الممارسة الثقافية ترجمة لما يعج به الواقع، وتعبيرا عن حركية مجتمعية متعددة الأنماط والأبعاد



        الممارسة الثقافية ترجمة لما يعج به الواقع، وتعبيرا عن حركية مجتمعية متعددة الأنماط والأبعاد ، فإن تلكم الحركية في منوالها الانفتاحي، وفي جانبها الانطوائي، وفي كل معالمها الصراعية والتوافقية وملامحها التقليدية والتحديثية، هي تعبير عن التحولات القوية التي تميز المجتمع المغربي في الوقت الحاضر، وتجسيد لجملة من الاختلالات البنيوية والظرفية التي تطبع نظامه ومساره. إن أهمية التغير لا تكمن في معرفة أسبابه الداخلية والخارجية، وفي التحولات التي تصيب الحقول الاقتصادية والثقافية والمجالية، ولا تظهر في التجليات الكمية والكيفية التي تكشفها هذه التحولات فحسب، بل إن تلك الأهمية ماثلة أيضا في ما يحصل من تجدد وانتقال في نسق القيم وفي أنماط التعبئة والانتظام الاجتماعي، وفي طرق وأساليب التواصل التي تقترن بها كثير من العلاقات والروابط المختلفة داخل المجتمع (5). إن عملية التغير لا تحصل بصورة نمطية ولا تتم وفق إسهامات اجتماعية وثقافية وأخلاقية متجانسة ومتشابهة، بل إنها تعبير عن تفاوت المصالح وتضاربها وتنازع الأولويات والتطلعات وتمايزها، كما أنها تجسيد لتراكمات يظهر مفعولها على الإنسان والمجال إن سلبا أو إيجابا، إلى الحد الذي تترتب فيه عن ذلك اختلالات وأزمات هي من قبيل التفاوت بين الفئات الاجتماعية والتباعد بين الجهات والمناطق في التهيئة والتجهيز والعمران، أو من قبيل التضارب بين القيم والمرجعيات الثقافية والرمزية، ناهيك عن إشكالية الملاءمة بين مواطن التقليد ومعالم الحداثة، وعن الضعف البين في بنيان ووظيفة النسيج المؤسساتي والقصور الواضح في خدمات المرفق العمومي والتدني البارز الذي تجسده مؤشرات التنمية البشرية.

Post a Comment

Previous Post Next Post