**وسائل حماية التجارة في الإسلام :
تمهيد :لم يترك الإسلام الناس يتصرفون وفق أهوائهم ومصالحهم الشخصية،بل وضع لهم قواعد وأسس تنظم علاقاتهم وتحفظ كيانهم وتقضي على مشاكلهم .
وبما أن التعامل التجاري من الأهمية بمكان، فقد رأينا فيما سبق تشجيع الإسلام للتجارة، وسنرى في هذه المسائل كيف وضع الإسلام الأسس والقواعد لحماية التجارة من عبث العابثين ولعب المحترفين ،حتى يستمر الاستقرار الاقتصادي بزيادة الإنتاج وكثرة الخيرات وتوفر السلع ومساواة العرض للطلب .
(المطلب الأول ) :
**حماية السوق  :
تمهيد : سبق أن شرحت أهمية السوق ودور الرسول r بالاهتمام به والقيام بتأسيسه وإقرار أسواق كانت في الجاهلية، وإقرار الشرع لسوق عالمي سنوى في الحج وذلك لتنشيط التجارة ،ولكن هل ترك الإسلام المسلمين في أسواقهم يتصرفون بالبيع والشراء وغيرهما كيفما حلت لهم أنفسهم ؟
     الجواب : لا،فقد حمت الشريعة أسواق المسلمين من التلاعب بالبيع والشراء والوزن والسمسرة وغيرها، مما سأفصله فيما يأتي وذلك لدفع التجارة إلى الاستقرار والبعد بها عن المنازعات التي تعطل الإنتاج وتقتل التنمية .
**من وسائل حماية الأسواق :
أولاً تثبيت القيمة العادلة في الأسواق .
تعتبر من أهم التي تجعل الأسواق تؤدي مهمتها كما ينبغي حتى لايكون هناك ظلم لأحد الطرفين بائعاً أم مشترياً ،فالقيمة العادلة هي التي تعطي كل إنسان حقه ، أي تعطي كل سلعة ماتستحقه من سعرها .
أ-أنواع القيمة للأشياء :
يقول زيدان أبو المكارم : إنها ثلاثة أنواع :
الأولى : قيمة ظالمة ،
الثانية : قيمة مظلومة مبخوسة .
وهما الوسيلتان اللتان يتذرع بهما المستغلون والطفيليون ومصاصو دماء العاملين المنتجين .
الثالثة : القيمة العادلة : وهي التي يقوم عليها عمران الكون بالخير ، وهي التي تكرم الإنسان بالدنيا وتفتح باب المنافسة الشريفة الصالحة بالاستزادة من الخير عن طريق العمل . وأن السماح بفائض القيمة يقسم الناس إلى ظالمين ومظلومين حقاً ، ومنع فائض القيمة ينفي الظلم قطعًا[1]ً.
**ثانياً: (الأسلوب الإسلامي في منع فائض القيمة ) :
وهو تحريم الوسائل المؤدية إلى فائض القيمة ،وفتح الباب أمام المعلومات الصحيحة الصادقة ليتمكن الطرفان للوصول إلى القيمة العادلة والقضاء على وسائل الإكراه و الضغط الظاهر والخفي ، بتحريم الاحتكار وتطفيف الميزان والمكيال .

     ومن هنا حرم الإسلام جميع أنواع الربا . )  وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم ( [2]. ومن هنا كان المذهب الإسلامي قائماُ على العدل وتحقيق القيمة العادلة بحيث يأخذ كل إنسان حقه دون زيادة أو نقص .
ولايكتفي الإسلام بالمواعظ والإرشاد بل الإسلام اجراءات عملية فورية لتحقيق القيمة العادلة . وإليك التفصيل في ذلك :
1.    1- تحريم الربا ومنعه في الإسلام :
2.    تمهيد : سبق أن بينا حكم الإسلام في البيع ، وأن الله سبحانه وتعالى أحله لما فيه من المصالح وضرورة الناس
اليه . وحتى لايقول الناس : أن الربا مثل البيع ، فقد حمى الله البيع من أي معاملة ربوية . وذلك بتحريم الربا ،
قليله وكثيره ، حتى يتاح للقيمة العادلة أن تثبت لصالح كل من المنتج والمستهلك .
     وهناك الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال العلماء في تحريم الربا وأثر ذلك على الأنتاج في الدولة .
**تعريف الربا :
الربا :لغة :الزيادة . يقال : ربا الشيء إذا زاد والرابية : ماارتفع من الأرض .[3] وشرعاً : تفاضل في أشياء ، ونساء في اشياء مختص بأشياء ورد الشرع بتحريمها [4] .
**الأدلة من الكتاب :
قوله تعالى : )وأحل الله البيع وحرم الربا ( [5] .
فالآية نص صريح في تحريم التعامل بالربا . وقوله تعالى :  )يمحق الله الربا ويربي الصدقات ([6]، وقوله تعالى )يا أيها الذين آمنوا لاتأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة ([7] . فظاهر الآيات : أن الله يمحق الربا ويحرمه وينهى المؤمنين عن التعامل به وأكله . قال تعالى ) ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا مابقي من الربا إن كنتم مؤمنين . فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ([8] . والحرب هنا تحل سفك الدماء فضلاً عن مصادرة أموال المرابي . ومعلوم  أن المال الحرام لابد من إعادته إلى صاحبه الأصلي ، سواء كان حياً أو ميتاً .
**الدليل من السنة :
قوله r "لعن الله آكل الربا ، وموكله وشاهده وكاتبه " . وقوله r : "لاتبيعوا الذهب بالذهب إلامثل بمثل ولاتشفوا بعضها على بعض ، ولاتبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ولاتشفوا بعضها على بعض ، ولاتبيعوا منها غائباً بناجز " .
وعنه r : "الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء ، والبر بالبرربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلاهاء وهاء ، والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء "[9] .
**وأقسام الربا ما يأتي :
1.ربا النسيئة : ويطلق عليه (الربا الجلي ) يقول الجصاص : (إنه معلوم أن ربا الجاهلية إنما كان قرضاً مؤجلاً بزيادة مشروطة ، وكانت الزيادة بدلاً من الأجل فأبطله الله تعالى ) .
ومن هنا شدد الرسول r في هذا النوع من الربا فقال : "إلا أنما الربا في النسيئة " [10] . أي حصر الكمال في ربا النسيئة [11] .
2.ربا الفضل : (وهو مايسمى الربا الخفي ) :
وهو بيع الربوي بجنسه مع زيادة  في أحد العوضين ، وتحريمة من باب سد الذرائع . وهو مانص عليه الحديث : "الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلاً بمثل ، يداً بيد ، فمن زاد فقد أربى الآخذ والمعطي سواء ، فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم "[12] .
وقد اتفق العلماء على أن الزيادة تحرم في استبدال السلع الستة السابقة . واختلفوا في غيرها :
 بحيث يرى الظاهرية : أنها مقصورة على ماذكر في الحديث فقط .
وغيرهم يرى انطباق غيرها عليها ، إذا وجدت العلية من كيل أو وزن ، أو طعم ، أوادخار، أو مشروب ، أو جنس ، أو قدر على خلاف بين فقهاء الشريعة مفصل في كتب الفقه الإسلامي .[13]
**حكمة منع الرباوأثر ذلك على الإنتاج بشتى أنواعه :
إن إلغاء الفائدة يؤدي إلى تحول أصحاب رؤوس الأموال إلى مساهمين في الأعمال الصناعية والزراعية مكتفين بأقل قدر من الربح ، وبذلك يتم إنفاق الناتج ،كله إنفاقاً استهلاكياً ذاتياً ، بدلاً من تجنيده في صالح المرابين .
*يقول شاه الدهلوي : (إن من حكمة تحريمه أن عامة المقترضين مفاليس ولايجدون وفاء عند حلول الأجل ، فتكون الديون اضعافاً مضاعفة وبقدر مايتجة الناس إلى التعامل التربوي بقدر ماينصرفون عن الزراعة والصناعة والتجارة ، التي هي أصول المكاسب والطرق الصحيحة لجمع المال وتنميته . أضف إلى ذلك المنازعات بسبب الربا .[14] أ . هـ . ) 2 .
*ويقول محمد الجمال :إن التعامل بالربا يؤدي إلى اكتناز المال وعدم تحريكه ، ومن ثم يؤدي إلى عدم تشغيله مما يقلل الإنتاج ويضعف التنمية في الدولة الإسلامية .[15]
ويقول في موضوع آخر : (إنه لو سمح به لأصبحت النقود مجرد سلعة من سائر السلع ، وبذلك يكسد البيع وتكسد التجارة والزراعة والصناعة ) .

