اختلاف اللهجات باختلاف طبقات المجتمع
  يشير علي عبد الواحد وافي في كتابه "اللغة والمجتمع" أن لغة المحادثة في البلد الواحد أو المنطقة الواحدةتتفرع إلى لهجات مختلفة تبعا لاختلاف طبقات الناس وفئاتهم[1]، فتكون لهجة خاصة بالطبقة الأرستوقراطية، ولهجة تخص الجنود أخرى خاصة بالبحارة وأخرى خاصة بالرياضيين و...الخ، حيث يطلق السوسيولسانيون المحدثون على هذا النوع من اللهجات اسم "اللهجات الاجتماعية"[2].
  والشيء الذي يؤدي إلى ظهور مثل هذا النوع من اللهجات هو ما يوجد من اختلافات بين طبقات الناس وفئاتهم في الثقافة، والتربية، وشتى مناحي التفكير، ومستوى العيش، وحياة الأسرة، والبيئة الاجتماعية، والتقاليد والعادات، وما تزاوله كل طبقة من أعمال وتطلع به من وظائف، والآثار العميقة التي تتركها كل وظيفة ومهنة في عقلية المشغلين بها، وحاجة كل طبقة إلى دقة التعبير وسرعته وإنشاء مصطلحات بصدد الأمور التي يكثر ورودها في حياتهم، وما يلجئون إليه من استخدام مفردات في غير ما وضعت له أو قصرها على بعض مدلولاتها، وذلك للتعبير عن مواقف ترتبط  بصناعاتهم وأعمالهم... ، فمن الواضح أن كل هذه العوامل وغيرها من شأنها أن تخلق نوعا من التباين في اللهجة حسب كل طبقة من الطبقات السالفة الذكر وغيرها، فاللهجة الواحدة تتشعب إلى لهجات تختلف كل منها عن أخواتها في العديد من المستويات، سواء تلك المرتبطة بالمعجم أو التركيب أو الأصوات أو دلالة الألفاظ... أو غير ذلك.
  ويصل الأمر ببعض اللهجات بعيدا، فتنحرف كثيرا عن الأصل الذي تشعبت منه لتصبح لغة مستقلة وغير مفهومة إلا لأهلها وهي لا تبقى جامدة وثابتة على حال واحد، بل ترتقي باتساع رقعة الناطقين بها من جراء احتكاك متكلميها بعشائر لهجية أخرى أو احتكاكهم بالأجانب، من هنا يكتسب أهل العشيرة اللهجية معجما خاصا بهم يتواضعون على اختيار مصطلحاته، كما يكتسبون أفكارا جديدة وأساليب متميزة وغير ذلك ... ، وكما هو معروف أن اللهجات ذات طابع تداولي بين جميع طبقات المجتمع، الشيء الذي يؤدي بها إلى التطور بفضل عوامل الاحتكاك كما سبقت الإشارة إلى ذلك وهذا التطور يطال كذلك اللغة الفصحى، حيث تأخذ من اللهجة كل ما جد من مفردات وتعابير وغير ذلك.
  قد يتهيأ لبعض العلماء أن اللهجات الاجتماعية لا تنشأ من تلقاء نفسها، بل تخلق وتبتدع بالتواضع والاتفاق بين أفراد العشيرة اللهجية الواحدة، وإذا أمعنا النظر في هذا القول نجده ليس له سند عقلي أو تاريخي، بل إن ما تقرره يتعارض مع النواميس العامة التي تسير عليها النظم الاجتماعية[3]، فعهدنا بهذه النظم لا ترتجل ارتجالا ولا تخلق خلقا ، بل تتكون بالتدريج من تلقاء نفسها.


