عرف الإنسان السياحة مند العصور القديمة، فقد مارس الإنسان النقل بين مكان لآخر لأغراض الرعي، والجمع والالتقاط، وعندما ظهرت المستوطنات البشرية، واستقر الإنسان وعمل بالزراعة، وزادت عن الاستهلاك المحلي، وظهرت الرغبة في مبادلة السلع الفائضة بسلع ناقصة، ظهرت الحاجة للسفر إلى تلك الأسواق في المستوطنات، ووجدت التجارة كرحلة بين تلك المستوطنات كالتي كانت بين بلاد العرب والشام واليمن.

ثم  جاء الإسلام وحث على السفر للحديث النبوي الشريف " اطلبوا العلم ولو في الصين ".

وعنه عليه السلام يقول سافروا فإنكم إن لم تغنموا مالا  غنمتم عقلا.

وقد ظهر اصطلاح سائح Tourism في انجلترا إبان القرن الثامن عشر للتعبير عن الرحلة العلمية التي كان يتعين على الشباب الإنجليزي القيام بها إلى اليابس الأوروبي، ثم استخدمت في فرنسا للدلالة على كل شخص يقوم بأي رحلة لتحقيق متعة شخصية.(محمد مرسي الحريري ’’ جغرافية السياحة ‘‘  دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1991،ص19)

إلا أن السياحة بمفهومها الحديث  ازدهرت في  النصف الثاني من القرن العشرين الذي أطلق عليه بقرن السياحة، ومن المتوقع أن تصبح السياحة أكبر صناعة في العالم بعد سيادة السلام العالمي، وذهاب كل ألوان التهديد العالمي بحرب جديدة، على أن لا يكون الغرض من السفر العمل أو الدراسة، إنما المتعة أو الراحة أو العناية بالصحة، أو لإشباع الرغبة في معرفة أماكن جديدة وأشخاص آخرين. ( محمود كامل ’’ السياحة الحديثة ‘‘ 1975، ص 26)

 

ومع زيادة الاهتمام بالسفر لأغراض شتى، تعددت التعريفات السياحية والتي منها:-

    1- ما  تبناه الإتحاد الدولي لمنظمات السفر الرسمية عام 1968 ويعني حركة الأفراد والجماعات خارج الحدود السياسية للدولة التي يعيشون فيها لفترة تزيد عن أبع وعشرين ساعة وتقل عن عام واحد.

2- هي ظاهرة طبيعية بالمعروف الحديث،  أوجدها العصر لحاجة الإنسان إليها ورغبته في الاستجمام وتغير الجو المحيط به.

3- هي مجموعة العلاقات البشرية والطبيعية التي تنتج من إقامة السائحين (عشق المكان ) طالما هذه الإقامة لا تكون دائمة....

 

أما السائح: فيعرف بذلك الشخص الذي يترك مكان إقامته المعتاد إلى مكان آخر يمارس فيه الترويح والترفيه شريطة أن يبيت ليلة واحدة على الأقل، وان لا تطول مدة إقامته عن عام. ويشمل هذا التعريف السياحة الداخلية والدولية، وسياحة المواسم الدينية والمؤتمرات.( Murphy  P.E. Tourism : A Community Approach .Routledge. New York and London1991p5.)   

وهناك عدد من الكلمات الأجنبية التي لها علاقة بالسياحة:-

Tour :  رحلة تبدأ من المنزل وتنتهي إليه.

:Tourist الشخص المسافر من أجل المتعة.

Tourism:  سياحة.

Domestic Tourism :  سياحة  داخلية (محلية)

 Recreation :   ترويح. (إعادة  الخلق )

Free time  :  وقت الفراغ.

Leisure :    الابتهاج

 

والأهمية علم السياحة أصبح يدرس في المعاهد والجامعات في معظم دول أوروبا في حين أن الهيئات العالمية اهتمت بإقامة المؤتمرات العلمية للتشجيع على السياحة.