*ويقول العسال:
(الفائدةالتي تأتي  المرابي وسيلة غير سليمة للكسب إنها لاتتأتي نتيجة عمل ، إذ هي عبارة عن مبلغ استقطع من مال المقترض.وكذلك فإن الربا مدعاة للكسل والبطالة واستغلال حاجة المحتاجين وإثارة العداوة والبغضاء بين الناس [16])
*ويقول الأستاذ علي مكي :
إن للربا أضراراً ينعكس أثرها السيء على يد المنتج والمستهلك فمنها :
1.    1-  أنه المسببب في تكديس الأموال في أيدي أصحاب البنوك ويؤدي إلى سيطرة هؤلاء على المجتمع ،فهو الذي أمكن لتلك البنوك من السيطرة على المجتمع .
2.    2- الشعور بالظلم بالنسبة للمقترضين والكراهية للمجتمع الذي لايوفر لهم مصدراًآخر غير الأقتراض بفائدة .
3.     3_ غلاء الأسعار ،فإنه في حالة المنتج الذي يقترض بفائدة  فإنه يحمل تلك الفائدة على سعر المنتجات ،مما يساعد على ارتفاع أسعارها ولهذا بدفع المجتمع كله الفائدة الربوية .
4.     4_ إذا أراد المنتج تخفيض تكاليف الإنتاج اضطر إلى تخفيض أجور العمال ، لأنها السبيل الوحيد أمامه  وذلك بسبب الفائدة الربوية .
**دور الربا في إضعاف القطاع الزراعي والصناعي والتجاري :
يقول المودودي : (من النتائج التي ينتهي إليها جمع المال والمراباة عليه أن تنكمش ثروة المجتمع الكثيرة ، وتستولي عليها طائفة قليلة من أفراده ، مما يسبب الضعف في قوة شراء الجمهور.
ويسبب الكساد في صناعة البلاد وتجارتها وصناعتها بصفة متصلة ويفضي بحياة الجتمع الاقتصادية إلى شفا حفرة من الهلاك ،حتى انه في النهاية لايدع للرأسماليين أنفسهم مجالاً في تقليب ثروتهم المدخرة في عمل مثمر.
وعلى العكس من ذلك نتائج الإنفاق والزكاة والصدقات ونحوها من الطرق المشروعة تنتشر الثروة وتتسع دائرتها إلى جميع أفراد المجتمع حتى يتمتع كل منهم بقوة كافية للشراء.
وتنمو الصناعات وترتقي التجارات وتخصب الزروع ونتيجة حتمية تحل الطمأنينة على كل فرد من أفراد المجتمع)[17] .
**(رأي كيننز)في الفائدة :
يقول اللورد كيننز في كتابه ( النظرية العامة ) : ( إن ارتفاع سعر الفائدة يعوق الإنتاج لأنه يغري صاحب المال بالادخار للحصول على فائدة مضمونة دون تعريض أمواله للمخاطرة في حالة الاستثمارفي المشروعات الصناعية والتجارية.
كما أنه من ناحية أخرى لا يساعد رجل الأعمال على التوسع في أعماله لأنه يرى أن العائد من التوسع مع ما فيه من مخاطر ،يعادل الفائدة التي سيدفعها للمقرض سواء كان الاقتراض عن طريق المصرف أو بموجب سندات ، وعلى ذلك فكل نقص في سعر الفائدة سيؤدي إلى زيادة في الإنتاج ، وبالتالي في العمالة وإيجاد الفرصة لتشغيل المزيد من الناس)[18] .
**نظامالفائدة في النظام الرأسمالي :
لايقوم النظام الرأسمالي إلاعلى الفائدة ، وهذا هو الذي يمكن رأس المال من التزايد بلا جهد أو مخاطرة، ونتيجة لهذا 
التزايد المتواصل يتمكن رأس المال من السيطرة على المجتمع[19].
وبسبب ذلك تحدث الأزمات الاقتصادية المتعددة في البلاد الرأسمالية.
*أما في النظام الاشتراكي:
 فلا مجال للربا بأي حال من الأحوال،إذ لا مال للأفراد حتى يرابوا فيه، فالدولة هي المرابية وهي التي يعود عليها فوائد الربح ومن ثم تصب في جيوب أعضاء الحزب الحاكم[20] .
**اعتراض بشأن الربا ورده :
قد يقال :إن فسح المجال للربا وسيلة لجذب الأموال من أيدي أصحابها لتشارك بالتالي في الإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري ومن ثم لا غنى عنه لتدعيم هذه المنشآت.
*الرد عليهم :يقال ليس لهذا الكلام مستند من الحقيقة إذ هناك أسلوب المشاركة في الربح والخسارة عن طريق الشركات بأنواعها بحيث تجذب الأموال من أصحابها وتصب في حقل هذه الشركات الزرعية أوالصناعية أوالتجارية،والكل يشترك بالربح والخسارة .
وبالمناسبة ، فإني أشيد بتجربة ناجحة في وقتنا المعاصر ألاوهي تجربة:
1.البنوك الإسلامية.
2.شركة الاستثمار الإسلامي.
ولامانع من إلقاء بعض الضوء على كل منهما للفائدة :
(إنه ليثلج الصدر هذه الأيام التي طغت الأنظمة الوضعية على معظم اقتصاديات العالم الإسلامي من رأسمالية و اشتراكية، أن قام نخبة من مفكري و علماء هذه الأمة بخطوة علمية جبارة، أثبتوا فيها أن الفقه الإسلامي المستمد من كتاب الله وسنة رسوله r .
قادر على حل مشاكل الناس في كل زمان ومكان ؛إذا صدقت النية واستقامت العزيمة.
فقاموا بتجربة ناجحة في وقتنا الحاضر ،حيث سارعوا إلى  إنشاء البنوك الإسلامية والشركات الإسلامية، ليتخلص المسلمون من التعامل مع البنوك التي تشترط الربا في قوانينها وأنظمتها.
**فكرة موجزة عن البنوك الإسلامية في وقتنا المعاصر:
جاء في موسوعة الاقتصادالإسلامي لغريب الجمال:
في عام 1398 تم الاعتراف دوليا ً بالاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية في الاجتماع لوزراء خارجية الدول الإسلامية خارجية الدول الإسلامية في داكار ،وأصدر قرار رقم (11)بمايأتي :
(يعرب المؤتمر عن عظيم ارتياحه وترحيبه بإنشاء الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية وفقاً لأحكام الشريغة  الغراء ) .
وتضمن القرار ما يأتي :
1. إيداع اتفاقية إنشاء الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية لدى العامة للمؤتمر الإسلامي وتبليغها للدول الأعضاء .
2.  دعوة الدول الإسلامية إلى تشجيع إقامة بنوك إسلامية محلية تكون عضواً بالاتحاد .
3. يقدم الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية سنوياً تقريراً تفصلياً عن أعماله  وإنجازته للأمانة العامة لعرضه على مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية .
**أهم أهداف إنشاء الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية :

من أهدافه دعم الروابط بين البنوك الإسلامية والتعاون وتأكيد طابعها الإسلامي وعل الأخص مايأتي :

1. تقديم المعونة الفنية والخبرة للمجتمعات الإسلامية التي ترغب في إنشاء بنوك إسلامية عندما تطلب ذلك .

