لكل فرد من المجتمع الحق في المشاركة، عبر قدراته على العمل، في التنمية الاقتصادية لبلده. هذه المشاركة لها ارتباط وثيق بدرجة تنمية الوطن. لكن بعض الفاعلين كالنساء مثلا تقدر مساهمتهم  بأقل من قيمتها بكثير. وهي الطبقات التي يبقى عملها غير ملحوظ والتي توجد داخلها أكبر "هشاشة" أمام الفقر. ومن المفيد، في إطار منظور النوع، رصد العوائق أو القيود فيما يتعلق بالاعتراف بمشاركة المرأة في التنمية وظروف الحياة التي تجعل منهن فقيرات أكثر من الرجال. على هذا المستوى توجد مسألة تطوير أدوات للملاحظة من أجل تكوين صورة صحيحة عن وضعية الرجال والنساء بخصوص الشغل و"الهشاشة" أمام الفقر.
إن العمليات الرئيسية التي يجب القيام بها في هذا الميدان والمرتبطة بمشاركة الرجال والنساء في التنمية الاقتصادية تتلخص في إدماجهم بدرجات متساوية في النسيج الاقتصادي وتقليص الفوارق في ما بينهما.
فيما يتعلق بالمشاركة في النشاط الاقتصادي، يجب أن تقدم إحصائيات الشغل ما أمكن صورة صادقة عن الاختلافات الموجودة بين المساهمات والقيود وحاجيات النساء والرجال. كما يجب أن تصف الوضعيات المختلفة الممكنة للشغل. وهذا رهين إذن بالوسائل المختلفة المتوفرة لتجميع المعلومات عن النشاط الاقتصادي وتصور المجتمع لطريقة اشتغال سوق الشغل.
فبين الوضعيتين المتباعدتين : "شخص يشتغل كل الوقت في منصب قار وداخل بنية منظمة"، و"شخص ليس له شغل ويبحث عنه"، هناك وضعيات متنوعة والتي من المهم وصفها وقياسها من حيث اللامساواة بين الرجال والنساء ومن حيث العقبات التي يواجهونها من أجل الولوج إلى شغل مأجور ولكل الوقت. على هذا المستوى، يجب التمييز بين القطاع الفلاحي من جهة وقطاع الصناعة والخدمات من جهة أخرى. ففي الواقع، عمل النساء في القطاع الفلاحي غالبا ما يتداخل مع المسؤوليات العائلية ومن تم فمساهمة النساء في الإنتاج تقدر بأقل من قيمتها بكثير. فالشغل المنجز في المستغلات الفلاحية هو عموما بدون أجر أو بدون أجر مباشر. ويتلخص في فلاحة الحقل أو المشاركة في القطف وفي الأنشطة الموجهة للإنتاج من أجل البيع أو الاستهلاك الذاتي. وتنجز مثل هذه الأنشطة في العديد من الحالات متزامنة مع مهام أخرى يمكن أن تعتبر أشغالا منزلية. بينما غالبا ما يكون العمل المنجز من قبل الرجل خارج المنزل ويطابق شغلا مأجورا مقننا بعدد محدد من ساعات العمل أو يعتبر مستقلا في مستغلته. ففي القطاع الفلاحي، ليس للرجال والنساء نفس درجة الولوج إلى الموارد التي تمكن من تحسين وضعيتهم كالولوج إلى الأراضي وإلى المعلومات وإلى التكوين وإلى الإرشاد الفلاحي وإلى التكنولوجيا التي ترفع من الإنتاجية والربح. وهناك مجال لتحليل الحواجز الاجتماعية التي هي سبب الولوج المحدود إلى الأراضي أو الاستغلال المباشر لها وهما عاملان فاصلان في الولوج إلى القروض.
أما بالنسبة لقطاع الصناعة والخدمات حيث الشغل على العموم مأجور، فإنه من المفيد تحليل الولوج المتباين للنساء والرجال. وهذا لا يكفي إذ داخل الأنشطة الاقتصادية لا يشغل الرجال والنساء نفس المناصب وليس لهم نفس فرص تطور المسار المهني. كما لا يتقاضون نفس الرواتب ولا يواجهون نفس ظروف الشغل من حيث ساعات العمل والشغل غير المنتظم، وكذا العمل لجزء من الوقت ودرجة الحماية الاجتماعية.
ومن المهم أيضا التساؤل عما إذا كان الولوج إلى شغل مأجور في الصناعة وقطاع الخدمات يحد من تبعية المرأة داخل العائلة وهل لا تواجه أشكالا جديدة من التبعية في مكان العمل كعدم مراقبة ظروف العمل. فالنساء يمكن أن يتواجدن بكثافة في بعض الأشغال ككاتبة أو أمينة الصندوق أو مساعدة طبية أو خادمة، فمثل هذه الأشغال هي تقليديا الأقل أجرا.
وفي غياب حواجز قانونية فيما يخص ولوج النساء والرجال إلى سوق الشغل، يعاني الأشخاص على هذا  المستوى من أذى المشغلين ومن العادات والقيود الثقافية. وهكذا فإن بعض المشغلين قد يترددون في تشغيل المرأة أو جعلها تستفيد من تكوين مستمر أو تكليفها بمنصب من مستوى عال، وتعزز هذه الأضرار والعادات والحواجز الثقافية بالنقص في خدمات حضانة الأطفال والتقسيم اللامتساوي للمسؤوليات العائلية بين الرجل والمرأة.
وأخيرا، فالولوج المحدود إلى شغل مأجور هو الذي يدفع الرجال و النساء إلى البحث عن فرص في قطاع أقل تنظيما "القطاع غير المنظم". ففي هذا الأخير، يبقى الشغل أقل أمانا والتعويضات أقل بكثير وعلى العموم أقل من الحد الأدنى للأجور.
إن الإحصائيات التي يجب دمجها هي المتعلقة بالساكنة النشيطة المشتغلة والساكنة العاطلة ومن المفيد استخراج الساكنة التي تشتغل شغلا ناقصا أو غير مناسب أو تشتغل في القطاع غير المنظم أو تشتغل في سن أقل من السن الأدنى للنشاط (تشغيل الأطفال) من الساكنة النشيطة المشتغلة. هذه الفئات يجب استعراضها حسب الجنس لمعرفة الطبقات "الهشة". هذه الملاحظة يجب تتميمها بتعميق التحليل على مستوى هذا الجزء من الساكنة النشيطة حسب المستوى التعليمي والمهنة وفرع  النشاط والوضعية في المهنة والدخل ووقت العمل.
ويجب أن تشمل إحصائيات الشغل أيضا جميع الأشخاص المشتغلين بالمعنى الواسع للمصطلح (بما في ذلك التشغيل المنجز للإنتاج الموجه للاستهلاك الذاتي). ويجب أن تأخذ أيضا بعين الاعتبار كيفية تصريف وقت الشغل من أجل استخراج الأشخاص المشتغلين حسب وقت منظم وكامل والذين يشتغلون حسب وقت غير منظم وجزئي. كما يجب أن تتمم هذه الإحصائيات بالمعلومات عن التغيب من أجل رصد الاختلافات في دوافع التغيب وبالخصوص تلك المرتبطة بالمسؤوليات العائلية. كما تشكل إحصائيات الأمراض المهنية مؤشرا عن أنواع المهن الممارسة من طرف الرجال أو النساء.
هناك أيضا تحليل الشغل المؤقت والعرضي أو الموسمي وانخراطهم في نقابة ما ومدة الشغل والبطالة أو الشغل الناقص.

Post a Comment

Previous Post Next Post