( ١) من أشهر معاجم اللغة العربية: القاموس المحيط للفيروز آبادي، ولسان العرب لابن منظور، والمعجم الوسيط للجنة من أعضاء مجمع اللغة العربية بمصر، وهي مرتبة على حروف الهجاء، ولكن
بعضها يرتب حسب الحرف الأخير من أصل الكلمة كالقاموس المحيط، وبعضها يرتب حسب الحرف الأول من أصل الكلمة كالمعجم الوسيط.
قال الله تعالى: ﴿ ﴾، ويقول الناس: فلان لا يفقه شيئا.
بالرجوع إلى أي معجم لغوي( ١) تعرَّف على معنى الفقه في اللغة العربية واكتبه.
أما المراد بالفقه في اصطلاح الفقهاء فقد مر بك في دراستك السابقة، ويمكنك تذ ّ كره بترتيب الكلمات التالية:
من . الأحكام . التفصيلية . معرفة . الشرعية . أدلتها . العملية.
تعرف على معنى التعريف ومحترزاته ، ثم أكمل الجدول حسب فهمك:
كان الصحابة يتلقَّون الفقه من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، إما من القرآن أو مما يذكره لهم النبي صلى الله عليه وسلم من
الأحاديث، وكانوا إذا لم يعرفوا حك َ م مسألة معيَّنة سألوا عنها النبي صلى الله عليه وسلم ، فيخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بحكمها .
وأما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فكان الصحابة إذا وردت عليهم مسألة ينظرون في القرآن الكريم والسنة
النبوية؛ فإن وجدوا حكم المسألة فيهما أو في أحدهما حكموا به، ولم يلتفتوا إلى غيره، وكان يسأل بعضهم
بع ً ضا عن السُّنة في ذلك، فإن لم يجدوا عندهم نصا من السنة تشاوروا في حكم المسألة، واجتهدوا فيها
الأحكام المستفادة من الشرع لا من التجربة أو العقل ونحوهما
الأحكام غير الشرعية علم اللغة ، والطب والهندسة
و………… و………… .
« المتعلقة بأفعال العباد،
مثل : الصلاة ، والحج،
و…… ، و……
الأحكام الاعتقادية ……………….....…………
………….....………………
………….....………………
أدلة كل مسألة بعينها،
مثل: آية الوضوء تدل
على فروض الوضوء،
ومثل: …………
........…………
يخرج به أمران : الأول :
العلم غير المأخوذ عن
الأدلة كعلم المقلد فهو
ليس بفقيه ، والثاني :
الأدلة الإجمالية.
الأدلة الإجمالية هي : القرآن والسنة
والإجماع والقياس ، وحجيتها وطرق
دلالتها على الأحكام الشرعية لا تدرس
في علم الفقه إنما تدرس في علم آخر هو
علم أصول الفقه.
استخرج مما مضى المصادر التي كان يعتمدها الصحابة في التعرف على الأحكام الشرعية، وهي
مصادر الفقه.
……………………… 2 ……………………………… 1
……………....……… 4 ……………………………… 3
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم اجتهد الصحابة في نشر العلم، وتفقيه الناس ودعوتهم، وانتشروا في أنحاء الأرض
يبلِّغون دين الله تعالى، فانتشر العلم في الأمصار الإسلامية، فكان للعلم حواضر كثيرة ينهل منها المتعلمون؛
من أهمها:
1 المدينة النبوية : وفيها الخلفاء الأربعة، وعائشة وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت
وغيرهم .
2 مكة المكرمة : وفيها عبدالله بن عباس .
3 الكوفة : وفيها عبدالله بن مسعود وأبو موسى وسلمان ، ثم انتقل إليها علي ‹ .
4 البصرة : وفيها أنس وجابر .
5 الشام : وفيها معاذ وأبو الدرداء ومعاوية .
6 مصر : وفيها عمرو بن العاص وابنه عبدالله .
بحسب ما لديهم من الأصول الشرعية، وقد ُ يجمعون على حكم المسألة كإجماعهم على قتال مانعي الزكاة ،
وقد يختلفون في حكم المسألة كاختلافهم في ميراث الجد مع الإخوة.( ١)
( ١) هذه المسألة من مسائل الفرائض؛ وهي: لو مات شخص وترك ج ﹰﹼ دا وإخوة، فهل يرث الإخوة مع وجود الجد أو لا يرثون؟
وفي أواخر القرن الأول الهجري وبداية القرن الثاني، بدأت الآراء الفقهية تتجه نحو تكوين مدرستين
كبيرتين؛ لكل منهما منهج تختص به عن الأخر ، وهاتان المدرستان هما:
وتسمى: مدرسة المدينة أو مدرسة الأثر، وسبب هذه التسمية: أن اعتماد مدرسة الحجاز كان على
الأحاديث والآثار غالبا؛ بسبب كثرتها عندهم، ولِ ِ قلَّ ِ ة المسائل الحادثة في المجتمع الحجازي ذلك الوقت،
واجتنابهم المسائل الفقهية المفروضة غير الواقعة، وليس معنى ذلك أنهم لا ينظرون في الرأي؛ ولكن غلب
عليهم النظر في الآثار.
ومن أشهر علماء هذه المدرسة فقهاء المدينة السبعة :
سعيد بن المسيب، و ُ عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وخارجة بن
زيد، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وسليمان بن يسار، وعروة بن الزبير رحمهم الله تعالى.
وتسمى: مدرسة الكوفة أو مدرسة الرأي، وسبب هذه التسمية: أن أهل العراق كثر عندهم ذلك الوقت
الأخذ بالرأي، وذلك لكثرة المسائل الحادثة عندهم، و ِ قلَّ ِ ة الأحاديث بالنسبة لما عند أهل الحجاز، فلذلك
احتاجوا ِ لا ْ ستِنباط الأحكام من النصوص القرآنية، والأحاديث التي كانت عندهم بالنظر والتأمل، حتى كثر
ذلك عندهم فسموا أهل الرأي.
ومن أشهر علماء هذه المدرسة :
علقمة النخعي، ومسروق اله ْ مداني، وشريح القاضي، وإبراهيم النخعي رحمهم الله تعالى.
1 بم تعلل كثرة الأحاديث عند أهل الحجاز في الزمن الأول، وقلتها عند أهل العراق ؟

١٦
2 بالرجوع إلى مصادر التعلم المختلفة؛ اكتب ترجمة موجزة عن أحد الأعلام المذكورين في إحد المدرستين،
على أن تتضمن الترجمة المعالم البارزة في حياته، وموقفا من مواقفه التي فيها القدوة والعبرة.
