وفاة الامام نافع
والآن وقد أوفى على الغاية، وأشرف على الأمد، فلم يبق إلا أن يحط الرحال، وأن يسلم الروح إلى بارئها بعد هذه الرحلة الميمونة الطويلة، فيتلمس منه ابناه[1] ما قد يجود به لأهله من وصاياه الأبوية يروي محمد بن اسحاق المسيبي عن أبيه قال: "لما حضرت الوفاة نافعا قال له ابناه أوصنا، قال:
"فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مومنين"[2].
وكانت وفاته في قول ابن مجاهد سنة 169 هـ[3] وقد أسند الخبر بذلك عن إسحاق المسيبي.
وقال ابن الباذش: توفي بالمدينة سنة 169 في خلافة الهادي، قاله اسحاق المسيبي وغيره، وقيل سنة 159 في خلافة المهدي، وقيل غير ذلك، والأصح ما بدأت به"[4].
والأقوال الأخرى التي ذكرت في تاريخ وفاته ساقها ابن الجزري مبتدئا بالأرجح فقال:
مات سنة 169، وقيل 70، قيل 57"[5] يعني بعد المائة.
وأقتصر الذهبي على الأول في معرفة القراء[6]، وزاد في سير النبلاء فقال: "قبل مالك بعشر سنين"[7].
ودفن رحمه الله بالبقيع المقبرة الشهيرة بالمدينة، ويظهر أن مدفنه هنالك قد ظل معروفا، وأنه كان معلمة من المعالم المشهورة بالبقيع، ومن المزارات المذكورة التي كان يحرص المغاربة على زيارتها عند زيارة المدينة، ولهذا جاء التنويه بزيارته في بعض القصائد "الحجازية"، ومنها قصيدة همزية للأستاذ أبي عبد الله محمد بن الحاج العامري التلمساني ـ التازي الدارـ وصف فيها رحلته إلى الديار الحجازية، والمنازل التي يقطعها الحاج من خروجه من تازة إلى وصوله إلى الحرمين الشريفين، ونبه في ذلك على المشاهد التي تزار بالبقيع وغيره للصحابة والتابعين، فكان مما قال منتدبا إلى زيارتها:
        ثم سر للبقيع عثمان والعبــــــــــــاس وفيه وسادة كبراء
        منهم مالك الإمام ومنهــم    نافع من به اقتدى القراء[8]



[1] - هكذا في السبعة لابن مجاهد 63 – وفي معرفة القراء 1/92 وغاية النهاية 2/333 "أبناؤه" بالجمع.
[2] - السعة 63 والمصادر نفسها.
[3] - السبعة 63
[4] - الإقناع 1/56.
[5] - غاية النهاية 2/33-334.
[6] - معرفة القراء 1/92.
[7] - سير النبلاء 7/338.
[8] - ينظر في خبر الرحلة بحث الأستاذ محمد بن أحمد الأمراني المنشور في مجلة الاحياء التي يصدرها المجلس العلمي بتازة – المجلد 6 العدد 2 الصفحة 73.

Post a Comment

أحدث أقدم