هل التعليمية علم قائم بحد ذاته ؟
على الرغم من التطورات الكبيرة التي عرفها الحقل البحثي
الديداكتيكي، وبنائه للنظرية الديداكتيكية العامة المعروفة بالتعليمية التجريبية
(Didaxologie) أو التعليمية فإن الجدل بين الباحثين في الميدان التعليمي والتربوي بتخصصاته المختلفة لا يزال قائما فيما
بينهم حول ما إذا كان بإمكاننا اعتبار ديداكتيكية اليوم .وذلك بعد أكثر من عشرين سنة من البحث المتواصل- علما قائما بحد ذاته، وبالتالي الاعتراف بميلاد
تخصص جديد ف
ي عالم علوم التربية والتعليم.
بداية يجدر التنبيه إلى أن هناك مجموعة من الباحثين لا تزال تنظر للتعليمية على أنها فرع من الفروع العلمية التي انفصلت عن علوم التربية وبالأخص البيداغوجيا،
وذلك لاستمرارية التعليمية الاعتماد على الاختصاصات التي يطلق
عليها باختصاصات الدعم، أوالاختصاصات التكملة، في البحث والمتمثلة أساسا في علم النفس المعرفي، وعلم النفس المدرسي، وعلم التربية،
والبيداغوجيا،واللسانيات التطبيقية والفلسفة، والابستمولوجي.
بناء على هذا فإن التعليمية لا تزال في أبحاثها النظرية ترتكز على
المفاهيم النظرية المتوصل إليها في الاختصاصات المذكورة أضف إلى هذا أن مكانة
التعليمية في المؤسسات العلمية منها الجامعات و المعاهد غير واضحة المعالم في مجال
البحث و الدراسة فمنهم من يجعل التعليمية مرادفة لعلم النفس و منهم من يجعل
التعليمية و البيداغوجيا علم واحد لا يميز بينهما، و عند البعض التعليمية و علم
النفس اللغوي يعدان تخصصا واحدا، بينما نجد في المقابل رهطا آخر من الباحثين يصرون
على أن التعليمية لا سيما بعد نجاحها في تأسيس الإطار النظري و المنهجي الخاصين
بها في البحث على أن التعليمية تعد كتخصص جديد دخل إلى ميدان البحث العلمي و
الدراسي.
غير أن السؤال الذي لا يزال يعتريه بعض الغموض و اللبس و هو بحاجة
على إجابة دقيقة متمثل في الفرق الذي يفصل بين البحث الديداكتيكي و البحث
البيداغوجي، ذلك أن هذين التخصصين يجمعهما مثلث ديداكتيكي بحثي واحد الشامل لعناصر
المعرفة و التلميذ و المعلم.
و عليه فإن نموذج النظام الديداكتيكي و النموذج البيداغوجي نموذجان
متماثلان من حيث محاور البحث العامة، و يبقى الفاصل بينهما متمثلا في طرق تناول
هذه المواضيع أة المحاور الكبرى، حيث تركز الديداكتيكية في أبحاثها على السيرورات
أي سيرورات التعليم، و سيرورات التعلم، و سرورات التكوين، التي تحكم الموقف
التعليمي، مستعينة في ذلك بتصميم نماذج تعليمية تتسم بالتطبيق في تفسير أبعاد
العراقيل الكامنة وراء الأخطاء و انتشار ظاهرة الفشل المدرسي.
في حين لا يزال البحث البيداغوجي ينقصه كثرا البعد المباشر و البعد
التطبيقي في دراساته و بالتالي لا يزال الجانب النظري يطغى على دراساته، مما
يدفعنا إلى القول أن النماذج البيداغوجية لم ترق إلى مستوى النماذج الديداكتيكية
في تشخيص مواطن الخلل و توضيحه و شرحه بالطريقة العلمية الدقيقة التي توصلت إليها
التعليمية في أبحاثها و دراساتها و التي ساعدت المعلم بشكل كبير على فهم أسباب
الخطأ و كيفية تجاوزه.
إرسال تعليق