………………...……………………………………………………………
وقبل منتصف القرن الثاني الهجري وما بعده إلى منتصف القرن الثالث برز في الفقه عدد من العلماء الذين
استفادوا ممن قبلهم ، فالتفَّ حولهم الطلاب، ورجع الناس إليهم في الفتو ، وجمعوا أقوالهم و َ دوَّنوا
مذاهبهم، فمنهم: سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، والأوزاعي، والليث بن سعد، وإسحاق بن راهويه، وداود
الظاهري رحمهم الله تعالى.
ومن أشهرهم : الأئمة الأربعة الذين تنسب إليهم المذاهب المشهورة الباقية إلى يومنا هذا؛ وهم: أبو حنيفة
النعمان بن ثابت، ومالك بن أنس، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى.
ورث علم أهل الكوفة إبراهيم النخعي، ثم حماد بن أبي سليمان، شيخ الإمام أبي حنيفة النعمان بن
ثابت(ت ١٥٠ )، ثم انتهى علم مدرسة أهل الرأي إلى أبي حنيفة، واجتمع عليه الطلاب واستفادوا منه، واهتم
بتفريع المسائل، واشتهر عندهم الفقه الافتراضي، فكانت المسألة تطرح في مجلس أبي حنيفة، فيقال: أرأيت
إن كان كذا وكذا فما الحكم؟ فيجيب عنها أبو حنيفة، ويناقشه الطلاب في ذلك ويحاورونه.
وكان من طلاب أبي حنيفة: أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، تولى رئاسة القضاء في أيام الرشيد فنشر
مذهب أبي حنيفة في الكوفة وغيرها.
اشتهر في المدينة الفقهاء السبعة، ثم أتى بعدهم الإمام مالك بن أنس (ت ١٧٩ ) فانتهى إليه علم أهل
المدينة، وصار هو المرجع في الحديث وفي الفتو بالمدينة، ورحل إليه طلاب العلم من كل مكان، ثم تفرق
هؤلاء الطلاب  الذين أصبحوا فيما بعد علماء  ونشروا علم مالك خاصة في مصر والمغرب الإسلامي.
في منتصف القرن الثاني ولد الإمام محمد بن إدريس الشافعي (ت ٢٠٤ )، وتتلمذ على علماء أجلاء منهم
الإمام مالك، كما أنه تتلمذ أيضا على محمد بن الحسن تلميذ الإمام أبي حنيفة، وجمع بين فقه المدرستين،
ولكنه إلى مذهب أهل المدينة أقرب، ونشر علمه في العراق وتتلمذ عليه جمع غفير، ثم انتقل إلى مصر
وتغيرت بعض اجتهاداته في مصر عنها في العراق، ولهذا سميت آراؤه في العراق بمذهبه القديم، وفي مصر
بالمذهب الجديد.
نشأ الإمام أحمد بن محمد بن حنبل ( ت ٢٤١ )، وطلب العلم في بغداد، ورحل في طلب العلم، واهتم
بجمع الحديث ونقد الرواة ، وكان من شيوخ الإمام أحمد الإمام الشافعي، فاستفاد منه في الرأي وفي معرفة
بعض المباحث المتعلقة بعلم الحديث كالناسخ والمنسوخ، ثم جلس الإمام أحمد لنفع الناس ونشر
العلم، فانتشر مذهبه في العراق، خاصة في عهد المتوكل، الذي رفع المحنة عن العلماء في مسألة القول
بخلق القرآن.
هكذا ظهرت المذاهب الأربعة، وانتشرت في الأقطار، وهؤلاء الأئمة وإن اختلفوا في بعض الأحكام
الشرعية، إلا أنهم متفقون في أصول الدين والحمد لله.
بالرجوع إلى مصادر التعلم المختلفة، اذكر كتابا في فقه كل مذهب من المذاهب الأربعة، مع ذكر مؤلفه.
1 من كتب الحنفية: ………………………………………………………………
2 من كتب المالكية: ………………………………………………………………
3 من كتب الشافعية………………………………..………………………………
4 من كتب الحنابلة: ………………………………………………………………
الشريعة هي دين الله تعالى الذي لا يتطرق إليه الخلل بوجه من الوجوه، وأما الفقه فهو نتيجة اجتهاد
الفقهاء في التعرف على الأحكام العملية من الأدلة الشرعية، واجتهادهم هذا قد يعرض له الخطأ في بعض
الأحيان إذ هم غير معصومين في أفرادهم؛ وإن كانوا  بحمد الله تعالى  لا يجتمعون على ضلالة.
كما إن الشريعة تشمل كل ما جاء به القرآن والسنة من العقائد والأحكام والأخلاق والآداب، أما الفقه فهو
خاص بالأحكام العملية كما تقدم لك بيانه.
الشريعة
الفقه / الأحكام
التي أصاب فيها
المجتهدون
الفقه / الأحكام
التي أخطأ فيها
المجتهدون
U???A
كل واحد منا لابد أن يكون داع ً يا إلى الله تعالى، ومدافعا عن شريعته، فإذا كنت يوما في حوار مع شخص
غير مسلم، وأنت تدعوه إلى الله جل وعلا؛ فقال لك: أنتم تزعمون أن الأحكام الشرعية من عند الله تعالى،
وأن القرآن والسنة محفوظان لا يتطرق إليهما التحريف، ومع هذا نجدكم تقولون أخطأ العالم الفلاني،
وتقولون: هذا القول ضعيف؛ مع أنه موجود في كتبكم الفقهية.
بالتعاون مع مجموعتك: فكر في إجابة سديدة عن شبهته؛ مدع ً ما قولك بما يكون سب ً با لرجوعه عن
مقولته، واكتب ملخص ما توصلتم إليه.
لم يكن العلماء المجتهدون  رحمهم الله  يتكلمون
بالهو ، بل كانوا يجتهدون في بيان أحكام الشريعة بحسب
ما بلغهم من الأدلة، وبحسب ما فهموه منها، وقد يتفقون
فيما بينهم ، وقد يختلفون في بعض الأحيان.
والخلاف بين العلماء يعود إلى أسباب كثيرة، كلُّها
دائرة حول بحثهم عن الحق وبيان الشريعة ، فكل واحد
( ١) رواه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ ٦/ ٢٦٧٦ ( ٦٩١٩ )، ومسلم في كتاب الأقضية، باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ ٣/ ١٣٤٢ ( ١٧١٦ ) .
( ٢) رواه مسلم في كتاب الحيض، باب حكم ضفائر المغتسلة ١/ ٢٦٠ ( ٣٣١ ).
( ٣) رواه أبو داود ٣/ ٢٧٤ ( ٣٤٦٢ ) .
