الإجراءات المتعلقة بخفض إصدار غازات
الدفيئة في قطاع الطاقة
أ- برامج تتعلق بالسوق:
تغير البرامج
المتعلقة بالسوق السعر النسبي لأنشطة الطاقة المختلفة مباشرة. وفي سوق حر وبوجود
ضريبة على الإصدار أو نظام لمقايضة الكربون، يخفض المنتجون إصداراتهم إلى المستوى
الذي تصبح فيه كلفة التحكم تساوي ضريبة الإصدار، أو ثمن المقايضة بالكربون. وتشجع
كلتا الآليتين الكفاءة الديناميكية (المتمثلة بتخفيض الكلفة على المدى الطويل
عندما تكون عوامل الإنتاج متغيرة وقد تحفز التغير التقني) لأن كل واحدة منهما تقدم
حافزاً للبحث والتطوير في تقانات تخفيض الإصدار. إن كلفة ضرائب الإصدار معروفة، لكن
حجم التخفيض غير معروف. و ينعكس هذا الوضع بالنسبة لحصص الإصدارات المحددة.
ب- تقليص الدعم الدائم:
يقدم الدعم الدائم في قطاع الطاقة
إشارات غير صحيحة للمنتجين والمستهلكين على السواء، وقد يؤدي على أسعار أقل من
الكلف الحقيقية. ويخلق الدعم لتقانات موجودة عوائق سوقية مصطنعة، أمام دخول تقانات
جديدة. ولذا فإن تبني تسعير يعتمد على الكلفة الإضافية، وتقليص الدعم أو إلغاؤه،
يسمح للتقانات الجديدة بالدخول إلى السوق. ويكلف الدعم أموالاً ضخمة يمكن أن تصرف
في البحث والتطوير وتحسين كفاءة الطاقة. وتستفيد الطاقة التقليدية من دعم يقدر بـ
300 بليون دولار في العالم. ولا يعني إلغاء الدعم عدم تقديم حوافز مالية لدخول
تقانات جديدة، مثل الطاقات المتجددة أو الطاقة النووية أو تقانة الفحم الحجري
النظيفة. وعلى سبيل المثال، فإن اعتماد سعر مضمون للمنتجين المستقلين المستخدمين
لتقانات منخفضة الإصدار، سيساعد في تقليص أخطار استخدام تقانات غير مكتملة.
ج- تسعير خدمات الطاقة على أساس
الكلف الكاملة
لا يوجد اتفاق على تقدير الكلف
الخارجية (الكلف الاجتماعية) لإنتاج الطاقة واستهلاكها. وإذا تم التوصل إلى اتفاق
حولها، فسوف تساهم في تقرير التقانات الملائمة على قدم المساواة. ولا تدخل
التكاليف الخارجية عادة في سعر السوق. وتشمل هذه الكلف مواضيع مثل الأمراض
والوفيات، والضرر البيئي، والتأثير على تغير المناخ، وفرص العمل والمنافسة وغيرها.
وسوف يطور إدخال التكاليف الخارجية تنافسية استخدامات الطاقة ذات الإصدارات الأقل.
وبما أن التكاليف الخارجية للتقانات الحالية والجديدة غير معروفة، ومن المتوقع
اختلافها بشكل كبير بين الدول والمناطق، فإن تبني هذه السياسة قد يؤثر سلباً على
التنافسية العالمية على المدى القصير. ولذا فقد تكون هناك ضرورة لعقد اتفاقات
دولية للتغلب على مسألة التنافسية.
د- مقايضة حصص الإصدارات وتراخيصها:
تتضمن الإجراءات الأخرى تحديد حصص
للإصدارات، وإصدار تراخيص إصدارات قابلة للمقايضة. ويمكن لتطبيق مبدأ الحصص أن
يطور الأنشطة المشتركة عالمياً، والتي يمكن أن تدخل التقانات والتمويل إلى الدول
النامية، وتساعد في تنفيذ استراتيجيات الكلفة الدنيا على المستوى العالمي.
هـ
المساعدة المالية
يقف نقص التمويل في الدول النامية
عائقاً كبيراً أمام تنفيذ خيارات التخفيف.
وإذا كان لمشروع ما تكاليف تشغيل وإصدارات أقل، لكن تكاليفه الثابتة أعلى من
البدائل الأخرى، فقد لا يجذب التمويل اللازم له. وإضافة لذلك تتنافس تقانات تزويد
الطاقة واستخدامها مع متطلبات التنمية الأخرى على الأموال النادرة. ومع ذلك فإن
العديد من خيارات التخفيف تشمل إنتاج تقانات محلية وتخلق بنى تحتية جديدة وفرصاً
للعمل. وفي المناطق الريفية بشكل خاص، قد تساعد التقانات اللامركزية على تحقيق
أهداف التنمية. وحتى في الدول المتقدمة فقد يعطي رأس المال لتمويل نظم أقل إصداراً
لغازات الدفيئة، عوائد أقل من فرص الاستثمار الأخرى.
