دراسة الإحصاء:
لابد لدارس الإحصاء من الإلمام ببعض أولياته . ولا تحتاج هذه الأوليات إلى تعمق في العلوم الرياضية النظرية الأخرى بل إلى المنطق ( الرياضي ) والإدراك السليم ودقة الملاحظة .
لقد أدى انتشار علم الإحصاء إلى انتشار رموزه , حيث نشاهد على أزرار الآلات الحاسبة العلمية معظم بل وجميع هذه الرموز وكذلك نرى  المنشورات الإحصائية تغطي صفحات المجلات والصحف اليومية وحتى النشرات الأخبارية, فأكثر من خبر مفاده أن حزباً معيناً قد إنخفضت شعبيته على حساب حزب آخر أو أن مرشحاً معينا للرئاسة قد إزدادت شعبيته على حساب مرشح آخر ، أو دلت الإحصائيات أن السيارة السياحية ( س ) قد زادت نسبة مبيعاتها خلال السنة الماضية  بنسبة معينة ، أو بينت الإحصائيات  أن مرض السل قد تلاشى تقريباً من العالم أو أن مرض شلل الأطفال سوف ينقرض بحلول القرن الواحد والعشرين و أمثلة أخرى عديدة .
إن المخططات البيانية والإحصائية تغطي في الوقت الحاضر معظم جدران المكاتب التجارية والاستثمارية ومكاتب الأسهم والأوراق المالية مما يدل على أهميته . و أدى ذلك إلى ارتباط علمي بين علمي الإحصاء والاقتصاد تحت فرع واحد عرف (Economic Statistics )  . فلابد لكل اقتصادي ناجح أن يكون ملماً بأوليات الإحصاء . لقد نشأت فروع أخرى للإحصاء كالإحصاء الحيوي و الإحصاء الطبي الخ
إن مسألة تنظيم  وتلخيص وتحليل المعلومات تقود إلى تطوير الطرق المستعملة في ذلك، هذه الطرق التي اهتمت بشكل رئيسي بعرض المعلومات و تمثيلها بجداول ومخططات وخرائط تسمى ما ندعوه في يومنا الحاضر بالإحصاء الوصفي Descriptive Statistics ) ) دون الغوص في نظريات الإحصاء و أبعادها الرياضية ، و دون الخروج باستنتاج كلي عن المجتمع .
وبالرغم من أن الإحصاء الوصفي فرعاً هاماً من فروع الإحصاء لايزال مواصلاً انتشاره ومتزايدة استعمالاته ، فإن المعلومات الإحصائية الناتجة عن العينة (sample ) وهي ملاحظة جزء صغير من مجموعة كبيرة من الأشياء   يحتاج إلى تحليل , وهذا يتطلب تعمقاً قد يمتد إلى خارج نطاق المعلومات المعطاة وبالتالي الإنتقال من وصف البيانات وعرضها إلى التعميم وعدم اقتصار الدراسة على الإحصاء الوصفي بل الانتقال إلى طرق الاستنتاج الاحصائي( Statistical inference ) وهو الأهم في الدراسات الإحصائية .
إن هذا النوع من طرق الإستنتاج الإحصائي مطلوب لإيجاد العمر المتوقع للعديد من الأجهزة والأدوات المستعملة في حياتنا اليومية فمثلاً لأجل معرفة مدة بقاء غسالة كهربائية في الخدمة ( منذ فترة شرائها إلى الفترة التي يصبح امتلاكها عبء على مالكها ) يمكن أن يحدد من خلال أداء عدد من هذه الغسالات ( كعينة) من نفس النوع .
وكذلك يمكن أن نستنتج متوسط عمر الإنسان في منطقة ما من العالم وذلك بأخذ متوسط أعمار مجموعة من أقرانه عاشوا في نفس المنطقة وضمن نفس الظروف . ويمكن لنا أيضاً أن نقارن بين إنجاز مجموعتين من الطلاب كل مجموعة منهما إتبعت نمطاً معينا ً من الدراسة . و يمكن أن نقارن بين مجموعتين من الحشرات بعد رشها بمبيد حشري واحد لمراقبة مقاومة كل مجموعة ومعرفة المبيد الأكثر فاعلية . أو مراقبة انخفاض أو إرتفاع عدد حوادث المرور في مدينة معينة بعد تطبيق نظام مروري جديد أو مراقبة إنتاج محاصيل مزرعة ما بعد استعمال نوع معين من السماد فإذا زاد المحصول نطلق حكمنا على نوعية السماد المستعمل وذلك بعد مراقبة الإنتاج لعدة مواسم  .
نلاحظ في  جميع هذه الأمثلة كيف أننا اعتمدنا على دراسة العينة لاستخلاص حكم ومن ثم الوصول إلى قرار حول كامل المجتمع .و إن هذه الأمثلة هي جزء من الأمثلة الكثيرة الأخرى التي يكون الهدف منها  الاستنتاج الإحصائي حيث كانت بدايته جمع المعلومات ونهايته التحليل والتنبؤ وإصدار القرار المناسب .

Post a Comment

أحدث أقدم