مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت الميزة الطاغية على جميع ميادين الحياة، حيث ساهمت بعض الخصائص التي توفرها هذه المواقع على نجاحها و توسع انتشارها كشبكة الفيسبوك، وقد رشحت هذه الميزات التي تتميز بها إلى أن ترقى إلى مصاف وسائط للتنشئة الاجتماعية، و عليه يجب توجيه مستخدميها نحو الاستخدام الأمثل لها و كيفية تفعيلها و الاستفادة منها.
 اسباب دوافع انتشار ظهور مواقع شبكات التواصل الاجتماعي
 النظريات المفسرة لمواقع التواصل الاجتماعي
توجد عدة دراسات قد أشارت لضياع مفهوم المجتمع المحلي أو الواقعي في تحولات التحديث للمجتمعات البشرية، و بخاصة الدراسات التي ظهرت على يد كل من ماركس و دوركايم أو غيرهما، وذلك بناءا على تحليلات علم الاجتماع التقليدي classical sociology الأمر الذي تفاقم في مظاهر التحول و الانتقال إلى مجتمعات ما بعد الحداثة كما يقول فوستر 1973 إن علم الاجتماع جورج هيلري بعد فحصه لنحو 94 تعريفا سيسيولوجيا و إخضاعها للتحليل الكيفي و الكمي و استخلاصه لهذا التعريف على أنه "مجموعة من الناس يشتكون في تفاعل اجتماعي و بغض الروابط المشتركة بينهم، و يشتركون في الوقت في مساحة ما على الأقل لبعض الوقت.[1]
إذن تجد في هذا التعريف خمس عناصر أساسية لتشكل المجتمع المحلي و المتمثلة في المجتمع: التفاعل، الروابط، المكان، الزمان.
و عليه فإن التمثيل الرقمي لحركة شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنيت و الويب تحديدا أصبح يحوي مختلف الظواهر الاجتماعية بشكل الكتروني شاملا بذلك التفاعل الاجتماعي برمته على مستوى الأفراد و الجماعات و المنظمات و أيضا المنتجات المعرفية و الخدمية بأنواعها و الاتصال و النماذج البنائية للمجتمعات الافتراضية التي أصبحت جميعها تتمثل بشكل رقمي مجرد على الشبكة.
1.7.3. النظرية البنائية:
و هي مقاربة اجتماعية تبحث عن عولمة العلاقات الاجتماعية و شبكات التواصل الاجتماعي حسب هذا الاتجاه هي مجموعة من العلاقات التي يكونها مجموعة من الأفراد و تكون ذات نمط خاص و نوعي على سبيل المثال (التعاون، النصح، الرقابة) بين مجموعة من الفاعلين، وعليه فإن تحليل هذه الشبكات يقوم على منهجية لوصف عولمة البناء العلائقي لهذا المجتمع.
فمواقع التواصل الاجتماعي قد جعلت علاقات الأفراد أكثر تداخلا و اعتماد بعضها على بعض مما كان عليه الأمر في الماضي، حيث أصبح كل فرد يعيش في الساحة الخلفية للآخر، فشبكة الترابط و نقاط الوصل الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية التي تتقاطع خطوطها وتتجاوز الحدود تؤثر تأثيرا حاسما على الأفراد المشاركين فيها، فنحن نعيش اليوم في عالم تزايد فيه اعتمادنا المتبادل مع الآخرين حتى لو كانت الأطراف الأخرى في هذا التشابك المتبادل تعيش على بعد آلاف الأميال منا.
1.7.1.                       نظرية الحلقة الاجتماعية:
"هي مقاربة تقوم على وصف و ربط الشبكات من خلال صفات و سمات داخلية (داخل الشبكة) "[2] .
فمواقع التواصل الاجتماعي وفق هذه النظرية هو تفاعل مجموع المستخدمين لهذه الشبكة  مع بعضهم وفق رموز و شفرات معينة، قواعد و تمثلات توفرها لهم هذه المواقع ما ينجم عنه نظام معرفي داخلي خاص بهذه الأخيرة.
فالتفاعلات الاجتماعية في مواقع التواصل الاجتماعي هي إطار مترابط العناصر من الأغراض و الأهداف و الحاجات المشتركة بين الأعضاء، و أيضا اللوائح و القواعد والسياسات المتبعة و الأنماط التي تفرز من خلال هذه التفاعلات بما يدعم الثقافة المشكلة، سواء أكانت في أصولها لدى المشاركين أو إفرازاتها من جراء التفاعلات الجديدة في هذه البيئة العلائقية التي تكونت في المجتمع الافتراضي.