2.    متابعة اجراءات البنوك الإسلامية على المستوى المحلي والدولي وتشجيع نشاطها والمساعدة على تطويرها .
3.    وضع أسس التعاون والتنسيق وتبادل الخيرات بين البنوك الإسلامية .
4.    الدفاع عن مصالح البنوك الأعضاء .
5.    السعي  لنحقيق ضمان حرية انتقال الأموال بين البنوك الإسلامية .
6.    العمل على تنسيق وتوحيد نظم العمل والنماذج المصرفية والقواعد الخاصة بأنشطة البنوك الإسلامية الأعضاء
7.    إبداء المشورة وإعداد الدراسات فيما يتعلق بالمشروعات الخاصة بالبنوك الإسلامية واقتراح تدبير الموارد ودور البنوك الإسلامية في ذلك .
8.    القيام بمهمة الوساطة والتحكيم بين البنوك الإسلامية وفقاً لنظام يضع صيغة المجلس إدارة الاتحاد .
9.    بحث مشاكل النقد والائتمان في البنوك على الصعيدين المحلي والدولي .وتقديم المقترحات المناسبة لتتمكن البنوك الإسلامية من تقديم الحلول المواجهة هذة المشاكل .[21]
**ومن هذة البنوك الإسلامية :
1. البنك الإسلامي الدولي (في جده )، ويتعامل على المستوى الدول الإسلامية  ،وما من شك أنها فكرة طيبة نرجو أن يتبعها بنوك إسلامية محلية على مستوى تعامل الأفراد داخل المملكة .ولاينكر دور بنك التسليف السعودي وبنك التنمية العقاري ،والبنك الزراعي  وغيرها مما يساعد على زيادة الإنتاج وكثرة النماء وحل مشاكل الناس بدون فوائد ربوية .
2. بنك دبي الإسلامي :
     أسس عام 1975 م .
3. في مصر :
أ- بنوك الأدخار الإسلامية المحلية :أسست في سنة 1963 م ،وتقوم على فكرة المشاركة في الارباح دون التعامل الربوي .
ب- بنك ناصر الأجتماعي :أسس في أول سنة 1977م .
ج_ بنك فيصل الإسلامي المصرفي –أسس في أول سنة 1396 .
4.في الكويت :
بيت التمويل الكويتي .
5.في الأردن :
البنك الإسلامي الأردني ، أسس في سنة 1397 .
5.    6.بنوك إسلامية في السودان :
ومازال الأمير محمد الفيصل صاحب فكرة بنك فيصل الإسلامي يحث الدول على قبول فتح هذه البنوك فجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء .
**وفي نشرة لبنك دبي الإسلامي :
إن من أنشطة البنك : (نحفظ أموالك كما تشاء،فالحسابات الجارية تدار بسهولة ويسر ، وخدماتها طوع أوامرك وحسابات الودائع رهن رغبتك ، إن شئت حددت المجال الذي يستثمر فيه وتنال نصيبك في الأرباح منها ،وأن أردت فوضت اختيار مجال الاستثمار لمجلس الإدارة وتعتمد عليها .
وتشمل أنشطته :القطاعات المألوفة :من تجارة ومقاولات وتشييد وتصنيع وزراعة وذلك لدفع عجلة الاقتصاد لتعم فائدته أكبر كمية من الناس .وجميع معاملاته خالية من الربا .
**وفي نشرة لبنك التمويل الكويتي في سنة 1398 :
إن مما يقوم به التمويل الكويتي الخدمات المصرفية التالية :
1.فتح الحسابات التجارية تحت الطلب .
2. فتح حسابات التوفير مع تفويض الاستثمار .
3.فتح حسابات التوفير بدون تفويض الاستثمار .
4.قبول الودائع الاستثمارية لأجل مع التفويض بالاستثمار .
5.فتح الاعتمادات المستندية .
6.شراء وبيع الحوالات الأجنبية والسبائك الذهبية .
7.إصدار الحوالات المصرفية على اختلاف أنواعها .
8.إصدار الشيكات السياحية بالعملات الرئيسية .

هذا، ويقوم البيت بالاستثمار  في الأنشطة التالية :
1-قطاع تجاري .            2.قطاع عقاري .
3.قطاع صناعي .           4.مشاركة الغير في الاستثمار والأنشطة المختلفة .
هذا ،مع تمنياتنا له بالتوفيق والسداد .
**الشركات الإسلامية الاستثمارية :
تأسست أول شركة مضاربة إسلامية تحت اسم (الشركة الإسلامية للاستثمارالخليجي.وتكونت طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية وذلك على مستوى عالمي .وهي لمدة عام ، أوثلاثة أعوام ، أوخمسةأعوام .
**رأس مال الشركة :
يتكون من الأموال المقدمة إليها كمساهمة فيها والممثلة في صكوك المضاربة لحاملها، والأموال المقدمة إليهاكقروض والممثلة في صكوك القروض لحاملها.وتضمن صكوك المضاربة والأرباح والالتزام الأساسي لشركة المضاربة بسداد قيمة صكوك القروض لحاملها في تاريخ السداد المدون عليها.[22]
**شروط صك المضاربة:
1.يتعهد المضارب باستثمار الأموال المقدمة كقروض أوكمساهمة لصالح شركة المضاربة كما يتعهد بالحفاظ على أموال شركة المضاربة مستقلة عن أمواله.
2.سوف تتحمل شركة المضاربة مصاريفها الخاصة تحت إشراف مراقب استثمار وهذه تشمل المصاريف الإدارية و
العامة والمباشرة للمضارب .وتكاليف توزيع صكوك القروض والمضاربة وغيرها.وكل ثلاثة أشهر ينشر بيان عما يرزق الله من أرباح تعاد استثماره حتى تاريخ استحقاق صكوك المضاربة ،وقد أناب حامل الصك المضارب في سداد الزكاة .
3.في تاريخ استحقاق صكوك  المضاربة توزع الأرباح كالتالي:
1.تسعة أعشار الربح لحملة صكوك المضاربة بنسبة مساهمة كل منهم في صكوك المضاربة .
2.عشر الربح للمضارب .[23]
وإليك نص الفتوى الشرعية الصادرة عن دار الإفتاء السعودية بأغلبية آراء العلماء حول جواز هذه المعاملات والتعامل معها.
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم نائب رئيس مجلس الإدارة التنفيذي للشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي، سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..وبعد:
فأشير إلى الاستفتاء المقدم إلى مجلس هيئة كبار العلماء من الشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي عن الأعمال التي
تقوم بها الشركة وأفيدكم أن المجلس درس المضاربات السبع التي وردت في المذكرة المقدمة منكم أثناء انعقاده في
الدورة الاستثنائية الخامسة واتخذ فيها القرار رقم 80 وتاريخ 1/ 3/ 1401هـ ونصه ما يلي :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه..وبعد:
ففي الدورة الاستثنائية الخامسة لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة بمدينة الرياض ابتداء من العشرين من شهر صفر
1401 هـ حتى غرة ربيع الأول منه اطلع المجلس على المذكرة الصادرة من الشركة الإسلامية للاستثمار الخليجي في    
الحادي عشر من ربيع الأول عام  1400هـ المرافقة لهذا القرار واستعراض المضاربات التالية مما تقوم به الشركة:
1.المضاربة الإسلامية الأولى ومدتها سنة من يناير1979م حتى 1980م.
2.المضاربة الإسلامية الأولى ومدتها ثلاث سنوات من يناير 1979م حتى 1982م.
3.المضاربة الإسلامية الثانية ومدتها خمس سنوات من يونيو 1979م إلى يونيو1984م.
4.المضاربة الإسلامية الثانية ومدتها الثالثة للاستثمار والادخار والتكافل بين المسلمين ومدتهاعشرون سنة من اكتوبر 1979م إلى اكتوبر1999م .
5.المضاربة الإسلامية الرابعة للاستثمار الجاري ومدتها خمسون سنة تبدأ من يناير 1980 م .
6.المضاربة الشهرية للمؤسسات المالية الإسلامية يوليو1979م .
7.المضاربة الربع سنوية للموسسات المالية الإسلامية يوليو1979م .