و- إجراءات تنظيمية
استخدم التوجه التقليدي لسياسات البيئة في عدد من الدول، معايير قياسية (مبنية
على التقانة أو الأداء)، وإنفاق الحكومة المباشر على مشاريع لتحسين البيئة. ومثل
حوافز السوق، فإن أولى هذه الاستراتيجيات هي أن على الملوث أن يتكفل بإزالة التلوث.
والثانية هي أن تنفق الدولة الموارد لتحسين نوعية البيئة. وتبرز هاتان
الإستراتيجيتان أيضاً في الإجراءات المقترحة لمعالجة تغير المناخ. وتفيد المعايير
والمواصفات في التقدير المسبق لتأثير الإجراءات على إصدار غازات الدفيئة كأولولية.
لكن المشكلة هي أن الكلفة غير معروفة، وقد
تكون أعلى من آلية السوق. ويمكن لمعيار الأداء في بعض الحالات، أن يقدم
حوافز أكبر أو اقل لتبني تقانات من نظام ترخيص، من السوق. وكمثال على ذلك نظام
الطاقة في الولايات المتحدة لعام 1978 الذي يلزم مزودي الشبكة الكهربائية بشراء
الطاقة من منتجين مستقلين، مما شجع وجود سوق تنافسي غير مركزي. وبذلك أصبح توليد
الكهرباء على المستوى المتوسط والصغير من الغاز أو الكتلة الحيوية شائعاً. لقد
ساهمت هذه السياسة في إدخال أكثر من 10000ميغا وات كهرباء من الطاقة المتجددة إلى الشبكة.
ز- اتفاقات طوعية:
تشير الاتفاقات الطوعية إلى التصرفات
التي يقوم بها المشاركون لمصلحتهم الذاتية، والتي تباركها الحكومة لتخفيض
الإصدارات. تعتبر مثل هذه الاتفاقات في عدد من الدول المتقدمة على أنها إجراء مرن.
تأخذ الاتفاقات أشكالاً متعددة على المستوى الوطني والدولي، ويمكن أن تتضمن
اتفاقات تحتوي أهدافاً وأداء وتعاوناً في البحث والتطوير، وتبادلاً للمعلومات،
وإجراءات تتخذ بالمشاركة. وقد تقوم الشركات ذات النظرة البعيدة، باتخاذ إجراءات
للتحكم بالإصدارات، إذا خشيت من وضع قيود إلزامية في غياب التخفيض الطوعي. وقد
يفسر هذا نشوء اتفاقات طوعية لإدارة الطاقة محلياً. وتأتي معظم إجراءات تخفيض
الإصدارات من مبادرات طوعية، لزيادة كفاءة تحويل الطاقة.
ح- البحث والتطوير والإيضاح:
هناك حاجة لقدر كبير من الابتكار في
قطاع الطاقة كشرط أولي لتلبية الأهداف الطموحة لخفض غازات الدفيئة، و لإنقاص كلف
خيارات التقانة إلى ما دون مستواها الحالي. لقد كان الاتجاه في السنوات الماضية نحو تخفيض الاستثمار في
البحث والتطوير من القطاع العام والخاص. وخلال العقد الماضي، انخفض دعم القطاع
العام للبحث والتطوير بمعدل الثلث، وبنصف بالمائة من الناتج القومي الإجمالي. وفي
الماضي خصص في دول وكالة الطاقة الدولية، حوالي نصف الاستثمار للطاقة النووية و10%
فقط للطاقات المتجددة. ومع ترشيد استهلاك الطاقة، يخصص 80% من الإنفاق على البحث
والتطوير لتقانات لا تصدر غازات دفيئة. و يتطلب معظم التقانات الواعدة لخفض
الإصدارات استثمارات قليلة نسبياً في البحث والتطوير. ويعكس هذا الحجم الصغير لهذه
التقانات، وقابليتها للنمذجة. لقد قدرت الحاجة للبحث والتطوير لمجموعة من الطاقات
المتجددة بـ 15-20 بليون دولار خلال
العقدين القادمين. لكن البحث والتطوير لا يكفي لجعل العملية تجارية. ولذا يجب وضع
التقانات على شكل مشاريع للإيضاح، لحفز السوق على تبنيها. ومن المتوقع أن تنخفض
كلفة كثير من الطاقات المتجددة مع زيادة استخدامها، مستفيدة من التراكم المعرفي في
هذا المجال.
Post a Comment