حيث تتعمق الحلقات الاجتماعية بثلاث سمات وهي:
- التماسك الداخلي و الذي يمثل قوة العلاقات بين الأفراد و الأعضاء المشكلين للحلقة الاجتماعية.
- الهوية التي تميز حلقة اجتماعية عن الأخرى.
- تكامل الأدوار بين الأعضاء المشكلين لهذه الحلقة أو هذا التشابك الاجتماعي كما أن الأفراد قد ينتمون لعدة شبكات اجتماعية أو لحلقات اجتماعية.
3.7.3. نظرية الشبكة الاجتماعية:
" هي نظرية تتناول بالفحص و الكشف و الدرس نماذج و خصائص الروابط الاجتماعية و علاقاتها بحياة الأفراد و المنظمة الاجتماعية".[3]
وتستخدم هذه النظرية إطار الدراسة كيف يرتبط الناس بعضهم ببعض، من خلال أواسط شبكات الحواسيب و تتضمن هذه الخصائص تركيب الشبكات، و حجم الشبكات، و مدى الشبكة والتردد الاتصالي بين الناس و كثافة الروابط المتبادلة بين الأشخاص و خصائص الأعضاء و تاريخ الشبكة و المورد المتاح للشبكة كما أشار إلى ذلك ويهان و فرانك.
4.7.3. نظرية رأس المال الاجتماعي الافتراضي:
لقد ترادف مع ظهور الثورة الاتصالية المعلوماتية  ثورة مناظرة في المفاهيم منها الانترنيت و خصوصا مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أعادت هذه الأخيرة التشكلات التفاعلية التي ظهرت في إطار ما يمكن تسميته بإعادة المفاهيم على نحو افتراضي، ومن هذه المفاهيم رأس المال الاجتماعي في سياقه الافتراضي.
فهذه النظرية ترى أن رأس المال الاجتماعي على الصعيد الافتراضي يتأسس بناء على شبكة من الارتباطات بين أفراد التفاعلات الافتراضية المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أن المجال الافتراضي يتأسس عبر تفاعلات الانترنيت التي تشكل آلية التواصل لتحقيق رأس المال الاجتماعي الافتراضي،" وذلك عبر عدة من الخصال و السمات طرحها بلا تشرد و هوزه و هي التبادل المعلوماتي و الدعم الاجتماعي".[4] فأما الأولى فيقصدان بها المجال الذي يساهم في حل المعضلات ذات الأبعاد التقنية و الاجتماعية، في حين أن العنصر الثاني و يعنيان به الدعم الذي يستفيد به الفرد من خلال امتلاكه شبكة من العلاقات عبر تفاعلات المجتمع الافترضي.
فقوة رأس المال الافتراضي مستمدة من شبكة العلاقات التي تتم في رحاب الانترنيت أو بالاحرى في شبكات التواصل الاجتماعي، والتي تقوم على المصالح المتجانسة و التي يمكن الاستفادة منها في تحقيق مصالح متبادلة بين الأعضاء من ذوي الاهتمامات الواحدة، وتجدر الاشارة إلى أن تفاعلات  المجتمع الافتراضي –مواقع التواصل الاجتماعي – لا ترتبط بوقت معين و هذا يعطي رصيد اكبر لشبكة العلاقات .
فعنصر العلاقات المتبادلة و تكامل الاهتمامات المشتركة بين الأفراد في هذه الشبكة عوامل تساهم في تشكيل رأس المال الافتراضي في شبكات التواصل الاجتماعي التي من الممكن تشكيل منافع للأفراد و الجماعات.



[1]  علي محمد رحومة: علم الاجتماع الآلي ، عالم المعرفة، الكويت، ب-ط،2008 ،ص 64.
[2] Alain degenne et michel forse : les reseaux sociaux une analyse structurale en sociologie. Armand colin. Paris.1994.p 213.
[3]  علي محمد رحومة:مرجع سابق،ص 108.
[4]  وليد رشاد زكي: رأس المال الاجتماعي بين السياق الواقعي و الافتراضي
http://www.accronline.com/articledeetail.aspx?id :8793,2013/4/16/h19 :30.

Post a Comment

Previous Post Next Post