وبعد دراسة هذه المضاربة ومناقشتها وتداول الرأي فيها رأي المجلس مايلي :
1.يوصي المجلس المسلمين عامة وأهل الحل والعقد منهم خاصة أن يعملوا مافي وسعهم لماية مجتمعاتهم من الربا والتعرض لمحاربة الله ورسوله  .وأن يبادروا إلى إقامة البنوك والمصارف الإسلامية وتنشيطها حتى يتمكن الناس بواسطتها حتى يتمكن الناس بواسطتها من إيداع أموالهم واستثمارها بالطرق التي أباحها الله وبتقليص نشاط شركات التأمين والبنوك الربوية الموجودة الآن بين أظهر المسلمين .
2.يقرر المجلس با لأكثرية أنه لم يظهر له في هذة المضاربات مايخالف الشريعة الإسلامية .والله ولي التوفيق ..وصلى الله لى نبينا محمد وعلى آله وصحبه .
فآمل الإحاطة ..وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ب-التزام شروط البيع أثناء التعامل :
وذلك بالتزام شروطه التي ذكرها الفقهاء وقد شرحهاالعلامة منصورالبهوتي في كتابه (الروض المربع ) ، وسألخصها فيما يأتي :
 *أحدها : التراضي منهما ،لقوله   r :"إنما البيع عن تراض "[24] .
  *ثانياً : أن يكون العاقد بائعاً أو مشتريا جائز التصرف ،فلايتصرف صبي ولا مجنون ولاسفيه إلا إن أذن الولي للصبي والسفيه ، لقوله تعالى ) وابتلوا اليتامى ( .[25]
*الشرط الثالث : أن يكون العين المعقود عليها أو على منفعتها مباحة النفع ، من غير حاجة كالحمار ودود القز ونحوهما .
لذا يحرم بيع وشراء الحشرات والآت اللهو ونحوهما :كالميتة ، لقوله r "أن الله حرم بيع الميتة والخمر والأصنام "  [26].
*الشرط الرابع : أن يكون مباشر العقد مالكه أو من يقوم مقامه كالوكيل لقوله r "لاتبع ماليس عندك "[27] . أي ماليس في ملكك وقدرتك / قاله الشوكاني .
*الشرط الخامس : أن يكون المعقود عليه مقدوراً على تسليمة ،فلا يباع طير في هواء ولاسمك في ماء بحر وغير ذلك من النواع من المعاملات .لأنه أشبه بالمعدوم .
*الشرط السادس :كون المبيع معلوماً عند المتعاقدين .إما برؤيته له أو لبعضه الدال عليه أو بصفة تكفي في السلم عادة .
*الشرط السابع :كون الثمن معلوماً للمتعاقدين ،فإن باعه برقمه أو بما باع به زيد ،وجهلاه ،أو كما يبيع الناس ونحو ذلك فلا يجوز . إذن : فلابد من العلم بالثمن من قبل الطرفين .[28]
وقد عقد محمد القرشي باباًحول وظيفة المحتسب حول ألاٌنكار على من يخالف شروط البيع فقال : (باب في وظيفة المحتسب من الإنكار على من يتعامل بالمعاملات المنكرة :كالبيوع الفاسدة وذلك كالربا والسلم الفاسد والإجارة الفاسدة والشركة الفاسدة وبيان شروط الشرع لمن يتعامل بها في الأسواق ،ومنها وأهمها بيان شروط البيع من بيان أركانه ونحو ذلك بإجازة مايوافق الشروط الشرعية وإلغاء مايخالف الشروط الشرعية )[29] .
**تحريم بعض أنواع البيوع لتثبيت القيمة العادلة :
وهناك أنواع من البيوع تحرم ،وذلك تركاً للسوق كي يستقيم فيه العرض مع الطلب حتى تثبت القيمة العادلة .منها على سبيل المثال لاللحصر .
أولاً : بيع الغرر :
الغرر : هوكل بيع احتوى جهالة أو تضمن مخاطرة أو قماراً ،وقد نهى الله عنه .
ومن أنواع بيوع الغرر مايأتي :
1.النهي عن بيع الحصاة : بمعنى أنهم يقذفون الحصاة فما وقعت عليه كان هو المبيع  [30] .
2.بيع الملامسة والمنابذة :
وهو أن يقول : إذا لمست ثوبي أو لمست ثوبك فقد وجب البيع .
والمنابذة : أن يجعل النبذ بيعاً اكتفاء به عن الصيغة .لحديث أبي هريرة : (إن رسول الله r نهى عن الملامسة والمنابذة )  [31].
3.تحريم بيع حبل الحبلة :
ومعناه مافي بطن الحامل من ذكر أو أنثى ، (لنهيه r عن بيع حبل الحبلة )  [32].
4.تحريم بيع النجش :
وهو أن يزيد في الثمن بلارغبة بل ليغر غيره . (وقد نهى r عن النجش )  [33].
5.تحريم بيع البعض على البعض :
بمعنى لايتدخل بائع لآخر ويقول للمشتري تعال أعطيك بأقل مما شريت . لقوله  r "لايبع بعضكم على بيع أخيه " [34].
6.التصرية :
بمعن حبس اللبن في الضرع للتغرير . لقوله r "ولاتصروا الأبل والغنم "  [35] .
7.حكمة تحريم الغش ومنعه أثناء المعاملة بين البائع والمشتري : لأن الغش يقوض شياً من القيمة العادلة بينهما .
(مر رسول الله r على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً ، فقال : "ماهذا ياصاحب الطعام ؟ قال : أصابته السماء يارسول الله ، قال : أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس .من غش أمتي فليس مني "[36] .
**موقف عمر من الغش :
يقول ابن قدامه : قال ابن رشد البيان (ولصاحب الحسبة الحكم على من غش في أسواق المسلمين في خبز أو لبن أوعسل أوغير ذلك من السلع )
فقدروي عن مالك في المدونة (إن عمر بن الخطاب  رضي الله عنه كان يطرح اللبن المغشوش في الأرض أدباً لصاحبه .
وقيل لمالك : إذا غش الزعفران والمسك ؟ قال : ما أشبهه باللبن .ثم عقب ابن رشد : بأن هذا إذا كان يسيراً ،خفيفاً ثمنه [37] .
**وجوب عرض السلعة في سوقها وترك صاحبها حتى يصل إلى السوق وحتى يعرضها ليتبين له الثمن العادل :
من هنا طلب الإسلام تقليل الأيدي التي تتداولها حتى لايرتفع ثمنها .
*عن ابن عباس رضي الله عنه قال :قال رسول الله r : "لاتلقوا الركبان ، ولايبع حاضر لباد " .
**تحريم بيع الحاضر للباد وتلقي الركبان :
قيل لابن عباس مابيع الحاضر للباد ؟قال :لايكون له  سمساراً .وأما تلقي الركبان :فهو استقبالهم قبل قدومهم السوق لشراء مامعهم قبل أن يعرفوا الأسعار . لقوله r "لاتلقوا الركبان ولايبع حاضر لباد "  [38].
وقد أخذ الجمهور بظاهر الحديث :فقالوا لايجوز تلقي الركبان بحال .
*جاء في المغني : (فإن باع حاضر لباد فالبيع باطل )[39] .حيث إنه منهي عنه والنهي يقتضي الفساد للمنهي عنه .
**يقول ابن القيم في الطرق الحكمية –حول تلقي السلع :
(ومن المنكرات تلقي السلع ، قبل أن تجيء إلى السوق ،فإن النبي r ،نهى عن ذلك ولما فيه من تغرير البائع فإنه لايعرف السعر فيشتري منه المشتري بدون القيمة .ولذلك أثبت له النبي r الخيار ،إذا دخل إلى السوق ،ولانزاع في ثبوت الخيار له مع الغبن )  [40] .
**يقول في سبل السلام حول هذة المسألة :
لاحظ الشارع في هذا النهي مصلحة الناس وقدم مصلحة الجماعة على الواحد ،ولما كان البادي إذا باع لنفسه  انتفع جميع أهل السوق واشتروا رخيصاً ، فانتفع به جميع سكان البلد ،لاحظ الشارع نفع أهل البلد على نفع البادي ،ولما كان التلقي إنما ينفع المتلقي خاصة وهو واحد ،لم يكن في إباحة التلقي مصلحة ،لاسيماوقد تضاف إلى ذلك علة ثانية :وهي لحوق الضرر بأهل السوق ،في انفراد التلقي عنهم بالرخص )    [41].
  ومما تقدم من ذكر شروط البيع وذكر بعض محرمات المعاملات التجارية يتبين لنا حكمة الإسلام في تلك الشروط حيث لأبد من التراضي بين البائع والمشتري وكون العاقدين جائزي التصرف ،ولابد أن يكون المبيع مباح النفع وأن يكون العاقد مالك المبيع وأن يكون مقدوراً على تسليمة ومعلوماً لديهما وكذلك الثمن ومن تحريم بعض المعاملات التجارية كالغرر والنجش ونحو ذلك لأنه بقدر مايلتزم بهذه الشروط ويبتعد عن الممنوع  في التعامل التجاري بقدر ماتستقر الأوضاع التجارية وتسير سيراً منطلقاً ،خالياً من كل عائق فنتيجة لذلك يزيد الإنتاج وتستقر الإوضاع الاقتصادية حيث تثبت القيمة العادلة .حيث إن مخالفة شرط من هذه الشروط أوكلها سبب للمشاكل بين الناس وهذا بدورة يجعل التجارة غير مستقرة وغير منتجه ،مما ينعكس أثره السيء على كل فرد من أفراد المجتمع
جـ - الاحتكار في الأسواق :
تعريف الاحتكار :قال في مختار الصحاح [42] احتكار الطعام :حبسه وجمعه .وشرعاً :شراء الطعام وحبسه الى الغلاء .
*موضع النهي عن الاحتكار :
ذهب الشافعي وأحمد إلى أنه لايكون إلافي الطعام لأنه قوت الناس [43] وذهب فريقاً آخر إلى أن الاحتكار في أي سلعة لايكون متعادلاً مع قيمتها ،بسبب الضرر الواقع على الناس .(وهو مذهب الأحناف ) .
**يقول أبويوسف:
(كل ما أضر الناس حبسه فهو احتكار وإن كان ذهباًوفضة ) . ومن احتكره فقد أساء استعمال حقه فيما يملك ، لأن كل مايضر حبسه كالثياب مثلاً ،لايقل أذى للناس عن الاجتكار بإطلاق غير مقصور على الطعام ،ولأن مقصود منع الاحتكار هومنع الضرر عن الناس فكل مايضرهم من منع الطعام أو الثياب يدخل تحت ذلك [44] ).
**يقول ابن قدامه في المغني :والاحتكار المحرم ما اجتمع فيه ثلاثة شروط :
1.أن يشتريه ليحتكره ،فإن اشتراه ليدخره لمستقبل أولاده ونحو ذلك فلا مانع .
2.أن يكون المشترى مما يقتات ويحتاجه الناس .
3.أن يضيق على الناس شراؤه ،ككون البلد ضيقاً ، أو يجتمع التجار فيشترون سلعة معينة ليبيعوها بزائد  [45].
**وجاء في المدونة الكبرى لمالك :
(أن الحكرة في كل شيء في السوق من الطعام والكتاب والزيت وجميع الأشياء والصوف وكل مايضر السوق وقال :والسمن والعسل والعصفر وكل شيء ،لكن إن كان لايضر بالسوق فيرى أنه لابأس لك  [46]).
**بيع القاضي على المحتكر في نظر ابن تيمية :
مما ينكره المحتسب الاحتكار لما يحتاج الناس إليه.وقد روى مسلم في صحيحه عن معمر بن عبد الله العدوي أن النبي r قال:(لايحتكر إلاخاطىء).[47]
فإن المحتكر الذي يعمد إلى شراء مايحتاج الناس من الطعام فيحبسه عنهم ويريد اغلاءه فهو ظالم لعموم الناس ،ولهذا كان لولي الأمر أن يكره المحتكرين على بيع ماعندهم بقيمة المثل ،عند ضرورة الناس إليه .
مثل من عنده طعام لايحتاج إليه والناس في مخمصة أوسلاح لايحتاج اليه ،والناس يحتاجون اليه للجهاد أو غيرذلك ،فإن من اضطر الى طعام عيره أخذه منه بغير اختياره بقيمة المثل  [48].
**ويقول ابن حزم في المحلي :
الحكرة المضرة بالناس حرام سواء في الابتياع أو في إمساك ماابتاع الناس ويمنع من ذلك ، والمحتكر  في وقت رخاء ليس آثماً بل هو محسن  [49].
**وجاء في معالم القربة (للقرشي ):
إنه إذا رأى المحتسب أحداً قد احتكر في سائر الأقوات بحيث يعمد إلى شراء ذلك في وقت الغلاء ،ويتربص ليزداد في ثمنه فيلزمه المحتسب البيع إجباراً لأن الاحتكار حرام لورود الأدلة في ذلك .وروي عن علي كرم الله وجهه (أنه أحرق طعاماً محتكراً بالنار .وقال عمر رضي الله عنه : (لاحكرة في سوقنا )  [50].
**بعض الصور المعاصرة للاحتكار :
أولاً : نظام الشركة القابضة :التي تقوم بشراء معظم الأسهم في الشركات الأعضاء وذلك تتحكم في تحديد كميات الإنتاج وأسعار المنتجات .
 ثانياً: الإدماج :وهو اندماج أكثر من شركة واحدة تتحكم في السلع المنتجة وفي أسعارها وتقضي على عامل المنافسة .
ثالثاً:اتحاد الثمن وفي هذا النوع يتفق المنتجون فيما بينهم على تحديد الأثمان والكميات للحصول على الربح الأعظم .
رابعاً :منع الغذاء عن دولة إسلامية مع أخرى مثلها في شدة الحاجة إلية .[51] 
**الأضرار الناشئة عن الاحتكار :
1.إهدار حرية التجارة والصناعة ،حيث يتحكم المحتكر في السوق وبفرض مايشاء من أسعار ويحدد مايباع من كميات .
2.القضاء على مبدأ تقريب الشقة بين مختلف الطبقات .
3.قتل روح المنافسة البناءة ،فيكون ذلك سبباً في عدم إتقان وتحسين أوتطوير المنتجات .
4.    4.الإضرار بالآخرين .
5.    5.إتلاف فائض الإنتاج لرفع مستوى الأسعار .
وهذا هو عين ماتفعله البرازيل التي تحرق الأطنان من البن أو القمح أو الذرة ،بينما الملايين لاتجد حاجتها ،وماتفعله الأسواق الأوروبية من اعدام الفواكه واحتكار الدواء ومنعه عن المحتاجين المرضى ،كل ذلك وراء الكسب الحرام[52]
·    ويحدد المحتسب النظر في المكاييل حتى لايعبث بها .ثم يقول :أنه متى ظهر للمحتسب بخس في الكيل أو الوزن فإنه يخوف الفاعل بالله ويهدده بالتعزير ويشهر به حتى يرتدع ويكون عبرة لغيره .[53]
·    فمما تقدم يتبين لنا اهتمام الكتاب والسنة وعلماءنا في ضرورة المكاييل والموازين  والتقيد بها في التعامل بين البائع والمشتري وذلك حرصاً من الشريعة على دفع التجارة إلى الأمام وحمايتها من عبث العابثين وجور المستغلين .
·    علة تحريم التلاعب بالمكاييل والموازين في رأيي :
علة التحريم :
1.حتى لايوجد طبقة تسرق أموال الناس بطرق ملتوية يسبب لها الثراء على حساب الفقير .
2.بروز طبقة في المجتمع تحتكر السلع والخدمات عن طريق تصرفها السيء في نقص المكاييل والموازين .
3.زيادة سحق الطبقة الفقيرة إذهم عادة الضحية لمثل هذة التصرفات السيئة واستغلال مجهوداتهم وإنتاجهم لحساب الطبقة المستغلة .
4.تشجع على ضعف الإنتاج في الدولة الإسلامية حيث لم يعد هذا التاجر المتربع على متجره أومصنعه أومزرعته يفكر في توسيع دائرة إنتاجه إذيكتفي بهذه الأرباح الخيالية التي تأتيه عن طريق تطفيف الكيل أو الوزن وهو لم يذل أدنى جهد يذكر .
كذلك يحصل ضعف الإنتاج بكسل الموردين لهؤلاء السماسرة الذين نقصوهم الكيل أو الوزن من حيث لايشعرون ،فيرون الخسارة في بضائعهم .
**مشكلة الرقابة على الأسواق في النظم المعاصرة :
من أهم المشاكل التي تعاني منها النظم المعاصرة رأسمالية أم اشتراكية وذلك بسبب تخلي المتعاملين في الأسواق عن القيم والأخلاق والمثل ،الأمر الذي ترتب عليه تفشي الغش والتطفيف في الكيل والوزن والتزوير والاختلاس والسرقات والتعامل بالربا وأكل أموال الناس بالباطل وهذا ماحدا بالدول الرأسمالية  إلى التدخل المحدود للمراقبة على الأسواق المحلية .
كما ذهبت الدول الاشتراكية إلى التدخل التام للرقابة على الأسواق وبالرغم من ذلك التدخل إلا أن أمراض السوق مثل الغش والأختلاس وغير ذلك تسبب الآلآم للأفراد ولا سيما الطبقة المستهلكة .[54]
**أهمية النقود لتقويم وسائل الإنتاج في السوق :
لتحقيق القيمة العادلة :( النقود ) :
النقود : تطلق على جميع مايتعامل به الشعوب من دنانير ذهبية ودراهم فضيه وفلوس نحاسية [55]. 
**يقول أبو حامد الغزالي : (أنه بسبب البيعات يحتاج الناس إلى النقدين فمن يريد شراء طعام بثوب فأين المقدار الذي يساويه به ،فلابد من حاكم عدل يتوسط بين المتبايعين فيطلب منه مال يطول بقاؤه ،ولاشك أن من أبقى الأموال المعادن ، فاتخذت النقود من الذهب والفضة ،وهكذا مست الحاجة اللا الضرب والنقش )  [56].
** ويقول ابن خلدون في المقدمة :
( إن الذهب والفضة هما الذخيرة والقنية لأهل العالم في الغالب ، فظاهرة الثبات النقدي كانت السبب الأول في صيرورة الذهب والفضة مستودع القيمة وفي اتخاذهما أداة للادخار والمبادلة ) .
ويقول ابن خلدون في موضع آخر :
(إنها أداة للتبادل وهي لأتاتي للفرد ولاللدولة في الغالب إلا عن طريق الجهد والعمل وقوة الأنتاج )[57]
**رأي ابن تيمية في المحافظة على النقود :
يقول : (ولهذا ينبغي للسلطان أن يضرب لهم فلوساً تكون بقيمة العدل في معاملاتهم من غير ظلم لهم ولايتجر ذو السلطان في الفلوس أصلا ،بأن يشتري نحاساً فيضربه فيتجر فيه ) [58].
ثم يقول في قضية ضرب النقود :
(بل يضرب السلطان مايضرب بقيمته من غير ربح فيه وذلك للمصلحه العامة ،ويعطى أجرة الصناع من بيت المال وذلك أن التجارة فيهت أي ضرب النقود-باب عظيم من أبواب ظلم الناس ،وأكل أموالهم بالباطل فإنه إذا حرم المعاملة بها حتى صارت عرضاً لاقيمة لها وضرب له فلوساً أخرى أفسد ماعندهم من الأموال بنقص أسعارها فيظلمهم فيها وظلمهم فيها بصرفها بأعلى سعرها )[59] .
**وفي مقالة للأستاذ (يحيى عيد ) :
وقد تحدث عن النقود ووظائفها فقال :
(تلعب دوراً أساسياً في حياة الأمم والدول ،بحيث اصبحت من ضرورات الحياة يصعب الأستغناء عنها ،بغض النظر عن مادتها المدنية والورقية .
وظائف النقود :
1.مقياس للقيم .          2.مستودع للقيمة .          3.وسيط مبادلة .
فبواسطة النقود نستطيع أن نعرف الفرق بين قيمة سلعة وأخرى ،وفي اقتصاد السوق يحمل الرجل نقوده ويختار مايشاء من سلع في أي وقت لايخشى على ماله من التلف ولامن الغبن ،وأما أن النقود مستودع القيمة :فذلك أن قيمتها ثابتة بحيث تمكن صاحبها من الاستفادة منها بالحاضر أو المستقبل على حسب حاجته .
أما كون النقود وسيطاً للمبادلة ، فهذه الوظيفة التي أوجدت من أجلها .فلا يلتجئ الإنسان إلى وسيط آخر مع وجودها لأن داعي أكل فائض القيمة قد وجد أما إذا كان الوسيط نقوداً فيكون تقدير القيمة دقيقاً .
لذلك نهى r الرجل الذي باع التمر صاعاً بصاعين ،وأرشده إلى الوسيط الدقيق للمبادلة . فقال له : (بع ماعندك من تمر بدراهم ثم اشتر بالدراهم جنيباً-أي تمراً جيد ) [60] .
**النهي عن كسر سكة المسلمين إلا من بأس  :
عقد الشوكاني في (نيل الأوطار )باباً حول النهي عن كسر سكة المسلمين إلا من بأس ، وساق الدليل على تحريم ذلك فعن عبدالله بن عمرو المازني قال : ( نهى رسول الله r أن تكسر سكة المسلمين  الجائزة بينهم إلامن بأس )[61]
والسكة :الدراهم المضروبة – والجائزة النافعة الاستعما بينه ،والعلة في النهي عن الكسر لما فيه من الضرر بإضاعة المال ،لما يحصل من النقصان في الدراهم ونحوه إذا كسرت وأبطلت المعاملة بها .
ومن أنواع الكسر : قرض أطراف المعادن المتعامل بها ، لأن هذا العمل يخل بعملة المسلمين على المدى البعيد  [62].
وأن النبي كان يرمي من وراء ذلك ألاتعود الدنانير تبرا ،فيتخذ منها أوان ونحوها فتكون والحالة أرصدة مجمدة ،بعيدا عن التداول ،مما يؤدي إلى قلة السيولة النقدية في الأسواق ،وقد يؤدي كسر السكة إلى التزييف والالتباس الذي نهى عنه الشارع .[63]
ولذلك اعتنى الخلفاء على مر التاريخ بالنقود وسكوها حتى لاتقبل التغيير والتلاعب ،قال يحيى بن بكير :سمعت مالكاً يقول :
(أول من  ضرب الدنانيرعبدالملك ،وكتب عليها القرآن ،وقال مصعب :كتب عبدالملك على الدنانير (قل هوالله أحد )،وفي الوجه الآخر (لااله إلاالله )،وطوقه بطوق فضة وضرب بمدينة كذا ،وكتب خارج الطوق (محمد رسول الله أرسله الله بالهدى ودين الحق )  [64].
** و- التسعير :
يقول في نيل الأوطار :وهو أن يأمر السلطان أو نوابة أهل السوق ألا يبيعوا أمتعهتم إلا بسعر كذا ،فيمنعوا من الزيادة عليه أو النقصان لمصلحة   [65]،فهو وضع سعر معين للسلع التي يراد بيعها وهومنهي عنه لحديث أنس : (إن السعر غلا على عهد رسول الله r فقالوا يارسول الله سعر لنا فقال :إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق ،وأنب لأرجو أن ألقى الله وليس أحدكم يطالبني بمظلمة في دم ولامال )  [66].
*لماذا لم يتم التسعير في عهد رسول الله r ؟
يقول ابن القيم في الطرق :
(لم يقع في عهد الرسول لأنهم لم يكن عندهم من يطحن ويخبز بكراء ولا من يبيع طحيناً وخبزاً،بل كانوا يشترون الحب ويطحنونه ويخبزونه في بيوتهم وكان من قدم بالحب لايتلقاه أحد بل يشتريه الناس من الجلابين ،ولهذا جاء في الحديث : "الجالب مرزوق ،والمحتكر ملعون " [67].وكذلك لم يكن بالمدينة حائك بل كان يقدم عليهم بالثياب من الشام واليمن فيشترونها ويلبسونها  [68] .
**يقول الشوكاني –حول حديث التسعير :
إن الحديث يدل على تحريم التسعير وأنه مظلمة ووجهه أن الناس مسلطون على أموالهم ،والتسعير حجر عليهم ،والإمام مأمر برعاية مصلحة المسلمين ،وليس نظره في مصلحة المشتري برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع بتوفير الثمن .
وإذا تقابل الأمران وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم وإلزام صاحب السلعة أن يبيع بما لايرضي به مناف لقوله تعالى )إلا أن تكون تجارة عن تراض ( [69] .وإليه ذهب جمهور العلماء .
وظاهر الحديث : أنه لافرق بين حالة الغلاء وحالة الرخص ،وظاهر الحديث كذلك أنه لافرق بين ماكان قوتاً للأدمي أو غيره من الحيوانات وسائلا الأمتعة )  [70].
**قال ابن القيم في الطرق :
ولايجوز عن أحد من العلماء أن يقول السلطان لهم :لاتبيعوا بكذاوكذا ،ربحتم أو خسرتم ،من غير أن ينظر إلى مايشترون به ،ولايقول لهم فيما قد اشتروه لاتبيعوه إلا بكذا وكذا مما هو مثل الثمن أو أقل .
أما احتجاج مالك بما روي عن عمر أنه قال لحاطب : أما إن ترفع سعرك ،أوتحمل من سوقنا ،فيرده بقية الأثر ،حيث حاسب عمر نفسه وقال لحاطب :إنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلدد ،فحيث شئت فبع ،وكيف شئت فبع .


