طرق وسائل التخفيف
من إصدار غازات الدفيئة
من الضروري بالنسبة لجميع الدول الالتزام بالاتفاقات الدولية
حول تغير المناخ، مثل الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ وبروتوكول كيوتو. وتتضمن
هذه الالتزامات التخفيف من إصدار غازات الدفيئة، وفي مقدمتها ثنائي أكسيد الكربون
وغاز الميثان وأكاسيد الآزوت. ولكن إصدار الدول النامية ومنها سورية من غازات
الدفيئة، لا يزال أقل بكثير من باقي الدول. كما أن قدرات هذه الدول على تنويع
مصادر الطاقة، واستخدام التقانة النظيفة، أقل من الدول المتقدمة.
تعتمد سورية حاليا على النفط كمصدر رئيس إن لم يكن وحيد
للطاقة. فهناك إضافة للنفط توليد الكهرباء من بعض المصادر الكهرومائية كسد الفرات.
ولكن إمكانية التوسع في توليد الكهرباء من الطاقة الكهرومائية، أصبحت ضئيلة جداً.
كما أن زيادة السكان العالية، وارتفاع مستوى المعيشة أديا إلى استنفاد حقول النفط
الحالية التي تراجع فيها الإنتاج إلى
النصف تقريباً. وأصبحت سورية تعتمد على استيراد جزء كبير من حاجتها من المشتقات
النفطية، وخاصة المازوت وربما الغازولين من الخارج، بسبب عدم توفر قدرة التكرير
اللازمة. إن هذا الوضع يؤدي إلى نشوء أزمة في الطاقة بسبب ارتفاع أسعار النفط
عالمياً. كما أنه يتسبب في مشاكل بيئية عديدة إضافة إلى زيادة الإصدار من غازات
الدفيئة.
إن من أهم إجراءات التخفيف التحويل من النفط إلى الغاز
الطبيعي. وقد حولت معظم محطات توليد الكهرباء القديمة إلى الغاز الطبيعي من الحقول
السورية، كما أن محطات الكهرباء الجديدة تعمل على الغاز الطبيعي. ومن الممكن
استخدام الغاز الطبيعي في وسائط النقل مع توفير الاحتياطات وإجراءات الأمن
والسلامة اللازمة لذلك. وسيؤدي هذا إلى تخفيض تلوث الهواء في المدن بشكل كبير، كما
أنه سيقلل من إصدار غازات الدفيئة، ويوفر استيراد كميات أكبر من الغازولين من
الخارج بأسعار مرتفعة.
لقد عملت سورية على استغلال مصادر المياه
في بناء السدود السطحية وتوليد الطاقة. ويقوم سد الفرات بتوليد حوالي 800 ميجا وات
من الكهرباء. ولكن إمكانية التوسع في توليد الكهرباء من الأنهار أصبحت محدودة.
وهناك دراسات عدة لاستثمار غزارة المياه وسرعة اندفاعها وهي تتدفق من السلاسل
الجبلية على ساحل البحر الأبيض المتوسط في توليد القدرة الكهربائية. غير أن هذا
الموضوع تعترضه عقبات فنية ومادية وبيئية، ولذا فلا يزال موضع البحث والتطوير.
وهناك اهتمام باستغلال طاقة الرياح في توليد الكهرباء. لقد
استخدمت طاقة الرياح منذ القرن التاسع عشر في منطقة القلمون، لتدوير طواحين الهواء
التي كانت تستخدم في ضخ المياه الجوفية.
وقد أجريت دراسات لوضع أطلس الرياح لكامل البلد. وقد دلت الدراسات على جدوى
الاستفادة من هذه الطاقة في بعض المناطق التي تزيد فيها سرعة الرياح عن 6 م/ثا،
وعلى الأخص في المنطقة الوسطى، ومنطقة القنيطرة. وقد ركبت عنفتان تجريبيتان في
منطقة القنيطرة لهذا الغرض. لكن الاستغلال التجاري لهذه الطاقة لم يبدأ بعد.
وتظل الطاقة الشمسية أهم الطاقات التي يجب تطويرها لتعويض
النقص في طاقة الهيدروكربونات، ولتخفيف الإصدار من غازات الدفيئة. إن المجال الأول
لاستخدام الطاقة الشمسية هو في تسخين المياه. ولا يزال استخدام هذه الطاقة في
بدايته في سورية، ولم ينتشر بالقدر الكافي، بالمقارنة مع الدول المجاورة. وربما
يعود ذلك إلى تدني أسعار المحروقات والطاقة بشكل عام مقارنة بالسعر العالمي، أو
بسعر الدول المجاورة. كما أن ثمن التجهيزات اللازمة لاستعمال هذه الطاقة، ربما كان
أكبر من استطاعة ذوي الدخل المحدود، على الرغم من أنه أرخص على المدى الطويل.
وربما أدى ارتفاع سعر المازوت وكذلك سعر
الكهرباء في الفترة الأخيرة إلى زيادة الإقبال على هذا الاستخدام. وربما ساعدت
الدولة عن طريق تمويل هذه المسخنات بقروض ميسرة، وكذلك إصدار التشريعات التي تؤكد
على شيوع استخدامها في الأبنية الجديدة. أما استخدام الطاقة في الإنارة أو الطبخ
أو توليد الكهرباء فمرتبط بتوفرها بأسعار منافسة للطاقة التقليدية. ونظراً لارتفاع
سعر برميل النفط المستمر فربما أصبح هذا واقعاً في فترة قريبة قادمة.
مع ارتفاع سعر النفط وزيادة الاعتماد على
الاستيراد من الخارج وتراجع الإنتاج وبسبب زيادة الاستهلاك من الطاقة الناجم عن
زيادة السكان وارتفاع مستوى المعيشة فلا بد من تأمين الطاقة اللازمة. لقد كان هناك
تفكير في استخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء في الثمانينات بتركيب عنفتين
باستطاعة 200 ميجا وات لكل منهما على نهر الفرات بمساعدة الاتحاد السوفييتي سابقاً، لكن ومع اكتشاف النفط والغاز في تلك المرحلة،
فقد صرف النظر عن ذلك. لقد أصبح استغلال الطاقة النووية أمراً لا غنى عنه للكثير
من الدول من أجل تأمين حاجتها المتزايدة من الطاقة. ولذا فمن حق هذه الدول أن تعمل
على تأمين احتياجاتها من الطاقة عن طريق الاستخدام السلمي المشروع دولياً للطاقة
النووية.
ويبقى الحل الأخير والأفضل لأزمة الطاقة والتخفيف من غازات
الدفيئة يتمثل في ترشيد استهلاكها. ويتم هذا عن طريق التوعية الجماهيرية، أو برفع
الأسعار بشكل تصاعدي بحيث يحد من استهلاكها للأغراض الكمالية أو تبذيرها. كما يمكن
التحويل إلى عمليات وتجهيزات أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة.
Post a Comment