تحديات دائمة ومتجددة  لمحاربة الرشوة
تتعارض أهمية التزامات محاربة الرشوة وإنجازاتها وإشعاعها مع ضعف هياكلها الدائمة. ومهما كانت الجرأة التي استطاعت أن نوحد بفضلها المشاريع والأنشطة من أجل الاستفادة الأمثل من الموارد البشرية التي تؤمن بواسطتها تسيير المقر المركزي بالدار البيضاء ومرصد الرشوة و مركز المساعدة القانونية والعمل المواطني بالرباط؛ فإن الحاجة قد أصبحت ماسة للتوفر على وسائل خاصة مستدامة سواء من حيث المقرات أو المستخدمين الدائمين، ذلك أن الأنشطة التدبيرية تتطلب، على الدوام، توظيف أطر دائمة من أجل القيام بالمهمات الإدارية والتواصلية التي يتزايد الوقت الذي يقتضيه إنجازها. أما التدبير المالي، ولاسيما المحاسباتي، فإنه  يتطلب موارد بشرية مُؤهَلة وذات جاهزية كبرى من أجل القيام بالواجبات المترتبة عن مختلف التمويلات التي نحصل عليها وكذلك  من أجل البحث عن تمويلات وشراكات جديدة.
وبالفعل، فإن الجمعية لا تتوفر حاليا إلا على أجير واحد، وهو معين بالمقر المركزي بالدار البيضاء للقيام بجميع الأنشطة العادية الإدارية منها والمالية. ويضطر أعضاء المكتب،  الذين يقدم لهم الدعم بعض أعضاء المجلس الوطني، إلى مد يد المساعدة من أجل تسيير الجمعية. وذلك بالإضافة إلى الأعمال  المنتظمة التي تم توزيعها فيما بينهم. لكن هذا الالتزام يتجاوز، بشكل كبير، حدود التطوع ولا يمكنه أن يُشكل حلا مستداما.
تكتسي الصعوبات الكبرى طابعا ماليا. ذلك أن جميع موارد جمعيتنا، تقريبا، تتأتى من المشاريع التي تنفذها في إطار التعاون الدولي والتي تتميز بكون اتساعها في مجال الموارد البشرية والمادية  تكاد تكون شبه منعدمة. وهكذا،  فإن تقوية قدرات جمعيتنا يقتضي تنمية مواردها الخاصة وكذا المساعدات التي يمكن تخصيصها لتسييرها. ولهذا الغرض،فإن الاعتراف بصفة المنفعة العامة يُشكل مؤهلا مهما، سيما اعتبارا للامتيازات الضريبية التي توفرها هذه الصفة في مجال المشتريات وبالنسبة للمساهمين على حد سواء.
لقد وضعت جمعيتنا، منذ أزيد من سنتين خلت، طلبا من أجل الحصول على هذا الاعتراف. وأبدت وزارات الداخلية والمالية والعدل وتحديث القطاعات العمومية رأيا لصالح ذلك الاعتراف، كما صرح أحد كبار المسؤولين في الأمانة العامة للحكومة بأن هذا الطلب سيُكلل بالموافقة بسرعة؛ غير أننا ما زلنا ننتظر منذ ثمانية عشر شهرا، كما أن طلب الاستفسار الذي وجهنناه إلى الأمانة العامة للحكومة منذ ثمانية شهور بقي بدون جواب لحد الساعة. وهذه الوضعية غير مقبولة سيما أن جمعيتا قد أصبحت، على مر السنين ، شريكا للسلطات العمومية في هذا المجال وأن مقتضيات الاتفاقية الدولية حول الرشوة  وخطابات الدولة،  تلتقي لتؤكد أن محاربة الرشوة تقتضي حتما المرور بعمل المجتمع المدني.
إن جمعيتنا مدعُوة إلى تقوية تعبئتها من أجل الحصول على هذا الاعتراف. غير أنه عليها أيضا أن توسع شبكة علاقاتها الداخلية من أجل تحسين مواردها وتنويعها قصد تدعيم نموها واستقلاليتها، ذلك أن الجزء الأساسي  من الموارد قد تمت تعبئته، لحد الآن، برسم تمويل المشاريع. وبالنسبة للسنة المالية التي انتهت، شكلت كل من ترانسبرنسي الدولية ومؤسسة فريديك إيبرت وسفارة هولندا الممولين المباشرين الرئيسيين. وتُعبر لهم هنا، ولجميع الشركاء الذين قدموا لنا  دعمهم، مهما كان متواضعا، عن تشكراننا وامتناننا العميق.
وما كان بالإمكان تحقيق هذه الحصيلة كذلك لولا الالتزام الدائم لمناضلينا الذين يَجْزلون بجرأة وتفاني عطاء مهاراتهم ووقتهم وغالبا أموالهم الخاصة أيضا حتى تكون جمعيتنا دائما في مستوى الانتظارات والتطلعات التي خلقتها. فليتفضلوا جميعا بقبول التعبير عن امتناننا لهم إنصافا لما قاموا به ورجاءاً فيهم للمثابرة من أجل ضمان استدامة مشروعنا الجماعي . وإننا لمدعوون جميعا إلى مضاعفة الجهود من أجل تمكين تراسبرنسي المغرب من موارد بشرية ومادية جديدة.

Post a Comment

Previous Post Next Post