( ٤) العينة هي: أن يبيع سلعة بثمن مؤجل، ثم يشتريها من الذي أخذها بأقل من الثمن حا ﹰﹼ لا.
منهم إما أن يكون مصي ً بامحمو ً دا فله أجران، أو مخط ً ئا معذو ً را فله أجر واحد،كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: »إذا اجتهد
الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر ١)« )، ومن أهم أسباب خلاف العلماء ما يلي:
كون العالم لم يسمع بالدليل.
مثال ذلك : بلغ عائشة رضي الله عنها أن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يأمر النساء إذا اغتسلن أن
ينقضن رؤوسهن، فقالت: يا عج ً با لابن عمرو هذا يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن، أفلا يأمرهن
أن يحلقن رؤوسهن؟ لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، ولا أزيد على أن أفرغ على رأسي
ثلاث إفراغات.( ٢)
w􀀕U􀀛􀀓« V􀀙􀀟􀀓«
يبلغ الحديث عالمين لكنه يكون صحي ً حا عند عالم، ضعي ً فا عند العالم الآخر حيث لم يبلغه بسند صحيح.
مثال ذلك: حديث العينة الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: »إذا
تبايعتم بِالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلَّط الله عليكم ذ لا ينزعه حتى
ترجعوا إلى دينكم ٣)« )، هذا الحديث لم يعمل به الشافعي لضعفه عنده، وعمل به الجمهور؛ لأن له طر ً قا
ُ ت َ قوِّيه، وقد عضدته بعض الآثار عن الصحابة في تحريم العينة.( ٤)
أن يبلغ الحديث العالم ويعلم أنه صحيح لكن يظنه منسو ً خا، والآخر بخلاف ذلك.
مثال ذلك : اختلف العلماء في حكم ال ِ ح َ جامة للصائم هل ُ ت َ فطِّر أو لا؟ فمن قال: إنها لا ُ ت َ فطِّر استدل
بحديث ابن عباس في الصحيح: »أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم «، ومن قال: إنها تفطر
استدل بحديث: »أفطر الحاجم والمحجوم «، ومن الأجوبة التي أجابوا بها عن حديث ابن عباس قالوا: إن
الحديث منسوخ، ولم ُ يسلِّم لهم الآخرون بأن الحديث منسوخ.
يبلغ العالم الحديث ويعلم أنه غير منسوخ لكن يعتبره معا َ رضا بحديث آخر.
مثال ذلك : خلاف العلماء في مسألة استقبال القبلة واستدبارها أثناء قضاء الحاجة، فمنهم من قال: إن
الاستدبار والاستقبال منهي عنه مطلق ً ا، ومنهم من قال: منهي عن الاستقبال دون الاستدبار، ومنهم من قال:
منهي عن الاستدبار في الفضاء دون البنيان، وسبب ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : »إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة
ولا تستدبروها، ولكن َ شرِّقوا أو َ غرِّبوا ١)« )، و َ ث َ ب َ ت عن ابن عمر  رضي الله عنهما  أنه َ ر ِ ق َ ي على بيت أخته حفص َ ة
 رضي الله عنها ، فوجد النبيَّ صلى الله عليه وسلم جالس ً ا لحاجته، مستقبل الشام مستدبر القبلة( ٢)، فهذان الحديثان ظاهرهما
التعارض ولهذا اختلف أهل العلم في حكم هذه المسألة.
بالتعاون مع مجموعتك ؛ فكر في أكثر من طريقة تجمع فيها بين هذين الحديثين.
الطريقة الأولى للجمع بين الحديثين: أن يكون النهي عن الاستقبال والاستدبار في الفضاء خارج البنيان،
وحديث ابن عمر يدل على الجواز داخل البيوت.
الطريقة الثانية للجمع بين الحديثين: ……………………………………………………
…………………………...……………………………………………………
الطريقة الثالثة للجمع بين الحديثين: ………………………………...…………………
…………………………...……………………………………………………
( ١) رواه البخاري في أبواب القبلة، باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق ١/ ١٥٤ ( ٣٨٦ )، و مسلم ١/ ٢٢٤ ( ٢٦٤ ).
( ٢) رواه البخاري ١/ ٦٧ ( ١٤٥ )، و مسلم ١/ ٢٢٤ ( ٢٦٦
اختلافهم في تفسير لفظ الدليل، وذلك لكون اللفظ مش َ ت َ رك ً ا أو مجم ً لا أو لأي سبب آخر.
مثال ذلك : اختلاف الفقهاء في مس المرأة هل ينقض الوضوء أو لا ينقض الوضوء، بسبب اختلافهم
في تفسير قوله تعالى في آية الوضوء : ﴿ ﴾( ١)، فمن فسرها بمجرد اللمس قال : هو ينقض
الوضوء، ومن فسرها بالجماع قال : اللمس لا ينقض الوضوء.
اختلافهم في مسأل ٍ ة أصولية مما يؤدي إلى الخلاف في بعض الأحكام، وذلك كاختلاف أهل العلم في
الاحتجاج بقول الصحابي أو فعله؛ إذا كان في مسألة لا يدخلها الاجتهاد، ولم يخالفه صحابي آخر هل هو
حجة أم لا؟
مثال ذلك : فعل ابن عمر في رفع يديه في التكبيرات على الجنازة ( ٢)، فبعض العلماء لم يختر هذا الحكم
لأنه لا يعمل بهذا النوع من الأدلة.
أن بعض العلماء يفهم من الحديث شيئا، ويفهم غيره منه شيئا آخر.
ومثال ذلك : حديث ذي اليدين : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم إحد صلاتي ال َ ع ِ ش ّ ي فسلم من ركعتين، فلما
أخبروه صلى الركعتين الباقيتين، ثم سلم ثم سجد سجدتين بعد السلام( ٣).
فأخذ منه بعض العلماء أن سجود السهو يكون بعد السلام إذا سلم ِ من َ ن ْ ق ٍ ص في صلاته، فإنه يتمها ثم يسجد
للسهو بعد السلام، وفهم منه آخرون أن سجود السهو يكون بعد السلام إذا زاد في صلاته سه ً وا، وذلك لأنه في
هذا الحديث زاد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والسلام من الصلاة، فقالوا :كلُّ زيادة سه ً وا فالسجود لها بعد السلام.
أن لا يكون في المسألة نص، فيجتهد العلماء في استنباط حكمها من بعض النصوص والقواعد الشرعية؛
فيختلف اجتهادهم.
( ١) سورة المائدة الآية ٦ .
( ٢) رواه البيهقي ٤/ ٤٤ بسند صحيح.
