التطابق بن البدل والمبدل منه
يُعرِّفُ العلماءُ
البدلَ بأنَّه : " تابعٌ مقصودٌ بالذكرِ ، وذكرُ المتبوعِ قبله للتوطئة والتمهيد
"
، أو " هو " التابعُ المقصودُ
بالنسبة بلا واسطة " ، وذلك نحو قولنا : ( جاءَ أخوكَ زيدٌ ) .
وهو ينقسمُ على
أربعةِ أقسامٍ : بدلٍ مطابقٍ : وهو ما يكونُ فيه البدلُ مساوياً للمبدلِ منه في المعنى
، كقولنا : ( مررتُ بأخيكَ زيدٍ ) ، وبدلِ بعضٍ من كلٍّ : وهو ما يكونُ فيه البدلُ
جزءاً من المبدلِ منه ، ، كقولنا : ( أكلتُ الرغيفَ ثُلُثَهُ ) ، وبدلِ الاشتمالِ
: " وهو بدلُ شئٍ من شئٍ يشتملُ عامله على معناه بطريق الإجمال ، كأعجبني زيدٌ
علمُهُ أو حسنُهُ أو كلامُهُ " ، والبدل
المباين ، وهذا ينقسمُ ثلاثة أقسام ، أولها : بدل الغلط : وهو ما يكونُ فيه ذكرُ المبدلِ
منه غلطاً باللسان ، ويكون البدلُ تصحيحَ ذلك الغلطِ ، كقولنا : ( رأيتُ حصاناً حماراً
) ، وثانيها : بدل النسيان : وهو الذي يكون فيه ذكرُ البدلِ من المتكلمِ عمداً ، ثم
يتبين له عدمَ صحة قصده ، فيتركه ، ويذكرُ البدلَ ، وثالثها : بدل الإضراب :
" وهو ما يُقصَدُ متبوعُهُ كما يُقصَدُ هو 000 ، نحو : ( أكلتُ خبزاً لحماً )
، قصدتَ أولاً الإخبارَ بأنَّكَ أكلتَ خبزاً ، ثم بدا لكَ أنكَ تُخبرُ أنكَ أكلتَ لحماً
أيضاً ."
والمطابقةُ في
البدلِ تكونُ في أقسامه الثلاثة الاُولِ ؛ لأنَّها الجارية في القرآن الكريم ، وفي
كلام العرب ، شعرهم ونثرهم ، يقولُ المبردُ : " فهذه ثلاثةُ أوجه تكونُ في القرآن
وفي الشعر وفي كلام كل مستقيم ، ووجهٌ رابعٌ لا يكونُ مثله في القرآن ولا شعر ولا كلام
مستقيم ، وإنما يأتي في لفظ الناسي أو الغالط " .
وكون البدل من
التوابع ؛ فالمطابقةُ جاريةٌ بينه وبين المبدل منه ، في الإعراب ، نقول :
( جاءَ أخوكَ زيدٌ ) ، و ( رأيتُ أخاكَ زيداً ) ، و ( مررتُ
بأخيكَ زيدٍ ) ، يقولُ أبو عليٍّ الفارسيِّ : " والبدلُ يُعربُ بإعرابِ المبدلِ
منه " ، ويقولُ ابنُ يعيش : " البدلُ
ثانٍ يُقدرُ في موضع الأول، نحو قولكَ : ( مررتُ بأخيكَ زيدٍ ) فـ ( زيدٌ ) ثانٍ من
حيثُ كان تابعاً للأول في إعرابه ، واعتباره بأن يُقدرَ في موضع الأول " ، وهذا
التطابقُ جارٍ على كل أقسام البدل ، قال تعالى : ذَلِكُمُ اللَّهُ
رَبُّكُمْ (الأنعام:102) ،
وقال تعالى : قُمِ اللَّيْلَ
إِلَّا قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ
مِنْهُ قَلِيلاً (المزمل:2-3) ،
وقال تعالى : يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ
الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيه (البقرة:217) ، وغير ذلك .
