قتل
امروء القيس
امرأ
القيس قتل ولم ينل أرباً"، ويفنِّد أحد محرّري دائرة المعارف الإسلامية
رأي القدماء في موت امرىء القيس بالحُلَّة المسمومة بقوله([1]):
"وتزعم الرواية العربية أن يوستينيانُس أراد أن يثأر لشرفه الذي لوثه امرؤ
القيس بتغريره بابنته فخلع عليه حلَّة فظهرت في جسمه قروح، ومن ثم عرف بذي القروح،
والحق أنه لم يكن ببلاط يوستينيانُس أو ببلاط خلفه يوستنيوس أميرة لها نفس الأوصاف
التي ذكرها امرؤ القيس".
ويبدو أن هذه الرواية –
القائلة بموت امرىء القيس مسموماً بالحُلَّة، وعلاقته بابنة القيصر التي كانت وراء
حتفه- قد شغلت بعض المستشرقين في ترجماتهم لامرىء القيس؛ فيرى بروكلمان([2])
أن فجور هذا الشاعر بإحدى بنات ملك الروم، ثم أمره بقتله في أنقرة وهو في طريق
عودته – مخترع عليه؛ لأنه كثيراً ما كان يفاخر بمغامراته مع النساء([3])،
وأن قصة موته محترقاً لأنه لبس حلة مسمومة منحولة عليه أيضاً، ويعلّل منشأ ذلك –
عند مَنْ ذهبوا هذا المذهب- سوء فهم بعض الأبيات من قصيدته: وبُدِّلْتُ قرحاً
دامياً بعد صحة([4]).
ولعل من أفضل الآراء في هذا
الباب رأي الأستاذ حسن السندوبي الذي عرض لمسألة الحُلَّة وموت امرىء القيس، فهو
يقول([5]):
"من تضارب هذه الأقوال يرجّح أن مسألة الحُلَّة لا أصل لها: وإذا كان القيصر
يريد إهداءه شيئاً
لقدّم إليه الهدية وهو عنده ولم يرسلها مع رسول بعد انفصاله
عنه، وأن وشاية الطمَّاح لم تترك لها أثراً في نفس القيصر وإلاَّ لما أقام له هذا
التمثال([6]). ومن
المعروف أن قياصرة الروم كانوا يتودَّدون إلى العرب ويتألفونهم ليكونوا في جانبهم
ضدَّ أكاسرة الفرس الذين كانوا معهم في نزاع دائم. والظاهر أن الطمَّاح هو الذي
أُصيب بداء الجدري([7])
وسرت عدواه منه إلى امرىء القيس فتأثر به أشدّ تأثر حتى قضي عليه. ولذلك سمّاه في
بيتيه الآتيين داءً ولم يسمّه سمّاً، وفي ذلك يقول امرؤ القيس([8]):
لَقَدْ
طَمَحَ الطَّمَّاحُ مِنْ بُعْدِ أَرْضِهِ
فَلَوْ أَنَّها نَفْسٌ تَموتُ سَوِيَّةً |
لِيُلْبِسَني من دَائِهِ ما تَلَبَّسَا
ولكنَّها نَفْسٌ تَساقَطُ أَنْفُسَا " |
ويعلّق على البيت الأول بقوله([9]):
"عبَّر عن العدوى بالإلباس ولذلك سمّاه داءً. وقال: ما تلبسا، يريد ما أُصيب
به في هذا الداء. ولعل الرواة قد أخذوا بظاهر اللفظ فتوهموا أن هناك حلة
تلبس".
إن ما انتهى إليه السندوبي من
تفسير لبيت امرىء القيس، وما ترتَّب عليه من نتيجة قد قال به المؤرخون قبله وبعده،
في القديم والحديث، فذكر بعضهم أن امرأ القيس كان مصاباً بداء قديم([10])،
Post a Comment