المغرب والبنوك الاسلامية او البنوك التشاركية
يعتبر المغرب من الدول الإسلامية المتأخرة في مجال المصرفية الإسلامية رغم توفره على كل الإمكانيات المالية والبشرية التي يمكنها أن تضمن نجاح هذا الورش، وقد شكلت المصرفية الإسلامية مطلبا ملحا للمجتمع المغربي ولبعض الهيئات المدنية والأكاديمية والسياسية وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية خلال مرحلة المعارضة، حيث جعل هذا الأخير مطلب المصرفية الإسلامية على رأس برامجه الانتخابية واتخذ منه وسيلة تعبوية بالنظر لتعطش الشارع المغربي للبنوك الإسلامية، فعمل فريقه البرلماني المعارض على إثارة الموضوع في العديد من المرات، سواء من خلال أسئلة كتابية أو شفوية، أو من خلال  التدخلات في اللجن الداخلية لمجلس النواب، أو في التعقيب على قوانين المالية، والقوانين الأخرى ذات الصلة، فضلا عن تقديم مقترحات قوانين باءت كلها بالرفض .
لكن هذا النضال توج بترخيص السلطات النقدية المغربية سنة 2007 للبنوك التقليدية بترويج ثلاثة أصناف من المنتجات المالية الإسلامية وهي المرابحة والمشاركة والإجارة، إلا أن هذه التجربة كان مصيرها الفشل بفعل الظروف السيئة التي رافقت إطلاقها فجعلت تكاليفها مرتفعة حيث تجاوزت تكاليف المنتجات الربوية، مما أدى إلى نفور الناس من هذه المنتجات.
بيد أن التحول الكبير في النضال من أجل المصرفية الإسلامية جاء بعد الفوز الكاسح لحزب العدالة والتنمية في انتخابات 25 نونبر 2011، حيث استفاد بشكل كبير من موجة "الربيع العربي" التي تفاعل معها المغرب بقيام "حركة 20 فبراير" المطالبة بإصلاح النظام، فشكلت عنصر ضغط على الدولة المغربية التي حاولت أن تنجو من موجة إسقاط الأنظمة عبر فتح المجال للمعارضة السياسية وكسب التعاطف الشعبي الذي راكمته هذه المعارضة طيلة سنوات، فاتجهت نحو تغيير الدستور وتنظيم انتخابات نزيهة أوصلت حزب العدالة والتنمية إلى الحكم، وكان من ثمرات هذا التحول توجه حكومة الإسلاميين نحو إحداث بنوك إسلامية سنة 2013 تحت اسم "البنوك التشاركية".

Post a Comment

Previous Post Next Post