المشاكل والصعوبات التي يواجهها المجتمع اليوم على الصعيد الثقافي
فعلى الصعيد الثقافي، يواجه مجتمعنا اليوم تحديات من نوع جديد. لقد صارت الثقافة تشكل محور كل مشروع يتوخى الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ومن المعلوم أن المسألة الثقافية تداهمنا بأسئلتها الحارقة والمحرجة: أسئلة التنوع الثقافي، والتعدد اللغوي، وحوار الحضارات، والتسامح الفكري والعقدي، والتعايش السلمي بين الثقافات المختلفة... وبالإضافة إلى ذلك يعرف المشهد الثقافي العالمي في وقتنا الحاضر تحولات جذرية. ولعل أهم ما تتميز به تلك التحولات هو الانتشار غير المسبوق لثقافتين متباينتين في منطلقاتهما ومرجعياتهما، ومتشابهتين في آثارهما ونتائجهما. ويتعلق الأمر بثقافة التعصب والانغلاق من جهة، وثقافة "الصورة" من جهة ثانية. فمن بين القواسم المشتركة بين هاتين الثقافتين، كما يبين ذلك مصطفى حجازي في كتابه "حصار الثقافة "، إلغاء العقل، وتعطيل الحاسة النقدية، وإضعاف ملكة التفكير. ومن المعلوم أن انتشار النماذج الفكرية المرتبطة بهاتين الثقافتين، يخلق وضعية فكرية جديدة، تطرح على المدرس أسئلة جديدة: أي ثقافة لمدرسة الغد؟ كيف يمكن التخلص من مساوئ النماذج الثقافية التي سادت مجتمعنا حتى الآن؟ ما هو السبيل لإبداع ثقافة أصيلة، تستوعب ما يزخر به مجتمعنا من تعدد وتنوع واختلاف، وتستجيب للحاجات الفعلية لناشئتنا؟ كيف نفتح أمام ناشئتنا آفاقا فكرية رحبة تمكنها من معانقة القيم الإنسانية الكونية، والمحافظة، في نفس الوقت، على مقومات هويتها وأصالتها؟

Post a Comment

Previous Post Next Post