أما المطابقةُ
في الإفراد وفرعيه ، وفي التذكير والتأنيث ، فَتلزمُ إذا كان البدلُ مطابقاً ، ليسَ
غيرُ ، يقول الأشموني : " وأما الإفرادُ والتذكير وأضدادهما ، فإن كان بدلَ كلٍّ
، وافقَ متبوعه فيها ما لم يمنعْ مانعٌ من التثنية والجمع ؛ لكون أحدهما مصدراً ، نحو
: ( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً)
(النبأ:31-32) ، أو قُصِدَ به التفصيلَ ، كقوله :
وكُنتُ كَذِي رِجلَينِ
: رِجلٍ صَحِيحَةٌ وَرِجلٍ رَمَى فِيهَا
الزَمَانُ فَشُلَّتِ
وإن كان غيره من أنواعِ البدلِ لم يلزمْ موافقته أيَّاها
" .
فمثالُ المطابقة
إفراداً وتذكيراً ، قوله تعالى : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ
أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (الفاتحة:6-7) ، وقوله تعالى : ذَلِكَ الْكِتَابُ
لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (البقرة:2) ، وغير
ذلك .
ومثالُ المطابقة
إفراداً وتأنيثاً ، قوله تعالى : وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (البقرة:35) ، وقوله تعالى : أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ
كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَار جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا
وَبِئْسَ الْقَرَارُ (إبراهيم: 28-29) ، وغير ذلك .
ومثالُ المطابقة
جمعاً وتذكيراً ، قوله تعالى : لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ
فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ
بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ
أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ الَّذِينَ قَالُوا
إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ
تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي
قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (آل عمران:
181-183) ، وقوله تعالى : إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ
وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً
وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
يُنْفِقُونَ (الأنفال:2-3) ،
وغير ذلك .
وأما مثال المطابقة
جمعاً وتأنيثاً ، فنحو قوله تعالى : وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ (آل عمران:140) ، وقوله تعالى : فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ
حِسَانٌ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَــان حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (الرحمن:70-72) .
فنحنُ نلاحظُ أنَّ
المطابقةَ حاصلةٌ بين البدل والمبدل منه في العدد ، وفي الجنس ، في الآياتِ التي وردت .
أما المطابقة بين
البدل والمبدل منه تعريفاً أو تنكيراً ، فلا تُشترطُ بينهما ، إذ قد يأتيان معرفتين
، أو نكرتين ، أو مختلفين ، إلا أنَّ مجيئهما معرفتين أو نكرتين ، يُعدُّ مظهراً من
مظاهر المطابقة ، وإنْ لمْ يُشترطْ هذا التطابقُ .
يقول سيبويه :
" هذا بابُ بدل المعرفة من النكرة ، والمعرفة من المعرفة 000
أما بدل المعرفة من النكرة ، فقولكَ : ( مررتُ برجلٍ عبدِ
اللهِ ) ، كأنَّهُ قِيلَ لهُ بمن مررتَ ؟ أو ظنَّ أنَّه يُقالُ لهُ ذلكَ ، فأبدلَ مكانه
ما هو أعرف منه 000 وأما المعرفة التي تكون بدلاً من المعرفة ، فهو كقولكَ : ( مررتُ
بعبدِ اللهِ زيدٍ ) ، إما غلطتَ فتداركتَ ، وإما بدا لك أن تُضرِبَ عن مروركَ بالأول
، وتجعله للآخِر" .
ويقول ابنُ عصفور
: " والبدلُ ينقسم بالنظر إلى التعريف والتنكير ، أربعة أقسام : معرفة من معرفة
، ونكرة من نكرة ، ومعرفة من نكرة ، ونكرة من معرفة " .
ويعللُ ابنُ يعيشٍ
عدمَ وجوب المطابقة بين البدل والمبدل منه تعريفاً أو تنكيراً بقوله : " ليس الأمرُ
في البدل والمبدل منه كالنعت والمنعوت ( فيلزم تطابقُهما في التعريف والتنكير ) كما
كان ذلك في النعت ؛ لأنَّ النعت من تمام المنعوت ، وتحليةً له ، والبدل منقطعٌ من المبدل
منه ، يُقدرُ في موضع الأول على ما ذكرنا ؛ فلذلك يجوز بدلُ المعرفة من المعرفة ، والنكرة
من المعرفة ، والنكرة من النكرة ، والمعرفة من النكرة " .
