الفلسفة الوجودية

جذور الفلسفة الوجودية

مميزات الفلسفة الوجودية

نشأة الفلسفة الوجودية

كتب عن الفلسفة الوجودية

ظروف نشأة الفلسفة الوجودية

الفلسفة العدمية

الفلسفة الوجودية القرن العشرين

النظرية الوجودية pdf

 

الفلسفة الوجودية

 

تؤمن الفلسفة الوجودية Existentialism بالحرية الإنسانية المطلقة في الحياة وهي بالتالي ثورة حقيقية متواصلة على كل القيم المتوارثة وجميع الفلسفات السابقة. الوجودية "رؤية فلسفية للوجود الإنساني، ظهرت في أوربا – عقب الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918 م) – في ألمانيا أولاً ثم في فرنسا".

 لا يساورنا شك في أن الوجودية كنظرية وتطبيق ليست حركة جديدة بل جذورها في هذا المضمار ضارب في القدم وعندما تحررت أوربا من سلطة الكنيسة أصبح المفكر لا يخاف من نشر خواطره الخطيرة فاستغل البعض أجواء الحرية لنسف كل الحدود الدينية وجميع السدود المجتمعية. تنقسم هذه المدرسة إلى قسمين: القسم الديني المؤمن بالنصرانية، والقسم الملحد. القاسم المشرك بين القسمين أنهما يحاولان فلسفياً بيان ماهية الوجود الإنساني. الوجودية الملحدة هي المعروفة والأكثر شهرة في الثقافة العربية والعالمية ولقد تلقفها –للأسف- مجموعة غير قليلة من المسلمين ضمن سلسة الاختراق الثقافي الإيديولوجي، ونحن هنا سنتعرض لمرتكزات هذا القسم مع بيان مجمل للتطبيق التربوي. تلغي هذه الفلسفة خصوصيات الإنسان ككائن اجتماعي يتأثر بمعطيات المجتمع فلا يمكن أن يتغافل عن محيطه الذي يعيش فيه كما أن النظرة الوجودية تحرم الإنسان من الصلة الروحية بخالقه فلا تعطي أي وزن للمضامين الدينية.

يقوم هذا المذهب الذي نبت في أوربا على فكرة أساسية تنص على أن "الوجود الإنساني الذي هو الحقيقة اليقينية الوحيدة ... ولا يوجد شيء سابق عليها، ولا بعدها، وتصف الوجودية الإنسان بأنه يستطيع أن يصنع ذاته وكيانه بإرادته ويتولى خلق أعماله وتحديد صفاته وماهيته باختياره الحر دون ارتباط بخالق أو بقيم خارجة عن إرادته، وعليه أن يختار القيم التي تنظم حياته". "ترجع بذور مذهب الوجودية إلى الكاتب الدانمركي كيركا جورد 1813-1855م وقد نمى آراءه وتعمق فيها الفيلسوفان الألمانيان مارتن هيدجر الذي ولد عام 1889م، وكارك يسبرز المولود عام 1883م. وقد أكد هؤلاء الفلاسفة على أن فلسفتهم ليست تجريدية عقلية، بل هي دراسة ظواهر الوجود المتحقق في الموجودات" .

  الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر (1905 - 1980 م) أكبر منظر لهذه المدرسة التي لا تقيم وزناً للدين والقيم الثابتة. انتشرت أفكاره في النصف الثاني من القرن العشرين وخاصة في ميدان القصة والشعر. من نتائج التحرر التام من أنظمة المجتمعات: الدعوة العلنية للإباحية الجنسية، وتسفيه الأديان، والاستهتار بالمبادئ العامة، وتقديس الإنسان، وقمع الحِس الجماعي، ونبذ مكارم الأخلاق. استغلت الحركة الصهيونية هذا المذهب الهدام لزعزعة النظام وتحقيق مآربها الضالة.

تظهر الملامح التربوية الرئيسية في الفلسفة الوجودية في النقاط التالية:

"تكون الفلسفة أكثر فائدة إذا بنيت على الحقيقة" كما يقول سارتر فالمعرفة الحدسية أساس الفلسفة الكلية.

الإنسان هو الغاية في الحياة. الحياة رحلة يبحث فيها الإنسان عن إجابة للأسئلة المحيرة كي يسعد ولا يستبد به الشك.

التربية بكل مناهجها التعليمية وأنشطتها الفصلية يجب أن تحقق ذاتية الفرد لا أهداف المجتمع.

التحرر من الأخلاق أساس السلوك البشري كله.

تشجيع الشك في كل المسلمات، وتمجيد العقل، والترحيب بالحوار بلا حدود.

لا تعترف الوجودية بالحق المطلق والفضائل الأخلاقية بل هي العدو اللدود للعقل وللوجود.

"تنكر الوجودية على المعلم استخدام العقاب أو التوبيخ أو الإذلال حتى لو كان الطالب مخطئاً لأن أهمية التربية ليست بحجم المادة التي يتعلمونها بل بمقدار أو بكيفية الاستفادة مما يتعلمون" .

المتعلم هو محور الحركة التعليمية وجميع الخبرات التثقيفية.

"المدرسة في رأي الفلاسفة الوجوديين مسئولة عن فتح المجال أمام التلاميذ للبحث والتدقيق في أي مجال يرغبونه" .

"لقد أجادت الوجودية استخدام الفن والأدب، بما في ذلك المسرح في نشر فلسفته" .

الجانب العملي المستمد من الواقع المادي هو الطريق المؤدي إلى صياغة الشخصية الإنسانية المؤمنة بذاتها، المستقلة عن غيرها. تهاجم الوجودية التعليم المهني والتخصصي إذا كان يقيد مستقبل الإنسان لأنه يقلل فرص الاختيار للعمل وهذا يخدم المجتمع لا الفرد.

       لقد جاءت التربية الوجودية بعد مخاض طويل واضطراب كبير لتعالج الفوضى التي أصابت أوربا الصناعية بعد اشتعال الحروب الطاحنة وفشل الدين النصراني في إيجاد إجابة وافية واستجابة مقنعة لقضايا العصر. نجحت الوجودية في جوانب عديدة في توجيه سهام النقد للحضارة الغربية وتوجهاتها الفكرية. جاءت النظرية الوجودية لتحل المشكلات بمنهج الشك ولتبدد الحيرة في النفوس ولكن الأمر ازداد غموضاً واضطرابا فقام الغربيون بتفنيدها. الباحث المسلم لا يمكن أن يغض الطرف عن خلل وتحلل الفلسفة الوجودية في ميدان الاعتقاد والعمل لأنها من أخطر المذاهب التي تنخر جيل الشباب خاصة وتدفع بهم إلى هاوية الشرك، والقنوط، والعزلة فكيف تطمئن القلوب، وتقر النفوس؟ لا ريب أن الملحد الذي ينكر خالقه قد جحد دلالات العقل، وأنكر شواهد الفطرة، وأهمل مسلمات الحواس، وجهل الأخبار الصادقة المتواترة، وجميعها آيات بينات تشهد بوجود الخالق.

 

Post a Comment

Previous Post Next Post