضوحًا هو أنه عندما يكتمل نموُّ الجسم تستمر عظامه في تغيير شكلها
استجابةً لأنماط الضغط والجهد الدائمة التغيُّر؛ فعلى سبيل المثال: تترسب لدى الإنسان
الذي يتدرَّب على حمل الأثقال عظامٌ هيكلية إضافية لتواكِبَ الحملَ الزائد، خاصةً إذا
استمرَّ هذا النظامُ التدريبي لوقت طويل.
في أماكن معينة في الجسم — حيث تمارِس العضلاتُ ضغطًا على الهيكل العظمي
— تكون الندبات على العظام مميزةً إلى حدٍّ كبير، حتى في الحفريات؛ ويكوِّن هذا خريطة
7). تعتمد عمليات
إعادة - واضحة تسمح بإعادة بناء الجهاز العضلي الأصلي (
البناء هذه على ترتيبات عضلية معروفة شُوهِدت في حيوانات حية ذات صلة، وتُعدَّل وفقًا
لتفهُّم الاختلافات التشريحية أو الحقائق الجديدة التي ظهرت في حفريات الحيوانات
المدروسة.
أحد الأساليب المستخدمة في محاولة فهم الجهاز العضلي للإجواندون — على الرغم
من عدم اتِّصافه بالمثالية من الناحية العلمية — تمثَّلَ في استخدام المعلومات المتعلِّقة
بنوعين من أقرب الأنواع الحيةصلةً بالديناصورات، هما: الطيور والتماسيح. من الواضح
أن هذين النوعين من الحيوانات لا يعبِّران بدقةٍ على الإطلاق عن تشريح الإجواندون؛
فالطيور معدَّلةٌ إلى حدٍّ كبير للطيران، وليست لديها أسنانٌ، وذيلها صغير، وتتمتَّع
بعضلات معدَّلة على نحوٍ فريدٍ في منطقة الأرداف وفي الأرجل. أما التماسيح، على الرغم
71
الديناصورات
من أنها أقرب إلى شكل الزواحف التقليدي، فإنها حيوانات مائية مفترسة متخصِّصة
إلى حدٍّ بعيد. وعلى الرغم من هذه المشكلات الحقيقية، فإن كلا النوعين يقدِّم إطارَ عملٍ
لتقديم — « تطوُّر السلالات بمقارَنة المنقرِض بالحالي » أو نموذجًا عامٍّا — يُعرَف باسم
نموذج أعُِيد بناؤه يمكن استكماله بتفاصيل أفضل عن تشريح الإجواندون.
تحتوي إعادة البناء الأخيرة هذه على أدلة عامة من التكوين الجسماني الإجمالي
(شكل العظام وتنسيقها) للهيكل العظمي أو الجمجمة، وتأثير هذه الأمور على توزيع
العضلات ووظيفتها. لا بد أن تفسِّر أيضًا هذه النماذجُ المعاد بناؤها عواملَ مثل الطريقة
المقترحة للحركة؛ على سبيل المثال: تفاصيل المفاصل الموجودة بين عظام الأطراف، وتقييم
الآليات البسيطة المرتبطة بوضع الأطراف ونطاق حركتها المتاح في كل مفصل طرفي، وفي
بعض الحالات الأدلة الفعلية التي تتركها الديناصورات في شكل آثار متحجِّرة تشير إلى
الطريقة التي كانت تتحرَّك بها فعليٍّا عندما كانت على قيد الحياة.
إرسال تعليق