 

 

 

*- الدوافع السياحية:-

هناك عدد من المغريات جاذبة أو دافعة للسياحة، والمغريات هي مجموعة من العناصر لها قوة التأثير على اتخاذ القرار في اختيار السائح جهة القصد السياحي، وهي تشكل العوامل الجاذبة التي تتواجد في جهة القصد السياحي بغض النظر عن حجمها والوظيفة التي تشتهر بها، وتنقسم تلك المغريات إلى:-

v    دوافع طبيعية: (بيئية) كالماء – اليابس –الفضاء . وهي تلعب دور بارز في إغراء السائح للذهاب إليها فعلى سبيل المثال شلالات نياجرا (51متر) في الولايات المتحدة من المعالم السياحية الشهيرة في العالم وإلى تولد الرغبة في زيارتها .... كذالك شلالات فيكتوريا ( ليفنغستون عام 1855) التي تقع على نهر الزمبيزي على الحدود بين زامبيا وزيمبابوي، يبلغ عرضها 1.7كم، وارتفاعها 400قدم، كذلك شلالات أنجل التي اكتشفت عام 1935 من الطيار جيمي أنجل وهو يبحث عن الذهب، يبلغ ارتفاعها 979مترا، وهي تقع جنوب شرق فنزويلا في منزه كانيما الوطني. كذلك المغارات والكهوف والسفوح الجبلية، كذلك الظهور المفاجئ غير التقليدي كالبراكين يولد الرغبة في السفر إليه.

v    دوافع اجتماعية وحضارية: لاشك أن التوافق الإسلامية.ولد الرغبة في القيام بالسياحة من جهة، والتوافق الاجتماعي والحضاري والثقافي في جهة القصد مكانا يتولد لي الرغبة في السفر والعكس. فمواقف المضيفين ودرجة الترحيب والود من جانب المواطنين في الدول المضيفة سيجعل الضيف يحس وكأنه بين أهله، من هذا المنطلق تسعى العديد من دول العالم إلى إنعاش فولكلورها الشعبي عن طريق إقامة المهرجانات والمعارض وإحياء التراث الشعبي. وتشمل المغريات الحضارية على المعالم التاريخية القديمة مثل الأهرامات وعواصم مصر القديمة بمصر،، والبتراء بالأردن، والقدس في فلسطين.

v    دوافع الثقافية: يتمثل في رغبة السائح للتعرف على مجموعة المعتقدات والسلوكيات وإسلوب الحياة في البلدان التي سيزورها، فالسفر إلى باريس مثلا يتعرف السائح على الثقافة الفرنسية، أو إلى أفريقيا وقبائلها، أو إلى الأحياء القديمة في المدن الإسلامية.

v    دوافع دينية ترغب صاحبها بالسفر لزيارة المساجد القديمة والكنائس القديمة والأديرة والعتبات الدينية....

 

ومن المغريات الحضارية توفر الخدمات والتسهيلات السياحية وتتمثل في :-

§        سهولة الوصول لمناطق الجذب السياحي ....

§        توفر الخدمات مثل المياه والنقل والمواصلات والاتصالات السلكية واللاسلكية والمطاعم ، والمبيت والصحية .

§        سهولة الحصول على تأثيرات الدخول (VISA)

 

*-  أنواع السياحة

للسياحة أشكال متعددة حسب الأسباب والآثار الخارجية لها، فهي تقسم حسب موطن السائح، عدد السياح، طبيعة وسائل النقل، مدة الإقامة، والآثار الاقتصادية، والمالية للسياحة. ويمكننا أن نتعرف على أربع أنماط السياحة هي:-

السياحة لهدف:

1.    السياحة  الترفيهية:

يقصد بها استثمار أوقات الفراغ بعيدا عن العمل ومسئولياته في السياحة من أجل المتعة والراحة. (عبد القادر حماد، ناصر عيد’’ مدخل إلى الجغرافيا السياحية‘‘ دار اليازجي للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2007، ص86.)

