تدبير المؤسسة التعليمية في الوقت الراهن مشكلة حقيقية قد تترك وقعا سلبيا على المنظومة التربوية إذا لم يقع التصدي لها في الوقت المناسب. إننا لا نحصر الأمر هنا في وجود أو عدم وجود مجالس للتدبير في المؤسسات التعليمية، بل إننا نطرح مدلول وواقع تدبير هذه المؤسسات في معناه النوعي والعميق، حيث يحيلنا ذلك إلى الإقرار بصورية العديد من المجالس وعدم قدرتها على مواجهة المشاكل المختلفة التي تعاني منها المؤسسات التعليمية، وبمحدودية الإدارة التربوية وضيق إمكانياتها التأطيرية وعتاقة أساليبها في التسيير والتدبير. كما يحيلنا ذلك أيضا إلى افتقاد أغلب المؤسسات إلى هوامش تربوية وإمكانيات تكوينية تسمح بتوفر فضاءات للتعبير الفني والرياضي والثقافي وبتفتح وتوسع الطاقات الإبداعية للمدرسين والمشرفين الإداريين والمتعلمين على حد سواء، بما يؤهل نحو عطاء ثقافي ومعرفي متعدد الأنماط ويدفع إلى انبثاق وتطور قدرات التكوين الذاتي ويرسخ علاقة نوعية بين المدرسة ومحيطها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي.
        ـ تكشف الفاعلية البيداغوجية في مجموع قنواتها ومستوياتها عن أسئلة وانشغالات ناتجة بالأساس عن صعوبات ذات طبيعة موضوعية أو عن إكراهات تلعب فيها الرهانات الذاتية -في مختلف تجلياتها- دورا مركزيا وحاسما. وغالبا ما تبقى هذه الصعوبات والإكراهات ضاغطة على الحقل التربوي، وغالبا ما يظل مفعولها عائقا حقيقيا أمام استكمال معالم المشهد التحديثي الذي تتطلع إليه المدرسة المغربية، بل إن مفعول هذه الصعوبات يؤدي في كثير من الأحيان إلى تعطيل الأداء المطلوب من نظامنا التربوي وإعادة إنتاج ظواهر سلبية تتجلى في الهدر المدرسي وسوء توظيف الطاقات والموارد البشرية وضعف الاستثمار في مجال البنيات التحتية البيداغوجية. إن التأثير القوي لهذه الظواهر في الوقت الراهن يقود إلى الانشغال بضرورة معالجتها وتجاوزها، وهو انشغال لا يمكن أن يدرك غايته إلا من خلال الوعي بقصور الحلول التقنية والإدارية والظرفية لقضايا من هذا القبيل، واستحضار مقاربات متمفصلة ومتعددة المسالك والأبعاد تنهض بالأسئلة والانشغالات السابق ذكرها، وتمكن الفاعلين من تحويل الأعطاب إلى إشكاليات تسفر دراستها عن قيمة مضافة كفيلة بتطوير وتقوية الحقل التعليمي  ويقف البحث العلمي شرطا لا بديل عنه في التصدي لقضايا المنظومة التعليمية والكشف عن أعطابها والإجابة عن أسئلتها الملحة، وفي بلورة الإمكانيات والسبل الكفيلة بترسيخ نموذج تربوي واعد وفعال ومنفتح.

Post a Comment

أحدث أقدم