مراحل التي يمر بها المسار الوظيفي
مرحلة الاستطلاع أو الاستكشاف Exploration Stage
وتراعى في هذه
المرحلة آراء وانطباعاتالآباء وأفراد الأسرة والعاملين والأساتذة الذين ساهموا في
تعليمهم وتدريسهم. كماتؤخذ وتراعى انطباعات الأفراد أنفسهم نحو ذاتهم ونحو
طموحاتهم وما يتمتعون به منخصائص وميول واتجاهات, ويتم التوازن بين نقاط القوة
والضعف في شخصياتهم وتقويمهمللمهن المتاحة وما تستلزمه من متطلبات ومهارات ومؤهلات
. ولا تهمل هنا اعتباراتالعرض والطلب في سوق العمل والمزايا والمكاسب التي تحققها
الوظائف والمهن مستقبلاًوما تحظى به من هيبة واحترام وتقدير.
مرحلة التأسيس Establishment
Stage
وفي هذه المرحلة
يبدأ الأفراد بالبحث عنالعمل أو الوظيفة المقصودة للحصول عليها والتعرف على مزاياها
ومتطلباتها أوبمباشرتهم لها عن طريق النقل أو الترقية أو إعادة التعيين. وكثيراً
ما يتحققالتوقع الفردي ويجد الإنسان نفسه في المكان المناسب الذي يحس من خلاله
بنفسه وبذاتهفيترجم توقعاته ويحقق رغباته. ولكن قد يفاجأ البعض بأن المحطة الأولى
التي اختارهاأو وضع فيها ليست هي نقطة البداية السليمة لانطلاقته.
ففي الحالة
الأولى نجد الفرديستقر ويستمر ويبدأ مشواره بالتقدم للأمام مشياً وعلى ساقين
وقدمين ثابتتين، بينمايضطر الفرد في الحالة الثانية إلى الهروب والانسحاب من
الوظيفة التي وجد نفسه فيهاليبحث مرة أخرى ومن جديد عن مهنة أو مسار آخر. وقد
يتعذر عليه ذلك لأسباب تتعلقبالتشريعات أو بضيق الفرص والبدائل المتاحة أو بالضغوط
النفسية والأدبية أوالعائلية التي تحيط به. وهذه من أصعب المواقف التي تواجه
الأفراد في مقتبل عمرهموتجعلهم يقضون أعمارهم الوظيفية في مهن لا يحبونها بل قد يكرهونها.
وربما يحاولالبعض أو الأقلية منهم أن يوطنوا أنفسهم أو يجهدوها على قبول الأمر
الواقع وقديفلحون في تحقيق ما يصبون إليه من خلال هذه المحطة أو هذه البداية على
الرغم منرفضهم لها في بداية الأمر.
مرحلة البقاء والاستقرار Maintenance Stage
هنا يحس الفرد
بالرضا أو بالزهو منذ أيامهالأولى عندما يجد أن جميع توقعاته قد تحققت وربما أكثر
مما كان متوقعا, خاصة عندمايشعر الآخرون المحيطون به بأنه مؤهل وأنه متميز في عمله
فيوجهون له الثناءوالتقدير ويسمعونه ما يود سماعه من ملاحظات وتعليقات تتعلق
بنجاحه وإنجازه. فعندهاتصبح الوظيفة هذه نقطة الانطلاق السليمة لمستقبل وظيفي واعد
ويشعر الفرد بالتفاؤللما ينتظره من محطات قادمة في ميدان عمله. وكثيراً ما يتحقق
فعلاً لهذا الفردالنجاح والتقدم فيرقى من منصب لآخر ومن وظيفة لأخرى وربما من
منظمة لمنظمة ولكن فينفس الميدان أو القطاع. وقد يشيع ويذيع صيته في الأوساط
المهنية القطرية ليتأهلللعمل الإقليمي أو الدولي حتى يصل إلى الذروة التي لا صعود
بعدها. فهذه هي الوظيفةالتي تمثل خط النهاية، أو بعبارة أخرى بداية التراجع أو
السقوط أو أنها تظل الختامالوظيفي للفرد سواء بالوفاة أو بالتقاعد أو بالاستقالة.
