الإصلاح التعليمي
إن الإصلاح التعليمي  يساهم في بناء المؤسسة التعليمية، بناءً صحيحاً يبعدها عن الانحطاط والتخلف التي غرقت فيه على مدى العقود الماضية، والتي كانت فيه المؤسسة التربوية عرضة للانتهاك والتجاوز الأخلاقي، مما جعل الهوة واسعة بيننا وبين المجتمعات الأخرى التي استطاعت التخلص من الفردانية في الحكم، والسيطرة والشمولية وإخضاع المجتمع للرأي الواحد، الذي احتكر الفعالية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية، وقام بتقنينها منهجاً وسلوكاً لتصب في منافعه وتطبل لشعائريته الزائفة، مما أدى بالعملية التربوية إلى الانكماش والتقوقع في الوقت الذي نرى أن المجتمعات المتقدمة رأت في التعليم ما يوطد الحياة الديمقراطية، لأنها اعتقدت وآمنت بأن نشر العلم بين طبقات الشعب من الأسس المتينة التي يقوم عليها صرح الحرية والاستقلال الوطني، لأن الحرية لا تستقيم مع الجهل، لأن دعامتها (التعليم الذي يشعر الفرد بواجبه وحقه وبواجبات نظرائه وحقوقهم الديمقراطية.
وهذا يدفعنا للقيام 1( بتغيير جذري في نظام التربية والتعليم من أجل بناء الفرد والمجتمع ) كي نتمكن من بناء شخصية قوية منتجة لا تعاني من العقد والإحباطات، وتستشرف المستقبل، لا من خلال الأماني والخطاب الديماغوجي، وإنما بالنزوع (لدراسة المستقبل بهدف التنبؤ والاستعداد والتأثير فيه)، منطلقين في ذلك من عملية استقراء تعتمد العلمية والمنطق للحاضر وإشكالياته، لأنه لم يعد التعليم في ضوء الدراسات الحديثة، وما أثمر تمعن نظريات جديدة في مجال تعريف التعليم، وما أتاحه التقدم التكنولوجي من وسائل مساعدة للاختبار والقياس ينظر إليه لتحصيل للمعرفة والمهارات، أو أنه تدريب عقلي! بل أصبح ينظر إليه بأنه عملية تربوية تهدف إلى إحداث تغيير في السلوك معتمداً على(عوامل عدة في بيئة المتعلم الكلية وأثر الخبرة التعليمية على شخصية وسلوك الإنسان). وهذا في حالتنا الآن يستوجب للوصول إلى المسار الاجتماعي/الحضاري الصحيح، القيام بالإصلاح والتغيير الجذري لنظام التربية والتعليم من أجل قيام مجتمع جديد متوازن وواع، وهذا يتطلب القيام بمهمتين أساسيتين هما (التخطيط والتنفيذ، مع تهيئة الضمانة الإجرائية اللازمة) لتغيير الفرد الذي هو النواة الأساسية في المجموعة الاجتماعية وجعله إنساناً جديداً متوافقاً مع المفاهيم والأفكار الجديدة التي تتيحها له الحرية التي استعادها بعد أن فقدها لعقودٍ من الزمن.
وعملية التغيير والإصلاح هذه لا يمكن أن تتم بعفوية أو بالعصا السحرية، بل إنها تتطلب (عملية شاملة من التربية والإرشاد) تفسح المجال للفرد بالوصول بقدراته واستعداداته إلى أقصى طاقاتها، وذلك من خلال نظام يسمح بالمرونة في إعداد وتخطيط المناهج وتنظيمها بما يتوافق والطيف المجتمعي للعراق وحاجاته، مؤمنين (بأن الشيء المهم في التعليم ليس فيما تحتويه المادة ذاتها بل في القدرة العقلية الهامة التي تنمو نتيجة لها، فقد وجه علم النفس الوظيفي أنظار المربين إلى رأي جديد، وهو أن الإنسان يتعلم طرقاً معينة نتيجة لاستجابته لمواقف معينة، أي أن استجابة الفرد تتنوع تبعاً لنوع المواقف التعليمية) لأن الإصلاح والتغيير الذي نريده لمجتمعنا الجديد، لا ينبغي أن يكون عشوائياً، بل يجب أن يسير وفق القيم التي يرسمها الدستور للمجتمع، من أجل إقامة المجتمع الديمقراطي، لأن إصلاح النظم المدرسية القائمة (بين الفينة والفينة مطلب ضروري، لاسيما وأن الشروط الاجتماعية الجديدة، وتطور العلوم الإنسانية، تجعل التغيير والتطور ضرورياً).

Post a Comment

Previous Post Next Post