( ٣) رواه البخاري في أبواب المساجد، باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره ١/ ١٨٢ ( ٤٦٨ )، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له ١/ ٤٠٣ ( ٥٧٣ ).
ومن ذلك : اختلاف العلماء المعاصرين في حكم الإجارة المنتهية بالتمليك؛ بناء على خلافهم في تنزيلها
على النصوص والقواعد الشرعية.
أسباب الخلاف السابقة يمكن تصنيفها إلى نوعين أو ثلاثة، اجتهد في وضع تصنيف مناسب لها، وضع
كل سبب منها ضمن الصنف الذي يناسبه في الجدول التالي:
( ١) تقدم تخريجه .
الخلاف في بعض المسائل من طبيعة البشر لاختلافهم في الفهم والعلم، ولكن ما موقفنا من هذا الخلاف؟
يجب احترام العلماء وإجلالهم ؛ المخطئ منهم والمصيب، ولا يعني خطأ بعض الأئمة المجتهدين
التعدِّي عليهم والطعن فيهم وانتقاصهم، فهذا ما أد إليه اجتهاده، وهو معذور في ذلك مأجور، فعن عمرو
ابن العاص ‹ أ نه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: »إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم
فاجتهد ثم أخطأ فله أجر ١)« )، وقد سبق لك أسباب خلاف العلماء وهي أعذار، كما أن بعض الأشياء التي َ تر
هذا الإمام قد أخطأ فيها قد تكون صواب ً ا في حقيقة الأمر، والخطأ هو ما عندك.
ولنتأمل قوله تعالى في قصة حكم داود وسليمان  عليهما السلام  في الحرث عندما قال تعالى: ﴿
﴾ ( ١) ، فالحق كان مع سليمان  عليه السلام ، ومع ذلك قال الله
عنهما: ﴿ ﴾.
الأئمة المجتهدون متفقون في أصول الشريعة، وإنما خلافهم في فروع الشريعة، فلا نجد عند
الصحابة خلاف ً ا في مسائل العقيدة، وإنما الخلاف عندهم في بعض المسائل المتعلقة بالصلاة
والحج والبيع ونحوها.
وقوع الخطأ من بعض العلماء يدل على أن التعظيم يكون للنصوص الشرعية لا للأشخاص، َ ف ُ كلٌّ يؤخذ
من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لا يجوز لنا التعصب لقول أحد من العلماء ونحن نعلم أن الحق مع العالم الآخر، فالعالم الذي أخطأ معذور
مأجور، ولكن لا يعني ذلك أن نتابعه على خطئه أو نتعصب له، و َ ن ْ ل ِ وي النصو َ ص من أجل تصحيح قوله.
الناس من حي ُ ث عم ُ لهم بالمسائل التي اختلف فيها العلماء ثلاث ُ ة أقسام:
القسم الأول : عالم رزقه الله علم ً ا وفهم ً ا: فهذا له حق الاجتهاد، بل يجب عليه القول بمقتضى الدليل
قال تعالى: ﴿ ﴾( ٢)، وهذا من أهل
الاستنباط الذين يعرفون ما يدل عليه كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
القسم الثاني : طالب علم عنده من العلم ما لا يصل به إلى درجة التبحر في العلم: فهذا لا حرج عليه
إذا أخذ بالعمومات والإطلاقات وبما بلغه، ولكن يجب عليه الاحتراز في ذلك وعدم التقصير في سؤال
العلماء لاحتمال خطئه، فقد لا يصل علمه إلى دليل َ خصَّص ما كان عام ً ا، أو َ قيَّد ما كان مطلق ً ا،أو َ ن َ س َ خ ما ظنه
ُ م ْ ح َ كم ً ا.
( ١) سورة الأنبياء الآية ٧٨ - ٧٩ .
( ٢) سورة النساء الآية ٨٣ .
القسم الثالث : عامِّيٌّ بالنسبة للأحكام الشرعية، فلا يعرف تفصيل الأحكام الشرعية ولا أدلتها ولا طرق
الاستدلال؛ وإن كان عال ً ما في فن آخر؛ فهذا يجب عليه سؤال أهل العلم، لقوله تعالى: ﴿
﴾ ( ١)، وا َ لأ ْ و َ لى أن يسأل من يراه أفضل في دينه وعلمه ويظنه أقرب للصواب، فإذا أفتاه
بفتو عمل بفتواه، ولا يجوز له سؤال أكثر من عالم بقصد العمل بأخف الفتاو وأسهلها؛ لأن هذا من تتبع
الرخص الذي حذر العلماء منه.
1 بالتعاون مع مجموعتك : بيِّن الفوائد التي نستفيدها من معرفة أسباب الخلاف بين العلماء.
………………………………………………………………………………
………………………………………………………………………………
2 بالتعاون مع مجموعتك : أوجد أسبا ً با أخر للخلاف بين العلماء مستصحبا أن خلافهم لم يكن ناتجا
عن هو مذموم، أو لأمور شخصية؛ إنما هو خلاف بسبب النظر في الأدلة ولأجل الوصول إلى الحق.
3 استخلص مما سبق أهم أسباب خلاف العلماء ممثلا بمثال واحد على كل سبب.
…………
( ١) الآية ٤٣ من سورة النحل .
4 من الكتب التي عنيت بذكر اتفاق العلماء وخلافهم كتابا: الإفصاح لابن هبيرة، وبداية المجتهد لابن
رشد، ارجع إلى أحد الكتابين ، وطبق النشاط التالي:
اختر با ً با من الأبواب ، ثم اقرأه وحلل محتواه إلى الآتي:
الكتاب المختار: ……………………………………………………
اسم مؤلفه كام ً لا: ……………………..........…… الباب المختار : …….....………
عدد مسائله: ………………… عدد مسائل الاتفاق التي ذكرها في الباب: ………………
ثلاثة أمثلة عليها:
عدد مسائل الخلاف التي ذكرها في الباب: ……………………………………
ثلاثة أمثلة عليها:
5 بالرجوع إلى مصادر التعلم المختلفة( ١)، تعرف على مسألة اختلف فيها علماء العصر ، واكتب عنها
ملخ ً صا حسب ما يلي:
أ  المسألة هي: …………………………………………………………………
ب  أقوال العلماء فيها: ……………………………………………………………
القول الأول: ……………………………………………………………………
القائل به: ………………………………………………………………………
………………………………………………………………………………
القول الثاني: ……………………………………………………………………
( ١) ومنها العلماء وطلبة العلم في منطقتك، وكتب الفتاو المعاصرة، والمجلات العلمية والفقهية .
