الاختيارات الكبرى والغايات العليا للمنظومة التربوية
انواع الأسئلة المطروحة في التكوين البيداغوجي السليم للمدرسين و المتعلمين
ويمكن تقسيم تلك الأسئلة إلى نوعين:
- أسئلة ذات طبيعة تقنية؛ تتعلق بنوعية الكفايات التي يتعين إكسابها للمدرس، وطبيعة المعارف الضرورية لمزاولة مهنة التدريس، والأساليب والمناهج والطرق التي يتعين اتباعها لتكوين المدرسين، وتدريبهم، وتقويم نتائج عملهم إلخ.
- وهناك أسئلة أخرى ذات طبيعة فلسفية؛ تتعلق بالاختيارات الكبرى، والغايات العليا للمنظومة التربوية... وينصب هذا النوع من الأسئلة، في الواقع، على المشروع المجتمعي الذي نريده لبلادنا. ومن أمثلة تلك الأسئلة ما يلي: أي مدرس نريد؟ ولأية مدرسة؟ ولأي مواطن؟ ولأي مجتمع؟. هل نريد مواطنا حرا، مستقلا، قادرا على ممارسة النقد والإبداع والابتكار؟ أم نريد مواطنا خاضعا مستسلما، ومقلدا ومتزمتا؟ إن نوعية المدرس الذي يتعين تكوينه يتوقف على نوعية الإجابة المقدمة لهذه الأسئلة. فمن باب المكابرة الاعتقاد بالحياد الفكري والأيديولوجي في مجال التربية والتكوين.
ويجب التأكيد هنا على أن اختيارات المغرب في هذا المجال واضحة كل الوضوح؛ كما تؤكد ذلك النصوص المرجعية الموجهة لنظامنا التعليمي، وخاصة منها خطب جلالة الملك محمد السادس، والميثاق الوطني للتربية والتكوين، والوثائق الوزارية المتعلقة بإصلاح البرامج والمناهج التعليمية. ولعل أبلغ تعبير عن تلك الاختيارات، ما جاء في الرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى المشاركين في الندوة الدولية حول التعليم العالي في العالم العربي، يوم 13 مارس 2002، حيث عبر، جلالته عن إرادته " ...في جعل الجامعات فضاءات لنشر المعرفة والثقافة والتعلم للتشبع بقيم راسخة، قمينة بجعل مواطني بلدان مختلفة، غدا أكثر من اليوم، مواطني عالم واحد... وعلى هذا الأساس، يقول جلالته، فمواطنة المستقبل لن تتحدد فقط بالانتماء لتراب أو جماعة أو هوية، بل بالتمسك بمجموعة من القيم التي ستشيد عالم الغد، من بين أسمائها الدالة الديمقراطية والتضامن والتسامح... ".
ومن نافل القول إن نشر تلك القيم في المجتمع، لا يمكن أن يحصل، إن لم يكن رجال التربية والتكوين، في المقام الأول، متشبعين بها، حريصين على نشرها، وقادرين على الدفاع عنها.
إرسال تعليق