البنوك التشاركية يمنع عليها التعامل بالفائدة، أخذا وعطاء، 
  مزاولة البنوك التشاركية لأنشطتها مشروط "بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة " كما يمكنها مزاولة "العمليات التجارية والمالية والاستثمارية باستثناء كل عملية تعامل بالفائدة أخذا أو عطاء" ، وهذا تأكيد صريح على أن المرجعية في البنوك التشاركية هي الشريعة الإسلامية رغم تفادي المشروع تسمية هذه البنوك بالبنوك الإسلامية وتفضيله استعمال تسمية " البنوك التشاركية".
وحتى يتم الاطمئنان إلى شرعية المعاملات التي ستقدم عليها البنوك التشاركية يتحدث المشروع عن "هيئات المطابقة الشرعية " رغم أنه في التجارب المقارنة يستعمل تعبير "الرقابة الشرعية"، وتتم "المطابقة الشرعية" على مستويين اثنين: مستوى أول تقوم به هيئة مستقلة عن الأبناك تسمى " لجنة الشريعة للمالية"، وتنصيبها يتم في إطار التنسيق بين المجلس العلمي الأعلى وبنك المغرب، ويقوم بنك المغرب بتوفير الوسائل الإدارية[1]، حيث يكون لهذه اللجنة دور شبه تشريعي فتقوم بالمهام التالية :
- البث حول مطابقة العمليات والمنتوجات المقدمة للجمهور للشريعة.
- الرد على استشارات البنوك.
- إبداء رأي مسبق حول محتوى الحملات الدعائية لمؤسسات الائتمان التي تزاول النشاط المشار إليه في هذا الباب.
- اقتراح أي تدبير من شأنه الإسهام في تنمية أي منتوج أو خدمة مالية مطابقة للشريعة[2].
أما المستوى الثاني من عملية المطابقة الشرعية فتقوم به هيئة أخرى للتدقيق الداخلي تسمى "لجنة الافتحاص"، وهي ذات طبيعة تنفيذية تسهر على التنفيذ اليومي للمطابقة الشرعية، بغرض مطابقة المعاملات المالية مع الأعمال التي تقوم بها هذه الأبناك، حيث تقوم بالمهام التالية:
- التعرف والوقاية من مخاطر عدم المطابقة لأحكام الشريعة.
- ضمان تتبع تطبيق آراء لجنة الشريعة للمالية ومراقبة مدى احترام هذا التطبيق.
- وضع المساطر والمرشد المتعلق بأحكام الشريعة الواجب احترامها.
- اعتماد التدابير المطلوبة في حالة عدم احترام الشروط المفروضة عند وضع منتوج صدر بخصوصه رأي شرعي[3].
ونعتقد في هذا السياق أن مصطلح المطابقة الشرعية سليم ومصادف للصواب ويفضي إلى المراد من الرقابة الشرعية ألا وهو التأكد من مدى مطابقة المعاملة مع الشريعة الإسلامية، كما نعتبر أيضا أن تسمية "البنوك التشاركية" سليمة لأنها تهتم  بالمقصد من إحداث هذه البنوك وليس فقط بمرجعيتها، حيث إن استقطاب أموال العملاء لدى هذا النوع من البنوك يقوم على مبدإ التشارك وليس المتاجرة في الأموال والديون.
كما نشيد بالمقتضيات التي تضمنها الفصل الثالث والتي ركزت على حماية الزبناء، وهي مقتضيات مهمة لأنها توفر الضمانات لودائعهم ومشاركاتهم، حيث تنص المادة 70 من المشروع على أنه: "يحدث صندوق لضمان الودائع يعد لتعويض المودعين لدى البنوك المعتمدة للقيام بالعمليات المنصوص عليها في هذا الباب وذلك في حالة عدم توفر ودائعهم أو جميع الأموال الأخرى القابلة للإرجاع.
يجوز كذلك للصندوق، على وجه الاحتياط والاستثناء، أن يقدم لبنك تشاركي في وضعية صعبة وفي حدود المتوفر، مساعدات قابلة للإرجاع أو أخد مساهمة في رأس مالها".
ورغم هذه الإيجابيات فإننا نرى أن المشروع اعترته جوانب من القصور والمحدودية يمكن إجمالها في النقط التالية:
- ضعف الصيغة المطروحة بهذا المشروع مقارنة مع التطلعات  والآمال التي كانت معقودة على هذا الأخير، حيث يلاحظ أن المقتضيات التي تهم البنوك التشاركية جاءت بصيغة العموم وتفتقد إلى بعض التفاصيل التي من شأنها تنوير المقبل على التعامل مع هذه البنوك.
- غياب أي إشارة إلى المعايير المحاسباتية الخاصة بالبنوك التشاركية في مشروع القانون، مع العلم أن البنوك الإسلامية حققت إنجازات متطورة عالميا في هذا المجال، لذا لنوصي بالاستفادة بما راكمته  التجارب الدولية بخصوص المعايير المحاسبية التي تلزم بها معظم البنوك المركزية قطاع المصرفية الإسلامية.
- فيما يخص اعتماد لجنة الشريعة المالية، نرى أن اشتغالها تحت إشراف المجلس العلمي الأعلى كطرف خارجي سيطرح جدلا حول استقلالية وحياد هذا الأخير،  كما يشمل الغموض المحيط حول تشكيل هذه  اللجنة خصوصا وأن كتابتها ستسند إلى بنك المغرب[4]، لذلك نرى أن الصيغة المفضلة هي إنشاء هيئة مستقلة غير خاضعة لأي طرف خارجي، وأن يتكون أعضاؤها من أشخاص متخصصين في مجال فقه المعاملات المالية، هؤلاء يكون لهم الحق في التصويت على أي قرار، مع الاستعانة بفريق استشاري يتكون من خبراء متخصصين في المجالات ذات الصلة مثل قانون الأعمال والاقتصاد والمحاسبة والبنكيين الذين تلجأ إليهم اللجنة لأخذ رأيهم في الجوانب الفنية دون  منحهم الحق في التصويت على اتخاذ قرارات اللجنة المتعلقة بمطابقة خدمات البنوك التشاركية للشريعة الإسلامية.
- من أجل ضمان حياد واستقلالية لجنة الافتحاص الداخلي في القيام بمهامها يستحسن أن تكون تابعة لمجلس إدارة البنك عوض الإدارة التنفيذية شأنها شأن لجان التدقيق الداخلي الفني، كما ينبغي التنصيص في القانون على أن منشور تنظيمها يصدر بالتشاور أيضا مع لجنة الشريعة للمالية، لأن عمل لجنة الافتحاص هو التدقيق الشرعي.
- ضرورة تقنين كيفية تعامل البنك المركزي مع البنوك التشاركية عندما تحتاج هذه الأخيرة للسيولة المقدمة من طرفه، أو ترغب في توظيف الأموال، دون أن يتم ذلك بمبدإ الفوائد بل بالاعتماد على مبدإ المشاركة لأنه يتوافق مع الشريعة الإسلامية.


[1] المادة 61 من مشروع القانون الجديد المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.
[2] المادة 62 من مشروع القانون الجديد المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.
[3] المادة 67 من مشروع القانون الجديد المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.
[4] تنص المادة 64 من مشروع القانون الجديد المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها على أنه : "يقوم بنك المغرب بأعمال سكرتارية لجنة الشريعة للمالية".

Post a Comment

أحدث أقدم