سرقات أسلوبية:
السرقات الأسلوبية لا يقصد بها سرقات اللفظ والمعنى، وإنما سرقات تتم على مستوى الأسلوب، وبالتحديد بناء الأبيات، وإن كنا نستبق الأحداث ونقول بأن هذا النوع لم يتناول بالشكل الكافي عند النقاد المتقدمين، فلقد ركزوا على سرقات المعاني، والألفاظ، وبالشكل الكبير على النوع الأول أكثر، ولا نكاد نجد أكثر من ابن رشيق القيرواني(1) تكلم عن نوعين للسرقات من حيث الأسلوب، وإن لم يسمها بهذا الاسم، وإنما ذكرهما في جملة أنواع السرقات التي تكلم عنها، وسار على طريق ما ذكر الحاتمي، وذكر أنواعا أخرى، على ما غفل عليها الحاتمي، ومما يندرج ضمن السرقات الأسلوبية نجد ثلاثة أنواع ( 2)
العكس:
والاسم دال على معناه أي أن يأخذ الشاعر بيتا أو ما دونه أو أكثر، ويقلب معناه، ويمكن أن يقول البعض هذا سرقات للمعاني، ونقول بأن السرقة ها هنا في الأسلوب أغلب، لأن الشاعر يبني على نفس الأسلوب المسروق منه، ونقدم هذا المثال حتى تتضح الرؤى:
كقول ابن قيس، ويروي لأبي حفص البصري:
ذهب الزّمان برهط حسان الأولى كانت مناقبــهم حديث الغابر
وبقيت في خلق يحلذ ضـيوفهم منهم بمـــنزلة اللئيم الغادر
سود الوجوه لئيمة أحسابــهم فطس الأنوف من الطّراز الآخر
فالبيت الأخير هو عكس بيت حسان بن ثابت رضي الله عنه :
بيض الوجوه كريمة أحسابهم شمّ الأنوف من الطّراز الأوّل (3)

ومما يلاحظ في هذا البيت هو أن الشاعر عكس كل الألفاظ في البيت المأخوذ منه، ولكن حافظ على نفس الأسلوب في البيت المأخوذ منه، وهو ما يعزز الأمر بأن ما كان على شاكلة هذا المثال هو سرقة أسلوبية، وهذا النوع إلى جانب التحاذي، التطابق، التفاعل، التداخل، سماه محمد مفتاح بالقلب، ومحمد مفتاح يضع هذه المفاهيم كمفاهيم ذات وظائف جمالية وإيديولوجية، ولم يعطها صبغة السرقات الأدبية .

Post a Comment

Previous Post Next Post