وقد يطلق عليها سياحة وقت الفراغ: Leisure Tourism وهي أكثر أنواع السياحة انتشارا في العالم لوجودها في جميع أماكن السياحة، ولها هدف عام هو قضاء العطلات والحصول على الإشباع النفسي والعقلي. الخ. وقد تكون داخلية في داخل حدود الدولة أو خارجية في دولة أخرى وهي تشمل الاصطياف على الشواطئ، ومن أمثلة ذلك البحر المتوسط والمحيط الأطلسي والهادي والهندي. أو التوجه إلى المناطق الجبلية وخاصة المكسوة بالغابات للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة الجميلة.  والريفية مثل زيارة المناطق المزروعة بالحقول أو بالفاكهة وغيرها من المزروعات. وأخيرا زيارة النوادي كنادي الصيد بمصر، والنادي الأهلي أو الزمالك ...الخ. هذا بلغت نسبة الأمريكيين في الولايات المتحدة الذين يسافرون للترفيه بنحو 80% ، وفي بريتين 85% حسب إحصاءات هيئة السياحة في البلدين. ( عبد القادر حماد وناصر عيد ، ص86)

 

2.    السياحة الثقافية: الهدف منها اكتساب المعلومات والحصول على ثقافة واسعة ولها منابع عديدة في المعارض والمتاحف والأسواق والمعابد والمناسبات الثقافية والأماكن الأثرية والقبائل القديمة وغيرها مما يكسب ثقافة جديدة تضاف إلى المعرفة،ويكون انتقال السائح هنا بهدف التعرف على الأمور السابقة، ونشيط هذه السياحة في معظم بلدان العالم ..... وتعد مدينة القدس ، ومدينة بيت لحم ، والناصرة ، والخليل ، من ابرز المناطق السياحية الثقافية في فلسطين. وجدير ذكره أن الجماعات المثقفة والمتعلمة هي التي تشكل الأغلبية الباحثة عن زيادة المعرفة من خلال السفر إلى تلك الأماكن.

3.    السياحة العلاجية:

ويقصد بها التوجه إلى الأماكن السياحية التي توفر العلاج لبعض الأمراض المتعلقة بصحة الإنسان، وقد ظهرت هذه السياحة مند  بعيد، ومكان الجذب لها المياه المعدنية بأنواعها من العيون، والحمامات، والمياه الكبريتية، والطين والرمل – ثم اتجهت إلى مناطق الاصطياف الأخرى التي لها علاقة بالعلاج كالشواطئ والغابات ( لراحة البال ) ولأهمية هذا النوع من السياحة بدأ يظهر المدن الطبية العلاجية والتي تحتوي على كافة المستلزمات الترفيهية والعلاجية، إلا أن الذي يؤخذ عليها هو ارتفاع تكاليفها، وبذالك فإن الممارسين لها هم من الفئات الاقتصادية والاجتماعية الغنية، والدليل على ذلك أنها كانت للطبقة الحاكمة الأرستقراطية في أوروبا حتى نهاية القرن التاسع عشر. ( محمد مرسي الحريري’’ جغرافية السياحة‘‘ دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية،1991،ص61.

ولهذا توسعت العديد من الدول في تقديم الخدمات العلاجية عن طريق الاستفادة من مواردها من المياه المعدنية ومياه الساخنة والطين.

  وتعد المياه المعدنية في فلسطين وكذالك البحر الميت من أبرز الأمثلة للمناطق العلاجية. وقد نجحت الأردن في تسويق نفسها كمركز علاجي يؤمه كثير من مواطني الدول العربية للعلاج في حماماتها مثل حمامات معين وعفرة والحمة والزارة. كذلك مصر العربية يوجد بها العديد من الأماكن العلاجية مثل العيون الكبريتية والمعدنية في منطقة حلوان والعين السخنة وعين السيلين في الفيوم، وتوجد أكثر مناطق النافورات الحارة في العالم إتساعا وشهرة في أيسلندة حيث تشغل مساحة 5000 ميل مربع، كما يوجد بها نافورات يصل ارتفاعها إلى أكثر من خمسين مترا. (المرجع السابق، ص 65) وجدير ذكره أن القيمة العلاجية للمياه المعدنية قد عرفت منذ بعيد، ففي زمن الرومان كان الاستشفاء بالحمامات المعدنية في أكس ليبان وأكس لاشابل فنا ونظاما متكاملا. (المرجع السابق، ص 61)

 

4.    السياحة الرياضية:

هي السياحة التي تجذب هواة الأنشطة الرياضية المختلفة كمباريات كرة القدم والسلة وألعاب القوى والسباحة والتزلج على الماء والثلج ومصارعة الثيران وسباق السيارات والخيول ...الخ.