وتعليلُ ابنِ يعيشٍ
هذا ، على جعلِ البدلِ في موضع المبدلِ منه ، فـ " لما كان مقصوداً والأولُ كالتتمة
، لمْ يلزمْ مطابقته ، كما لزمَ في التتمة ؛ لقوةِ ما هو أصلٌ ، وضعفِ ما هو فرعٌ ،
والبدلُ أصلٌ ؛ لأنَّهُ مقصودٌ ، والصفةُ فرعٌ لأنَّها تتمةٌ " .
وعلى رأي من يقولُ
إنَّ البدلَ في حكم تكرير العامل ، يكونُ المبدلُ منه وعاملُهُ جملة ، والبدلُ وعاملُهُ
جملة أُخرى ؛ " فلا يلزم التطابقُ " .
إنَّ النظمَ القرآني
استعملَ البدلَ مطابقاً للمبدل منه ، تعريفاً وتنكيراً ، واستعمله مخالفاً للمبدل منه
أيضاً .
فمثالُ إبدال المعرفة
من المعرفة ، بدلاً مطابقاً ، قوله تعالى : اهْدِنَا الصِّرَاطَ
الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ
أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (الفاتحة:6-7) ، وقوله تعالى : إِذْ جَعَلَ
الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ
الْجَاهِلِيَّةِ (الفتح:26) ، وغير
ذلك .
ومثاله في بدل
البعض ، قوله تعالى : وَارْزُقْ أَهْلَهُ
مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ (البقرة:126) ، وقوله تعالى : بَلْ إِنْ يَعِدُ
الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً (فاطر:40)وغير ذلك
.
وأما مثاله في
بدل الإشتمال ، فنحو قوله تعالى : قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا
وَمَا بَطَن (الأعراف:33) ، وقوله تعالى : قُتِلَ أَصْحَابُ
الْأُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ
الْوَقُودِ (البروج:4-5) ، وغير ذلك .
ومثال إبدال النكرة
من النكرة ، بدلاً مطابقاً ، قوله تعالى : ضَرَبَ اللَّهُ
مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ (النحل:75) ، وقوله
تعالى : إِنَّ الْمُتَّقِينَ
فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ
عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (القمر:54-55) ،
وغير ذلك ، ولمْ يرد إبدالُ النكرة من النكرة
في القرآن الكريم ، إلا في البدل المطابق .
أما أمثلة تخالف
البدل والمبدل منه تعريفاً وتنكيراً ، فنحو قوله تعالى : لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ
الْبَيِّنَة رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ
يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً (البينة :1-2) ،
وقوله تعالى : هَذَا وَإِنَّ
لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا
فَبِئْسَ الْمِهَادُ (صّ: 55-56 ) ، وغير ذلك
.
وبالرغم من جواز
تخالف البدل والمبدل منه تعريفاً وتنكيراً ، فقد استعمل القرآن الكريم البدل والمبدل
منه متطابقين ، في مواطنَ تصلُ إلى ضعفِ مواطنِ التخالف بينهما
.
قسَّمَ النحاة
الضميرَ على ثلاثة أقسام : ضمير تكلم ، وضمير خطاب ، وضمير غيبة، يقول أبو حيانٍ :
" باب المضمر ، وهذه تسمية البصريين ، ويسميه الكوفيون الكنايةَ والمكنى ، ولا
يحتاجُ إلى رسمٍ ؛ لأنه محصور ، وينقسم إلى متكلمٍ ومخاطبٍ وغائبٍ
" .
ولأنَّ الضمير
من الأشياء المبهمة ؛ فإنَّهُ يحتاجُ إلى ما يُفسره ، ويرفع عنه هذا الإبهامَ ، كما
في الأسماء الموصولة ، إذ تُوجدُ جملةُ الصلة التي تُزيلُ إبهامَ تلك الأسماءِ .
