سرقات معنوية
السرقات الأدبية
في جانب المعنى هي الأكثر تناولا عند النقاد المتقدمين، وأكثرها شيوعا عند السارقين،
لأن أخذ الألفاظ والمعاني معا هي الأسهل اكتشافا، لكن أخذ المعنى وطمس معالمه، يصعب
من عملية الاكتشاف بل حتى أن السارق يعمد لإخفاء مسروقه، فكذلك السارق الأدبي يعمد
لإخفاء مسروقه بأخذ المعنى فقط، وتغييره، حتى لا يكشف أمره، وأنواع السرقات المعنوية
أكثر من السرقات اللفظية والأسلوبية، وهي أخطر أنواع السرقات عموما.
وأبو هلال العسكري
عندما يتكلم عن حسن الأخذ، وتناول المعاني يقول: "ليس لأحد من أصناف القائلين
غنى عن تناول المعاني ممّن تقدمهم والصّبّ على قوالب من سبقهم، ولكن عليهم إذا أخذوها
أن يكسوها ألفاظا من عندهم، ويبرزوها في معارض من تأليفهم، ويوردوها في غير حلّتها
الأولى، ويزيدوها في حسن تأليفها، وجودة تراكيبها، وكمال حليتها، ومعرضها فإذا فعلوا
ذلك فهم أحقّ بها ممّن سبق إليها" ، ويقول أيضا :"وقد أطبق المتقدّمون، والمتأخّرون
على تداول المعاني بينهم فليس على أحد فيه عيب إلاّ إذا أخذه بلفظه كلّه أو أخذه فأفسده،
وقصر فيه عمن تقدمه، وربّما أخذ الشّاعر القول المشهور ولم يبال"(2) ، فالمبرّد(285هـ)
أيضا لا يرى عيبا في أن يؤخذ المعنى، ويزاد عليه بتعبير أحسن مما كان عليه ، وعبد القاهر
الجرجاني يرفض هذا لأنّ أخذ المعنى لا يمكن أن نكسوه لفظا من عندنا، ويبقى قائما بذاته
إلاّ إذا غيرنا لفظا بمرادفه، وهذا ما نلمسه من قوله: "وممّا إذا تفكر فيه العاقل
أطال التّعجب (3)
من أمر النّاس، ومن
شدّة غفلتهم قول العلماء حيث ذكروا السّرقة، والأخذ أنّ من أخذ معنى عاريا فكساه لفظا
من عنده كان أحقّ به"، وهو كلام مشهور مبتذل" ، "لأنّه لا يتصور أنّ
يكون صورة المعنى في أحد الكلامين، أو البيتين مثل صورته في الأخذ لبيت، اللّهم أن
يعمد عامد إلى البيت فيضع مكان كل لفظة منه لفظة في معناها، ولا يعرض لنظمه،وتأليفه"
(1) . فمثل أن يقول في بيت الحطيئة :
دع المكارم لا ترحل
لبغيتها واقعد فأنــت الطّاعم الكاسي (2)
[فيقول]:
دع المفاخر ولا تذهب
لمطلبها واجلس فإنّك أنت الآكل اللابس
هذا إن كان باللغة
العربية مترادفات، غير أن الكثير من العلماء يؤكدون بأن لكل كلمة دلالتها، ولا يمكن
لكلمة أخرى حتى وإن كانت مرادفة لها أن تشغل الحيز الدلالي لكلمة أخرى بشكل كلي، فلكل
كلمة مقامها ودلالتها.
وأنواع السرقات المعنوية
هي: الاختلاس، الإلمام،
النظر والملاحظة، الاهتدام، المجدود، كشف المعنى، الإغارة، الالتقاط والتلفيق عند ابن
رشيق القيرواني والحاتمي (3)
، والمسخ،السلخ، عند ابن الأثير،(4)
وجعلها القزويني
على نوعين الإغارة والمسخ، والإلمام والسلخ
،
قصد القزويني بهذا
التقسيم أي هناك سرقات على مستوى المعنى ظاهرة سهلة الكشف، وأخرى غير ظاهرة صعبة الكشف،
ومن هذا التقسيم الأخير نقسم السرقات المعنوية على قسمين هما :
السرقات المعنوية
الظاهرة: وهي سرقات سهلة الكشف، ويمكن الوقوف على أمرها، ومصدرها، بيسر وسهولة، هذا
طبعا لمن يمتلك رصيدا لا بأس به من المرجعيات الثقافية، والفكرية والأدبية.، وهي
"إن كان مع تغيير لنظمه،وكان المأخوذ بعضه سمّي إغارة، ومسخا" .
وهو على ثلاث أضرب
:
- عندما يكون الثاني أبلغ من الأوّل.
- وقد يكون أدوّن منه.
- وقد يكون مثله أو مساويا له.
Post a Comment