ان مهمة وضع السياسات الصائبة والعادلة للأجور والمرتبات تعد من المهام الرئيسية لنظم الخدمة المدنية. ولكون هذه السياساتتخضع وتتأثر بعوامل ومتغيرات عديدة فإنها تستلزم مشاركة فاعلة لجهات متعددة من ذويالاختصاص وممثلي الجهات المعنية, لأن أي نقص أو قصور يعتريها ستظهر آثاره السلبيةعلى رضا العاملين ومعنوياتهم وعلى أدائهم وعطائهم.

     ولكي لا تظل هذه السياسات على ما هي عليه منجمود وعدم مواكبة للظروف المجتمعية وللضغوط الاقتصادية المحيطة، فإن الأمر يتطلبإجراء دراسات ميدانية معاصرة للوظائف لإعادة النظر في توصيفها وترتيبها وتقويمهاومراجعة الحدود الدنيا والعليا لرواتبها, وأن تحرص الدول التي لا تزال تعتمد فيتحديد رواتبها على تسعير الشهادات وسنوات الخدمة إلى تجاوز هذه المؤشرات التقليدية,والأخذ بعين الاعتبار تباين المؤهلات والقدرات وتباين الوظائف ومراعاة مستوياتالعيش ومعدلات الأسعار وما يطرأ عليها من تغيرات بين الحين والآخر.

     ولا شك أن إصلاح واقع الخدمة المدنية لن يتمأو يتحقق في ظل السياسات الحالية التي بموجبها أصبحت نسبة من الموظفين الحكوميينضمن الشرائح محدودة الدخل التي تستحق أن تُشمل بتوزيع الصدقات وأموال الزكاة.فبقاء هذا الحال ينذر بالخطر ويفتح الأبواب مشرعة بوجه الفساد الإداري والمالي بكلأشكاله وألوانه. وهذا ما ينبغي تلافيه بكل السبل والوسائل وفي مقدمتها رفع مستوياتالدخول والمرتبات الحكومية, فإن الفقر يوشك أن يكون وباءً ثم كفراً.


Post a Comment

Previous Post Next Post