-       ثم يقول ابن القيم : ( إن الناس مسلطون على أموالهم ، ليس لأحد أن يأخذها إلا برضى من أنفسهم )
** قال الشافعي في التسعير :
ماروي عن عمر أنه مر بحاطب بن أبي بلتعة بسوق المصلى وبين يديه غرارتان فيهما زبيب ، فسأله عن سعرها فسعر له مدين بدرهم ، فقال عمر : لقد حدثت بغير مقبلة من الطائف تحمل زبيبا وهم يعتبرون سعرك ، فإما أن ترفع في السعر وإما أن تدخل زبيبك البيت فتبيعه كيف شئت ، فلما رجع عمر حاسب نفسه ثم أتى حاطبا في داره فقال له : إن الذي قلت لك ليس بعزيمة مني ولا قضاء ، إنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد فحيث شئت فبع ، وكيف شئت فبع .
وبهذا الأثر يقول الشافعي لأن الناس مسلطون على أموالهم وليس لأحد أن يأخذها ولاشيئاً منها بغيرطيب أنفسهم ،إلا في المواضع التي تلزمهم وهذا ليس منها  [71].
**حقيقة التسعير :
أما التسعير فمنه ماهو ظلم محرم ،ومنه ماهو عدل جائز ،فإنه إذا تضمن ظلم الناس وإكراههم بغير حق على البيع يثمن لأيرضونه أو منعهم مما أباح الله لهم فهو حرام وإذا تضمن العدل  بين الناس مثل إكراههم على مايجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل ،ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيادة على عوض المثل فهو جائز بل واجب .
**دليل القسم الأول :
ماروي عن أنس قال :غلا السعر على عهد رسول الله r فقالوا :لو سعرت لنا فقال :"إن الله هو القابض الرازق الباسط المسعر ،وأني لأرجو أن ألقى الله ولايطالبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولامال " .
أما إذا كان الناس يبيعون سلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم منهم وقد ارتفع السعر –إما لقلة الشيء وإما لكثرة الخلق –فهذا إلى الله فإلزام الناس أن يبيعوا  بقيمة بعينها إكراه بغير الحق .
أما الثاني :
فمثل أن يمتنع أرباب السلع من بيعها مع ضرورة الناس إليها بزيادة على القيمة المعروفة ،فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل ولامعنى للتسعير إلا إلزمهم يقيمة المثل بالعد الذي ألزمهم الله به .[72]
*ثم يقول ابن القيم : قال شيخنا : (إذا امتنع الناس من بيع مايجب عليهم بيعه فهنا يؤمرون بالواجب ويعاقبون على تركه وكذلك على من وجب عليه أن يبيع بثمن المثل فامتنع  .
ومن احتج على منع التسعير في مثل ذلك بقول الرسول r : "إن الله هو المسعر القابض والرازق الباسط وأني لأرجو أن ألقى الله  وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولامال "، فيقال له :إن هذه قضية عين، وليس لفظاً عاماً وليس فيها أن أحداً امتنع عن بيع ماالناس يحتاجون إليه .
وقد ثبت أن النبي r منع الزيادة على ثمن المثل في عتق الحصة من العبد المشرك ، فقال : " من أعتق شركا له في عبد وكان له من المال مايبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل ولاوكس ولاشطط "  [73].
فليس للمالك أن يساوم المعتق بالذي يريد ، بل يقوم العبد كاملاً قيمة عدل ،ويعطيه النصف رضي أم لم يرض ،وهذا الحديث صار أصلاً في إخراج الشيء من يد صاحبه للمصلحة الراجحة وذلك كما الشفعة ، فكذلك إذا كانت الحاجة بالناس إلى التملك أعظم ،وهم إليها أضر ،مثل حاجة المضطر إل اللباس والطعام والشراب ونحوها .
فهذا الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم قيمة المثل ، هو حقيقة التسعير وعلى ولي الأمر أن يجبرهم على البيع بثمن المثل ، لا بما يرونه من الثمن . وحديث العتق أصل في ذلك كله .

