القياس والتقويم
القياس والتقويم هما البحث العلمي أو الموضوعي في نتائج
العملية التربوية في ضوء الأهداف التربوية المتبناة؛ للوقوف على درجة حصول
التغييرات في السلوك أو الأوضاع، ثم تقييم هذه التغييرات استنادًا إلى قِيَم ممثلة
في الأهداف التي تحققت.
ولقد كان التقويم في التربية الحديثة قبل القرن العشرين لا
يأخذ في اعتباره النتائج العملية للتربية؛ لأن منهاج الدراسة كان يسبغ صفة الكمال
على المادة الدراسية
ولا يتناولها بالتحليل، وإنما يقتصر على امتحان قدرة الطالب
على استظهارها، وإذا لم يستطع الطلبة هذا الاستظهار فإن اللوم يُوَجَّه إليهم
وحدهم، وتعزى أسباب الفشل إلى أشخاصهم وأساليب دراستهم.
وفي الوقت الحاضر أخذ مفهوم التقويم يشمل كلَّ مكونات
النظرية التربوية، ابتداء من الأصول التربوية، ومرورًا بالفلسفة والأهداف التربوية
والمؤسسات والمناهج والأساليب، حتى ينتهي التقويم بالتقويم نفسه، وصار معيار
النجاح مقدار ما تحقق من المعادلات العملية للأهداف، وليس مقدار ما استظهره الطالب
من مادة دراسية.
الحياة في القرن القادم سوف تقوم على الأسس التالية:
1- الحاجة الماسَّة إلى اعتماد العلم والأساليب العلمية على
المستويين: الرسمي والشعبي، على حدٍّ سواء.
2- انتهاء دور العالِم الفرد، وضرورة بروز مؤسسات المتخصصين
من العلماء.
3- عجْز مؤسسة العلماء المختصين المفردة ما لم تتكامل مع
بقية المؤسسات العلمية في ميادين التخصصات الأخرى.
4-
عدم فاعلية المؤسسات العلمية مجتمِعة ما لم تتكامل مع المؤسسات التطبيقية في مختلف
ميادين الحياة، والعكس بالعكس.
5-
عدم فاعلية المؤسسات العلمية والمؤسسات التطبيقية مجتمِعة، ما لم يوجه أنشطتها
نظرية تربوية واعية تهيِّئ لجميع هذه المؤسسات أن تتكامل وتعمل في دائرة تتكامل
فيها (علوم غايات الحياة)، التي توفرها العلوم الدينية والإنسانية والاجتماعية مع
(علوم وسائل الحياة)، التي توفرها العلوم التطبيقية والتكنولوجيا.
والمجتمعات التي تعجز عن بَلْوَرة هذه الأسس الخمسة ووضْعها
موضع التطبيق سوف تظلُّ حبيسة القلق والاضطراب، أمَّا المجتمعات التي تتجاهلها
وتظلُّ متخلِّفة عنها، فسوف تخرج من مسار التاريخ الإنساني وتدفن في مدافنه وخرائب
آثاره.
Post a Comment