,خصائص
النظام الاقتصادي الاسلامي وأهدافه . . {
المطلب
الاول :خصائص النظام الاقتصادي الاسلامي
يتصف
النظام الاقتصادي الاسلامي بخصائص تميزه عن غيره من النظم الاقتصادية الاخرى , وهذه
الخصائص أربع نوجزها فيما يلي :
• الخاصية الاولى: النظام الاقتصادي الاسلامي جزء
من نظام الاسلام :
إذا
كانت الانظمة الاقتصادية الوضعية قد انفصلت تماما عن الدين والقيم الاخلاقية الانسانية
ولا غرابه في ذلك طالما أنها أنظمة بشريه المصدر , فإن أهم ما يميز نظام الاقتصاد الاسلامي
هو ارتباطه التام بدين الاسلام عقيدة وشريعة
, الامر الذي يجعل للنشاط الاقتصادي في الاسلام – على خلاف النشاط الاقتصادي
في الاسلام – طابعاً تعبدياً وهدفاً سامياً , ويجعل الرقابة عليه رقابه ذاتيه في المقام
الاول وتفصيل ذلك على النحو التالي :
أولاً
:للنشاط الاقتصادي في الإسلام طابع تعبدي وهدف سام
• أكد الاسلام كرامة العمل , ورفع قدره , وارتقى به إلى درجه العبادة , طالما
اقترن بالنية الصالحة والتزام بالاحكام الشرعية , يؤكد ذلك حديث كعب بن عُجره , قال مر رجل على النبي صل الله عليه وسلم فرأى
اصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم من جلده ونشاطه , فقالوا : يارسول الله , لو كان
هذا في سبيل الله فقال صل الله عليه وسلم : إذا كان خرج يسعى على ولده صغاراً فهو في
سبيل الله , وإن كان خرج يسعى على ابويين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله , وان كان
خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله , وإن كان خرج رياءً ومفاخرةً فهو في سبيل
الشيطان .
ثانياً
:ذاتيه الرقابة على ممارسة النشاط الاقتصادي في الاسلام
• سبق القول ان النظم الاقتصادية الوضعية قد انفصلت
عن الدين تمام , وابعدته عن القيام بدور ايجابي في نظامها الاقتصادي , ونتيجة لذلك
فإن رقابه النشاط الاقتصادي في ظل هذه النظم موكوله الى السلطة العامة , تمارسها طبقاً
للقانون , الامر الذي يجعلها في النهاية عاجزه عن تحقيق جميع اهدافها , لعدم وجود رقابة
اخرى غيرها , وآية ذلك ماهو مشاهد في ظل هذه النظم من تهرب الكثير من التزاماتهم ومن
القيود التي تفرض عليهم لمصلحه المجتمع كالضرائب , وذلك كلما غفلت الدولة , او عجزت
أجهزتهم عن ملاحقتهم .
• الخاصية الثانية: التوازن في رعاية المصلحة الاقتصادية
للفرد والجماعة .
• لقد جاءت مبادئ الاسلام الاقتصادية اكثر رحابة
واستيعاباً لشئون الفرد والجماعة , فهي لا تذيب الفرد في الجماعة على نحو ما تفعله
الاشتراكية , حينما تنكرت للفرد وأهدرت حريته ومصلحته , ليكون المجتمع او الدولة هي
المالك لكل شيء , أنطلاقاًمن فلسفة المذهب الجماعي , التي ترى ان الاصل هو تدخل الدولة,
إلى درجة انفرادها بعناصر الانتاج , وحرمان الفرد من ثمرة جهده وكدحه .
ولا
تغلب مصلحة الفرد على مصلحه الجماعة , كما تفعل الرأسمالية التي أعطت الفرد الحرية
الواسعة في إشباع رغباته وممارسة النشاط الاقتصادي , وبغض النظر عن كون هذه الرغبة
او هذا النشاط نافعاً او ضاراً بالصحة , وباعثاً عن الانحلال والفساد , كالخمور والافلام
الهابطة وحانات الرقص والفجور , غير مكترث حينئذ بمصلحة المجتمع الاخلاقية , طالما
يحقق له نفعاً مادياً .
أما
اذا كان هناك تعارض بين المصلحتين وتعذر تحقيق التوازن او التوافق بينهما فأن الاسلام
يقدم مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد عما لحقه من اضرار , ومن الامثلة على ذلك مايلي
:
(1) قوله صل الله عليه وسلم : لا تلقوا الركبان ولا يبع
حاضر لباد ’ففي النهي عن تلقي الركبان تقديم لمصلحة عامه هي مصلحة اهل السوق على مصلحة
خاصه هي مصلحه المتلقي .