**فالخلاصة من كلام العلماء في التسعير :
أنه في الأصل ممنوع لعموم الأدلة . ولأن التسعير في الحالة العادية ربما يضر على الإنتاج حيث يحصل منه ضرر على المنتج ، فيظطر إلى تقليل إنتاجه  أو إلى الامتناع عن هذا الإنتاج لأن الربح قليل .
وأنه في الحالات العادية  يخضع لقضية العرض والطلب ، فمتى كثر الطلب انخفض السعر ،وكلما قل العرض زاد السعر – فليس لذلك ضابط معين حتى يلزم الناس به .
أضف إلى ذلك أن التسعير وإلزام الناس به ربما يضطر إلى الاحتكار بمنع السلع في وقت هذا التسعير المنخفض ، بحيث يخرجونه عندما يرتفع السعر ، أو ينقلونه إلى بلد آخر ويخبئونة في بمخازنهم وكاها معلوم ضررها على الناس لكن ليس معنى ذلك أن منع التسعي هو الدائم أبداً حتى في الحالات التي يتواطأ التجار على مضاعفة السعر ، أو اخفائها تحيناً لارتفاع ثمنها ،ففي هذه الحالات يجبرون على البيع بثمن المثل دون شطط خاصة في الأقوات و
مايحتاجة الناس وبهذا نستطيع الجمع بين الأدلة .