ويشبه هؤلاء بالهواةالرياضين الذين يتحولون إلى الاحتراف ثم النجومية وبعدها
يضطرون إلى الاعتزال بعدأن تعجز أجسامهم وقواهم العضلية عن العطاء. ومن الأولى أن
يعتزل من تضعف قواهالفكرية أو تتقادم مهاراته وقدراته الوظيفية في الوقت المناسب
وقبل أن يسقط منالقمة.
مرحلة الاعتزالأو
التراجع DeclineStage
وهذه هي مرحلة
الختام التي قد تتحقق بهدوءوسلام حين يختار الفرد قراره عن رضا وقناعة ويحدد له
توقيتا زمانيا ومكانيا، أوبعد أن يكون قد وفرّ لنفسه الأجواء العائلية والاجتماعية
لقضاء وقته أو ممارسةنشاطاته. وقد تنتهي بطريقة مأساوية وغير منتظرة أو غير مرغوبة
حين يفاجأ الفرد وهوفي ذروة مجده وقد أخرج من وظيفته بقرار تأديبي يقضي بعزله أو
طرده أو تجريده منحقوقه الوظيفية أو تنزيله لدرجة أدنى أو نقله لوظيفة أخرى لا
علاقة لها بمسيرتهالسابقة عقاباً على خطأ وقع منه أو لغرور أصابه أو نتيجة لسقوطه
بكمين رسمه لهحساده وأعداؤه. وكثيراً ما يكون هذا هو المصير الذي ينتهي له عدد من
الذين نجحوافي حياتهم الوظيفية وساروا في مسلكهم بيسر وثقة وكفاءة لكنهم انتهوا
إلى ما لا تحمدعقباه، أو نتيجة لما اقترفوه في سنوات عمرهم الأخيرة من أخطاء نجمت
عن ثقتهمالزائدة بأنفسهم والتي تصل بهم لحد الغرور أو نتيجة لحسد الحاسدين وكيد
المغرضينوالمنافسين الذين يتصيدون في الماء العكر ويضعون المصائد أمام من يحولون
دونصعودهم.
وعلى الرغم من أن
الفكر الإداري المعاصريبشر بهذا المصطلح ويدعو الأفراد والمنظمات إلى رسم المسار
الوظيفي والتخطيطللمستقبل المهني لكل فرد في المنظمة والمشاركة في رسم المستقبل
الوظيفي ضمنالمنظمة، فإن هناك من يقلل من أهمية هذا المفهوم, وربما يتجاوز البعض
ذلك ليهاجمهوينقده وإن اختلف هؤلاء في حججهم ومبرراتهم. فالحياة كما يرى هؤلاء
محاطة بالعديدمن المستجدات والمفاجآت التي يتعذر الإحاطة بها أو التنبؤ بتحققها,
وأن ظروف عدمالتأكد التي تحيط بالفرد وبالمنظمة كثيراً ما تجعل التخطيط
الاستراتيجي بوجه عاموخطط المسار الوظيفي بوجه خاص مجرد ترف إن لم تكن ضربا من
اللهو واللعب. فكم منالأفراد قد انقلب بلحظة أو بليلة على نفسه وعلى خططه ليتخذ
القرارات المفاجئة سواءبترك العمل في هذه المنظمة أو تلك أو بالاعتزال كلياً
والتحول إلى الأعمال الحرةأو إلى نشاطات وجدها أمامه دون سابق تفكير. بل إن الظروف
العائلية والظروف الصحيةوالاقتصادية الطارئة قد تلعب دوراً في وقف السير في هذا
المسار الوظيفي على الرغممن إرادة الإنسان ورغبته. وقد تتغير معايير الفرد وقيمه
عبر مراحل حياته فتصبحمؤشرات النجاح عنده مختلفة عما كان يراها. فالمرتب الجيد أو
الثراء الفادح قد لاتصبح في مقدمتها لدى من يعشق مهنته أو يحقق ذاته من خلال هواية
أو نشاط مصادفة عبرمسيرته. (Daft,2000,p.399)
Post a Comment