السياسات التعليمية العربية 
السياسات التعليمية العربية
وتطور السياسات التربوية والتعليمية في الوطن العربي فهي المرحلة الحالية التي يمكن تسميتها (بناء مجتمع المستقبل)، وهذه المرحلة تبدأ منذ التسعينات وحتى الوقت الحاضر، وهي فيما نعتقد المرحلة الحرجة التي شهد فيها العالم بما فيه الوطن العربي تغيرات واسعة الأثر والتأثير منها تغيرات وتطورات معرفية وعلمية وتقنية والتي على التربية العربية أن تواكبها وتغير وتطور أنظمتها التعليمية، وهي التي تحتاج بالفعل إلى تحديث وتطوير إستراتيجية التربية العربية، وهذه المرحلة لا تزال فيما نعتقد متعثرة في الوطن العربي، ولم تبدأ بفعالية وكفاءة فهي تحتاج إلى إستراتيجية عربية مختلفة تماماً عن الاستراتيجيات والسياسات السابقة للتعليم والتربية في الوطن العربي، إنها إستراتيجية تربوية يجب أن تسعى إلى بناء مجتمع المعرفة بمعنى الكلمة وإلا فإن مصير العرب التهميش والفناء الحضاري.

وعلى أية حال ورغم الإنجازات السابقة الكمية والنوعية التي حققتها التربية العربية خلال العقود الماضية، لا تزال هناك معضلات ومشكلات تربوية على السياسات التربوية أن تواجهها بالدراسة وإيجاد الحلول المناسبة بالتخطيط والتنفيذ والمتابعة، ومن أهم هذه الاختناقات ما يلي :


1 ـ لا تزال السياسات التربوية العربية غير واضحة الأهداف العامة والخاصة لكل مرحلة تعليمية، وبالرغم من وجود أهداف تربوية عامة في كل بلد عربي على حده تقريباً، إلا أنه لا توجد أهداف عربية مشتركة، والبحث عنها أشبه بمن يبحث عن إبرة في قاع محيط متلاطم الأمواج والتيارات البحرية، ولا يمكن بطبيعة الحال أن ينجح عمل مهما كان بدون رؤية واضحة وأهداف عامة مشتركة.


2 ـ بالرغم من أن السياسات التربوية العربية تخدم الطالب العربي فعلاً في أي مستوى أو مرحلة تعليمية وتنفق عليه بمعدلات عالية (أعلى من معظم البلاد النامية وتتقارب مع البلاد الصناعية المتقدمة)، إلا أن المدرسة أو التربية العربية لا تزال تركز خدمتها في الجانب المعرفي وحفظ المعلومات وتلقين قوالب صورية من الأفعال والأقوال، فالتربية العربية لا يزال أمامها إلى جانب المعرفة تنمية شخصية الطالب من جميع النواحي المعرفية والاجتماعية والنفسية والثقافية والجسمية والإنسانية العالمية، فالطالب العربي قد يخرج من المدرسة ولا يعرف حقيقة مجتمعه والعالم الفعلية فيتخرج بكمية من المعارف والعلوم ولكن تفاعلها وترابطها وتأثيرها في شخصيته الفردية وفي عمله وفي مجتمعه الواسع ومشاكله تكاد لا تظهر بشكل واضح وإيجابي، وأحياناً يتخرج الطالب العربي بنظرة مثالية رومانسية فيجد الواقع حقيقة أخرى فيرتد متطرفاً في اليمين أو اليسار، أو فاقداً لأي خط سير في حياته فيضيع في دوائر اليأس والإحباط أو حتى الجريمة والانحراف أو الارتماء في أحضان الآخرين مهما كانوا أصدقاء أو أعداء للأمة العربية والإسلامية.


3 ـ إن ازدياد عدد الخريجين من مختلف المؤسسات التعليمية العربية أدى إلى معدلات عالية أو واضحة من البطالة والبطالة المقنعة بين الشباب، كما لاحظنا سابقاً وهنا رغم كل الجهود التي بذلتها السياسات التربوية والاجتماعية فالعلاقة بين المدرسة وسوق العمل (هل التربية للعلم والثقافة؟ أو للعمل والرزق؟.) لم تُحل بعد في أذهان ساسة ومخططي التربية والاقتصاد العرب، وستزداد هذه المشكلة تعقيداً في المستقبل بالنظر إلى النمو السكاني في الوطن العربي (يقدر أن يصل عام 2025 إلى 400 مليون نسمة) إضافة إلى تغير طبيعة التخصصات التي يحتاجها سوق العمل العربي وبطء النمو الاقتصادي الحقيقي في البلاد العربية وضعف الموارد المالية لمعظم البلدان العربية والعولمة الاقتصادية والأزمات والمشاكل السياسية والدولية (قضية فلسطين، واتهام العرب والمسلمين بالإرهاب والتطرف الفكري وبروز قضايا الأقليات العرقية والثقافية) فهذه مشاكل تشغل البلدان العربية عن التنمية وتجرها إلى قضايا الأمن والإنفاق على السلاح والحروب بدلاً من الإنفاق على التعليم والصحة والتنمية البشرية بشكل عام.

4 ـ وبالنسبة لمدى ما قدمته السياسات التربوية العربية للمجتمع العربي في مختلف المستويات الوطنية والمحلية والريفية والحضرية، فرغم كل الإنجازات في هذا المضمار، فلا تزال هناك عقبات لم تعالجها السياسات التربوية بفعالية وتحتاج إلى دراسات وتخطيط وعمل متواصل 

Post a Comment

Previous Post Next Post