المطلب الثاني

حماية قوافل التجارة:
شددت الشريعة في حماية المسافرين وتوفير جو الأمن والأمان بتحريم الاعتداء على المسافرين بقطع طرقهم ونحو ذلك ؛حتى تسير القوافل التجارية آمنة مطمئنة طبيعتها السرعة حتى لاتتلف البضائع؛ ولا تتأخر عن مستهلكيها ؛لذلك أوجب الله تعالى في كتابه حد الحرابة.قال تعالى:)إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أوينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ([74]
وذكر الطبري في سبب نزولها : أنها نزلت في العرنيين الذين قدموا على رسول الله r في المدينة فأمر لهم رسول الله r بلقاح وأمرهم أن يشربوا من ألبانها فانطلقوا ، فلما صحوا قتلوا راعي النبي واستاقوا النعم ، فبلغ ذلك النبي من أول النهار فأرسل في آثارهم فجيء بهم فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمرت أعينهم وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون . [75]
*وقال مالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي أن الآية نزلت فيمن يخرج من المسلمين يقطع السبيل ويسعى في الأرض بالفساد.
*وقال ابن المنذر :إن قول مالك صحيح؛ولا خلاف بين أهل العلم أن حكم هذه الآية مترتب في المحاربين من أهل الإسلام،وإن كان نزولها في المرتدين أوغيرهم.[76]
والمحارب : هو من حمل على الناس في مصر أوبرية وكابرهم في أنفسهم وأموالهم وهورأي لبعض العلماء ،ويرى بعضهم أن حكم ذلك في المصر أو في المنازل والطرق وديار أهل البادية والقرى وحدودهم واحدة –وهو قول للشافعي وأبي ثور وقال بعضهم :إن المحاربة لاتكون إلاخارج المصر . ويضم بعضهم المغتال الذي يحتال في قتل إنسان على أخذ ماله وإن  لم يشهر السلاح ، ولكن دخل بيته ، أو صحبه في سفر فأطعمه سماً فيقتل حداً .[77]
*وفي عقوبتهم أن (أو ) للترتيب .قال بعض العلماء العلماء أن (أو)للترتيب .
فإن قتل يقتل وإن أخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف،وقال بعضهم يقام عليه قدر فعله ، فمن أخاف السبيل وأخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف ،وإن أخذ المال قطعت يده ورجله ثم صلب ،وإذا قتل ولم يأخذ المال قتل ،وإن هو لم يأخذ المال ولم يقتل نفي .
قال ابن عباس وقال بعضهم : إن الإمام مخير في الحكم على المحاربين يحكم عليهم بأي الأحكام التي أوجبها الله تعالى من القتل والصلب أوالقطع أو النفي لظاهر الآية بسب (أو) التخييرية  [78].
- فمما تقدم تبين لنا حرص الشريعة على استمرارية الاستقرار في داخل المدن وخارجها ،أي الصحاري ،لأنها في الغالب تكون خالية الإمن المسافرين للتجارة ونحوها .
ومن هنا جاءت الشريعة بتشديد العقوبة على من يخيف طرق المسلمين أو يعتدي عليهم وذلك الاستقرار والأمن .وفي ذلك تشجيع كبير للتجارة .حتى يسهل العرض والطلب بين البلدان .وأنه بقدر ماتأمن الطرق  بقدر مايتشجع ويسيرون في بضائعهم وبقدر ماتختل الطرق بقدر ماتنكمش التجارة ويصيبها الخلل ولاضطراب ،مما ينعكس أثره السيء على كل فرد  من أفراد الدولـة .
ولقد أدرك الخلفاء أهمية التجارة وحمايتها وتعبيد طرقها ومحاولة إصلاح الجسور لعبور المسافرين عليها ،وذلك حتى تندفع التجارة إلى الأمام ويكثر الإنتاج .
*فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الله عنه يشعر بالمسئولية على عاتقه ويقول (والله لو أن بغلة عثرت بنهر دجلة لوجدتني مسئولاً عنها لم لم أمهد لها الطريق ) .
ولذلك اشتملت عهود الصلح مع أهل البلاد المفتوحة في عهده رضي الله عنه تعالى عنه على بعض المواد التي تنص على أصلاح الجسور والطرق وبناء القناطر  [79].
وذلك عن طريق  الخليج الذي فتح بعد فتح مصر وكان يمتد من الفسطاط إلى السويس والذي حفره عمرو بن العاص في خلافة سيدنا عمر وعرف بخليج أمير المؤمنين ، وصارت المؤن تأتي عن طريقه ، وتلف في آخر الدولة الأموية  [80].
 