وفي
النهي عن بيع الحاضر للبادي تقديم للمصلحة عامه هي مصلحه اهل الحضر , وان كان فيه تفويت
مصلحة للبادي بتقديم النصح له وللحاضر إذا كان البيع بطريق الوكالة بالأجر .
• الخاصية الثالثة: التوازن بين الجانبين المادي
والروحي
• يوفِّق الاقتصاد الاسلامي بين العنصرين اللذين
يتكون منهما الانسان وهما : المادة والروح.
• ويعطي كلاً منهما ما يستحقه من الرعاية والعناية
, فهو يدعو الانسان الى العمل والكسب في الدنيا , كما يدعوه في الوقت نفسه الى العمل
لطلب الآخرة , قال تعالى : (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا
تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ) القصص 77.
• الخاصية الرابعة: الاقتصاد الاسلامي الاخلاقي
• إذا كانت النظم الاقتصادية الوضعية قد استبعدت
العنصر الاخلاقي فإن النظام الاقتصادي الاسلامي لا يفصل ابداً بين الاقتصاد والاخلاق
, ولا ادل على ذلك من ان السنه النبوية رفعت درجه التاجر الذي يسعى لتعظيم مصلحته
.
• وارباحه الى درجه النبيين والصديقين اذا ما التزم
بأخلاق الصدق والامانة , حيث يقول النبي صل الله عليه وسلم : ( التاجر الصدوق الامين
مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين يوم القيامة ).
المطلب
الثاني : اهداف النظام الاقتصادي الاسلامي
• يسعى النظام الاقتصادي الاسلامي الى تحقيق عدة
اهداف يمكننا ابرازها في النقاط التالية :
• أولاً :تحقيق حد الكفاية المعيشية
يهدف
الاسلام في نظامه الاقتصادي الى توفير مستوى ملائم من المعيشة لكل الانسان , وهو ما
يعرف في الفقه الاسلامي " بتوفير حد الكفاية " , وهو يختلف عن حد الكفاف
المعروف في الاقتصاد الوضعي , والذي يمثل في توفير ضرورات المعيشة للفرد واسرته , بالقدر
الذي يسمح لهم بالبقاء على قيد الحياه , وهو ما يشكل مستوى متواضعاً للرفاهية الاقتصادية
.
• ثانياً :الاستثمار " التوظيف " الأمثل
لكل الموارد الاقتصادية
يعد
التوظيف الامثل للموارد الاقتصادية من الاهداف الرئيسية للنظام الاقتصادي الاسلامي
, ويتحقق توظيف هذه الموارد في الاقتصاد الاسلامي من خلال عدة طرق اهمها مايلي :
1- توظيف الموارد الاقتصادية في إنتاج الطيبات من الرزق
وعدم إنتاج السلع او الخدمات الضارة والمحرمة .
2- التركيز على انتاج الضروريات والحاجيات التي تسهم
في حماية مقاصد الشريعة , وعدم الافراط في انتاج السلع والخدمات الكمالية , التي لا
تتحرج الحياه ولا تصعب بتركها , وبذلك يتم تخصيص الموارد الاقتصادية بحسب الحاجات الحقيقة
للمجتمع وليس بحسب اسعار الطلب لآحاده .
3- إبعاد الموارد الاقتصادية عن انتاج السلع والخدمات
التي تتطلب إنفاقا ذا طبيعة اسرافيه .
• ثالثا : تخفيف التفاوت الكبير في توزيع الثروة
والدخل
ينكر
الاسلام وبشده التفاوت الصارخ في توزيع الدخل والثروة , وهو توزيع غير العادل , الذي
تستأثر فئه بالجزء الاكبر منه , مما يؤدي الى تهميش الاغلبية الساحقة , التي لا تستطيع
ضمان تغطية حاجاتها الاساسية , ولهذا لا يقر الغنى المطغي , او تسلط الاقلية على مقدرات
الجماعة , كما هو الحال في النظم الاقتصادية الوضعية , كما لا يقر الفقر المعدم او
حرمان احد من وسائل المعيشة , بل يقاوم ذلك كله ويأباه ولا يقبله .
• رابعا: تحقيق القوه المادية والدفاعية للأمه الاسلامية
إذا
كان النظام الاقتصادي في الاسلام يهدف الى تحقيق حد الكفاية , والتصدي للفقر والفاقة
إلا ان اهدافه لا تتوقف عند ذلك فحسب وانما تتجاوزه الى هدف سام يتمثل في تحقيق القوه
المادية والدفاعية للأمه الاسلامية , بما يكفل لها الامن والحماية ويدرأ عنها العدو
المتربص باستقلالها والمستنزف لطاقاتها الاسلامية , يقول تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ
مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ
اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ
ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ
لَا تُظْلَمُونَ)الانفال 60 .
Post a Comment