القائل به: ………………………………....……………………………………
ت  سبب الخلاف: ………………………………………………………………
6 تعرف على بعض الكتب التي تحدثت عن خلاف العلماء وأسبابه، واطلع فيه على أسباب أخر لم
ترد في الدرس وانقل سببا منها أو أكثر:
1 عرِّف الفقه لغة واصطلاحا.
2 يمكننا التمييز بين الفقه وغيره من العلوم الأخر الشرعية وغيرها، كيف تحقق لنا ذلك من خلال
دراستنا للتعريف الاصطلاحي للفقه وشرحه؟
3 يخلط بعض الناس بين الشريعة والفقه، من خلال دراستك بين ما يلي:
أ  الفرق بينهما .
ب  ما يمكن أن يدخله الخطأ منهما وما لا يمكن.
ت  السبب فيما تقول.
4 كيف تجيب من سألك عن مبررات نشوء المدارس الفقهية واختلافها ؟
5 إذا وقعت لك مسألة لا تعرف حكمها فمن تسأل؟ ولماذا؟
6 هل يتصور وقوع الخطأ من الفقيه؟ولماذا ؟
7 إذا أفتاك عالم بخلاف ما درست فكيف تعمل؟ ولماذا؟
8 تعددت وسائل الاتصال اليوم وتنوعت ،وكثر المفتون، فمن الأولى بالاتباع؟ولماذا؟
9 يأخذ بعض المستشرقين خلاف الفقهاء ذريعة للقدح في الشريعة؛ فكيف ترد عليه؟
10 هل تر أن لاختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية مبررا؟ وضِّح ما تقول بالأمثلة.
11 إذا كان في بلدك عالم مشهور يثق الناس بعلمه وفتاويه؛ لما عرفوا منه من قوة العلم والتثبت، ثم جاء
بعده عالم آخر في مكانة الأول وعلمه، فخالف العالم الأول في فتواه في بعض المسائل العلمية
المشهورة، فماذا يكون موقفك من العالم الأول والثاني؟
الأسرة في لغة العرب : عشيرة الرجل ورهطه الأ ْ د َ ن ْ ون، كما تطلق الأسرة على أهل بيت الرجل.
وسميت أسرة : من ا َ لأ ْ سر وهو القوة؛ لأن الإنسان يتقو بعشيرته. والأسرة تشمل أصو َ ل( ١) الإنسان
وفرو َ عه( ٢) وحواشيه( ٣).
وبما أن الطريق السليم لتكوين الأسرة هو الزواج فإن أكثر الأحكام التي نعرضها تبحث في الشؤون
الزوجية، مثل : النكاح، والطلاق، والرجعة، وال ِ عدَّة، و الإيلاء، والظهار، ونحو ذلك.
( ١) هم الأباء والأمهات والأجداد والجدات. ( ٢) هم أبناء الرجل وبناته.
( ٣) هم الإخوة والأعمام وبنوهم. ( ٤) سورة الذاريات آية ٤٩ .
ا ُ لأسرة هي لبِنة من لبِنات المجتمع التي يتكون منها حتى يصبح بنا ً ء محكما قو ً يا، وهذا ما تدعو إليه
الفطرة ويدعو إليه الدين الإسلامي، والرجل لا يستغني عن المرأة، كما أن المرأة لا تستغني عن الرجل، فإن
ك ﹰﹼ لا منهما يشعر بحاجته إلى الآخر تجاوب ً ا مع الفطرة التي فطر ال ّ له الناس عليها، بل خلق سبحانه كل مخلوقاته
متزاوجة، قال تعالى : ﴿ ﴾( ٤)، ولهذا شرع الإسلام الزواج ورغَّب
فيه كما سيأتي.
واستقرار المجتمع مرهون باستقرار الأسرة؛ فمتى كانت الأسرة قائمة على أساس متين من الدين والخلق؛
فإن المجتمع يحيا حياة سعيدة مستقرة؛ قائمة على ا ُ لأ ُ خوَّة والتعاون، والتناصح، وإن كانت الأسرة ممزقة
ضائعة فالمجتمع كذلك من باب أولى.
ومن أجل أن يعيش هذا المجتمع تلك السعادة دعا الإسلام إلى كل ما يحققها من أمور؛ مثل:
1 ا ُ لأ ُ خوَّة الإسلامية: قال تعالى: ﴿ ﴾ ( ١).
2 التراحم والتعاطف ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » مثل المؤمنين في توادِّهم وتراح ِ مهم وتعاط ِ فهم كالجسد
الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر وال ُ حمَّى ٢)« ).
3 التعاون على الخير كله، قال تعالى: ﴿ ﴾( ٣).
4 التواصي والتناصح، قال تعالى : ﴿
لقد ُ عني الإسلام عناية فائقة بشؤون الأسرة وأحكامها، وفصَّل ذلك تفصي ً لا وأوضحه غاية الإيضاح.
سواء فيما يتعلق بشؤون الزوجين أو الأقارب بصفة عامة فجاء بتشريع الزواج، والطلاق، والرجعة، وال ِ عدَّة،
والظهار، والإيلاء، واللعان، والحضانة، وما إلى ذلك .
كما جاء بتشريع النفقات والمواريث والوصايا ونحوها. ولم يترك هذه الأحكام للناس واجتهاداتهم؛ بل
جاء بها مفصلة، وذلك لأن العقل البشري لا يستطيع أن يضع الأحكام المناسبة لعجزه أو قصوره عن إدراك
الحقائق والأهداف والمقاصد.
كما ُ عني العلماء؛ وبخاصة الفقهاء بهذه الأحكام عناية فائقة، و َ د َ رسوها دراسة مستفيضة.
ويظهر أثر هذه العناية حينما نقلب صفحات أي كتاب فقهي، حيث نجد أن الأحكام المتعلقة بالأسرة
تأخذ حيِّز ً ا من كتب الفقه بالنسبة إلى الأحكام الفقهية الأخر .
( ١) سورة الحجرات آية ١٠ .
( ٢) رواه البخاري في كتاب الأدب باب رحمة الناس والبهائم ٦٠١١ ، ومسلم في كتاب البروالصلة باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم برقم ٢٥٨٥ .
( ٣) سورة المائدة آية ٢.
( ٤) سورة العصر ١ ٣.
٣٤
النكاح لغ ً ة: الضم والجمع، يقال: تناكحت الأشجار إذا انضم بعضها إلى بعض، وقد يطلق النكاح على العقد
وهو التزويج.
واصطلا ً حا : هو َ عقد الزوجية الصحيح، وإن لم يحصل َ مسيس ولا َ خلوة.
( ١) سورة النساء آية ٣.
( ٢) الباءة الجماع ، أومؤن النكاح.
