الاصطفاء الطبيعي
حسب
دارون عندما درس كل أشكال هذا التنوع الكبير وخاصة في المجموع الحيواني الأهلي (حيوانات
داجنة زراعية أو منزلية) فإنه أعزى هذا التنوع الكبير ضمن هذه المجموعة إلى الاصطفاء
الطبيعي،وبحسب دارون نشأت الأنواع النباتية والحيوانية بتعدد أشكالها ضمن الجنس الواحد
ووجود اختلاف بين أفراد النوع الواحد لا يمكن أن يتم إلا عن طريق الاصطفاء الطبيعي
بصورة مترافقة مع حدوث الطفرات المتكيفة لإعطاء الأفضل والأكثر تكيفاً نكون أمام نوع
من الاصطفاء الطبيعي،وعن طريق هذا الاصطفاء الطبيعي –الذي لن يكون أبداً للإنسان دور
فيه- يبقى ماهو نافع للفرد.
بالاصطفاء الطبيعي تبقى التغيرات النافعة وتتخلص أفراد
الجماعة المتكيفة من الصفات غير النافعة أو غير الملائمة إلى حد ما، وبالنتيجة نحصل
على مجموعة من الأفراد تتبع النوع المحدد ولكن بصفات تكيفية أكثر من الجيل السابق.
إن الاصطفاء الطبيعي دائم الحدوث من جيل إلى جيل بنسب
مختلفة تبعاً للبيئة التي تعيش فيها الأفراد،أي عن طريق الاصطفاء الطبيعي نحصل على
الكائنات الأكثر تكيفاً مع ظروف الوسط وهي التي تبقى بينما تنقرض الأنواع الغير متكيفة
والغير قادرة على الاصطفاء الطبيعي ،هذا يعني أن الكائنات التي بقيت هي التي استطاعت
أن تحوّل طوابعها الوراثية بما ينسجم مع التغيرات ضمن الوسط حتى لو كانت هذه التغيرات
سريعة الحدوث.
والطفرات هي المصدر الأساسي الذي تستطيع الكائنات الحية
المتطورة من خلالها أن تظهر لها صفات تطورية مفيدة للكائن.
في البيئة المتبدلة والثابتة فإن الاصطفاء يحافظ ويدعم
تكيف الأفراد وتحديد قدرة بقاء الأفراد عن طريق الاصطفاء بتبديل صفة معينة أو مجموعة
من الصفات،لكن الأمر يحدث بصورة مستمرة ودائمة أي أن الاصطفاءالطبيعي يبدأ بتكيف الفرد
للمعيشة أو التواجد سواء في بيئة ثابتة أو متبدلة بتنوّع ضمن النوع تبعاً للبيئة.
دائماً ما تمّ الصراع بين الكائن بما يحمل من صفات
وبين البيئة ،ولكي بيقى الكائن على قيد الحياة عليه أن يكون حاملاً لصفات تكيفية تجعله
قادراً على البقاء من جيل لآخر، ولوحظ أننا دائماً نكون أمام أفراد الجيل الجديد بصفات
تكيفية أكثر من الجيل السابق.
إذا حدث تبديل في الوسط فإن الحيوانات المتكيفة هي
التي تستطيع أن تحاكي هذا التبدل،فهي تمتلك بالتدريج الصفات التراكمية المتكيفة لتنمو
-إما من العوامل المناخية الخارجية- وتتكيف معها،وتُبنى لها صفات تتلائم مع هذه البيئة،
أو تكون أمام قدرة تكيفية لتغلب هذه الأفراد المتكيفة على المفترس والأعداء.
سيكون للكائنات ضمن الموقع الاحيائي الواحد بقاء وتواجد أقوى إذا ما حملت أفراده صفات تكيفية مفيدة تطورت من جيل لآخر،وعن طريق الاصطفاء الطبيعي من الممكن أن نحصل على نويعات وأنواع جديدة تختلف عن الأصل بمجموعة من الصفات وخاصة إذا أُعطيت الوقت الكافي ونحصل على أفراد ولو بأشكال وأنواع جديدة أكثر تكيفاً.
ماهو عمل الاصطفاء الطبيعي في التطور؟؟؟
يتحدد
عمل الاصطفاء الطبيعي في التطور بثلاث نقاط هي:
1.
اظهار العلاقة التطورية
بين الكائنات الحية والبيئة: هذا يعني أن لكل فرد -إذا أراد التكيف
مع البيئة –قدرة اصطفائية انتخابية باستمرار على مدى
حياة الفرد من جيل لآخر تؤمن له علاقة وثيقة متدرجة بينه وبين البيئة،وتبعاً للبيئة
يمتلك الكائن الحي الصفات المتلائمة إلى درجة كبيرة مع البيئة،وتبعاً للمكان الذي يعيش
فيه سيمتلك صفات تكيفية تنتقل من جيل لآخر.
2.
الاصطفاء الطبيعي هو
قوى تساعد في عملية التطور والتكيف وإعطاء أنواع متلائمة مع
التغيرات، ودائماً الأفراد تُصطفى من خلال صفاتها وتطور
الصفات لتحاكي البيئة وتتكيف معها، فمثلاً الحيوانات التي تمتلك الفراء السميك تنمو
في الشتاء القارس بل هي تسكن الأماكن ذات الشتاء القارس،والحيونات ذات الأرجل الأطول
تسكن الأماكن المفتوحة وتعدو وتركض بسرعة كبيرة.
