اصلاح المنظومة التربوية التعليمية

بما أن المدرسة هيئة اجتماعية تساهم في تحقيق أهداف وقيم المجتمع الذي تعمل فيه، فهي مؤهلة لأن تقود الإصلاح والتغيير الاجتماعي، الذي تؤثر فيه(المدرسة أثراً كبيراً في تطور وإصلاح شأنه، لأن إصلاح وتغيير المجتمع لا يمكن أن يكون ناجحاً ومثمراً إلا إذا وعاه الناشئون وعياً أكيداً وعملوا على تحقيقه) ،لأن بين المدرسة والمجتمع في كل زمان ومكان ارتباطاً وثيقاً وتفاعلاً شديداً.مما يمكن المدرسة من (تغيير وتعديل قواعد السلوك لتلاميذها، لأنها تعمل في وسط ثقافي يؤثر كثيراً في التلاميذ) بحيث يؤدي إلى تحسين ورفع نوع المعيشة في المجتمع، لأنه كما يقول تشارلز بيرز (بأن السلوك الاجتماعي للتلاميذ يمكن أن يتغير،إذا هدف التعليم لتحقيق هذا التغيير). كما أن المدرسة تساعدهم على تكوين فلسفة صحيحة للحياة، ونظام للقيم يساعدهم على أن يأخذوا أماكنهم كمواطنين أذكياء ناضجين، وهذا الأمر لا يتحقق إلا عن طريق إدخال الخبرات التعليمية الصالحة في المناهج، وعن طريق أوجه النشاط المختلفة والنقاشات ذات الخطة الواضحة التي تدعو إلى الاهتمام بالتراث الثقافي للمجتمع واستخدامه في حل مشكلاتنا الحاضرة، لكن علينا أن نوضح بأن هذا يستلزم إعادة تنظيم المواد المدرسية تنظيماً يكفل للمدرسة القيام بهاتين الوظيفتين المزدوجتين(نمو الفرد وإشباع حاجاته وميوله والنقل الثقافي، واستخدام الثقافة استخداما وطنياً)، وهذا يدعونا إلى إعادة تنظيم المعارف الإنسانية من خلال المدرسة لأنها بيئة تربوية صاهرة، بمعنى أن هذه المؤسسة تعمل على نشر(التواصل والتفاهم بين التلاميذ) تبعاً للأهداف التربوية التي تسعى المدرسة الجديدة إلى تحقيقها من أجل أن تعمل المدرسة على مساعدة التلاميذ في الوصول إلى المبادئ العامة والقوانين والخبرات البشرية المنظمة تنظيماً منطقياً، (والعمل على إمكانية التوفيق بين موقف وظيفة المدرسة إزاء النواحي السيكولوجية للتلميذ، ووظيفة القيام بالنقل الثقافي)، كما نطمح أن تتمكن المدرسة من أن لا تصب اهتمامها على التراث الثقافي لمجتمعنا الذي نعيش فيه فحسب، بل ينبغي أيضاً أن توجه عنايتها إلى التراث الثقافي للجنس البشري، (لكي تحقق المدرسة ما يجب أن تكون عليه من أنها انعكاسا للنظام الاجتماعي للمجتمع)، وذلك لأن دور المدرسة كقوة اجتماعية تربوية تبرز أهميتها في تخريج القادرين على قيادة المجتمع الواعين بدورهم الإيجابي في حل مشكلاته، حين يصبحون جزءاً أساسياً ومهما فيهً، شريطة أن يكون منهجها انعكاساً فاعلاً لجميع العناصر الثقافية للمجتمع مع وجوب أخذ دور محايد إزاءها، لاسيما المشكلات المتعلقة بالقيم والمعتقدات الدينية، وهذا لا يتم إلا من خلال إعداد التلاميذ وتعويدهم على الإيجابية في حل مشكلات المجتمع، وهذا لا يتم إلا من خلال إدارة مدرسية تتبنى منهجاً مدرسياً تربوياً ينمي في التلاميذ الفهم للقيم والتقاليد الديمقراطية، كما يعرفهم بالخصائص التي تحير المواطنين في ظل النظام الديمقراطي، وصولاً إلى ظهور السلوك الديمقراطي لدى التلاميذ، الذي يدفعهم للالتزام والعمل بالقوانين والنظم الديمقراطية، وهذا يقودنا إلى أن يكون تنظيم إدارة المدرسة تنظيماً ديمقراطياً، لأن من الصعب والتناقض أن يخضع التلاميذ لنظم كلها سيطرة وضغط في المدرسة وفي البيت والهيئات الاجتماعية الأخرى.

Post a Comment

Previous Post Next Post