طاقة الهيدروجين
اخترع وليام جروف الإنجليزي خلايا الوقود الهيدروجينية في عام 1839، ولكن العلماء لم يستطيعوا استثمار اختراعه حتى مطلع الستينيات من القرن العشرين، كحال اكتشاف الكهرباء. إذ قامت شركة "جنرال الكتريك" في استثمار هذا الاختراع في المركبة الفضائية "أبوللو" التي انطلقت صوب القمر وزودتها الخلايا الهيدروجينية بالكهرباء وبالماء النقي لشرب طاقم المركبة.
لا يوجد الهيدروجين على الأرض منفرداً بصورة حرّة ولكنه يشكل نحو ثلث كتلة الشمس ونحو 90 % من كتلة الكون، وهو ثالث أكثر العناصر توافراً على كوكبنا الأرض.
إن مبدأ عمل النظام هو مرور غاز الهيدروجين H2 من خلال غشاء مصنوع من البلاتين يؤدي إلى انحلال جزيء الهيدروجين إلى ذرتين، الأولى هي أيون موجب (بروتون) والثانية هي إلكترون سالب. وفيما يتشكل من مرور الإلكترونات في دارة كهربائية تيار كهربائي، فإنها تعاود الاتحاد بالأكسجين عند خروجها من الدارة لتوليد الماء H2O.
يستلزم توليد طاقة كهربائية كبيرة من الهيدروجين عدداً كبيراً من البطاريات الهيدروجينية، وفي آيسلندا هناك محطة لتوليد الطاقة الكهربائية قدرتها MW8، ولكن الكفاءَة تزداد بوتيرة متسارعة في العالم، وأخذت تتنوع وسائل إنتاج الطاقة الكهربائية من الهيدروجين بشكل كبير، وغدت تستخدم الطاقة الشمسية لفصل الهيدروجين عن الماء، وكذلك تستخدم الطاقة النووية للغرض ذاته.
وهناك محاولات لإنتاج الهيدروجين من البكتيريا والطحالب، وبذلك يمكننا تخفيف أضرار محطات الطاقة النووية ومخاطرها؛ المتمثلة في التعامل مع المواد المشعة والنفايات النووية ومخاطر الحروب باستخدام المواد المشعة.
يتم تخزين الهيدروجين بالضغط، على نحو ما يُضغط الغاز الطبيعي ليصبح سائلاً، ويتراوح الضغط حسب طبيعة التخزين، إذ يتراوح من 12 بار إلى نحو 600 بار، ويعتبر الهيدروجين الأكثر تركيزاً للطاقة بعد الوقود النووي، فالطاقة المنتجة من وحدة الكتلة تعادل ثلاثة مرات قدرة البنزين، على سبيل المثال. ولذلك يتم استخدامه على نطاق واسع في استكشاف الفضاء.
ولتجاوز مخاطر انفجار الهيدروجين أو احتراقه، لأنه يشتعل عند درجة حرارة عالية، ومن دون لهب مرئي، فإنه ينبغي حماية مستودعاته بعناية بالغة؛ كذلك يؤدي استنشاقه إلى حروق في الجهاز التنفسي، وبما أنه أكثر العناصر نفاذاً في المواد الطبيعية، ولمّا كان لا لون ولا طعم ولا رائحة له، فينبغي التعامل معه بالحذر الشديد، وهذه هي إحدى سلبيات استعماله. وبمرور الوقت وتعاظم "صناعة المعرفة" فإن عامل الأمان في تحسّن مستمر، تماماً كما هي الحال عليه في صناعة الطاقة النووية.
ويستخدم الهيدروجين اليوم في توليد الطاقة في العديد من الصناعات وفي تسيير المركبات. وتتنافس شركات تصنيع المركبات العالمية لإنتاج مركبات حديثة تسير على طاقة الهيدروجين بعد أن غدت محطات توزيع الهيدروجين أكثر انتشاراً في بعض دول العالم المتقدم، كما أنها غدت أكثر أماناً. وهذه المركبات لا تؤدي إلى تلوث في البيئة على الإطلاق، إذ أن ناتج عملية إنتاج الطاقة من الهيدورجين هو الماء النقي الصافي. والهيدروجين ربما يكون وقود المستقبل للطائرات، وبذلك يتجنب العالم تلويث الغلاف الجوي في مناطق قريبة جداً من طبقة الأوزون.


Post a Comment

أحدث أقدم