( ٣) روا ه البخاري في كتاب النكاح باب من لم يستطع الباءة فليصم برقم ٥٠٦٦ ، ومسلم في كتاب النكاح باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه برقم ١٤٠٠ .
النكاح سنة مؤكدة، دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى : ﴿
﴾ ( ١).
وأما من السنة: فمنها حديث عبد الله بن مسعود ‹ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: » يا معشر الشباب من استطاع
منكم البا َ ء َ ة ( ٢) فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له ِ و َ جاء ٣)« ).
وأما الإجماع: فقد أجمع المسلمون على ذلك.
النكاح سنة الأنبياء عليهم السلام كما قال سبحانه : ﴿ ﴾( ٢).
وروي عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري ‹ أنه قال : » أربع من سنن المرسلين : الحياء والتَّعطُّر والسواك
والنكاح ٣)« ).
وقد يعرض للنكاح أن يكون واج ً با أو مبا ً حا.
فيكون واج ً با : إذا كان يخشى الوقوع في الحرام كالزنا ونحوه.
ويكون مبا ً حا : إذا كان لا شهوة له كال ِ عنِّين( ١)، وكبير السن.
( ١) العنين: على وزن السكين، وهو العاجز عن الوطء لمرض أو نحوه وربما اشتهاه، أو هو الذي لا شهوة له.
( ٢) سورة الرعد آية ٣٨ .
( ٣) رواه الإمام أحمد في المسند ٥/ ٤٢١ ، والترمذي في كتاب النكاح باب ما جاء في فضل التزويج و الحث عليه برقم ١٠٨٠ وقال : حديث حسن غريب ورمز له السيوطي بالحسن، واختلف في اللفظة
الأولى هل هي الحياء أو الحناء أو الختان؟ ورجح الأخيرة العراقي والمزي كما في فيض القدير للمناوي ١/ ٤٦٥ .
( ٤) رواه أحمد ٣/ ١٥٨ و ٢٤٥ وابن حبان ٩/ ٣٣٨ برقم ٤٠٢٨ والطبراني في الأوسط ٦/ ٤٦ برقم ٥٠٩٥ وسعيد بن منصور ٣/ ١٦٤ برقم ٤٩٠ وصححه ابن حجر في الفتح ٩/ ١١١ ، ورواه أبو داود
بنحوه في كتاب النكاح باب النهي عن تزوج من لم يلد من النساء برقم ٢٠٥٠ وكذا النسائي في كتاب النكاح باب كراهية تزويج العقيم برقم ٣٢٢٩ .
( ٥) رواه مسلم في كتاب النكاح باب ندب من رأ امرأة فوقعت في نفسه إلى أن يأتي امرأته أو جاريته فيواقعها برقم ١٤٠٣ ورواه بنحوه الترمذي في كتاب الرضاع باب ما جاء في الرجل ير المرأة
فتعجبه برقم ١١٥٨ .
( ٦) سبق تخريجه ص ٣٤ .
شرع الزواج لحكم وغايات عظيمة، ويمكن أن نلخص هذه الحكم في الآتي:
1 أنه السبيل للتكاثر في النسل وهو مطلب شرعي؛ لما رو أنس بن مالك ‹ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
»تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة ٤)« )، فهو يكثر سواد المسلمين، ويرهب
أعداءهم ويحقق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم الأمم يوم القيامة، وسب ٌ ب لبقاء الجنس البشري.
2 أنه الوسيلة الصحيحة لبقاء الأنساب والمحافظة عليها من الاختلاط والضياع.
3 أنه يلبي حاجة الإنسان الغريزية، كما جاء في الحديث : » إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه؛
فليعمد إلى امرأته، فإن ذلك َ ي ُ ردُّ ما في نفسه ٥) « ).
4 أنه الطريق الأمثل لغض البصر، وتحصين الفرج كما في الحديث السابق وحديث » يا معشر الشباب من استطاع
منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ٦)« )، وهذا هو عنوان النزاهة والنظافة ال ُ خ ُ ل ِ قيَّ ِ ة.
٣٦
5 أنه الوسيلة الصحيحة إلى تكوين الأسرة المترابطة المتناصرة، التي يقوم عليها بناء المجتمع.
6 أنه سبب لاستقرار النفس وطمأنينتها ، واستقرار الأسرة وثباتها، ومن ثم استقرار المجتمع وسعادته ،
كما قال الله تعالى: ﴿
﴾( ١).
U???A
( ١) سورة الروم آية ٢١ .
قد يقع في بعض المجتمعات المسلمة وغير المسلمة عزوف بعض الشباب والفتيات عن الزواج، وقد
يكثر هذا في بعض البيئات الكافرة : بإشراف معلمك، والتعاون مع مجموعتك : عدد أرب ً عا من آثار العزوف
عن الزواج.
حث الله تعالى على النكاح في عدة مواضع؛ كقوله تعالى : ﴿ ﴾( ١)، كما
حث رسول الله صلى الله عليه وسلم الشباب على المبادرة إليه حيث قال : »يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج،
فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج ٢)« )، فكانت الوصية للشباب بالمبادرة إلى النكاح عند القدرة على مؤونته
ومتطلباته لما في المبادرة إليه في هذا السن من المصالح والحكم العظيمة التي تعصم الشباب  بإذن الله
تعالى  من الوقوع في المحرمات في وقت اكتمال الغريزة ونضجها، وبناء على ذلك فإن التأخر عن الزواج
مع القدرة عليه مخالفة للأمر النبوي، كما أنه َ ت َ عرُّ ٌ ض للانشغال بالنظر المحرم الذي يقود إلى ما لا تحمد عقباه
من الأفعال الدنيئة والتصرفات المقيتة.
إطلاق البصر في النظر إلى المحرمات مباشرة، أو عبر وسائل الإعلام، أو من خلال الشبكة العنكبوتية، أو
شبكات التواصل الاجتماعي، أو غيرها من الوسائل؛ مما حذر منه الشرع المطهر لما له من العواقب السيئة:
أ  ارجع إلى سورة النور واستخرج منها الآيات التي يأمر الله تعالى فيها عباده المؤمنين والمؤمنات بغض البصر.
قال الله تعالى : ﴿ …………………………………………………………………
ب  عدِّد ثلاثا من الآثار السيئة على الفرد والمجتمع من إطلاق البصر في النظر إلى المحرمات.
( ١) سورة النساء آية ٣. ( ٢) تقدم تخريجه ص ٣٤ .
٣٨
ج  اشتكى لك أحد أصدقائك وقوعه في النظر إلى المحرمات مباشرة، أو عبر الوسائل المتنوعة، وطلب
منك ح ﹰﹼ لا لهذه المشكلة، اكتب ماتراه حلا لمشكلته، مستفيدا من كتاب »الجواب الكافي « للإمام ابن القيِّم.