وليس هذا بجارٍ
على كل أقسام الضمير الثلاثة ، فضمير المتكلم أو المخاطب ، لا يحتاجُ إلى ما يُوضحهُ
أو يُفسرهُ ؛ لأنَّ حضورَ صاحبه أو المشاهدة تؤدي ذلك ، وأما ضمير الغائب ، فخالٍ من
هذه المشاهدة ؛ فاحتاج إلى هذه المُفَسِّرِ أو المرجع ، يقولُ ابنُ يعيشٍ : "
والأحوالُ المقترنة بها ، حضور المتكلم والمخاطب ، والمشاهدة لهما ، وتَقَدُّمُ ذِكرِ
الغائب الذي يصيرُ بمنزلة الحاضر الشاهد " .
ويقولُ السيوطيُّ
: " ضمير التكلم والخطاب يُفسرهما المشاهدة ، وأما ضمير الغائب ، فعارٍ عن المشاهدة
؛ فاحتيجَ إلى ما يُفسرهُ "
وهذا المفسِّر
– في الأعم الأغلب – يكون اسماً ظاهراً مقدماً على ضميره ، فنقولُ :
( محمدٌ ضَرَبتُهُ ) ، وأن يكون الأقرب إليه ، نقولُ : ( ضربتُ
زَيداً وعمراً أوجعتُهُ ) ، فالهاءُ عائدةٌ على ( عمراً ) إلا إذا وجد دليلٌ على أنَّ
الضميرَ عائدٌ على غير الأقرب ، " كما في قوله تعالى : وَوَهَبْنَا لَهُ
إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ ، فضمير ( ذريته ) عائدٌ على إبراهيم
، وهو غير الأقرب ؛ لأنَّهُ المُحَدَّثُ عنه من أول القصة إلى آخرها
" .
وقد لا يُصرحُ
بلفظ المرجع في بعض الأحيان ؛ لوجود ما يدلُ عليه حساً ، كما قالَ تعالى : يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْه (القصص:26) ، والمقصود
موسى عليه السلام ، وإن لم يُصرح بلفظه ، لكونه حاضراً ، أو وُجِدَ ما يدل عليه علماً
، كما في قوله تعالى :إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي
لَيْلَةِ الْقَدْرِ (القدر:1) ، أي القرآن الكريم ، أو يكون المفسِّرُ جزءاً من
مدلول مرجعه ، كما في قوله تعالى : اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى (المائدة:8) ، فالضمير
( هو ) يعود على العدل المفهوم من ( اعدلوا ) ، والعدلُ جزءٌ من ( اعدلوا ) ؛ لأن الأخير
يدلُ على المصدر والزمان ، في حين يدلُ الأول على المصدر فقط .
ولا بُدَّ لهذا
الضمير من مطابقة مرجعه في العدد وفي الجنس ، فإذا كان المرجع مفرداً مذكراً ، وجب
أن يكون الضمير مفرداً مذكراً ، وإذا كان المرجع مفرداً مؤنثاً ، وجب أن يكونَ الضميرُ
مفرداً مؤنثاً ، وإذا كان المرجعُ مثنىً ، وجب أن يكون الضمير مثنىً ، وإذا كان المرجعُ
جمعاً مذكراً ، وجب أن يكون الضمير جمعاً مذكراً ، وإذا كان المرجعُ جمعاً مؤنثاً ،
وجب أن يكون الضمير جمعاً مؤنثاً ، يقول الزركشيُّ : " وقد قسَّم النحويون ضميرَ
الغيبة إلى أقسام : أحدها – وهو الأصل – أن يعود إلى شيءٍ سبق ذكره في اللفظ بالمطابقة
، نحو : وَعَصَى آدَمُ
رَبَّهُ فَغَوَى ، وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ ، إِذَا أَخْرَجَ
يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ، وقوله : يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوه "
.
Post a Comment