[1]  "اللغة والمجتمع" لعلي عبد الواحد وافي، ص، 178
[2]  نفس الكتاب، ص، 179، 180
[3]  اللغة والمجتمع، لعلي عبد الواحد وافي، ص، 184


  يشير علي عبد الواحد وافي في كتابه "اللغة والمجتمع" أن لغة المحادثة في البلد الواحد أو المنطقة الواحدةتتفرع إلى لهجات مختلفة تبعا لاختلاف طبقات الناس وفئاتهم[1]، فتكون لهجة خاصة بالطبقة الأرستوقراطية، ولهجة تخص الجنود أخرى خاصة بالبحارة وأخرى خاصة بالرياضيين و...الخ، حيث يطلق السوسيولسانيون المحدثون على هذا النوع من اللهجات اسم "اللهجات الاجتماعية"[2].
  والشيء الذي يؤدي إلى ظهور مثل هذا النوع من اللهجات هو ما يوجد من اختلافات بين طبقات الناس وفئاتهم في الثقافة، والتربية، وشتى مناحي التفكير، ومستوى العيش، وحياة الأسرة، والبيئة الاجتماعية، والتقاليد والعادات، وما تزاوله كل طبقة من أعمال وتطلع به من وظائف، والآثار العميقة التي تتركها كل وظيفة ومهنة في عقلية المشغلين بها، وحاجة كل طبقة إلى دقة التعبير وسرعته وإنشاء مصطلحات بصدد الأمور التي يكثر ورودها في حياتهم، وما يلجئون إليه من استخدام مفردات في غير ما وضعت له أو قصرها على بعض مدلولاتها، وذلك للتعبير عن مواقف ترتبط  بصناعاتهم وأعمالهم... ، فمن الواضح أن كل هذه العوامل وغيرها من شأنها أن تخلق نوعا من التباين في اللهجة حسب كل طبقة من الطبقات السالفة الذكر وغيرها، فاللهجة الواحدة تتشعب إلى لهجات تختلف كل منها عن أخواتها في العديد من المستويات، سواء تلك المرتبطة بالمعجم أو التركيب أو الأصوات أو دلالة الألفاظ... أو غير ذلك.
  ويصل الأمر ببعض اللهجات بعيدا، فتنحرف كثيرا عن الأصل الذي تشعبت منه لتصبح لغة مستقلة وغير مفهومة إلا لأهلها وهي لا تبقى جامدة وثابتة على حال واحد، بل ترتقي باتساع رقعة الناطقين بها من جراء احتكاك متكلميها بعشائر لهجية أخرى أو احتكاكهم بالأجانب، من هنا يكتسب أهل العشيرة اللهجية معجما خاصا بهم يتواضعون على اختيار مصطلحاته، كما يكتسبون أفكارا جديدة وأساليب متميزة وغير ذلك ... ، وكما هو معروف أن اللهجات ذات طابع تداولي بين جميع طبقات المجتمع، الشيء الذي يؤدي بها إلى التطور بفضل عوامل الاحتكاك كما سبقت الإشارة إلى ذلك وهذا التطور يطال كذلك اللغة الفصحى، حيث تأخذ من اللهجة كل ما جد من مفردات وتعابير وغير ذلك.
  قد يتهيأ لبعض العلماء أن اللهجات الاجتماعية لا تنشأ من تلقاء نفسها، بل تخلق وتبتدع بالتواضع والاتفاق بين أفراد العشيرة اللهجية الواحدة، وإذا أمعنا النظر في هذا القول نجده ليس له سند عقلي أو تاريخي، بل إن ما تقرره يتعارض مع النواميس العامة التي تسير عليها النظم الاجتماعية[3]، فعهدنا بهذه النظم لا ترتجل ارتجالا ولا تخلق خلقا ، بل تتكون بالتدريج من تلقاء نفسها.


[1]  "اللغة والمجتمع" لعلي عبد الواحد وافي، ص، 178
[2]  نفس الكتاب، ص، 179، 180
[3]  اللغة والمجتمع، لعلي عبد الواحد وافي، ص، 184

Post a Comment

أحدث أقدم