كان السلف رحمهم الله تعالى يشددون النكير على من ترك النكاح مع قدرته عليه؛ كما قال عمر
ابن الخطاب ‹ لأبي الزوائد : »ما يمنعك عن النكاح إلا عجز أو فجور ١)« ) أي : أن الإنسان السويَّ مفطور
على الرغبة في النكاح في هذه المرحلة من عمره؛ فلا ينصرف عنه أحد إلا إن كان عاجزا عجزا ِ حسِّيا أو
معنويا، إما لعدم رغبته في النساء وفقدان ذلك منه، أو عد ِ م قدرته على تكاليف الزواج، أما إن كان قادر ً ا على
ذلك كله وامتنع فإنه يلام شر ً عا.
قال أبو بكر أحم ُ د بن محمد ا ْ ل َ مرُّو ِ ذي : سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول : ليس العزوبة من أمر
الإسلام في شيء، النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أرب َ ع عشرة امرأة ، ومات عن تسع، ثم قال: لو كان بشر بن الحارث تزوج
كان قد تم أمره كلُّه، لو ترك الناس النكاح لم يغزوا ولم يحجوا ، ولم يكن كذا ولم يكن كذا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم
يصبح وما عندهم شيء وكان يختار النكاح ويحث عليه وينهى عن التَّ َ بتُّل، فمن رغب عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم فهو
على غير الحق، ويعقوب  عليه السلام  في حزنه قد تزوج و ُ ولِد له، والنبي صلى الله عليه وسلم قال : ُ حبِّ َ ب إليَّ النساء.
قلت: فإن إبراهيم بن أدهم ُ يحكى عنه بأنه قال: َ ل َ ر ْ وعة صاحب عيال.. فما َ قدر ُ ت أن أتم الحديث حتى
صاح بي، وقال: وقعنا في ُ ب َ نيَّات الطريق، انظر عافاك الله ما كان عليه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ثم قال: َ ل ُ بكاء
الصبي بين يدي أبيه يطلب منه خبزا أفضل من كذا وكذا، أنَّى يلحق المتعبد المتعزب المتزوج( ٢).
 ( ١) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه كتاب النكاح في التزويج من كان يأمر به ويحث عليه ٣/ ٤٣٩ - ٤٤٠ وانظر ترجمة أبي الزوائد في كتاب الإصابة في تمييز الصحابة لا بن حجر ٣/ ٧٤ .
( ٢) ينظر كتاب الورع عن الإمام أحمد لأبي بكر المرّو ِ ذي ص ١١٨ ، وتلبيس إبليس ص ٣٥٨ ، وذم الهو ص ٢٨٢ كلاهما لابن الجوزي .
للتأخر عن الزواج أسباب عديدة؛ منها ما هو سبب وجيه، ومنها ما ليس كذلك، ومنها ما يخص الشباب،
ومنها ما يخص الفتيات، ومنها ما هو مشترك.
بإشراف معلمك، والتعاون مع مجموعتك، حدِّد هذه الأسباب ممي ً زا بينها في الجدول التالي:
١- ربط الزواج بالتخرج من الدراسة.
٢- الهروب من المسؤولية الزوجية.
١- عدم القدرة على مؤونة النكاح.
٢- فقدان الشهوة للنكاح (العنِّين).
١- الشح بالراتب.
٢-الانشغال بالوظيفة.
اختر واحدا من الأسباب الوجيهة لتأخير الزواج، وواحدا من الأسباب غير الوجيهة وضع ح ﹰﹼ لا مناسبا له.
لاشك أن التأخر عن الزواج بلا سبب وجيه ودون عذر شرعي مناف للنصوص المرغبة في النكاح والآمرة
به والتي تبين آثاره الدينية والدنيوية؛ ولذلك فإن على ولاة الأمر والعلماء والدعاة والمصلحين الحرص
على تلافي انتشار تأخير الزواج، وذلك بحث الشباب وآبائهم عن طريق وسائل الإعلام المرئية والمسموعة
والمقروءة، والخطب والمواعظ؛ على المبادرة إلى الزواج، وبيان مزايا الزواج المبكر والخطورة الشديدة في
التأخر عن الزواج، وبخاصة في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وتتابعت فيه المغريات التي قد لا يوجد
عند الإنسان من قوة الإيمان ما يكبح به جماح نفسه.
وكذلك حث الأولياء على تسهيل تزويج َ م ْ ولِيَّاتِهم، وعلى عدم التشدد في اشتراط الشروط في الخاطب
المتقدم كغلاء المهر، واشتراط َ د ْ خ ٍ ل معيَّن ووظيفة وجيهة ونحو ذلك، وإنما الذي ينبغي الحرص عليه هو:
صلاح الزوج واستقامته وحسن دينه و ُ خلقه، ثم إن هذه الاشتراطات ليست في صالح المخطوبة وأهلها؛ لأن
الزوج عما قريب سيكون واح ً دا منهم.
أولها : الزوجان الخاليان من الموانع :
لابد للنكاح من زوج وزوجة خاليين من الموانع
الشرعية التي تمنع صحة النكاح، فمن الموانع في الرجل:
أن يكون في عصمته أربع نساء، أو يكون كاف ً را والمرأة
مسلمة، ومن الموانع في المرأة : أن تكون من محارمه،
أوتكون في ذمة زوج آخر إلى غير ذلك
( ١) سورة الأحزاب آية ٣٧ .
( ٢) سورة النساء آية ٣.
ثانيها: الإيجاب : وهو لفظ التزويج الصادر من ولي المرأة.
ثالثها : ال َ قبول من الزوج أو من يقوم مقامه كالوكيل عنه.
وينبغي أن يكون الإيجاب والقبول واضحين لا لبس فيهما، وذلك بأن يكون الإيجاب بلفظ التزويج
والنكاح لورودهما في القرآن الكريم؛ كقوله تعالى : ﴿ ﴾( ١) وقوله:
﴿ ﴾( ٢) ولو ُ عقد الزواج بغير هذين اللفظين مما هو معتبر عرف ً ا صحَّ، قال الإمام
ابن القيم  رحمه الله  : (أصح قولي العلماء: أن النكاح ينعقد بكل لفظ يدل عليه لا يختص بلفظ الإنكاح
والتزويج، وهذا مذهب جمهور العلماء).
وكذلك القبول يتم بكل ما يدل عليه صراحة من لفظ أو غيره، كما يصح الإيجاب والقبول بأي لغة كانت.