 


[1] الا قتصاد الإسلامي –زيدان ابو المكارم –ص20 .
[2] سورة البقرة –آية 279 .
[3] مختار الصحاح –ص232 .
[4] منتهى الإرادات –البهوتي-ج2-ص193 .
[5] سورة البقرة –آية 275 .
[6] سورة البقرة –آية 276 .
[7] سورة آل عمران –آية 130 .
[8] انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري –كتاب اللباس –الباب 86-ج10-ص379 .
[9] انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري –كتاب البيوع- الباب 4-ص378-30.
[10] ينظر صحيح مسلم –ج5-ص50-كتاب البيوع –باب الربا .
[11] ينظر أعلام الموقعين –ج2- ص154 .
[12] ينظر صحيح مسلم –كتاب البيوع –باب الربا –ج5-ص44 .
[13] الحنابلة :العلة الطعم –الكيل –الوزن-المغني-ج4-ص127 .
[14] حجة الله البالغة –شاه ولي الله الدهلوي-ص107-وكذلك الفقه الميسر –أحمد عاشور –ص216 .
[15] ينظر –موسوعة الاقتصاد الإسلامي –محمد الجمال –ص350 .
[16] النظام الاقتصادي في الإسلام –العسال وفتحي عبدالكريم –ص86 .
[17] أسس الاقتصاد بين الإسلام والنظم المعاصرة –المودودي –ص135.
[18] عبد السميع المصري –ص357 –وعلي مكي –ص218..
[19] العسال-ص88-وكتاب تمويل المشروعات في الإسلام-علي مكي –ص21.
[20] الشيوعية في ميزان الإسلام-لبيب السعيد-ص65.
[21] الموسوعة –ص453-عبدالمنعم الجمال .
[22] .ينظر-موسوعة الاقتصاد الإسلامي –عبد المنعم الجمال –ص460
[23] ينظر-موسوعة الاقتصاد الإسلامي –عبد المنعم الجمال-ص460 .
[24] رواه ابن ماجه ،وقد حسنه في فيض القدير-ج2-ص559 .
[25] سورة النساء –آية 6 .
[26] رواه مسلم في صحيحه –كتاب المساقاة –ج5-ص41 .
[27] الحديث رواه الخمسة –وأخرجه ابن حبان في صحيحه .انظر نيل الأوطار للشوكاني –ج5-ص175 .
[28] نقلته بأختصار وتصرف من كتاب الروض المربع –منصور البهوتي –ص208-212-ط:1389 .
[29] معالم القربة في معالم الحسبة –القرشي-ص108 .
[30] انظر اشوكاني –نيل الأوطار –ج5-ص167 .
[31] أخرجه البخاري –وانظر فتح الباري وشرح صحيح البخاري –ج4-ص357-358 .
[32] رواه البخاري في فتح الباري –ج4-ص356 .
[33] فتح الباري شرح صحيح البخاري –ج4-ص355 .
[34] فتح الباري –ج4-ص352 .
[35] ينظر عقد اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان –محمد عبدالباقي –ج2-ص136-ط:دار الفكر .
[36] ينظر مسلم في صحيحه –ج1-ص69-دار المعرفة .
[37] الطرق الحكيمة في السياسة الشرعية –لابن القيم –ص314-315.
[38] روه البخاري –في فتح الباري –ج4-ص373-372 .
[39] المغني ج4-ص237 .
[40] الطرق الحكيمة –لابن القيم-ص 283 .
[41] سبل السلام –ج3-ص22-بتصرف –الناشر :المكتبة التجارية الكبرى –مصر . 
[42] مختار الصحاح –ص148 .
[43] المغني والشرح الكبير –لابن قدامه –ص283 .
[44] سبل السلام –ج3-ص25  .
[45] المغني –ج4-ص244 .
[46] المدونة –ج3-ص290 .
[47] انظر مسلم في صحيحه –ج5-ص56 .
[48] الطرق الحكيمة في السياسة الشرعية –لابن القيم –ص308 .
[49] المحلى –ج9-ص64 / 0  .
[50] معلم القربة –محمد القرشي –ص122 .
[51] ينظر مجلة منار الإسلام –بتصرف-عدد11-سنة 1403 –ص36 .
[52] ينظر مجلة منار الإسلام –بتصرف –عدد11 –سنة 1403-ص36 .
[53] معالم القربة –محمد القرشي –ص144- .
[54] مجلة الاقتصاد الإسلامي –عدد17-ص167 .
[55] انظر المقريزي –ص44 .
[56] ينظر إحياء علوم الدين –أبوحامد الغزالي –ج9-مجلد 4-ص1748 .
[57] الفصل الخامس من مقدمة ابن خلدون
[58] فتاولا ابن تيمية –ج39 –ص469 .
[59] فتاوى ابن تيمية –ج29-ص469  .
[60] فتح الباري –كتاب الأعتصام –الباب 20-ج13-ص317 .
[61] أحمد في مسنده –ج3-ص419 .
[62] نيل الأوطار للشوكاني –ج5-ص251-252 .
[63] حمدان الكبيسي –من مذكرة حول النقود –ص3-بتصرف .
[64] تاريخ الخلفاء –ص345 .
[65] نيل الأوطار –ج5-ص248 .
[66] الحديث رواه الخمسة .
[67] الحديث رواه ابن ماجه في سننه –كتاب التجارات –ج2-ص728 .
[68] الطرق الحكيمة –ابن القيم –ص233 –ط:1391 .
[69] النساء –آية 29 .
[70] نيل الأوطار –للشوكاني –ج5-ص248 .
[71] مختصر المزني –ص92-دار المعرفة –بيروت .
[72] الطرق الحكيمة –ص285 .
[73] ينظر مسلم في صحيحه –كتاب العتق –ج4-212 .
[74] المائدة –آية 33 .
[75] تفسير الطبري –ج6-147-148 .    
[76] تفسير الطبري ج6 –ص149 –150/.
[77] تفسير الطبري –ج6-ص151 .
[78] تفسير الطبري –ج6-ص151-152 .
[79] ينظر –موسوعة الاقتصاد الإسلامي –محمد الجمال –ص268-ط:أولى .
[80] التراتيب الإدارية –عبدالحي الكتاني –ج2-ص55 .

Post a Comment

Previous Post Next Post