ولا يوجد دولة في العالم تمارس جميع هذه الرياضة، إلا أن هناك كثير من الدول تتخصص بعدد منها أو بعضها على سبيل المثال اسبانيا التي تشتهر برياضة الثيران واليونان موطن الأولمبيات وسباق السيارات في فرنسا.

 

5.    سياحة إنجاز المهمات والأعمال:

وهي السياحة التي تتم من خلال المشاركة في المؤتمرات محلية و إقليمية ودولية وتناقش كثيرا من الأمور، مثل المجالات العلمية، والمواضيع العسكرية والسياسية والفنية والتربوية والبيئية والاقتصادية، وتعقد هذه المؤتمرات في كثير من دول العالم ومن أشهر تلك الدول سويسرا التي تتميز بحيادها وموقعها الجغرافي المتوسط في العالم، وكذالك مدينة نيويورك التي تستضيف كثيرا من المؤتمرات الدولية ومدينة القاهرة التي يوجد بها جامعة الدول العربية.

ولا تقتصر الأنشطة على تلك المؤتمرات فقط بل نجدها تشتمل على أنشطة متعددة منها الترفيهي، ومنها التجاري أو التسوق، ومنها زيارة المناطق الأثرية وخاصة بعد انتهاء المؤتمر.

6.    السياحة التاريخية:

وهي السياحة التي تهدف إلى التعرف على أثار الشعوب وحضارتها، حيث يقوم السائح بزيارة المواقع الأثرية والمتاحف، ويحضرون المعارض المتنوعة وتجذب هذه المواقع الزائرين من داخل الدولة وخارجها مثل البتراء بالأردن والأهرامات بمصر وسور الصين العظيم الذي يمتد لمسافة 1500 ميل.

 

7.    السياحة الدينية:

 هي السياحة المرتبطة بزيارة الأماكن الدينية المقدسة عند جميع الديانات، والتي تشكل جزءا من عقيدتها، ففي كل عام تستقبل الأماكن المقدسة الملايين من الحجاج والزائرين حيث تقدم لهم الخدمات الأساسية أثناء إقامتهم ومن أبرز الدول التي تشتهر بهذا النوع من السياحة المملكة العربية السعودية للحج والعمرة، وفلسطين لزيارة كنيسة المهد والقيامة والقدس الشريف، والهند لزيارة تاج محل الذي يؤمه ألاف السياح الهنود كل عام،  والفاتكان بإيطاليا حيث مقر البابا.( القدس المفتوحة، ص290)

 

*- السياحة حسب المكان:- يقصد بها الداخلية: أي المكان الذي يقصده السائح:

1-  السياحة الداخلية:

وهي التي يمارسها السكان داخل حدود الدولة التي يعيشون فيها حيث يمارس سكانها السياحة في المناطق الريفية أو المدن والمناطق السياحية أو الأنهار.

2-  السياحة الدولية:

أولا:بها انتقال الفرد من دولة إلى أخرى من أجل السياحة لمدة تتجاوز 24 ساعة وقد تطورت هذه السياحة بشكل كبير في الوقت الراهن حتى أصبحت في ازدياد ومستمر فبعد إن كان العدد السياح عام 25 مليون سائح عام 1975 تصبح عام 2004 إلى 763 مليون سائح، وتعد أوروبا أكبر القارات لهذا النوع من السياحة ثم أمريكيا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأسيا وجزر المحيط الهادي وأخيرا أفريقيا والشرق الأوسط ( لماذا ).

 

 

 

 

 

Post a Comment

أحدث أقدم