وا َ لأ ْ ولى أن يتقدم الإيجاب على القبول؛ بأن يقول ولي المرأة: َ زوَّج ُ تك هذه المرأة، فيقول الخاطب
أو وكيله: قبلت، ولو تقدم القبول على الإيجاب صح العقد؛ كما لو قال الخاطب: زوِّجني ابنتك، فقال
الأب : َ زوَّجتك .
وثيقة عقد النكاح من الداخل
بيِّن حكم النكاح في الصور التالية مع ذكر السبب:
العقد على امرأة متزوجة غاب زوجها طوي ً لا
عقد من في ذمته أربع نسوة على امرأة جديدة
العقد على بنت عمته من الرضاعة
العقد على امرأة من غير بلده
إذا قال الزوج رضيت هذا الزواج
إذا قال الولي زوجتك وسكت الزوج
إذا قال الزوج قبلت وسكت الولي
إذا كتب الولي التزويج وقبله الزوج كلا ً ما
إذا تكلم الولي وكتب الزوج الموافقة
إذا كان الزوج أخر ً سا فأشار برأسه للموافقة
يشترط لصحة النكاح ستة شروط هي:
وذلك بأن يكون كل منهما معروف ً ا معيَّن ً ا باسمه أو بوصف يميزه عند العقد، فإن كانا مجهولين أو أحدهما
لم يصح، فلو قال : زوجتك إحد بناتي  وله أكثر من واحدة  لم يصح.
بحيث يتم العقد عن رضا من الطرفين، فلو : ُ أجبرا أو أحدهما لم يصح؛ لأن الرضا شرط في العقود كلها بالإجماع.
ودليل ذلك: حديث أبي هريرة ‹ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : »لا تنكح الأيِّم( ١) حتى ُ تستأمر، ولا تنكح البكر حتى
تستأذن « قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال : » أن تسكت ٢)« )، فنهى صلى الله عليه وسلم عن إنكاح الأيِّم حتى تستأمر، أي:
يؤخذ أمرها بالنطق صراحة، وعن إنكاح البكر حتى يؤخذ إذنها؛ وذلك بنطقها أوسكوتها، فإن رفضت أو بكت
بكاء السُّخط فلا يجوز إجبارها.
ويستثنى من ذلك : كون أحدهما غير مكلف؛ كالمجنون والصبي والصغيرة. فيجوز للأب أو َ و ِ صيِّه أن
يزوجهم دون رضاهم لعدم اعتبار إذنهم، أما غير الأب أو َ و ِ صيِّه فلا.
فلا يصح الزواج إلا بوليٍّ للمرأة أو َ من ُينيبه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : »لا نكاح إلا بولي ٣) « )، وقوله صلى الله عليه وسلم: » أيما امرأة نكحت بغير
إذن وليها فنكاحها باطل ٤)« )، وأحق الناس بولايتها : أصوُلها، ثم فروعها، ثم إخوانها، ثم أعمامها، ويشترط في الولي:
أ  أن يكون مسلم ً ا . ب  أن يكون عدلا ( ٥).
ت  أن يكون ذكر ً اث  أن يكون ُ حرا .
ج  أن يكون ُ مكلَّف ا.
فإذا لم تتوفر الشروط في الولي الأقرب أو َ ع َ ضل( ٦) انتقلت إلى َ من بعده وهكذا، فإن زوَّ َ جها الأبعد مع وجود
الأقرب وعدم امتناعه، أو زوَّجها وليُّها الكافر أو الفاسق أو المجنون، أو زوَّجتها امرأة أخر ؛ لم يصح النكاح.
 ( ١) الأيم هي في الأصل التي لا زوج لها سواء أكانت بكر ً ا أو ثيب ً ا والمراد بها هنا الثيب خاصة.
( ٢) رواه البخاري في كتاب النكاح باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاهما برقم ٥١٣٦ ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت برقم ١٤١٩ .
( ٣) رواه أبو داود في كتاب النكاح باب في الولي برقم ٢٠٨٣ - ٢٠٨٥ الترمذي في كتاب النكاح باب ما جاء لا نكاح إلا بولي برقم ١١٠١ - ١١٠٢ والإمام أحمد في مسنده ٦/ ٤٧ ، ٦٦ ، ١٦٦ وابن ماجه
في كتاب النكاح باب لانكاح إلا بولي برقم ١٨٧٩ - ١٨٨٠ .
( ٤) رواه أحمد ٦/ ٦٦ ، وأبو داود ٢/ ٢٢٩ ( ٢٠٨٣ ) ، والترمذي ٣/ ٤٠٧ ( ١١٠٢ ) وقال : حديث حسن.
( ٥) العدالة هي الاعتدال في الأحوال الدينية فلا يرتكب كبيرة ولايصر على فعل صغيرة، وأن يكون ذا مروءة أي مجتنب ً ا الأمور الدنيئة المزرية.
( ٦) معنى عضل : منع نكاحها.
ويجب على الولي أن ينظر إلى مصلحة َ م ْ وليته، فلا يؤخر زواجها من غير سبب شرعي، ولا يمنعها الزواج
من الكفء إذا رضيته لنفسها، ولا يحل له التساهل بتزويجها من ليس ُ ك ْ ف ً ئا لها في الدين؛ كالفاجر ونحوه.
لقوله صلى الله عليه وسلم : »لا نِكا َ ح إلبِ َ وليٍّ و َ شا ِ ه َ د ْ ي َ ع ْ د ٍ ل ١) « )، ويشترط في الشهود هنا :
أ  كونهم اثنين للحديث. ب  أن يكونا عدلين .
ت  أن يكونا مكلفين (أي : عاقلين بالغين ). ث  أن يكونا ذكرين .
ج  أن يكونا سميعين .
وهي المساواة والتماثل في الدين وال ُ خلق، فلا تكافئ المرأة الصالحة فاجر ً ا ولا كافر ً ا، أما التكافؤ في غير
الدين والخلق كالنسب والصناعة والمال فلا اعتبار له كما يقول ابن القيم  رحمه الله تعالى : لم يعتبر القرآن
والسنة في الكفاءة أمر ً ا وراء الدين، فإنه حرَّم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث، ولم يعتبر نسبا ولا صناعة
ولا غنى ولا ُ حرية( ٢).
ولا تشترط تسميته ولا تعيينه عند العقد.
( ١) رواه الطبراني في الكبير ١٨ / ١٤٢ والبيهقي في السنن الكبر ٧ / ١٢٥ والدار قطني في سننه ٣/ ٢٢٥ من عدة طرق.
( ٢) زاد المعاد ٥/ ١٥٩ .

Post a Comment

Previous Post Next Post