افترض دارون أن عملية التكيف التي تحصل بين الكائنات
الحية مع كل هذه البيئات المختلفة على سطح الأرض لايمكن أن تتم إلا عن طريق الدور الكبير
للاصطفاء الطبيعي ولو حدث خلال فترة زمنية طويلة جداً.
3.
يعمل الاصطفاء الطبيعي
على تسهيل حدوث الطفرات بالبيئة المتبدلة حكماً مما ينتج أفراد
متكيفة إلى حد كبير،وعلى العكس فإن الاصطفاء الطبيعي
في البيئة الثابتة يمنع حدوث الطفرات ويحافظ ويدعم الفرد من خلال صفاته التكيفية ويحول
دون نشوء الأفراد الشاذة غير السوية.
ماهي أنواع الاصطفاء الطبيعي؟؟؟
1-
اصطفاء مستقر متوازن
2-
اصطفاء توجيهي أو محدد
3-
اصطفاء تجزيئي تقسيمي
4-
اصطفاء جنسي
1.الاصطفاء المستقر المتوازن:
ويقصد
به المحافظة على توازن الأفراد التي يحصل فيها هذا الاصطفاء، ضمن هذا النوع تستقر وتتوازن
الجماعة من جيل إلى جيل بالمحافظة على صفاتها التكيفية وابعاد الأفراد ذات الأشكال
الطافرة أو غير الوظيفية التي تنحرف بطوابعها الوراثية حتى الظاهرية عن النمط الأصلي
سواء كان الانحراف سلبي أم ايجابي،وضمن هذا النوع تتزن أفراد الجماعة المتقاربة مما
يؤدي إلى تخفيف تأثير عوامل الوسط على هذه المجموعة المستقرة مما يحافظ على بقاء أفراد
هذه الجماعة متكيفة مع الوسط الذي تعيش فيه،أي أن هذا النوع من الاصطفاء غالباً ما
يحدث في البيئة الثابتة.
2.الاصطفاء التوجيهي:
ضمن
هذا النوع من الاصطفاء تغير الجماعة بصفاتها لتحمل مجموعة من الصفات بتغيرات ثابتة
باتجاه واحد،وبنتيجة هذا الاصطفاء نحن أمام متوَسَط جديد للجماعة تحمل أفراده صفات
تقترب من السلف إلاّ أنها صفات أكثر تكيفية تتلائم مع البيئات الجديدة،وضمن هذا النوع
الكل يتكيف وباستمرار لنحصل على جماعة قد تختلف عن الأصل إلاّ أنها أكثر تكيفياً، ونكون
أمام أغلب التغيرات التي تجعل الجماعة متطورة باقية أفضل من الخلف وأنسب من السلف.
ضمن هذه المجموعة لا يمكن تتابع الخط التوجيهي للاصطفاء
بخط واحد،فعندما تصطفي هذه الجماعة بخط متوسطي جديد لا يمكنها أن تعود إلى الخلف حيث
أنها تعطي دائماً الأكثر تكيفياً.
3.الاصطفاء التجزيئي التقسيمي:
فيه
يتم تقسيم الجماعة إلى جماعتين أو أكثر،ويتم تحويل الجماعة إلى جماعتين بأن تظهر لأفراد
هذه الجماعة التي كانت تتبع النوع الواحد صفات ظاهرية مختلفة عن السلف،وضمن هذه الجماعة
نحن أمام اختلافات ضمن أفراد النوع الواحد حيث تقسم جماعات أفراد النوع الواحد إلى
عدة جماعات أي يقسم النوع إلى تحت أنواع (أو نويعات) وعلى المدى البعيد تتحول هذه النويعات
إلى أنواع جديدة،ولكن بالرغم من أنه يقسم الجماعة إلا أنه يجعل أفراد هذه الجماعة أكثر
تكيفاً وذات سعة انتشار كبيرة لتحصل أفراد الجماعة على الخط لتسكن البيئات المختلفة.
4.الاصطفاء الجنسي:
يتبع
الاصطفاء الطبيعي لأنه يولد مع الفرد الذي يحمل صفات تميزه سواء في فترة التكاثر أو
بشكل عام، ضمن هذا النوع نحن أمام امتلاك الأفراد ضمن النوع الواحد (ذكور واناث) لصفات
جنسية ثانوية تميز الذكور بسهولة عن الاناث،إضافة إلى ذلك تساعد في عملية التكاثر،
ولوحظ أن الاصطفاء الجنسي يؤدي إلى إعطاء النسل السليم من خلال انتقاء الشريك شريكه،
هذا يعني أن الاختيار الدقيق للشريك أثناء التزاوج يؤدي إلى الذرية السليمة، وهو الذي
يحقق استمرارية النسل والتوزع الكبير لأفراد النوع.
قد يكون الشريكان موفقان بالاختيار ولكن غالباً للذكر
الدور الكبير في انتقاء الشريك،ونكون أمام تصارع لعدد من الذكور على أنثى،وأمام سلوك
مدروس لاختيار الشريك.
في الاصطفاء الجنسي نعتمد على الاختيار والاقتتال بالتزاوج
لاختيار الشريك السليم عن طريق الصفات الجنسية الثانوية التي تظهر باللون والقدّ وبتوزع
الطبقات اللونية وبأفعال عرسية محددة وبإصدار أصوات نموذجية في فترة التكاثر،وعند عدد
كبير جداً من الفقاريات يكون للحدة الصوتية دور في انتقاء سليم حتى بين الأشكال المتقاربة
من تحت النوع.
إرسال تعليق